سودانايل:
2024-09-19@06:24:36 GMT

الفريق إبراهيم عبود أو ذاك عبود البطل

تاريخ النشر: 17th, November 2023 GMT

بسم الله الرحمن الرحيم وأفضل الصلاة و أتم التسليم على سيدنا محمد.

المشهد الأول:

المغنية الشعبية السودانية حوآء جاه الرسول و المشهورة بإسم (حَوَّة الطَّقطَاقَة) المتخصصة في غنآء البنات و الدَّلُوكَة و في إحيآء حفلات الأعراس الخآصة تقف تتقدم صفوف جماهير الشعوب السودانية التي تقاطرت في صبيحة اليوم الأول من يناير ١٩٥٦ ميلادية للإحتفال بإستقلال جمهورية السودان من الإستعمار (الإحتلال) البريطاني و الذي كان قد أعلن من داخل البرلمان في التاسع عشر (١٩) من ديسمبر ١٩٥٥ ميلادية ، و قد وثقت تلك اللحظات و الأحداث وحدة أفلام السودان في شرآئط تسجيلية تظهر الجموع و حَوَّة الطَّقطَاقَة تغني و تلوح بيدها و هي مرتدية علم جمهورية السودان القديم ذا الخطوط الزرقآء و الصفرآء و الخضرآء كثوب تلف به جسمها.

..
حاشية:
و الطقطاقة إسم مشتق من الفعل طَقَّ و تصريفه يَطِّقُّ طَقّاً فهو طَآقٌّ ، و إسم المبالغة هو طَقَّاق و طَقطَاق ، و الطق يفيد إحداث الصوت و الفرقعة و يعني أيضاً النقر و الضرب ، و الطقطاقات في لسان أهل السودان هن المغنيات الشعبيات اللاتي يضربن الدَّلُوكَة (الدفوف) و يغنين في المناسبات و الأعراس حيث ترقص العرآئس على إيقاعات و نغمات غنآءهن ، و كانت الطقطقات قديماً و قبل تبدل الأزمان و الأحوال مصنفات فنياً في درجاتٍ هي أقل بكثير من درجات الفنانين من المغنين و المطربين...

المشهد الثاني:

حزب الأمة يترأس حكومة الآئتلاف في السودان المستقل ، و الإستقلال لم يبلغ عامه الثاني بعد و السيد عبدالله خليل بك رئيس وزرآء جمهورية السودان و القآئد الأعلى للجيش و زعيم حزب الأمة يقوم بتسليم زمام الحكم إلى قآئد أركان الجيش الفريق إبراهيم عبود في السابع عشر (١٧) من نوڨمبر ١٩٥٨ ميلادية بمباركة راعي حزب الأمة و زعيم طآئفة الأنصار السيد عبدالرحمن محمد أحمد الفحل (المهدي) ، و كانت الحجة في التسليم هي الخوف من تآمر/نية/عزيمة مصر على إبتلاع كل القطر السوداني و إعلان الإتحاد بين مصر و السودان...

المشهد الثالث:

الشعوب السودانية لا تحتج على تسلم الفريق إبراهيم عبود و المجلس العسكري المركزي لزمام السلطة و تولي الحكم ، و كانت غالبية الشعوب السودانية ما بين السكوت و القنوع و الخنوع و المباركة ، و حينها كان السكوت من علامات الرضا و التأييد الصامت...
و قد واجهت النظام الجديد العديد من العقبات و التحديات ، و كان أعقدها التصدي لحركة التمرد العسكري المنادية بإنفصال المديريات الجنوبية الثلاث: الإستوآئية و بحر الغزال و أعالي النيل إلا أن النظام الجديد و حكومته و جهازه التنفيذي و رغم التمرد العسكري و الصعوبات الأخرى و قصر فترة الحكم فقد أفلحوا في تحقيق إنجازات تنموية كبيرة ، مما جعل الإقتصاد السوداني يستقر و يزدهر ، و مما جعل الشعوب السودانية في المدن و القرى و البوادي تحس و تعيش تحسن ملحوظ في المعيشة و مستواها ، فقد تم إنشآء المدارس و المستشفيات و المصانع و المشاريع الزراعية و قامت المدن الجديدة ، و ازدهرت الفنون و الآداب و الرياضة ، و توثقت علاقات السودان الخارجية و اتسمت بالتوازن و عدم الإنحياز ، و حازت على التقدير و الإحترام في جميع المحافل الدولية...

المشهد الرابع:

و يبدوا أن المغنية الشعبية حَوَّة الطَّقطَاقَة كانت و إلى جانب غنآء البنات و الدلوكة تعشق الغنآء السياسي و الأجوآء المصاحبة ، فقد ظهرت بقوة في الإعلام من جديد ، و وثقت لها الإذاعة السودانية إحتفآءها بالفريق إبراهيم عبود و مجلسه المركزي بأغنية (عَجَبُونِي) التي تمجد ما قامت به جماعة النظام الجديد و الحكومة من بنآء و إنجازات فشدت مغنيةً:
عَجَبُونِي القَامُو سَوَّا...
على البلد النُّورَها ضَوَّا...
عجبوني أولاد الحِيشَان...
المَلَصُو البدل و القمصان...
التَّرَسُو البحر خِيرَاصَان...
فقد عَجَبَ (أسر و أفرح) حوة ، و الكثير من الشعوب السودانية ، ما قام به الفريق إبراهيم عبود و صحبه في المجلس العسكري المركزي في نشاط و همة حيث أنهم (مَلَصُو البدل و القمصان) و انشغلوا/انخرطوا في البنآء و التعمير ، فقد أقاموا السد الكبير على مجرى النيل الأزرق (تَرَسُو البحر خِيرَاصَان) عند مدينة الرُّوصِيرِص و أنتجوا الكهربآء (البلد النُّورَها ضَوَّا)...
و لم تنفرد حَوَّة الطَّقطَاقَة المغنية الشعبية وحدها بالإحتفآء بالفريق إبراهيم عبود و مجلسه العسكري و حكومته فقد تغنى لهم أيضاً الفنان محمد عثمان وردي صاحب الميول اليسارية الإشتراكية الثورية الغير مخفية حين شدا مغنياً:
في سَبعطَاشَر هب الشعب طرد جلادو...
في سبعطاشر ولى الظلم الله لا عادوا...
في سبعطاشر بُعِثَت ثورتنا السلمية...
لا ضماير تتباع...
لا سادة لا رعاع...
أفرح وطني و هلل و كبر في يوم الحرية...
و قد تغني للنظام الجديد أيضاً مطرب آخر هو المطرب عبدالعزيز محمد دآؤود ، و الذي يعد من ضمن تيار الفنانين الوطنيين العام الغير مصادمين و الملتزمين بحكمة الخَوَّاف ربى عيالو عبر العهود السياسية ، فشدا قآئلاً:
ذاك عبود البطل...
و صحابو كالأمل...
كما تغنى مطرب شعبي قآئلاً:
عبود يا جبل الحديد...
يا صاحب الرأي السديد...
و هذا بعضٌ مما وثق عن الإحتفآء الشعري/الفني/الغنآئي بعهد الفريق إبراهيم عبود و إنجازاته ، و كان النظام قد إتخذ شعار:
(أحكموا علينا بأعمالنا)
رمزاً لتصميمهم على العمل و تحقيق التنمية في بلاد السودان ، و كانوا قد أوسعوا لذلك الشعار حيزاً ثابتاً في صحفيتهم الرسمية اليومية المسماة (الثورة) ، و التي من كبر حجمها و رخص سعرها أسمتها الجماهير (البِرِش بِقِرِش)...
حاشية:
و البرش حصيرة تجدل من سعف النخيل ، أما القرش فوحدة صغيرة من العملة السودانية و تساوي عشرة (١٠) ملاليم...

المشهد الخامس:

حَكَمَ الفريق إبراهيم عبود و مجلسه العسكري المركزي جمهورية السودان حقبة من الزمان بلغت حوالي الست أعوام ، فقد إمتد الحكم من السابع عشر (١٧) من شهر نوڨمبر ١٩٥٨ ميلادية إلى الحادي و العشرين (٢١) من شهر أكتوبر ١٩٦٤ ميلادية و ذلك عندما أطاحت به و نظامه ثورة شعبية ، و كانت شرارة الثورة ندوة سياسية عن الحرب الأهلية في جنوب السودان في داخليات طلبة جامعة الخرطوم ، و قد قامت قوات الشرطة بفض الندوة بقوة السلاح ، و جرآء ذلك التدخل العنيف سقط صريعاً برصاص قوات الشرطة الطالب الجامعي أحمد القرشي ، و كانت تلك هي الشرارة التي أشعلت الثورة و أدت إلى إشتعال المظاهرات في كل أنحآء بلاد السودان التي نددت بالفريق إبراهيم عبود و المجلس العسكري و نظام حكمه ”القمعي“ و طالبت برحيله و عودة العسكر إلى الثكنات ، و قد تصاعدت الإحتجاجات و درجات القمع فسقطت أعداد من القتلى ، تعد على أصابع اليد ، في العاصمة و عدة مدن فما كان من الفريق إبراهيم عبود إلا أن تنحى عن السلطة في مشهد معبر وثقته وحدة أفلام السودان...

المشهد السادس:

الرئيس إبراهيم عبود يتشاور مع أركان المجلس العسكري المركزي ، و وحدة أفلام السودان توثق وقوفه في قاعة في القصر الجمهوري يعلن التنحي (التنازل) عن الحكم ، و قد وثق أنه قال حينئذ:
(نِحنَا جِينَا لخدمة الشعب... فإذا الشعب لا يرغب أن نخدمه فعلينا بالتنحي...)
و قد ذكرت الروايات أنه و عندما بلغه رفض الشعوب السودانية لحكمه أيضاً قال:
(طالما أن الشعب لا يريدنا فنحن كذلك لا نريد أن نحكمه... خلاص نمشي... و مع السلامة...)
و هكذا يعلن الفريق إبراهيم عبود التنحي/التنازل عن الحكم و حل المجلس العسكري المركزي و تسليم السلطة لحكومة آئتلاف مدني أطلق عليه مسمى (جبهة الهيئات السياسية) ، و قد تكونت الجبهة من النقابات و الأحزاب السياسية ، و جبهة الهيئات هي الجهة التي قامت بتعيين مجلس سيادة من خمسة أعضآء و مجلس وزرآء برئاسة سياسي مستقل هو السيد سرالختم الخليفة...

المشهد السابع:

تسآءل بعضٌ من المراقبين عن هل كان حكم الفريق إبراهيم عبود تسليم و تسلم أم إنقلاب أم ثورة؟...
- سياسياً:
سيطر الفريق إبراهيم عبود و مجلسه العسكري المركزي على السلطة و تولى الحكم (بأمر) من رئيس الوزرآء المنتخب آنذاك السيد عبدالله خليل ، و بهذا يكون الأمر هو قرار (تسليم) السلطة من السيد عبدالله خليل بحكم منصبه كرئيس للوزرآء و قآئد أعلى للجيش و أمره قآئد أركان الجيش الفريق إبراهيم عبود بـ(تسلم) زمام السلطة و من ثم حكم البلاد...
و مما يدعم ذلك الإعتقاد موافقة و تأييد زعامات سياسية و طآئفية في حزب الأمة و من جماعة الأنصار للتسليم و (الإنقلاب) على الوضع الشرعي و الدستور و تسليم السلطة للعسكر بحجة حماية البلاد من التآمرات التي تحاك لضم السودان إلى مصر...
- إدارياً/قانونياً:
موافقة الفريق إبراهيم عبود على إستلام السلطة من الحكومة المدنية المنتخبة و تولي الحكم يعد و ببساطة (إنقلاب) على الشرعية السياسية المنتخبة و الدستور ، و ما تلى ذلك من إلغآء لبعض القوانين و التشريعات مثل وقف العمل بالدستور و تقييد حريات المعارضين السياسيين يعتبر قانونياً (إنقلاب) غير شرعي على الشرعية الدستورية...
- عملياً:
إن نظام الفريق إبراهيم عبود في السابع عشر من نوڨمبر ١٩٥٨ ميلادية كان عملية تسليم و تسلم للسلطة و آليات الحكم و إدارة البلاد...
- وجهة نظر:
يمكن إعتبار ما حدث (تغيير) ، و التغيير في نظر الكثيرين ثورة ، و النظام ثورة هذا إن كانت الثورة تعني الخروج على الوضع الراهن و التطلع إلى غدٍ أفضل ، و معلومٌ أن من شروط الثورة و أهدافها الأساسية هو التغيير الكامل أو الجزئي ، و الثورة تقوم بها (جماعة) أو (فئة) أو (طآئفة) تربطها مصالح مشتركة ، و قد تكون المصالح أيدلوجية أو إقتصادية أو دينية أو عرقية أو مهنية ، و كان الفريق إبراهيم عبود و (جماعته) من (فئة/مهنة) العسكر توافقت مع (طآئفة) الأنصار الدينية/الإجتماعية...
- رأي آخر:
إن ما حدث ربما كان في الأساس إنقلاباً و ثورةً في ذات الوقت بحكم أنه قد حدث تغيير و خروج على ما سبق من نظام حكم/سلطة أو كيان دولة...
- ختاماً/إجمالاً:
إن ما حدث كان إبتدآءً (تسليم و تسلم) إداري و ربما قانوني ، تم من خلاله تثبيت أركان نظام جديد عسكري غير منتخب بـ(إنقلاب) تآم/واضح على الشرعية الدستورية المنتخبة بمعرفة و تواطؤ و مبادرة رئيس الوزرآء المنتخب و المدعوم سياسياً براعي حزب الأمة الذي يشغل في ذات الوقت منصب زعيم طآئفة الأنصار الدينية البالغة النفوذ الإجتماعي و ذات القاعدة الجماهيرية الكبيرة/العريضة ، و قد يضيف بعض/كثير من المراقبين أنه قد أعقب ذلك (تغيير و ثورة) تنموية موثقة و مؤكدة الدلآئل و الشواهد و الآثار إنتظمت جميع ربوع بلاد السودان...

المشهد الثامن:

قام نظام الفريق إبراهيم عبود بإنجاز الكثير من المشاريع التنموية الضخمة في سنوات عمر حكمه القصير بمقاييس الزمان و البالغ ستة أعوام ، فقد انتظمت بلاد السودان ، خلال ذلك العهد ، مشاريع التنمية العديدة الناجحة في التعليم و الصحة و الصناعة و الزراعة و النشاطات المجتمعية و الثقافة و الفنون و الرياضة ، و ازدهر الإقتصاد القومي و ارتفعت الدخول ، و انتقل أفراد و أسر و جماعات إلى أعلى السلم الإجتماعي و الإقتصادي ، و انتعشت التجارة و امتلأت الأسواق بالسلع ، و ازدهرت مجتمعات في الحضر و البادية و بانت عليها آثار الرفاهية في المسكن و المأكل و الملبس و المسلك ، و توسعت المدن و القرى و انتعشت الفنون و الرياضة ، كما ازدهرت و نمت علاقات السودان الخارجية و توثقت مع العديد من الدول تحت مباديء التوازن و عدم الإنحياز...

المشهد التاسع:

دخلت بلاد السودان ، فعلياً و عملياً ، في مرحلة إزدهار إتسمت بالتخطيط و العمران ، و كانت الإنجازات البآئنة في التعليم و الصحة و الزراعة و الطاقة و التصنيع و الثقافة و الرياضة و العمران السكاني ، فكانت الأمثلة:
أ- خزانات سدود و إنتاج الكهربآء و مشاريع الري:
- خزان الرُّوصِيرِص
- خزان خَشْمْ القِرْبَة
- مشروع كهربآء خزان سنار
- محطة كهربآء بري الحرارية
ب- المدن الجديدة:
- مدينة ٢٤ عبود (٢٤ القرشي لاحقاً)
- مدينة خشم القربة (حلفا الجديدة)
ت- المشاريع الزراعية:
- إمتداد مشروع المناقل الزراعي
- مشروع خشم القربة الزراعي
- مشاريع الزراعة الآلية في مناطق الدَّالِي و المَزمُوم و أَقَدِي
ث- مركز الأبحاث البيطرية في سُوبَا
ج- المصانع:
- مصانع السكر: الجِنِيد و حَلفَا الجديدة و مَلُّوط
- مصانع تعليب الفواكه: وَاو و كَرِيمَة
- مصنع كرتون أَرُومَا
- مصنع ألبان بَابَنُوسَة
- مصنع تجفيف البصل في كَسَلا
- مصانع النسيج في: أَنزَارَا و النسيج السوداني في الخرطوم بحري
- مصنع صك العملة
- مصانع الدوآء
- مصانع القطاع الخآص العديدة
ح- مناشير الأخشاب في جنوب السودان
خ- النقل و المواصلات:
- الخطوط الجوية السودانية و الخطوط البحرية السودانية
- مد خطوط السكك الحديدية جنوباً حتى مدينة واو ، و غرباً حتى مدينة نيالا و إحلال قاطرات الديزل مكان القاطرات البخارية
- الطريق المسفلت الرابط بين مدينتي ود مدني و الخرطوم ، و هو جزء من المعونة الأمريكية المقدمة للحكومة السودانية
- كبري شَمبَات
- إضافة أجنحة جديدة في كبري النيل الأبيض القديم
د- التربية و التعليم و البعوث:
- مجانية التعليم
- إنشآء المدارس الأولية و المتوسطة و الثانوية و الصناعية
- آنشآء كليات التعليم الفني و التدريب المهني
- البعوث التعليمية و التدريبية إلى العديد من دول العالم في الغرب و الشرق
ذ- إنشآء البنوك:
- بنك السودان المركزي
- البنك التجاري
- البنك الصناعي
- البنك الزراعي
- البنك العقاري
ر- مشروعات الإسكان في العاصمة المثلثة:
- المساكن الشعبية في بحري
- مدينة الثورة في أم درمان
- الإمتدادات و حي العمارات في الخرطوم
- شبكة مجاري مدينة الخرطوم و مشروع الحزام الأخضر
ز- الإمتدادات السكنية الجديدة في الكثير من المدن السودانية
س- إنشآء الساحات و الحدآئق العامة في مختلف المدن (جناين عبود) و تطوير المدن كالإنارة و الطرق و المياه ، هذا عدا الإحتفالات و الكرنڨالات التي لم تشهدها/تشاهدها البلاد من قبل
ش- إنشآء تلڨزيون السودان القومي في مدينة أم درمان بمنحة من الحكومة الألمانية
ص- بنآء المسرح القومي أم درمان و مسارح الأقاليم
ض- الإهتمام بالرياضة و تخصيص وزارة لذلك الغرض و إنشآء العديد من الملاعب و مراكز الشباب ، و الزيارات الراتبة لفرق كرة القدم الأجنبية و الفرق الفنية و الشخصيات الأدبية للسودان
ط- تطوير الخدمات الصحية و إنشآء المستشفيات الجديدة و المراكز الصحية و الشفاخانات:
- مستشفيات الشعب و مستشفى سوبا الجامعي و مستشفى بحري الريفي كأمثلة ، هذا غير العنابر الجديدة في المستشفيات القديمة و المراكز الصحية الجديدة و الشفاخانات في مختلف المدن و القرى
ع- تشجيع العمل الخآص و التجارة
و قد عكست الأعمال و المشاريع الكثيرة و العلاقات الواسعة الجيدة التي رسخها النظام الجديد في تعامله الموزون و الغير منحاز مع الدول حول العالم ثورة البنآء و التنمية و التعمير التي إنتظمت بلاد السودان حتى أطلقت الجماهير على نظام الفريق إبراهيم عبود إسم ثورة سبعطاشر نوڨمبر...

المشهد العاشر:

في عهد الفريق إبراهيم عبود كان القضآء مستقلاً على الرغم من تكبيل الحريات السياسية ، و كانت الخدمة المدنية مستقلة و فعالة و نزيهة و منضبطة ، و كان هنالك توسع في سلطات الحكم المحلي ، و في السياسة الخارجية إتبع النظام سياسة عدم الإنحياز ، و كان للسودان سياسات متوازنة و علاقات خارجية جيدة و إيجابية مع العديد من الدول في كل أرجآء العالم الرأسمالي في المعسكر الغربي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية و مع المعسكر الشرقي و العالم الإشتراكي بزعامة الإتحاد السوڨيتي و جمهورية الصين الشعبية...
و نتيجة لتلك السياسات الموزونة كان للسودان علاقات جيدة و متوازنة مع كل الدول الفاعلة في المجتمع الدولي مثل الولايات المتحدة الأمريكية و المملكة المتحدة (بريطانيا) و جمهورية ألمانيا الإتحادية (الغربية) و الإتحاد السوڨيتي و جمهورية الصين الشعبية ، و تشهد بذلك الزيارات المتبادلة العديدة التي قام بها الفريق إبراهيم عبود إلى: الولايات المتحدة الأمريكية و المملكة المتحدة و ألمانيا و الإتحاد السوڨيتي و جمهورية الصين الشعبية و جمهورية يوغوسلاڨيا ، و قدوم العديد من ملوك و روؤسآء و وفود البلدان إلى السودان مثل زيارات: الملكة إليزابيث الثانية ملكة بريطانيا و الرئيس السوڨيتي ليونيد بريجنيف و شوان لاي رئيس وزرآء جمهورية الصين الشعبية و الرئيس اليوغسلافي جوزيف بروز تيتو و غيرهم...

المشهد الحادي عشر:

لم تكن كل حقبة حكم الفريق إبراهيم عبود دوماً (وردية) فقد رصدت لنظامه العديد من الإخفاقات مثل:
- الفشل في معالجة مشكلة الجنوب بل المساهمة في إزكآء نيران الحرب الأهلية بسبب سياسات القمع العسكري و التعريب و الأسلمة
- الفساد السياسي و قمع المعارضين
- إتفاقية مياه النيل المجحفة مع مصر
- إتفاقية حلفا و السد العالي و الموافقة على قيام بحيرة السد داخل الأراضي السودانية
- تهجير سكان حلفا القديمة و المناطق المتأثرة ببحيرة السد إلى خشم القربة (حلفا الجديدة)
- مشكلة الكونغو و الإتهام بالتواطؤ في إزاحة و إغتيال الزعيم بياتريس لوممبا رئيس الوزرآء المنتخب

المشهد الثاني عشر:

كل تلك الإنجازات الهآئلة و السياسات الخارجية المحايدة ، الموزونة و المتزنة لم تشفع لنظام الفريق إبراهيم عبود لما تعاظم القمع السياسي و الأمني فكانت ثورة الحادي و العشرين (٢١) من أكتوبر ١٩٦٤ ميلادية...

المشهد الثالث عشر:

بعد زوال نظام الفريق إبراهيم عبود جآءت إفادات و شهادات عديدة من خصومه السياسيين من جبهة الهيئات السياسية التي إستلمت منه السلطة:
فقد خط السياسي و القيادي الإتحادي المرموق السيد سيد أحمد الحَسِين ، الذي شارك في ثلاث تجارب ديمقراطية ، و تولى مناصب حزبية و تنفيذية مهمة ، تعليقات أمينة عن الفريق إبراهيم عبود و عهده جآء فيها:
(رغم أنه حكم عسكري إلا أنه كان حكم عقلآء ، حكم شرفآء ، أياديهم نظيفة ، لم يفسدوا إطلاقاً ، و لم يخرجوا عن المألوف)
و علق الصحافي المخضرم ذو الميول اليسارية الأستاذ محجوب محمد صالح و الذي خدم لفترة في نظام الطاغية جعفر محمد نميري:
(الفريق إبراهيم عبود من الشخصيات التي لم تغيرها السلطة ، دخلها كرجل بسيط و ضابط منضبط و عسكري مهني عاش بنفس صفاته تلك إبان حكمه ، لم يحاول أن يبحث عن أضوآء أو أن يفرض نفسه أو يدعي شيئاً ، عاش حياة بسيطة حتى وفاته)
و أدلى الأستاذ المربي و الإعلامي المعروف محمد سعيد معروف بشهادته فقال:
(إحترم الرئيس إبراهيم عبود إستقلالية الخدمة المدنية ، لذلك كان التشريد و الفصل في عهده أقل ما يمكن بالنسبة لكل العهود ، لم يتدخل مطلقاً في الخدمة المدنية أو في القضآء ، فظل القضآء محافظاً على إستقلاله و على دوره القيادي)
و جآءت شهادة السياسي منصور خالد الذي أفنى عمره في خدمة: الطاغية جعفر محمد نميري و المتمرد العقيد جون قرنق دي مبيور و الطاغية عمر البشير و النظام الجديد في جمهورية جنوب السودان:
(كان قرار الرئيس إبراهيم عبود بالتنحي عن الحكم هو قرار الرجل السوداني الكبير الذي يدرك معاني التراحم ، فقد أبى أن يكون البقآء على أجداث الرجال)

المشهد الرابع عشر و الأخير:

ذلك هو الفريق إبراهيم عبود (البطل) الذي خاطبته الجماهير ، بصدق و عفوية ، بينما هو يتجول متسوقاً بنفسه في زنك الخضار و اللحمة في سوق الخرطوم و ذلك بعد عزله بسنوات:
ضَيَّعنَاك يا ريس و ضعنا وَرَاك...
ذلك هو عبود البطل الذي (أعجب) به صاحبنا و كثيرون إعجاباً عظيماً و ذلك لوطنيته و صدقه و نزاهته و إنجازاته العديدة و إنسانيته و إنحيازه إلى مصلحة الشعوب السودانية ، ذلك هو عبود (البطل) و ذلكم أصحابه (الأمل) الذين لم تفسد غالبيتهم إغرآءات: السلطة و النفوذ و المال ، و الذين (ملصوا البدل و القمصان) و ساهموا مساهمة كبيرة و فعالة في البنآء و العمران (ترسوا البحر خيراصان) ، فللبطل و صحابه التحية و الإحترام و التقدير ، و عليهم رحمة واسعة من الله و رضوان...
و الحمد لله رب العالمين و أفضل الصلاة و أتم التسليم على سيدنا محمد.

فيصل بسمة

fbasama@gmail.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: جمهوریة الصین الشعبیة جمهوریة السودان النظام الجدید حزب الأمة العدید من

إقرأ أيضاً:

وزير المالية فشل في الرد علي الأسئلة التي كانت تندفع نحوه كالسيل جعلته في حالة توهان وغياب تام عن المشهد الدراماتيكي !!..

إن نحن نظرنا لقناة الجزيرة مباشر بتفاؤل وبعين للرضا عن كل عيب كليلة ونحن نراها تتكرم علينا عبر الساعة التي منحتها لاخبار السودان يوميا ما بين ( السابعة والثامنة مساء ) هذه الساعة العجيبة والغريبة التي يستضاف فيها طرفان متشاكسان هما سبب الاذي والوجع الوطني بل المرض العضال الذي لانري في الأفق أي برء منه مادام السلاح يتدفق عليهما من الشرق والغرب والإغاثة تتعثر وتمشي كما يمشي الوجي الوحل ... نقول لقناة الجزيرة مباشر وللاعلامي الخطير أحمد طه بالذات : برافو عليكم فقد أطل من شاشتكم المحترمة قوم ونحن في غفلة من التدقيق والتمحيص اوصلناهم الي اعلي المناصب ظنا منا أن ( القبة تحتها فكي ) ومن خلال الحوار معهم اتضح انهم لايملكون فكرا ولاسياسة ولا اي شيء نافع بل يملكون مليشيات وبنادق يتم تأجيرها لمن يدفع الثمن ... قناة الجزيرة مباشر جزاها الله سبحانه وتعالى كل خير فقد وضعت أمامنا هؤلاء القتلة لوردات الحرب مجردين من اي شيء حتي من ورقة التوت وسمعناهم يتكلمون بحديث غير مفهوم ولا ينتمي لأي علم من العلوم ولا اي فهم من الافهام وربما يعتقد المشاهد أنه فلم كوميدي أبطاله الاغبياء أو ربما حلقة من الكاميرا الخفية ...
لو كانت الجزيرة مباشر تريد أن تضعنا أمام مسؤولياتنا وتكشف لنا أي قياديين الآن يديرون دفة البلاد وهم بكل هذا التواضع الذهني والملكات القاصرة وعدم الاستعداد لإدارة كنتين أو طاحونة ناهيك عن بلد عملاق اسمه السودان أوقعه حظه العاثر في قبضة مليشيات تعد ولا تحصر ومنها الدعم السريع ابن الجيش المدلل حتي عشية قيام الحرب اللعينة العبثية المنسية وبعد الطلقة الأولي ( الشريكان فرزا العيشة وأصبح لكل شريك مطبخه الخاص ) ولا ادري لماذا إقحام الحرية والتغيير وتقدم في اتهامها بكل الذي حدث من احتراب وخراب ودمار مع أن قحت وتقدم حاولا المستحيل لإصلاح ذات البين بين الإخوة الأعداء ليس حبا في عسلية عيونهما ولكن حقنا للدماء حفاظا علي الوطن الحبيب !!..
رأينا مناوي بالتحديد يوم ٢٠٢٤/٩/٧ يوم سبت غير اخضر بزيه المتنافر ووجهه العابس المكفهر وإجاباته المشتتة المتنافرة التي لايربط بينها رابط فهالنا ماسمعنا ... هل لمثل هذا الجنجويدي ان يكون حاكما علي دارفور الحبيبة المعطاة التي ينبع الخير من سطحها وباطنها وقد قال عنها العالم المصري فاروق الباز رائد علوم جيلوجيا القمر أن هنالك نهر النيل ثاني يجري تحتها ... دارفور التي يمكن عن طريق جبل مرة أن تغذي أوروبا صيفاً وشتاء بالفواكه ... دارفور التي تعادل مساحتها أرض نابليون وجان جاك روسو وجامعة السوربون ... دارفور أرض الزرع والضرع وعلي دينار واليورانيوم والأمثال والحكمة والكرم والشعر والفنون واللهجة الدار فورية التي تذوب في الحنية والجمال والأناقة والطلاقة !!..
وحتي وزير مالية حكومة وهم لاشرعية يتحدث باسم الدولة التي توشك أن لا تكون دولة ويتحدث عن خزينة خاوية علي عروشها واقتصاد منهار تماما وليس أمامه احصائيات ولا حواسيب ولا مستشارون ولا حتي ورقة فلسكاب وقلم رصاص ... وقال ليس عنده مانع أن يلبي طلب الشعب إذا اختاره ليعتلي منصب رئيس الوزراء ... طيب اذا الشعب قال ليك كفي نرجوك تقديم الاستقالة لأن مكانك اقرب بقالة يمكن أن تستعرض فيها مواهبك المكنونة التي سمعنا انك قدمت بها من جزيرة أوكيناوا من ارض اليابان حيث نلت الدكتوراة في أي فرع في الاقتصاد ... لست ادري فأنا مازرت يوما اندونيسيا ولا شاهدت جومو !!..
الخلاصة أن جبريل لايصلح أن يكون وزيرا ليس بسبب نقص المؤهلات ولكن لأن هذا الموقع هو وظيفة من الوظائف ولا يصح قانونا الجمع بين وظيفتين فكيف جاز له أن يجمع بين وظيفة وزير وقائد مليشيا خاصة إذا كانت هذه المليشيا لها تاريخ اسود مثل قرن الخروب ولاننسي غزوها لام درمان بتحالف مع المؤتمر الشعبي الذي كان ذراعها السياسي بقيادة الحاج آدم الذي عاد بعد كل هذا الذنب الذي ارتكبه ضد الوطن عاد نائبا للمخلوع وكان شيئا لم يكن وهكذا الحال عند المؤتمر الوطني كلهم اولادنا ولا تثريب عليهم ومرحبا بهم في كل وقت وحين ...
الأخ جبريل حديثك للجزيرة مباشر كان شرك كبير من هذه القناة العالمية سواء كان بقصد او من غير قصد وقد أدت هذه الحلقات دورها كاملا لتبصيرنا نحن الغبش المساكين وفهمنا الان من هم الذين يحكموننا ... شكراً قناة الجزيرة فقد أهديت لنا عيوبنا وبقي علينا أن نشاور أنفسنا ... هل ينبغي علينا أن نرضي بالحال المائل ام نقول لا بمليء أفواهنا ومم نخاف فلم يعد هنالك شيء نخاف عليه !!..

حمد النيل فضل المولي عبد الرحمن قرشي.
معلم مخضرم .

ghamedalneil@gmail.com  

مقالات مشابهة

  • مديرة المتاحف السودانية لـ«التغيير»: قوات الدعم السريع سرقت الآثار وهربتها
  • وزير المالية فشل في الرد علي الأسئلة التي كانت تندفع نحوه كالسيل جعلته في حالة توهان وغياب تام عن المشهد الدراماتيكي !!..
  • أول توثيق للمأساة السودانية بقلم ناشطة نسائية
  • امتحانات الشهادة السودانية ستنعقد (قريبا جدا)
  • الوطنية السودانية واستقلال السودان (2 -2)
  • جبريل إبراهيم: وفرنا لوزارة التربية والتعليم الأموال الخاصة بالترتيب لعقد امتحانات الشهادة السودانية
  • جبريل يتهم أمريكا بالتورط في الحرب السودانية
  • تأثير الحرب السودانية على التراث الثقافي: نهب المتاحف والمواقع الأثرية
  • «التايمز البريطانية»: الآثار السودانية المنهوبة تُباع على الإنترنت بشكل غير مسبوق
  • مليشيا الدعم السريع تبيع الآثار السودانية المنهوبة على الإنترنت