الجزيرة:
2024-11-08@03:11:46 GMT

ماذا لو ذاب كل الجليد في القطب الجنوبي؟

تاريخ النشر: 17th, November 2023 GMT

ماذا لو ذاب كل الجليد في القطب الجنوبي؟

يشهد كوكب الأرض ارتفاعا ملحوظا في درجة الحرارة مع مرور كل عام، فمنذ بداية تسجيل درجات الحرارة من قبل الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي عام 1880، شهد الكوكب ارتفاعا في متوسّط درجة الحرارة وصل إلى درجتين مئويتين خلال تلك المدة الزمنية، كما أن عام 2016 كان هو الأشد حرارة وفقا للبيانات المسجلة.

ويُعزى هذا الارتفاع إلى النشاط البشري غير المقيّد مع تسارع عجلة الثورة الصناعية التي لم تجد شروطا لضبط سرعتها، فجاء تأسيس المصانع والمنشآت ومعامل الإنتاج الضخمة التي تعتمد على حرق الوقود الأحفوري بكميات هائلة لتزويد الآلات بالطاقة اللازمة لتشغيلها، والذي ينتج عنه انبعاثات ضارة ومخلفات كيميائية ضارة بالبيئة مثل غازات ثاني أكسيد الكربون وأكسيدات النيتروجين وأكسيد الكبريت.

ولا يقف ضرر هذه الغازات عند كونها سامة فقط، بل إنها تُعد غازات دفيئة تساهم بشكل مباشر في حدوث احتباس الحرارة ضمن الغلاف الجوي للأرض، وبالتالي ارتفاع درجة حرارة الكوكب. وقد لا تتضح مساوئ ذلك الازدياد في الوقت الراهن، لكن على المدى البعيد ستكون العواقب وخيمة ويصعب تفاديها، وأهمها ذوبان الجليد في قطبي الكوكب مما سيدفع إلى وقوع كوارث حقيقية ستغير من شكل الكوكب وحياة الإنسان والكائنات الحية عليه.

غروب الشمس في إحدى المناطق القريبة من قارة أنتارتيكا (شترستوك) القطب الجنوبي.. مخازن الجليد

وعلى مدار ملايين السنوات تساقطت الثلوج وتراكمت على سطح القارة القطبية الجنوبية وتشكّلت طبقة جليدية أشبه بالغطاء الجليدي يبلغ متوسّط سماكته كيلومترين اثنين بمساحة 13.7 كيلومترا مربعا. وتربط هذه الطبقة الجليدية الشاسعة بين جزأي القارة التي تتألف منها جيولوجيا. كما تغطي الطبقة نحو 8% من إجمالي اليابسة على الأرض، وتبلغ أعلى قمّة فيها 4.9 كيلومترات في المرتفع الجبلي المعروف "فينسون ماسيف"، وهو أحد القمم السبع في العالم.

وتضم الطبقة الجليدية في جوفها نحو 25 مليون كيلومتر مكعب من الجليد، وإذا تعرّضت تلك الكتلة الجليدية الضخمة للذوبان تحت أيّ ظرف أو طارئ، فإنّ متوسّط مستوى سطح البحر سيرتفع بمقدار 61 مترا، وهذا يعني أنّ جميع الأبنية التي تتألف من 18 طابقا سيلتهمها الماء وتطمر كلّ ما هو أقل منها ارتفاعا. وقياسا على ذلك فإنّ تغيرات جوهرية ستطرأ على كوكب الأرض والكائنات الحية، لا سيما تلك المناطق الساحلية التي يقطنها 40% من سكان الكوكب، أي نحو 3 مليارات نسمة.

نزوح بشري ضخم واختفاء مدن

يشير تقرير التقييم السادس الصادر عن الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغيّر المناخ (IPCC) إلى أنّ ارتفاعا قد حدث في متوسط منسوب المياه بنحو 0.2 متر منذ عام 1990. وقياسا على ذلك، يقدّر العلماء ارتفاعا آخر سيصل إلى متر واحد مع حلول عام 2100، وربّما يصل إلى 5 أمتار مع حلول عام 2150، وهو أمر لا يمكن استبعاده نظرا للتدهور السريع في تركيبة الغلاف الجوي للأرض.

ووفقا لوكالة الفضاء الأمريكية ناسا، فإنّ القارة القطبية الجنوبية تتعرض للذوبان بمعدل متوسّط قدره 147 طنا متريا من الجليد سنويا، وهو ما يفوق تخمينات العلماء سابقا بمراحل.

وبطبيعة الحال فإنّ الارتفاع في منسوب المياه سيدفع الملايين من سكان المناطق الساحلية إلى الهجرة القسرية، ولن تكون الفيضانات هي السبب الوحيد وراء ذلك. فالعواصف والأمواج المدمّرة وتأثير ظاهرة المد والجزر، وتآكل السواحل وضفاف الأنهار، وزيادة ملوحة التربة والمياه؛ مما يسبب ضمور مقومات الحياة قبل أن يُضمر الماءُ اليابسة.

وتعد المالديف التي يسكنها نصف مليون نسمة وتتألف من 1200 جزيرة صغيرة، أكثر البلدان عرضة لشبح الغرق، فهي أكثر البلاد كذلك تسطحا بمتوسط ارتفاع عن الأرض يبلغ مترا واحدا فقط. مما يعني أنه مع نهاية القرن الحالي، قد تختفي 77% من الأراضي المالديفية.

وعلى مستوى المدن، فإن مدينة جاكرتا تحتفظ بلقب "المدينة الأسرع غرقا في العالم"، إذ أنها تغرق بمقدار 5 إلى 10 سم سنويا، وذلك بسبب الاستخدام المفرط للمياه الجوفية. وإذا ما جُمِع هذا العامل مع عامل ارتفاع منسوب مياه البحر، فهنا ستقع كارثة مريعة لا مفر منها.

ووفقا لمجموعة من الدراسات، فإنه بعد 25 عاما قد نشهد غرق جزء كبير من العاصمة الإندونيسية، وهو ما دفع السلطات إلى تبني مشروع بناء مدينة نوسنتارا العاصمة الوطنية الجديدة في 18 يناير/كانون الثاني 2022 بعد موافقة البرلمان على القرار.

ومن أشهر المدن المتأثرة مدينة نيويورك الأميركية الشهيرة بناطحات السحاب الشاهقة، والتي ستغدو تهديدا لقرابة نصف مليون إنسان يعيش فيها مع حلول عام 2025، فضلا عن الخسائر الاقتصادية الكبيرة التي ستلحق بالحكومة الأمريكية. ففي عام 2012 عندما ضرب المدينة إعصار ساندي، دُمّر نحو ربع مليون سيارة، وتكبدت المدينة خسائر لا تقل عن 19 مليار دولار وفقا لبيان صدر عن حاكم ولاية نيويورك آنذاك.

تهديد الأمن الغذائي

وترتهن الزراعة لوفرة المياه وتقلبات مستوياته، فعبر التاريخ حرص الإنسان على الاستيطان قرب المسطحات المائية لتسهيل عمليتي الريّ والسقي، ويشترط في جودة الماء اعتدال ملوحته، فجلّ المحاصيل تعد حسّاسة للمياه المالحة. وبسبب ارتفاع منسوب مياه البحر تتسرب المياه المالحة إلى المياه السطحية والجوفية في المناطق المنخفضة، مما يجعل التربة مالحة للغاية بحيث لا تصلح للزراعة.

وفي بنغلادش التي تعد أحد أكبر مصدري السلال الغذائية في العالم، يشير تقرير صدر عن البنك الدولي المعني بالتنمية، إلى أنّ زيادة الملوحة في تربة المزارع البنغالية سيؤدي إلى انخفاض محصول الأرز بنسبة 15%، وهو من أكثر المحاصيل استهلاكا حول العالم، مع تقديرات بغرق نحو 40% من الحقول الزراعية وخروجها عن الخدمة خلال السنوات القادمة.

وفي الولايات المتحدة الأميركية وجد باحثون أنّ الأراضي المغطاة بطبقات الملح المرئية تضاعفت بين عامي 2011 و2017 على مستوى 3 ولايات فقط هي ديلاوير وميريلاندا وفيرجينا، وهو ما يعادل خسارة 19 ألف فدان وتحولها إلى مستنقعات غير صالحة للزراعة.

ولن يهدد ذوبانُ الثلج الأمنَ الغذائي في المحاصيل الزراعية فحسب، بل حتى النظام البيئي في المحيطات سيكون عرضة للتغير بسبب اختلاف درجة حرارة المحيط والبحار، حيث سيدفع الأسماك إلى تغيير مسالكها وسلوكها وأماكن تكاثرها وفقا للتيّارات الدافئة. وبالتالي ستصعب مهمة الصيّادين الذين اعتادوا أنماطا معيّنة على مدى عقود طويلة في الحصول على صيدهم.

المصدر: الجزيرة

إقرأ أيضاً:

200 مليون دولار ارتفاعاً فى الاحتياطى الأجنبى بنهاية أكتوبر 2024

قال البنك المركزى المصرى، اليوم الأربعاء، إن صافى الاحتياطيات الأجنبية سجل 46.94 مليار دولار بنهاية شهر أكتوبر 2024، مقارنة بنحو 46.74 مليار دولار بنهاية شهر سبتمبر 2024 بارتفاع قدره نحو 200 مليون دولار.

خبير: تحرير سعر الصرف في مارس الماضي نقلة نوعية بقرارات البنك المركزي سعر الدولار مقابل الجنيه اليوم الجمعة فى البنوك بعد قرار البنك المركزى

وتستورد مصر بما يعادل متوسط 7 مليارات دولار شهريًا من السلع والمنتجات من الخارج، بإجمالى سنوى يقدر بأكثر من 70 مليار دولار، وبالتالى فإن المتوسط الحالى لـ الاحتياطى من النقد الأجنبى يغطى نحو 8 أشهر من الواردات السلعية لمصر، وهى أعلى من المتوسط العالمى البالغ نحو 3 أشهر من الورادات السلعية لمصر، بما يؤمن احتياجات مصر من السلع الأساسية والاستراتيجية.

وتتكون العملات الأجنبية بالاحتياطى الأجنبى لمصر من سلة من العملات الدولية الرئيسية، هى الدولار الأمريكى والعملة الأوروبية الموحدة "اليورو"، والجنيه الإسترلينى والين اليابانى واليوان الصينى، وهى نسبة توزع حيازات مصر منها على أساس أسعار الصرف لتلك العملات ومدى استقرارها فى الأسواق الدولية، وهى تتغير حسب خطة موضوعة من قبل مسئولى البنك المركزى المصرى.

وتعد الوظيفة الأساسية للاحتياطى من النقد الأجنبى لدى البنك المركزى، بمكوناته من الذهب والعملات الدولية المختلفة، هى توفير السلع الأساسية وسداد أقساط وفوائد الديون الخارجية، ومواجهة الأزمات الاقتصادية، فى الظروف الاستثنائية، مع تأثر الموارد من القطاعات المدرة للعملة الصعبة، مثل الصادرات والسياحة والاستثمارات، بسبب الاضطرابات، إلا أن مصادر أخرى للعملة الصعبة، مثل تحويلات المصريين فى الخارج التى وصلت إلى مستوى قياسى، واستقرار عائدات قناة السويس، تساهم فى دعم الاحتياطى فى بعض الشهور.

 

مقالات مشابهة

  • حرائق في حيفا... ماذا أصابت الصواريخ التي أُطلِقَت من لبنان؟ (فيديو)
  • الدوامة القطبية تشتعل .. تغيرات جوية واسعة النطاق مقبلة على المنطقة
  • الإمارات تعلن مشروعاً علمياً للأبحاث القطبية
  • دولة الإمارات تعلن عن مشروع علمي للأبحاث القطبية
  • الإمارات تعلن عن مشروع علمي للأبحاث القطبية
  • تحذير إسرائيليّ عاجل لسكان الضاحية الجنوبيّة
  • 200 مليون دولار ارتفاعاً فى الاحتياطى الأجنبى بنهاية أكتوبر 2024
  • بنسلفانيا.. ماذا تعرف عن الولاية التي ستحسم الفائز في الانتخابات الأمريكية؟
  • قتيل و 3 إصابات بقصف إسرائيلي على ريف حمص الجنوبي
  • أثار قلق واشنطن.. ما وراء التعاون العسكري بين روسيا والصين بالقطب الشمالي