البحث المستحيل عن حلول كيسنجرية لصدمة السابع من أكتوبر
تاريخ النشر: 17th, November 2023 GMT
نقلت هيئة البث الإسرائيلية الرسمية (كان) الخميس، عن مسؤولين إسرائيليين لم تسمّهم، إبلاغهم مبعوث البيت الأبيض للشرق الأوسط بريت ماكغورك موافقة الكيان المحتل على فكرة نشر قوات دولية في قطاع غزة بعد انتهاء العدوان على غزة.
القرار الإسرائيلي كشف حجم الإحباط والتراجع في الأهداف الإسرائيلية للحرب على قطاع غزة؛ ولكنه في الآن ذاته كشف مضمون الحراك السياسي والدبلوماسي الأمريكي الذي لم ينقطع تجاه المنطقة العربية طوال الأسابيع الست الماضية؛ فالمبعوث الرئاسي ماكغورك سبقه إلى المنطقة مدير وكالة المخابرات الأمريكية وليام بيرنز؛ الذي دعا لتولي الدول العربية مسئولية إدارة قطاع غزة إلى جانب السلطة الفلسطينية، ومن قبله أنتوني بلينكن؛ وزير الخارجية المتطرف الذي دعا إلى تهجير الفلسطينيين من القطاع، والرئيس الأمريكي جو بايدن الذي لا يكاد يتوقف عن الإشارة لضرورة نقل المسؤولية في القطاع لطرف ثالث يحظى برضى ودعم أمريكيين.
الرغبة الأمريكية والإسرائيلية جامحة للتخلص من حالة الفشل والعجز للماكينة العسكرية الإسرائيلية والأمريكية في قطاع غزة، ما يذكر بعبارة الفاشي أرئيل شارون الذي تمنّى أن يتبلع البحر قطاع غزة..
إنها ماكينة لم تتوقف أمريكا عن دعمها عبر جسر جوي لم يتوقف منذ أكثر من 41 يوما؛ مسنودة بقوات برية على الأرض؛ ومسيّرات أمريكية في أجواء غزة؛ وحاملات طائرات وغواصات نووية في مياه المتوسط والخليج العربي بإشراف من جنرالات أمريكا في غرفة الحرب الإسرائيلية.
فشل الماكينة العسكرية الأمريكية الإسرائيلية في حسم المعركة مع المقاومة بالمعايير التقليدية يرجع إلى غياب المعلومات الاستخبارية في مقابل قوة الحاضنة الاجتماعية للمقاومة وتماسكها؛ إذ فشلت الماكينة العسكرية المتقدمة ملء الفجوة الاستخبارية كما فشلت في تجريف الحاضنة الشعبية وتهجيرها وفصلها عن المقاومة، وهي محاولات تحولت إلى مأساة إنسانية تدين الولايات المتحدة والدول الاوروبية الداعمة للاحتلال وتعطب دبلوماسيتها من ناحية؛ ومن ناحية أخرى تعكس حالة الصمود والتحدي لدى الفلسطينيين بعد عجز الاحتلال عن كسر إرادتهم بانتزاع معلومات استخبارية تفيده في ملاحقة أبنائهم المقاومين، لردم الفجوة الاستخبارية والمعلوماتية التي لا زالت تكبر رغم النشاط البري والجوي لقوات الاحتلال وداعميه.
فشل الاحتلال في جمع المعلومات عن المقاومة من الجو والأرض أو من الحاضنة الاجتماعية يتوقع أن تقود إلى رفع معدل الخسائر في صفوفه إن طال مكوثه على الأرض في القطاع؛ إذ لا تنسيق أمنيا ولا سلطة في قطاع غزة توفر الغطاء والعمق للعمل العسكري الإسرائيلي والأمريكي، وهو أمر لم يعتده قادة الاحتلال وأمريكا منذ زمن طويل.
اللجوء إلى الحلول السياسية والهدن تحول إلى ضرورة وخيار أمريكي تحاول من خلاله ملء الفجوة عبر مزاحمة المقاومة على الأرض، بقوات أجنبية أممية أو بقرار أممي يجرّم المقاومة ويدعو إلى نزع سلاحها، موفرا للدول العربية والأجنبية قرارا أمميا جديدا تحت عنوان الشرعية الدولية لتلوح به في وجه المقاومة الفلسطينية، كما فعلت في لبنان من قبل وكما فعلت الرباعية من قبل لمنع المقاومة وعلى رأسها حركة حماس والجهاد من الحصول على عضوية منظمة التحرير؛ وهو تكتيك واستراتجية باليين فضلا عن كونهما مكشوفين ومفضوحين.
البحث الأمريكي عن حلول "كيسنجرية" تذكر بحرب رمضان/ أكتوبر عام 1973؛ للخروج من مستنقع ومأزق السياسي وإقليمي لا يكاد ينتهي حتى يتجدد تحت عناوين مختلفة؛ كان آخرها إشارة رئيس دولة الكيان يتسحاق هرتسوغ إلى التفاوض مع قبرص لفتح معبر بحري ذي طبيعة إنسانية لإيصال المساعدات إلى قطاع غزة؛ وهو معبر ينسجم مع ما طرحه مندوب دولة الاحتلال السابق في الأمم المتحدة داني دانون، إلى جانب رام باراك، عضو الكنيست المعارض عن حزب "ييش عتيد"، لتهجير الفلسطينيين برا وبحرا إلى دول العالم، وذلك من منبر صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية.
فالبعد الإنساني لرئيس دولة الاحتلال هرتسوغ يخفي جريمة حرب وتطهير عرقي لم يخجل قادة الاحتلال عن مناقشتها علنا، ومن بينهم وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، لتقابله مؤسسات تركية مدنية بالدعوة لتجديد حملة "مافي مرمرة" لكسر الحصار على قطاع غزة بشكل يعيق تنفيذ الاستراتيجية الجديدة ويفتح بوابة حقيقية لكسر الحصار بدل تهجير الفلسطينيين.
لم يبق أمام الولايات المتحدة سوى طرح إرسال قوات الناتو إلى قطاع غزة وبالتعاون مع ألمانيا، التابع المطيع لواشنطن، الأمر الذي لن يجد قبولا عند تركيا وعدد من الدول من بينها إسبانيا على الأرجح، ما يعني أن الأفق ضيق ويضيق يوما بعد الآخر؛ إذ لا مستقبل لمحاصرة المقاومة وفصلها عن حاضنتها الاجتماعية التي اتسعت لتشمل العالمين العربي والإسلامي وأنحاء واسعة من العالم، بفعل التعاطف والاحتجاجات التي لا تخلو منها دولة في العالم على العدوان الإسرائيلي.
يتفاعل الحرك العسكري والدبلوماسي الأمريكي مع بيئة دولية يسودها التنافس مع روسيا والصين، رافعة بذلك الكُلف الناجمة عن المساومات المرتبطة بالحرب في قطاع غزة دوليا وإقليميا؛ إلى تفاعله مع بيئة إقليمية تعاني من فجاجة الطرح الأمريكي للدول الشريكة والصديقة في المنطقة سواء دول الجوار العربي كالأردن ومصر أو الخليجية كالسعودية والإمارات. فالحملة العسكرية والجهود الدبلوماسية الأمريكية وصلت إلى طريق مسدود؛ بصمود المقاومة والحاضنة الاجتماعية، وبرفض دولي وعربي لتهجير الفلسطينيين وإحلال قوات أجنبية وعربية على الأرض.
الاستراتيجية الأمريكية للقضاء على المقاومة تعاني من نفاد الوقت واستنفادها الحلول السياسية والحِيَل الدبلوماسية؛ فردود الفعل المتطرفة للإدارة الأمريكية عكست حالة الصدمة الناجمة عن العملية المباغتة في السابع من تشرين الثاني/ أكتوبر؛ صدمة لا زالت تلقي بظلالها على الاستراتيجية الأمريكية التي تحولت إلى رد فعل غير مدروس وارتجالي بدون افق سياسي؛ لاعتمادها حلولا تقليدية ردا على فعل مباغت وغير تقليدي من المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة.
ختاما.. الهدنة المؤقتة تتحول يوم بعد الآخر إلى المَخرج الوحيد أمام أمريكا وإسرائيل للخروج من مستنقع الحرب والاستنزاف السياسي والعسكري، فهي الوسيلة الوحيدة لتجرع الفشل ببطء وصولا إلى الاعتراف به، وإلا فان دبلوماسية أمريكا في البحث عن مخرج كسنجري تقليدي لحالة مستجدة بأدوات قديمة بالية ستقود واشنطن حتما إلى هاوية ونفق لا مخرج منه.
twitter.com/hma36
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الإسرائيلية غزة الفلسطينية المقاومة إسرائيل امريكا فلسطين غزة المقاومة مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی قطاع غزة على الأرض
إقرأ أيضاً:
الكيان الصهيوني: مقتل 793 جنديا إسرائيليا منذ السابع من أكتوبر
نشر الجيش الإسرائيلي بيانات محدثة عن عدد القتلى في صفوفه وتصنيفاتهم، مشيرا إلى مقتل 793 جنديا إسرائيليا بينهم 192 ضابطا منذ السابع من أكتوبر 2023.
الاحتلال يأمر سكان مناطق بالضاحية الجنوبية بإخلاء منازلهم الاحتلال يُصدر تحذيرًا جديدًا إلى سكان الضاحية الجنوبية لبيروتوبحسب روسيا اليوم، أعلن الجيش الإسرائيلي، امس الخميس، أن "عدد الجنود في منظومته القتالية حاليا، يشكل 83% قياسا بالقوات التي يحتاجها"، وطالب الحكومة بتمديد مدة الخدمة الإلزامية بدون علاقة بسن قانون تجنيد الحريديين.
وحسب الجيش الإسرائيلي، فإن النقص في القوى البشرية نابع من "عدد القتلى والمصابين الكبير" في صفوفه منذ بداية الحرب على غزة واتساعها إلى لبنان.
ويتوقع أن تكون نسبة المجندين 81% في العام المقبل، وفي حال تمديد مدة الخدمة الإلزامية إلى ثلاث سنوات، فإن هذه النسبة سترتفع إلى 96%.
وحسب معطيات الجيش، فإن نقصا حاصلا في المنظومة التقنية، حيث نسبة المجندين فيها 74% من المطلوب، و66% في منظومة السائقين، ويتوقع أن تتراجع هذه النسب أكثر في العام المقبل.
وتشير معطيات الجيش إلى أن "نسبة الامتثال في الخدمة العسكرية في قوات الاحتياط، العام الحالي، هي 85%، فيما يستعد الجيش لاستدعاء جنود في الاحتياط بشكل واسع خلال العام المقبل أيضا، وأن جميع جنود كتائب الاحتياط القتالية خدموا 70 – 72 يوما بالمعدل.
وأفادت معطيات الجيش الإسرائيلي بأن "793 جنديا قتلوا منذ بداية الحرب، بينهم 370 جنديا قتلوا منذ بدء المناورة البرية في قطاع غزة و40 جنديا قتلوا منذ بدء المناورة البرية في جنوب لبنان".
وأوضحت المعطيات أنه "قتل خلال الحرب 192 ضابطا، أي ربع العسكريين القتلى، وبينهم 4 ضباط قادة لواء، و5 ضباط قادة كتيبة، و63 قائد سرية و20 نائب قائد سرية، و67 قائد وحدة عسكرية صغيرة".
وأضافت المعطيات أن "48% من الجنود القتلى هم نظاميون، 18% في الخدمة الدائمة و34% جنود في قوات الاحتياط".