ألقى الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، اليوم، كلمة – افتراضيًا - نيابة عن  الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، أمام "قمة صوت الجنوب العالمي" المُنعقدة بالهند، افتراضيًا.

 واستهل رئيس مجلس الوزراء كلمته بالإعراب عن تقديره  للجهود المبذولة من قبل حكومة الهند لتنظيم هذه القمة في هذا التوقيت المهم، حيث تعد  فرصة للاستفادة من الرؤى ووجهات النظر التي تم طرحها خلال القمة الأولى لدول الجنوب العالمي في يناير الماضي، بهدف مواجهة التحديات غير المسبوقة التي تواجه دولنا، مؤكدًا أن التعاون بين مصر والهند في ظل هذه الظروف المفصلية يعد امتدادًا للعلاقات التاريخية المشتركة بين الدولتين بوصفهما من المؤسسين لحركة عدم الانحياز التي دعمت مصالح الدول النامية خلال حقبة الحرب الباردة، وأكد أيضاً على أهمية استمرار هذا التعاون لتعزيز صوت الجنوب العالمي من أجل الحفاظ على مصالح البلدان النامية.



وتطرق رئيس الوزراء إلى أنه منذ تشكيل النظام العالمي في أعقاب الحرب العالمية الثانية، تعاني الدول النامية من اختلالات هيكلية على أصعدة مختلفة، مضيفا أن الدول النامية أيضا تواجه العديد من التحديات الناشئة الناتجة عن الأزمات العالمية المتعددة والمتعاقبة، فضلاً عن تصاعد التوترات الجيوسياسية والاقتصادية إلى مستويات خطيرة، لاسيما خلال الوقت الراهن.

وأضاف رئيس الوزراء: للأسف يتم التعامل بازدواجية في معالجة بعض القضايا الدولية التي لم يتم حسمها على مدار عقود، مؤكدًا: هذا واضح للجميع.

و أشار مدبولي إلى أن القصف الإسرائيلي غير المسبوق والعمليات المستمرة في قطاع غزة ما هي إلا شواهد على انحياز النظام الدولي وقصوره في التصدي لانتهاكات القانون الدولي، خاصة فيما يتعلق بتنفيذ قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة بإقامة دولة فلسطينية مستقلة باعتبار أن هذا هو الحل الوحيد لتحقيق السلام الشامل في الشرق الأوسط.

 ودعا الدكتور مصطفى مدبولي إلى ضرورة الوقف الفوري لإطلاق النار وإنهاء كل صور القتال، بما يسمح بحل الأزمة الإنسانية في غزة وتمهيد الطريق أمام الجهود السياسية الرامية إلى تحقيق السلام العادل والشامل والدائم.

 كما أكد رئيس الوزراء أن معالجة هذه الاختلالات تتطلب إرادة سياسية جادة من المجتمع الدولي لمواجهة تحديات القرن الحادي والعشرين، استناداً إلى مبادئ القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة وسيادة الدول على أراضيها وعدم التدخل في الشئون الداخلية للدول، كما أشار إلى أهمية إصلاح البنية الاقتصادية العالمية التي تعاني من عدم التكافؤ والتوازن مما يجعلها غير قادرة على ضمان تحقيق العدالة لجميع البلدان.

و قال مدبولي؛ إن هناك حاجة ماسّة إلى إصلاح النظام المالي العالمي، بما يُعزز دور مؤسسات التمويل الدولية ويُجنِّب البلدان النامية حرمانها من جني مكاسب التنمية المستدامة التي تحققت بصعوبة، فضلا عن تعزيز جهود العمل المناخي  للتغلب على تحديات تغير المناخ، كما أوضح أيضاً أن الأمر يستلزم توسيع قاعدة التمويل لدى بنوك التنمية متعددة الأطراف، وكذا تقييم أفضل البدائل لإعادة توجيه حقوق السحب الخاصة في صندوق النقد الدولي، كما أشار إلى أهمية تدبير تمويلات إضافية من مصادر مختلفة، بما في ذلك رؤوس الأموال الخاصة، مؤكدًا أن التمويل المرتبط بمواجهة التغيرات المناخية يجب أن يكون تمويلا إضافيا إلى جانب المساعدات التنموية الخاصة.

بالإضافة لذلك أوضح رئيس الوزراء أهمية التعامل مع مشكلة ارتفاع الديون السيادية الخارجية للبلدان النامية والتي ارتفعت إلى 11.4 تريليون دولار في عام 2022، وهو ضعف ما تم تسجيله خلال العقد الماضي، مشيرًا إلى أهمية الوضع في الاعتبار أن المسارات الحالية للديون تشكل تهديدًا رئيسيًا لاستقرار الاقتصاد الكلي والاستقرار المالي.

وفى سياق متصل، قال مدبولي إن هناك حاجة ماسة إلى اتخاذ إجراءات فعالة وملموسة لتجنب أزمة الديون العالمية، مشيرًا إلى أهمية تدشين آليات تتسم بالشمولية والفعالية والاستدامة للتعامل مع المشكلات ذات الصلة بالديون في البلدان منخفضة الدخل ومتوسطة الدخل، مضيفًا : نعول على الدور المهم الذي يمكن أن تقوم به مجموعة العشرين، باعتبارها لاعبًا رئيسيًا في تعزيز الحوكمة الاقتصادية العالمية، بما يُمكن من اتخاذ قرارات قابلة للتنفيذ.

 وفى ختام كلمته، أكد مدبولي على الالتزام التاريخي للدولة المصرية بتعزيز صوت الجنوب العالمي في جميع المحافل، واستمرارها في القيام بهذا الدور في ظل الظروف الدولية المفصلية، خاصة في ظل انضمام مصر إلى مجموعة البريكس المرتقب في يناير المقبل، كما أعرب عن تطلعه إلى مواصلة العمل بشكل بناء مع البلدان النامية الأخرى لخلق المجتمع المستدام والمستقبل الذي يخدم المصالح المشتركة على أفضل وجه.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الهند رئيس الوزراء القصف الإسرائيلى قطاع غزة انتهاك القانون الدولى شواهد

إقرأ أيضاً:

هل تعيد سياسة أمريكا غير المعترفة بالقانون تشكيل النظام العالمي؟

أنقرة (زمان التركية) – تكشف السياسة الأمريكية في الأمم المتحدة فيما يخص غزة وأوكرانيا بوضوح أن النظام الدولي قد بدأ في الانهيار وبدأ واقع جديد في العالم.

في الآونة الأخيرة، شهدت الجمعية العامة للأمم المتحدة حدثا صادما في الأوساط الدبلوماسية على الصعيد العالمي، حيث تم تبني قرار يدين الغزو الروسي لأوكرانيا بأغلبية 93 صوتا مقابل 18 صوتا وامتناع 65 عضوا عن التصويت.

لم تكن هذه النتيجة هي التي جذبت انتباه العالم بأسره، ولكن قيام الولايات المتحدة، التي لطالما كانت الداعم الأكثر ولاء لأوكرانيا، بالتصويت ضد القرار جنبا إلى جنب مع روسيا.

وبجانب هذا، اعتمد مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة أيضا مشروع قرار صاغته الولايات المتحدة يدعو إلى “إنهاء فوري” للصراع ولكنه لا ينسب أي جريمة إلى موسكو.

كان القرار، الذي أيدته روسيا والصين، في تناقض صارخ مع تصويتات الأمم المتحدة السابقة التي أدانت بشكل لا لبس فيه تصرفات روسيا في أوكرانيا. ولا شك أن عمليات التصويت هذه والنتائج ليا تعد مجرد عمليات إجرائية في الدبلوماسية الدولية.

تشير القرارات إلى تحول تكتوني في السياسة الخارجية للولايات المتحدة، ويمكن أن يكون لتداعيات هذا التحول تداعيات عميقة ليس فقط على أوكرانيا، ولكن على نسيج التحالفات العالمية بأكمله خصوصا في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، حيث يتم الآن التدقيق في الالتزامات الأمنية طويلة الأمد للولايات المتحدة بقلق متزايد.

هل تتغير الرؤية العالمية للولايات المتحدة؟

تاريخيا، وصفت الولايات المتحدة الأمم المتحدة بأنها منصة للحفاظ على نظام دولي قائم على القواعد ووصفت هيكل الأمم المتحدة بأنه يدعم القيم الديمقراطية ويمنع العدوان الاستبدادي، ولكن في أعقاب القرارات المتعلقة بإسرائيل بسبب هجماتها على غزة كشف تصويت الأمم المتحدة على أوكرانيا أيضا عن انعكاس جذري لهذه الاستراتيجية طويلة الأمد.

وبعد الدفاع عن إسرائيل تحت مظلة الأمم المتحدة بطريقة هزت أسس النظام الدولي خلال الأشهر الماضية، كشفت واشنطن الآن أنها تخلت تماما عن دورها التقليدي في النظام الدولي الذي أنشأته، بمعارضتها لقرار يدين صراحة غزو روسيا لأوكرانيا.

و أكد امتناع الحلفاء الأوروبيين المهمين مثل فرنسا وبريطانيا والدنمارك وألمانيا وبولندا عن التصويت على قرار مجلس الأمن الذي أعدته الولايات المتحدة على التمرد والخلاف المتزايد عبر الأطلسي فيما يتعلق بدور الولايات المتحدة.

بعد كل هذه التطورات، أثار هذا التغيير في موقف الولايات المتحدة الأمريكية في العالم تساؤلات وجودية فيما يتعلق بالنظام العالمي.

إذا كان بإمكان واشنطن تغيير موقفها بشأن أوكرانيا بشكل كبير، فهل يمكن لحلفائها في الناتو الآن الاعتماد على الولايات المتحدة من أجل الأمن ؟ بدون شك الإجابة على هذا السؤال هي لا.

الدول الأوروبية تدرك ذلك ولهذا عقدت قمة أمنية يوم الأحد شارك بها وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان.

وصرح الأمين العام لحلف الناتو أن “هناك حاجة إلى تغييرات أساسية في دفاع أوروبا”، بينما ذكرت رئيسة مفوضية الاتحاد الأوروبي، فون دير لاين، “أن هناك حاجة ماسة إلى إعادة تسليح أوروبا”.

التحول في الدبلوماسية العالمية

بدأت اليابان وكوريا الجنوبية، وهما من حلفاء الولايات المتحدة المهمين في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، في تعديل مواقفهما الأمنية استجابة للأولويات المتغيرة في واشنطن. على سبيل المثال، بدأت كوريا الجنوبية مؤخرا في حساب أمنها في معادلة بدون الولايات المتحدة، مثلما تفعل الدول الأوروبية، وذلك من خلال الإعلان عن ميزانية دفاع قياسية تبلغ 46.3 مليار دولار لعام 2025 ومناقشة “العودة للأسلحة النووية”.

وكثفت اليابان جهودها للتحديث العسكري مع التركيز على تعزيز قدراتها الجوية والبحرية لمواجهة التهديدات المحتملة من كل من كوريا الشمالية والصين.

بعبارة أخرى، تدرك طوكيو وسيول أنهما قد تضطران لمواجهة حقيقة أن واشنطن قد تشارك في مفاوضات كبيرة مع بكين بدلا من تقديم دعم حاسم لحلفائها في المحيطين الهندي والهادئ.

ويبدو أن هذا التحول الجذري في سياسات واشنطن العالمية، التي وصفت بأنها “تقليدية” ونهجها في الأمم المتحدة الذي قوض النظام الدولي، قد دفع جميع حلفاء الولايات المتحدة إلى التحرّك.

وبهذا يتم استبدال النظام العالمي لما بعد الحرب العالمية الثانية، المبني على التزامات لا تتزعزع وشراكات استراتيجية طويلة الأجل، بإطار عمل يقيم العلاقات من خلال منظور التكلفة والفائدة.

أما حلفاء الولايات المتحدة فيدركون أنهم بحاجة إلى إعداد أنفسهم لنهج “الدفاع المستقل” و “السياسة الخارجية المستقلة”.

Tags: الأزمة الأوكرانية الروسيةالأمم المتحدةالسياسة الأمريكية

مقالات مشابهة

  • هل تعيد سياسة أمريكا غير المعترفة بالقانون تشكيل النظام العالمي؟
  • رئيس الجمهورية يستقبل نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي الإيطالي
  • رئيس الوزراء يؤكد أهمية مشاريع الطاقة المتجددة ومنها توظيف الطاقة الشمسية
  • ​ما هي الألوان التي ترمز إلى يوم المرأة العالمي؟
  • السعودية: وقف “إسرائيل” إدخال المساعدات لغزة انتهاكًا صارخاً للقانون الدولي
  • نائب رئيس حزب المؤتمر: وقف نتنياهو المساعدات لغزة جريمة حرب وتحد صارخ للمجتمع الدولي
  • مدبولي: مستمرون في تنفيذ برنامج الطروحات الحكومية
  • رئيس الدولي للخماسي الحديث: مصر من أفضل الدول التي تنظم البطولات واللعبة أصبحت أكثر متعة وإثارة بالنظام الجديد
  • رئيس الوزراء يؤكد أهمية التطوير المستمر لقطاع الاتصالات وتقنية المعلومات
  • مخزومي في اليوم العالمي للدفاع المدني: على الدولة أن تعطي أهمية أكبر للعناصر