ألقى أ.د/ محمد مختار جمعة وزير الأوقاف خطبة الجمعة اليوم 17/ 11 بعنوان: "التمسك بالأمل والعمل وقت الأزمات"، بمسجد الصديق بشيراتون بالقاهرة، بحضور الدكتور/ خالد صلاح الدين مدير مديرية أوقاف القاهرة، وجمع غفير من رواد المسجد.

 أكد  جمعة في خطبتة: أن باب الأمل في الله (عز وجل) مفتوح، وباب التوبة مفتوح، حيث يقول رب العزة تبارك وتعالى في الحديث القدسي: "يا ابنَ آدمَ ! إنك ما دعوْتَنِي ورجوتني غفرتُ لك على ما كان فيك ولا أُبالي، يا ابنَ آدمَ ! لو بلغت ذنوبُك عنانَ السماءِ ثم استغفرتني غفرتُ لك ولا أُبالي، يا ابنَ آدمَ ! إنك لو أتيتني بقُرابِ الأرضِ خطايا ثم لقيتَني لا تُشركُ بي شيئًا ؛ لأتيتُك بقُرابِها مغفرةً"، مؤكدًا أن ديننا دين الأمل والعمل، وسئل نبينا (صلى الله عليه وسلم) ما الكبائر؟ فقال: "الإشراك بالله، والأمن من مَكْرِ الله، والقُنُوطُ من رحمة الله، واليَأْسُ من رَوْحِ الله"، حيث يقول سبحانه على لسان سيدنا إبراهيم (عليه السلام): "قَالَ وَمَن يَقْنَطُ مِن رَّحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ"، ويقول الشاعر:

لا تيأَسَنّ لِبَابٍ سُدَّ في طَلَبٍ

فاللهُ يفتحُ بعد البابِ أبوابا

ويقول آخر:

سيفتحُ اللهُ بابًا كنتَ تحسبهُ

من شدة اليأسِ لم يخلق بمفتاحِ

ويقول آخر:

لا تَيأَسَنَّ من اِنفِراجِ شَديدَة

قَد تَنجَلي الغَمَراتِ وَهيَ شَدائِد

كَم كُربَة اِقسَمَت اِن لَن تَنقَضي

زالَت وَفَرجُها الجَليلُ الواحِد

ويقول آخر:

يا صاحبَ الهمِّ إنَّ الهمَّ مُنْفَرِجٌ

أَبْشِرْ بخيرٍ فإنَّ الفارجَ اللهُ

اليأسُ يَقْطَعُ أحيانًا بصاحِبِهِ

لا تَيْأسَنَّ فإنَّ الكافيَ اللهُ

اللهُ يُحْدِثُ بعدَ العُسرِ مَيْسَرَةً

لا تَجْزَعَنَّ فإنَّ الصانعَ اللهُ

إذا بُلِيتَ فثقْ باللهِ، وارْضَ بهِ

إنَّ الذي يَكْشِفُ البَلْوَى هو اللهُ

ولما اشتد الحال على السيدة مريم (عليها السلام) وقالت في لحظة شدة: "يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنتُ نَسْيًا مَّنسِيًّا"، جاءها الفرج من الله (عز وجل): "فَنَادَاهَا مِن تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا"، وسيدنا يونس (عليه السلام) كما حكى القرآن الكريم: "وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ"، وسيدنا أيوب (عليه السلام) كما حكى القرآن: "وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِن ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ".

فإن كنت مريضًا لا تيأس فالذي شفى أيوب (عليه السلام) قادر على شفائك، وإذا كان الله وليك ومعك وناصرك فلا عليك بعد ذلك بمن عليك ومن معك، يقول سبحانه: "وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا"، ويقول سبحانه: "وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا"، ويقول سبحانه: "أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِن دُونِهِ"، ولولا الأمل ما ذاكر طالب ولا اجتهد، ولولا الأمل ما زرع زارع ولا حصد، فلا حياة مع اليأس، وكل شدة إلى انفراج، يقول سبحانه: "فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا"، ويقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): "تبسُّمُكَ في وجهِ أخيكَ صدقةٌ"، ويقول الشاعر:

قالَ: السماءُ كئيبةٌ وتجهما

قلتُ: ابتسمْ يكفي التجهم في السما

قال: الليالي جرعتني علقما

قلت: ابتسم ولئن جرعت العلقما

فلعل غيرك إن رآك مرنّما

طرح الكآبة جانبًا وترنما

كما أكد وزير الأوقاف أنه مع الأمل لا بد من العمل، ولا بد من الأخذ بالأسباب، فالأمل بلا عمل أملٌ يسير على ساق واحدة أو بلا ساق، وخيركم من يأكل من عمل يده، حيث يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): "مَا أَكَلَ أَحَدٌ طَعَامًا قَطُّ خَيْرًا مِنْ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ، وَإِنَّ نَبِيَّ اللهِ دَاوُدَ كَانَ يَأْكُلُ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ" وفي رواية: "كان نبي الله داود عليه السلام لا يأكل إلا من عمل يده"، وخص نبينا (صلى الله عليه وسلم) سيدنا داود (عليه السلام) من بين سائر الأنبياء؛ لأن داود (عليه السلام) كان ملكًا نبيًا فلا يعمل من أجل الحاجة، بل كان له من الملك والمال ما يكفيه، لكنه مع هذا الملك الواسع والمال الوفير كان يعمل لشرف العمل ولشرف الأكل من كسب اليد.

مؤكدًا أن الإسلام لم يطلب مجرد العمل بل طلب إتقان العمل، يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): "إنَّ اللهَ يحِبُّ إذا عمِلَ أحدُكم عملًا أنْ يُتقِنَه"، ولنعمل في أشد اللحظات حتى وإن كانت الساعة على مشارف قيامها، حيث يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): "إن قامتِ الساعةُ وفي يدِ أحدِكم فسيلةً، فإن استطاعَ أن لا تقومَ حتى يغرِسَها فليغرِسْها"، أي: أن لا تقوم الساعة وأن لا يبادر قيامها بغرسها فليغرسها، أي: عليه أن يعمل، وحتى مع قيام الساعة وعلمه أنه لا ينتفع بهذا الغرس أحد ولكن لشرف العمل، ذلك أن الموت بالنسبة للمؤمن ليس انتهاء وإنما انتقال، والمؤمن كلما أحس بدنو أجله ازداد عملا للآخرة، وازداد قربًا من الله (عز وجل).

ونحن في حاجة إلى حسن التوكل على الله (عز وجل) القائم على حسن الأخذ بالأسباب وحسن العمل، ونقول نحن في حاجة إلى الدواء والدعاء معًا، فالدواء ليس غنيًّا عن الدعاء، والدعاء ليس غنيًّا عن الدواء ونحن مأمورون بالأخذ بالأسباب، قال (صلى الله عليه وسلم): "تداووا فإنَّ اللهَ لم يضَعْ داءً إلا وضَعَ له دواءً غيرَ الهِرَم"، فالدواء لا يؤتي ثمرته إلا بإعمال الله (عز وجل) له، فما أحوجنا إلى الأمرين معًا حسن العمل وحسن اللجوء إلى الله (عز وجل) وحسن التوكل على الله سبحانه.

واختتم وزير الأوقاف خطبته بالتأكيد على أنه لن يحترم الناس ديننا إلا إذا تفوقنا في أمور دنيانا، فإن تفوقنا في أمور دنيانا احترم الناس ديننا ودنيانا في عالم لا يعرف إلا القوة، وهو ما أمرنا به ديننا الحنيف، قال الله (عز وجل): "وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ"، قوة عسكرية وقوة اقتصادية وقوة ثقافية وقوة علمية وقوة إيمانية، فنحن مأمورون بأن نأخذ بأقصى الأسباب ونلجأ إلى الله (عز وجل) ونتعلق به، وأن نرفع الأمل والرجاء إليه، سائلًا الله (عز وجل) أن يفرج همومنا وهموم أشقائنا في فلسطين، وأن يرفع الكرب عنهم، وأن يتقبل شهداءهم، وأن يشفي مصابيهم، وان يرزقهم الصبر والثبات، وأن يجعل الدائرة لهم لا عليهم.

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: وزير الأوقاف لن يحترم الناس ديننا مالم نتفوق في أمور دنيانا صلى الله علیه وسلم وزیر الأوقاف یقول سبحانه علیه السلام یقول نبینا حیث یقول عز وجل

إقرأ أيضاً:

احتفالًا بالإسراء والمعراج.. «الأوقاف» تطلق مجالس للصلاة على النبي بمساجد الجمهورية

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

أعلنت وزارة الأوقاف، تنظيم مجالس للصلاة على النبي في ليلة الإسراء والمعراج، وذلك في جميع مساجد الجمهورية، بعد صلاة العشاء مباشرة، إحياءً لهذه الليلة المباركة وتعظيمًا لمعجزتها الخالدة.

الإسراء والمعراجليلة الإسراء والمعراج

وأكدت وزارة الأوقاف، أن هذه المجالس في ليلة الإسراء والمعراج، تهدف إلى تعميق الارتباط بسيرة النبي -صلى الله عليه وسلم- وإبراز فضائل الصلاة عليه، التي تعد من أعظم القربات وأحب الأعمال إلى الله، يقول سبحانه: "إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ۚ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا".

 وتُبرز المجالس -أيضًا- القيم الإنسانية النبيلة التي أرساها النبي -صلى الله عليه وسلم- كالتسامح والرحمة، موضحةً أن هذه القيم تمثل الركائز الأساسية لبناء مجتمع متماسك ومترابط، يعم فيه السلام والمحبة بين أفراده.

الإسراء والمعراجأكدت مكانة النبي

وتبيّن هذه المجالس، أهميةَ ليلة الإسراء والمعراج، بوصفها معجزة عظيمة أكدت مكانة النبي -صلى الله عليه وسلم- ومقامه عند ربّه، مشيرةً إلى أن هذه الليلة تمثل محطة إيمانية خالدة تحمل في طياتها كثيرًا من الدروس والعبر التي يحتاج إليها المسلمون لتعزيز إيمانهم وتقوية صلتهم بالله -تعالى.

وأرشدت وزارة الأوقاف إلى أهمية استذكار معجزة الإسراء والمعراج في بث روح التفاؤل والصبر في نفوس المسلمين، إذ تؤكد هذه المعجزة لطف الله بنبيه -صلى الله عليه وسلم- وتبرز عاقبة الصبر على الابتلاء والتمسك بالدعوة رغم الصعوبات، مع الأخذ بالأسباب.

الإسراء والمعراجبركات عظيمة وأجر كبير يعم حياة المسلم

ودعت وزارة الأوقاف، جميع المواطنين إلى حضور هذه المجالس والإكثار من الصلاة على سيدنا الحبيب -صلى الله عليه وسلم- في هذه الليلة المباركة، لما فيها من بركات عظيمة وأجر كبير يعم حياة المسلم بالسكينة والطمأنينة، سائلين الله -عز وجل- أن يحفظ مصر وأهلها، وأن يديم عليها نعمة الأمن والأمان، وأن يبسط سحائب الرحمة والسلام على الإنسانية جمعاء.

الإسراء والمعراج

وتحتفل جموع المسلمون بـ الإسراء والمعراج،  في ليلة السابع والعشرين من شهر رجب الجاري، ويتقرب بها العباد إلى ربهم بالأعمال الصالحة.

ووفقًا للتقويم الميلادي، تكون ليلة الإسراء والمعراج، بداية من مغرب يوم الأحد الموافق 26 يناير 2025، وحتى فجر يوم الاثنين الموافق 27 يناير 2025.

مقالات مشابهة

  • بدعوة من وزير الأوقاف.. مفتي الجمهورية يلقي أول خطبة جمعة "بمسجد مصر الكبير"
  • مفتي الجمهورية من مسجد مصر الكبير: الفكر التكفيري يستبيح الأموال والأعراض
  • موضوع خطبة الجمعة الموحدة اليوم على مساجد الأوقاف.. تعرف عليه
  • تحذير النبي صلى الله عليه وآله وسلم من التخلف عن صلاة الجمعة كسلًا وتهاونًا
  • أوقاف الفيوم تختتم فعاليات الأسبوع الثقافي بندوات عن "الإسراء والمعراج"
  • بالفيديو.. عمرو الورداني: التدين الحقيقى خلق حسن مع الناس وليس مظاهر
  • من أنوار الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلّم
  • «الأوقاف» تنظم مجالس للصلاة على النبي في المساجد احتفالا بالإسراء والمعراج
  • احتفالًا بالإسراء والمعراج.. «الأوقاف» تطلق مجالس للصلاة على النبي بمساجد الجمهورية
  • احتفالاً بالإسراء والمعراج.. الأوقاف تطلق مجالس للصلاة على النبي بمساجد الجمهورية