قال أ.د  شوقي علام -مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم: إن مفهوم ولي الأمر من الموضوعات المهمة التي يجب تسليط الضوء عليها، لأن هناك الكثير من الثقافات الفقهية السائدة ترى أن فكرة ولي الأمر فكرة قديمة وجامدة وليست متطورة؛ إلا أن مفهوم ولي الأمر باقِ ويتطور بما يناسب كل زمن وعصر.

 واضاف أن الشريعة لم تقف عاجزة عن مراعاة المستجدات، وليست عقبة أمام أي تقدم أو إنجاز أو تطور فهي تتفق وتقبل أي تطور وتقدم ما دام لا يتعارضا مع أصولها ولا توجد مشكلة تستعصى على الحل أمام الشريعة أو الفقه.

ولفت المفتي إلى أن للشريعة الإسلامية منهجها الرَّصين، وضوابطها الواضحة في احتواء النوازل والمستجدات على مدى القرونِ السالفةِ، حيث إنها تعتمد على مبادئَ التيسيرِ والسماحةِ، وسهولةِ التطبيقِ، وتنزيلِ الأحكام الشرعية الثابتة في الكتاب والسنة على الواقعِ بما يوافق حالةَ الإنسان الخاصةَ وظروفَ المجتمعات بشكل عامٍّ، وهذا يُعدُّ من أهم خصائص الشريعة الإسلامية بصفة عامة، وقد أثمرَ ذلك بالضرورة صلاحيةَ هذه الشريعة لكلِّ زمانٍ ومكانٍ، ومرونتَها الكبيرة في مواجهة النوازل والقضايا التي تَستَجِدُّ؛ ذلك لأن الشريعة الإسلامية ربانيةُ المصدر، قد جاءت بواسطة الوحي من لدن الحكيم الخبير تبارك وتعالى، مراعيةً لمصالح العباد، نافيةً لجميع صور التشدد والغُلُوِّ والتضييق.

وشدد شوقي علام  على أن الجماعات المتشددة ضيَّعت قواعد مستقرة وأمورًا ثابتة عند علماء المسلمين في تفسير النصوص، فلم تفهم هذه الجماعاتُ الغاياتِ من تصرفات النبي الكريم صلى الله عليه وسلم وأفعاله، وخصوصية بعض المواقف دون غيرها، وهي مسألة جلية وضَّحها كثير من العلماء، فقد فرَّقوا بين تصرفات النبي الكريم في أنحاء أربعة، وهي أن النبي صلى الله عليه وسلم قد يتصرف بمقتضى كونه مبلِّغًا عن ربه، وقد يتصرف بمقتضى كونه قاضيًا، أو كونه مفتيًا، أو كونه وليًّا وإمامًا للمسلمين في حالات أخرى، وهذه أمور كانت حاضرة وبقوة ومعروفة عند الصحابة الكرام.

ولفت مفتي الجمهورية لبعض المعالم البارزة التي تميزت بها معركة بدر الكبرى والتي تصرف فيها النبي صلى الله عليه وسلم باعتباره وليًّا وإمامًا؛ من إيثار السلم واستنفاد الخيارات المتاحة على الحرب، والشورى بين القائد وجنوده، كما كان حوار سيدنا الرسول الكريم مع أحد الصحابة من النقاش المتحضر عن أسباب ودوافع الحرب، وكذلك التخطيط المدروس، وأعمال الرصد والاستطلاع لخطط وخطوط العدو، تعطي دروسًا مجيدة في التعايش والسلام وتعظيم المشترك، وتمثِّل عظات بالغة في الكفاح والعزة، وهي بمجموعها كفيلة لتكون في حاضرنا نقطة انطلاق في مسيرة هذه الأمة نحو الاستقرار والتقدم، وتحقيق التكامل بينها وبين العالم والإنسانية.

وأضاف المفتي أن اختصاصات الدولة -أو فقه الدولة- كانت من الأمور الغائبة عن الذين يتصدرون المشهد من هذه الجماعات المتطرفة ظنًّا منهم أن الأحكام كلها على السواء، ولم يدرك هؤلاء أن هناك أحكامًا خاصة بالدولة، خلًافا لما فهمه جيل الصحابة والتابعين.

وأوضح شوقي علام مفتي الجمهورية: أن الفقهاء رأوا أن انتزاع الاختصاصات من ولي الأمر أو منازعته فيها أو القفز فوق سلطاته يُعد من الافتئات عليه، مما جعلهم يَنصُّون على عقوبتها؛ وهذا يعني أنهم اهتموا بحفظ كيان الدولة. أما المتابع لأقوال المجموعات المتطرفة المعاصرة وأفعالهم فيجد أنهم اعتقدوا أنهم هم وحدهم مَن يفهمون الشرع، وأنهم وحدَهم مَن يطبِّقونه، بل هم وحدهم المسلمون وغيرهم دون ذلك، فهم لم يفهموا النص الشرعي ولم يُحسنوا تطبيقه.

واختتم مفتي الجمهورية حواره بالتأكيد على أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم اجتهد في بعض الأمور التي لم ينزل فيها نص قطعي واجتهد في أخرى لحين نزول الوحي الشريف مصححًا أو مؤيدًا، وكان أغلبها مؤيدًا لاجتهاده. وكان اجتهاده عليه السلام بحضرة الصحابة لتكون سنَّة حسنة لعلماء الأمة من بعده. وكذلك ترك عليه السلام للصحابة الكرام رضوان الله عليهم مساحة للاجتهاد ودرَّبهم تدريبًا عمليًّا على الاجتهاد حتى يستطيعوا مواجهة الحياة وتغيراتها من بعده، وتصرفاته صلى الله عليه وسلم ينبغي أن تسند لمؤسسات الدولة حاليًا ويجب ألا يقوم بها فرد بحجة اتّباع أو تقليد النبي صلى الله عليه وسلم.

جاء ذلك خلال لقائه الأسبوعي في برنامج "للفتوى حكاية" مع الإعلامي شريف فؤاد على فضائية قناة الناس.

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: مفتي الجمهورية الفقهاء من ولي الأمر النبی صلى الله علیه صلى الله علیه وسلم مفتی الجمهوریة ولی الأمر مفتی ا

إقرأ أيضاً:

4 أمور لو فعلها المسلم يوميا كان من أهل الجنة.. تعرف عليها

كشفت دار الإفتاء المصرية، عن أربعة أمور لو اجتمعت في عمل الإنسان اليومي كان من أهل الجنة إن شاء الله، وهي: الصيام، واتباع الجنازة، والصدقة، وعيادة المريض.

علي جمعة: 5 مليار شخص سيدخلون الجنة بغير حسابعلي جمعة: 5 مليارات شخص سيدخلون الجنة والنار قد تُفنى أو تُلغى

واستشهدت دار الإفتاء، بقوله -صلى الله عليه وآله وسلم- ذات يوم لأصحابه: «مَن أصْبَحَ مِنْكُمُ اليومَ صائِمًا؟ قالَ أبو بَكْرٍ: أنا، قالَ: فمَن تَبِعَ مِنْكُمُ اليومَ جِنازَةً؟ قالَ أبو بَكْرٍ: أنا، قالَ: فمَن أطْعَمَ مِنكُمُ اليومَ مِسْكِينًا قالَ أبو بَكْرٍ: أنا، قالَ: فمَن عادَ مِنْكُمُ اليومَ مَرِيضًا قالَ أبو بَكْرٍ: أنا، فقالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: ما اجْتَمَعْنَ في امْرِئٍ إلَّا دَخَلَ الجَنَّةَ».

أسباب دخول الجنة

حث النبي - صلى الله عليه وسلم - على التحلي بخلق الرحمة، وبين لنا أنه سبب من أسباب دخول الجنة، فقال: "أَهْلُ الْجَنَّةِ ثَلَاثَةٌ"، وذكر منهم: "رَجُلٌ رَحِيمٌ رَقِيقُ الْقَلْبِ لِكُلِّ ذِي قُرْبَى وَمُسْلِمٍ".

وقالت دار الإفتاء، إن رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- حث على إفشاء السلام؛ ففيه نشر للمحبة وجعلها شعارًا للحياة، ودليل على السلام الداخلي وطمأنة للآخرين.

واستشهدت الإفتاء عبر صفحتها بـ«فيسبوك»، بقول رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: «لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أولا أدلكم على شيءٍ إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم» رواه مسلم.

الوضوء يرفع درجات المسلم، ويكفر سيئاته، فعن أَبي هريرةَ -رضي الله عنه- أَنَّ رسولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قالَ: «أَلا أَدُلُّكُمْ عَلى مَا يمْحُو اللَّهُ بِهِ الخَطَايَا، وَيَرْفَعُ بِهِ الدَّرَجَاتِ؟ قَالُوا: بَلى يَا رسولَ اللَّهِ. قَالَ: إِسْباغُ الْوُضُوءِ عَلى المَكَارِهِ، وَكَثْرَةُ الخطى إِلى المَسَاجِدِ، وَانْتِظَارُ الصَّلاةِ بعْد الصَّلاةِ، فَذلِكُمُ الرِّباطُ، فَذلكُمُ الرِّباطُ» رواه مسلم.

وقالت دار الإفتاء المصرية إن الله سبحانه مدح الرحماء الذين يُطعمون الجوعى من عِباده؛ فقال: {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا} [الإنسان: 8].

إطعام الطعام

وأضافت الدار في فيديو موشن جرافيك أنتجته وحدة الرسوم المتحركة أنه نظرًا لأهمية إطعام الطعام فقد جعله الله سبحانه سببًا من أسباب دخول الجنة، مستشهدة بما ورد على لسان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «أطعموا الطعام، وأفشوا السلام تدخلوا الجنة بسلام».

وقال الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق، إن بّر الأم من أسباب دخول الجنة، مؤكدًا أن الولد يحصل على أجر كبير من الله تعالى مقابل بره لأمه، مطالبًا الأبناء باستثمار ذلك الفرصة وتحصيل أكبر من الحسنات.

وقال «جمعة» في تصريح له، إن مقولة «الجنة تحت أقدام الأمهات» معناها صحيح، وتتفق مع الحديث الذي أخرجه النسائي رواه النسائي (3104) عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ جَاهِمَةَ السَّلَمِيِّ، «أَنَّ جَاهِمَةَ رضي الله عنه جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَدْتُ أَنْ أَغْزُوَ وَقَدْ جِئْتُ أَسْتَشِيرُكَ، فَقَالَ: هَلْ لَكَ مِنْ أُمٍّ؟ قَالَ نَعَمْ. قَالَ: «فَالْزَمْهَا فَإِنَّ الْجَنَّةَ تَحْتَ رِجْلَيْهَا».

مقالات مشابهة

  • 4 أمور لو فعلها المسلم يوميا كان من أهل الجنة.. تعرف عليها
  • هل راية داعش السوداء هي نفسها التي كان يرفعها النبي؟.. «مرصد الأزهر» يوضح الحقيقة «فيديو»
  • المفتي: العلم بلا دين حوّل شعوبا كاملة لحقول تجارب فى دول متقدمة (فيديو)
  • كيف يكون الشتاء ربيع المؤمن؟ اغتنم هذه العبادة سماها النبي «الغنيمة الباردة»
  • دعاء البرد الشديد ودعوة النبي المستجابة.. اللهم نستودعك من لا مأوى لهم
  • المفتي عن بر الوالدين: القرآن الكريم شدد على هذا الأمر في أكثر من موضع
  • خطبة الجمعة اليوم.. نوح العيسوي: الشريعة الإسلامية تميزت بالسهولة والتيسير.. والعمل التطوعي يقوي التماسك والترابط بين أفراد المجتمع.. فيديو
  • خطيب الأوقاف: الشريعة الإسلامية تميزت بالسهولة والتيسير.. فيديو
  • دعاء النبي صلى الله عليه وسلم في يوم الجمعة
  • خالد الجندي: الأحاديث النبوية كتبت في عهد سيدنا النبي