الترتيبات الأمنيَّة: كَعْبُ أخيل السَّلام والتحوُّل الدِّيمُقراطِي !!
تاريخ النشر: 17th, November 2023 GMT
kameir@yahoo.com
تورونتو، 17 نوفمبر 2019
مقتطفات من مقالٍ نُشرّ بعد ثلاثة شُهورٍ من تشكيل حكومة الثورة!
كانت الحركة الشعبيَّة لتحرير السودان، قبل وبعد الانفصال، بالإضافة إلى أي ضماناتٍ دُستُوريَّة وقانونيَّة سيتم تضمينها في أي اتفاقيَّة مُزمعة، وبغضِّ النظر عن التعهُّدات التي تعهَّد بها المُراقبون الإقليميون والدَّوليون، حازمةً أيضاً في المُطالبة بالإبقاء على الجيش الشعبي لضمان تنفيذ هذه الاتفاقيَّة.
في هذا الصَّدَد، هناك أسئلة أساسيَّة لا بُدَّ من الإجابة عليها في سبيل تصوُّر الأوضاع المُفضية لتحقيق السَّلام المنشود بتوحيد و/أو دمج كُلِّ القُوى التي تحمل السِّلاح. من ذلك، مثلاً، هل حقيقة هناك من تناغُم وانسجام بين القُوَّات المُسلَّحة ككيان وبين قُوَّات الدَّعم السريع (والقُوَّات المُوازية الأخرى)، أم هي ظروف وشُرُوط الثورة التي فرضت وضعهما في سلَّة واحدة، بينما كل طرفٍ يتوجَّس من، ويتشكَّك في نوايا الآخر؟! ثمَّ هل فعلاً تملك كل المجموعات التي تُعرِّف نفسها على أنها قُوى تحمل السِّلاح قُوَّات حقيقيَّة على الأرض؟! وفي حال صَدَقَ هذا، إلى أي مدى يمكن لهذه القُوَّات المُتعدِّدة أن تقبل بالاندماج أو التوحيد داخل القُوَّات المُسلَّحة، أو التسريح وإعادة الدَّمج؟! ينبغي على كل القُوى السياسيَّة السُّودانيَّة، والقُوَّات التي تحمل السِّلاح، سواءً كانت مع الحُكومة أو من حركات المُقاومة المُسلَّحة، أن تتحلَّى بالمسئوليَّة وتمتلك الإرادة الحقيقيَّة للتوافُق على الصيغة أو الآليَّة المناسبة لبناء قُوَّاتٍ مسلَّحة سُودانيَّة مُوحَّدة، يُحِسُّ فيها كل أهل السُّودان بوجودهم، وترى فيها كل الوجوه صورتها. والتاريخ يُنبئنا بأنَّ لا مكان فيه لدولة بدون جيشٍ وطنيٍ مُتماسك، يدافع عن مواطنيها ويحمي دُستورها.
بالرغم من عدم توفُّق أي من حُكومتي الثورة الانتقاليتين، في التوصُّل إلى اتفاقيَّة سلامٍ مع حركة الأنيانيا في 1964، أو الحركة الشعبيَّة/الجيش الشعبي لتحرير السُّودان في 1985، إلا أنهما على الأقل نجحا في الحالتين في إنهاء مهمَّتهما الانتقاليَّة بانتخاباتٍ عامَّة لتتولى الحكومات المُنتخبة أمر السَّلام. ومع ذلك، لم تقف الحرب، بل تصاعدت وتيرتها واتسعت رُقعتها الجُغرافيَّة. لذلك، فإنَّ كل الانتخابات العامَّة التي تلت الفترات الانتقاليَّة كانت منقوصة المُشاركة، إذ لم يُشارك سُكَّان المناطق المتأثرة بالحرب فيها فحُرموا من التمثيل العادل في مُؤسَّسات الدولة القوميَّة، سواءٌ في الخدمة العامَّة أو في القُوَّات المُسلَّحة السُّودانيَّة، والقُوَّات النظاميَّة الأخرى. يتطلع الشَّعبُ السُّوداني بعد ثورته على نظام الإنقاذ المُستبد، وما قدَّمته الثورة من شُهداء وخلَّفته من ضحايا، إلى انتقالٍ سلمي للسُّلطة عبر انتخاباتٍ شاملة وحُرَّة ونزيهة لا تعيد إنتاج التجارب الفاشلة السابقة.
أختمُ بأنَّ جدوى السَّلام وفرص استدامته مرهونة، في جانب، بمدى تحوُّل حركات المقاومة المُسلحة إلى تنظيماتٍ سياسيَّة مدنيَّة ومشاركتها في الانتخابات العامَّة في نهاية الفترة الانتقاليَّة، وفي الجانب الآخر بمدى استعداد القُوَّات المُسلَّحة لاستقبال القادمين الجُدُد باعتبارهم رفقاءٌ في السِّلاح (إن لم تدفع الظروف السياسيَّة بانتخاباتٍ مُبكِّرة أو يقع مكروه يمنع قيام الانتخابات من أصلها، «وهذا ما حدث»)، وذلك، بعد التوصُّل إلى وقف إطلاق نارٍ دائمٍ وترتيباتٍ أمنيَّة شاملة تُفضي إلى إنشاء جيش وطني مُوحَّد، في إطار خُطة مُكتملة ومُحكمة لإصلاح القطاع الأمني بأكمله. دون ذلك، فإننا حتماً سنعود إلى مربَّعنا القديم، إن لم تسقُط كل البلاد إلى الهاوية هذه المرَّة! فالترتيبات الأمنيَّة هي كعبُ أخيل السَّلام والتحوُّل الديمقراطي.. فهل فعلاً ستُحدِث ثورة ديسمبر الفرق هذه المرَّة؟!
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
تهديد سعودي صريح للزبيدي بوضعه وقيادات في الانتقالي على قائمة العقوبات
الجديد برس|
وسعت السعودية، الاثنين، حصارها للمجلس الانتقالي، سلطة الأمر الواقع جنوب اليمن ..
يتزامن ذلك مع استمرار تقلب رئيسه بشان التسوية في اليمن.
وعقد السفير السعودي لدى اليمن ، محمد ال جابر، لقاء جديد مع سفراء الاتحاد الأوروبي وألمانيا كرست وفق تغريدة له على صفحته الرسمية لمناقشة دعم التسوية التي يقودها المبعوث الأممي في اليمن في إشارة إلى خارطة الطريق.
وافادت مصادر دبلوماسية غربية بان السفير السعودي طلب من السفراء نقل رسالة تهديد قوية لعيدروس الزبيدي الذي اجروا معه اتصال في وقت لاحق .. وتضمن التهديد بوضعه وقيادات أخرى ضمن لائحة العقوبات .
ودفع السعودية بالسفراء الغربيين، وفق المصادر، هدفت لتلافي تصادم مباشر مع الامارات التي سحبت الزبيدي من مقر اقامته في الرياض مع بدء السعودية حراك للدفع نحو تسوية باليمن.
وجدد السفراء الغربيين خلال اتصالهم مع الزبيدي وفق بعثة الاتحاد الأوروبي ، على دعم وحدة المجلس الرئاسي والحكومة في إشارة إلى رفضهم انسلاخ الزبيدي الذي يشكل مجلسه جزء من تلك الحكومة ومحاولته المناورة عن توجهاتها.
ولم تقتصر الضغوط السعودية على الزبيدي فقط، ففي عدن أبلغ احمد عوض بن مبارك ، رئيس حكومة التحالف، فصائل الانتقالي بقطع رواتبهم.
وكشفت مصادر حكومية بان بن مبارك تلقى توجيهات سعودية لتوصيل رسالة للانتقالي.
وكان بن مبارك عقد اجتماع بما تعرف باللجنة الأمنية والتي يترأسها القيادي بالانتقالي هيثم قاسم .. واكد بن مبارك بان حكومته لن تستطيع دفع المرتبات والتي قال انها ارتفعت بشكل كبير هذا العام مقارنة بالأعوام السابقة.
واكد بن مبارك بانه لن يتم صرف مرتبات فصائل عدن الا بعد ادخالهم في نظام البصمة التابعة لوزارة الدفاع في إشارة إلى المساعي السعودية لتفكيك فصائل الانتقالي العسكرية تحت مبرر دمجهم بالوزارة.
وأزمة المرتبات تضاف إلى أزمات أخرى تضغط بها السعودية على الانتقالي لتفويضها وابرزها الكهرباء التي عاودت الانهيار والعملة التي تشهد نزيف مستمر وتصاعدت وتيرة تدهورها خلال الايام الأخيرة.