‏kameir@yahoo.com

تورونتو، 17 نوفمبر 2019

مقتطفات من مقالٍ نُشرّ بعد ثلاثة شُهورٍ من تشكيل حكومة الثورة!

كانت الحركة الشعبيَّة لتحرير السودان، قبل وبعد الانفصال، بالإضافة إلى أي ضماناتٍ دُستُوريَّة وقانونيَّة سيتم تضمينها في أي اتفاقيَّة مُزمعة، وبغضِّ النظر عن التعهُّدات التي تعهَّد بها المُراقبون الإقليميون والدَّوليون، حازمةً أيضاً في المُطالبة بالإبقاء على الجيش الشعبي لضمان تنفيذ هذه الاتفاقيَّة.

كان لجون قرنق اعتقادٌ راسخ بأنَّ الضمان الوحيد الموثوق به لأي اتفاق، هُو الضمان الذي يمنحه قُوَّة في عمليَّة التنفيذ، أو ما أسماه الضمان العُضوي. لذلك لا أعتقد أنَّ تغيير النظام السياسي الحاكم، وحقيقة أنَّ المُؤتمر الوطني قد قضى نحبه، على إثر ثورة ديسمبر وتشكيل مؤسسات الفترة الانتقالية، لوحدها كافية كضماناتٍ لازمة لتخلِّي الحركة عن الجيش الشعبي طوال الفترة الانتقاليَّة، ما لم تطمئن على التنفيذ الكامل لأي اتفاقٍ للسَّلام يتمَّ التوصُّل إليه. ذلك، خاصة في ظِلِّ وجود جُيُوش متعدِّدة وتكوينات عسكريَّة على ضِفَّتي الحُكومة وحركات المُقاومة المُسلَّحة، وقوات الدعم السربع، خلافاً للأوضاع في أكتوبر وأبريل، ممَّا يستدعي بالضَّرورة إرادة واستعداد كُلِّ الأطراف لبناء جيش وطني مُوحَّد، كمُؤسَّسة قوميَّة وحيدة تحتكر العُنف في الدولة وتحمي الوطن، وذلك “الحِجِل بالرِّجِل” مع التوافق على عمليَّة إصلاحٍ شاملٍ للقطاع الأمني.

في هذا الصَّدَد، هناك أسئلة أساسيَّة لا بُدَّ من الإجابة عليها في سبيل تصوُّر الأوضاع المُفضية لتحقيق السَّلام المنشود بتوحيد و/أو دمج كُلِّ القُوى التي تحمل السِّلاح. من ذلك، مثلاً، هل حقيقة هناك من تناغُم وانسجام بين القُوَّات المُسلَّحة ككيان وبين قُوَّات الدَّعم السريع (والقُوَّات المُوازية الأخرى)، أم هي ظروف وشُرُوط الثورة التي فرضت وضعهما في سلَّة واحدة، بينما كل طرفٍ يتوجَّس من، ويتشكَّك في نوايا الآخر؟! ثمَّ هل فعلاً تملك كل المجموعات التي تُعرِّف نفسها على أنها قُوى تحمل السِّلاح قُوَّات حقيقيَّة على الأرض؟! وفي حال صَدَقَ هذا، إلى أي مدى يمكن لهذه القُوَّات المُتعدِّدة أن تقبل بالاندماج أو التوحيد داخل القُوَّات المُسلَّحة، أو التسريح وإعادة الدَّمج؟! ينبغي على كل القُوى السياسيَّة السُّودانيَّة، والقُوَّات التي تحمل السِّلاح، سواءً كانت مع الحُكومة أو من حركات المُقاومة المُسلَّحة، أن تتحلَّى بالمسئوليَّة وتمتلك الإرادة الحقيقيَّة للتوافُق على الصيغة أو الآليَّة المناسبة لبناء قُوَّاتٍ مسلَّحة سُودانيَّة مُوحَّدة، يُحِسُّ فيها كل أهل السُّودان بوجودهم، وترى فيها كل الوجوه صورتها. والتاريخ يُنبئنا بأنَّ لا مكان فيه لدولة بدون جيشٍ وطنيٍ مُتماسك، يدافع عن مواطنيها ويحمي دُستورها.

بالرغم من عدم توفُّق أي من حُكومتي الثورة الانتقاليتين، في التوصُّل إلى اتفاقيَّة سلامٍ مع حركة الأنيانيا في 1964، أو الحركة الشعبيَّة/الجيش الشعبي لتحرير السُّودان في 1985، إلا أنهما على الأقل نجحا في الحالتين في إنهاء مهمَّتهما الانتقاليَّة بانتخاباتٍ عامَّة لتتولى الحكومات المُنتخبة أمر السَّلام. ومع ذلك، لم تقف الحرب، بل تصاعدت وتيرتها واتسعت رُقعتها الجُغرافيَّة. لذلك، فإنَّ كل الانتخابات العامَّة التي تلت الفترات الانتقاليَّة كانت منقوصة المُشاركة، إذ لم يُشارك سُكَّان المناطق المتأثرة بالحرب فيها فحُرموا من التمثيل العادل في مُؤسَّسات الدولة القوميَّة، سواءٌ في الخدمة العامَّة أو في القُوَّات المُسلَّحة السُّودانيَّة، والقُوَّات النظاميَّة الأخرى. يتطلع الشَّعبُ السُّوداني بعد ثورته على نظام الإنقاذ المُستبد، وما قدَّمته الثورة من شُهداء وخلَّفته من ضحايا، إلى انتقالٍ سلمي للسُّلطة عبر انتخاباتٍ شاملة وحُرَّة ونزيهة لا تعيد إنتاج التجارب الفاشلة السابقة.

أختمُ بأنَّ جدوى السَّلام وفرص استدامته مرهونة، في جانب، بمدى تحوُّل حركات المقاومة المُسلحة إلى تنظيماتٍ سياسيَّة مدنيَّة ومشاركتها في الانتخابات العامَّة في نهاية الفترة الانتقاليَّة، وفي الجانب الآخر بمدى استعداد القُوَّات المُسلَّحة لاستقبال القادمين الجُدُد باعتبارهم رفقاءٌ في السِّلاح (إن لم تدفع الظروف السياسيَّة بانتخاباتٍ مُبكِّرة أو يقع مكروه يمنع قيام الانتخابات من أصلها، «وهذا ما حدث»)، وذلك، بعد التوصُّل إلى وقف إطلاق نارٍ دائمٍ وترتيباتٍ أمنيَّة شاملة تُفضي إلى إنشاء جيش وطني مُوحَّد، في إطار خُطة مُكتملة ومُحكمة لإصلاح القطاع الأمني بأكمله. دون ذلك، فإننا حتماً سنعود إلى مربَّعنا القديم، إن لم تسقُط كل البلاد إلى الهاوية هذه المرَّة! فالترتيبات الأمنيَّة هي كعبُ أخيل السَّلام والتحوُّل الديمقراطي.. فهل فعلاً ستُحدِث ثورة ديسمبر الفرق هذه المرَّة؟!  

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

وزير الداخلية في تركيا لبحث التعاون الأمني

آخر تحديث: 25 دجنبر 2024 - 1:03 مبغداد/ شبكة أخبار العراق- وصل وزير الداخلية عبدالأمير الشمري، اليوم الأربعاء، العاصمة التركيَّة أنقرة، على رأس وفد رفيع المُستوى، تلبيةً لدعوة رسميَّة تلقاها من وزير الداخلية التركيّ السيِّد علي يرلي قايا.وكان في استقبال الوزير في مطار إيسنبوغا الدوليّ، وكيل وزارة الداخلية التركيّ منير قارل أوغلو، والقائم بالأعمال المؤقت لسفارة جُمْهُوريَّة العراق في أنقرة المُستشار خليل إبراهيم محمود، والملحق العسكريّ العميد مقداد جواد كاظم.ومن المقرر أنَّ يعقد الوزير الداخلية العراقي جلسة مباحثات ثنائيَّة رسميَّة مع نظيره التركيّ علي يرلي قايا، تتناول عدداً من الملفات المُشترَكة بين الجانبين، ويبحثان أُطر التعاون المُشترَك في العديد من الملفات المهمة خاصةً في مُكافحة الجريمة بجميع أشكالها وتبادل المعلومات والخبرات وتأمين الحدود المُشترَكة.كما سيلتقي الشمري مع وزير الدفاع التركيّ يشار كولر، لبحث تعزيز التعاون الأمنيّ، وتحقيق المصالح المُشترَكة بين البلدين، وفقا لبيان صادر عن السفارة العراقية في تركيا.

مقالات مشابهة

  • المجلس الانتقالي يتهم الحكومة اليمنية بمحاولة تثبيت نتائج حرب 1994
  • الانتقالي يكشف الأسباب الحقيقية وراء انسحاب الزبيدي من "الرئاسي"
  • وزير الشباب يبحث الترتيبات النهائية لمعرض ومؤتمر «سبورتس إكسبو»
  • تحت رعاية السيسي.. وزير الشباب يبحث الترتيبات النهائية لـ"إسبورتس إكسبو"
  • قيادي في “انصار الله” يحذر “الانتقالي” من انتفاضة “إصلاحية” 
  • الانتقالي: “حكومة عدن” عاجزة عن الوفاء بالتزاماتها وأداء واجباتها 
  • “مليشيا الانتقالي” تنكل بالنازحين في عدن
  • انضمام حركة تحرير السودان «المجلس الانتقالي» إلى القوة المشتركة
  • وزير الداخلية في تركيا لبحث التعاون الأمني
  • الترتيبات لإنعقاد الملتقى الاستثماري بمدينة عطبرة