كتب - محمود مصطفى أبوطالب:

أكد الدكتور شوقي علام -مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم، أن مفهوم ولي الأمر من الموضوعات المهمة التي يجب تسليط الضوء عليها، لأن هناك الكثير من الثقافات الفقهية السائدة ترى أن فكرة ولي الأمر فكرة قديمة وجامدة وليست متطورة؛ إلا أن مفهوم ولي الأمر باقِ ويتطور بما يناسب كل زمن وعصر.

وأضاف خلال لقائه الأسبوعي في برنامج "للفتوى حكاية" مع الإعلامي شريف فؤاد على قناة الناس، أن الشريعة لم تقف عاجزة عن مراعاة المستجدات، وليست عقبة أمام أي تقدم أو إنجاز أو تطور فهي تتفق وتقبل أي تطور وتقدم طالما لا يتعارضا مع أصولها ولا توجد مشكلة تستعصى على الحل أمام الشريعة أو الفقه.

ولفت المفتي إلى أن للشريعة الإسلامية منهجها الرَّصين، وضوابطها الواضحة في احتواء النوازل والمستجدات على مدى القرونِ السالفةِ، حيث إنها تعتمد على مبادئَ التيسيرِ والسماحةِ، وسهولةِ التطبيقِ، وتنزيلِ الأحكام الشرعية الثابتة في الكتاب والسنة على الواقعِ بما يوافق حالةَ الإنسان الخاصةَ وظروفَ المجتمعات بشكل عامٍّ، وهذا يُعدُّ من أهم خصائص الشريعة الإسلامية بصفة عامة، وقد أثمرَ ذلك بالضرورة صلاحيةَ هذه الشريعة لكلِّ زمانٍ ومكانٍ، ومرونتَها الكبيرة في مواجهة النوازل والقضايا التي تَستَجِدُّ؛ ذلك لأن الشريعة الإسلامية ربانيةُ المصدر، قد جاءت بواسطة الوحي من لدن الحكيم الخبير تبارك وتعالى، مراعيةً لمصالح العباد، نافيةً لجميع صور التشدد والغُلُوِّ والتضييق.

وشدد على أن الجماعات المتشددة ضيَّعت قواعد مستقرة وأمورًا ثابتة عند علماء المسلمين في تفسير النصوص، فلم تفهم هذه الجماعاتُ الغاياتِ من تصرفات النبي الكريم صلى الله عليه وسلم وأفعاله، وخصوصية بعض المواقف دون غيرها، وهي مسألة جلية وضَّحها كثير من العلماء، فقد فرَّقوا بين تصرفات النبي الكريم في أنحاء أربعة، وهي أن النبي صلى الله عليه وسلم قد يتصرف بمقتضى كونه مبلِّغًا عن ربه، وقد يتصرف بمقتضى كونه قاضيًا، أو كونه مفتيًا، أو كونه وليًّا وإمامًا للمسلمين في حالات أخرى، وهذه أمور كانت حاضرة وبقوة ومعروفة عند الصحابة الكرام.

وأوضح مفتي الجمهورية بعض المعالم البارزة التي تميزت بها معركة بدر الكبرى والتي تصرف فيها النبي صلى الله عليه وسلم باعتباره وليًّا وإمامًا؛ من إيثار السلم واستنفاد الخيارات المتاحة على الحرب، والشورى بين القائد وجنوده، كما كان حوار سيدنا الرسول الكريم مع أحد الصحابة من النقاش المتحضر عن أسباب ودوافع الحرب، وكذلك التخطيط المدروس، وأعمال الرصد والاستطلاع لخطط وخطوط العدو، تعطي دروسًا مجيدة في التعايش والسلام وتعظيم المشترك، وتمثِّل عظات بالغة في الكفاح والعزة، وهي بمجموعها كفيلة لتكون في حاضرنا نقطة انطلاق في مسيرة هذه الأمة نحو الاستقرار والتقدم، وتحقيق التكامل بينها وبين العالم والإنسانية.

وأضاف المفتي أن اختصاصات الدولة -أو فقه الدولة- كانت من الأمور الغائبة عن الذين يتصدرون المشهد من هذه الجماعات المتطرفة ظنًّا منهم أن الأحكام كلها على السواء، ولم يدرك هؤلاء أن هناك أحكامًا خاصة بالدولة، خلاًفا لما فهمه جيل الصحابة والتابعين.

وأوضح أن الفقهاء رأوا أن انتزاع الاختصاصات من ولي الأمر أو منازعته فيها أو القفز فوق سلطاته يُعد من الافتئات عليه، مما جعلهم يَنصُّون على عقوبتها؛ وهذا يعني أنهم اهتموا بحفظ كيان الدولة. أما المتابع لأقوال المجموعات المتطرفة المعاصرة وأفعالهم فيجد أنهم اعتقدوا أنهم هم وحدهم مَن يفهمون الشرع، وأنهم وحدَهم مَن يطبِّقونه، بل هم وحدهم المسلمون وغيرهم دون ذلك، فهم لم يفهموا النص الشرعي ولم يُحسنوا تطبيقه.

واختتم مفتي الجمهورية حواره بالتأكيد على أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم اجتهد في بعض الأمور التي لم ينزل فيها نص قطعي واجتهد في أخرى لحين نزول الوحي الشريف مصححًا أو مؤيدًا، وكان أغلبها مؤيدًا لاجتهاده. وكان اجتهاده عليه السلام بحضرة الصحابة لتكون سنَّة حسنة لعلماء الأمة من بعده، وكذلك ترك عليه السلام للصحابة الكرام رضوان الله عليهم مساحة للاجتهاد ودرَّبهم تدريبًا عمليًّا على الاجتهاد حتى يستطيعوا مواجهة الحياة وتغيراتها من بعده، وتصرفاته صلى الله عليه وسلم ينبغي أن تسند لمؤسسات الدولة حاليًا ويجب ألا يقوم بها فرد بحجة اتّباع أو تقليد النبي صلى الله عليه وسلم.

المصدر: مصراوي

كلمات دلالية: مستشفى الشفاء انقطاع الكهرباء طوفان الأقصى الانتخابات الرئاسية أسعار الذهب فانتازي الطقس سعر الدولار سعر الفائدة الدكتور شوقي علام مفتي الجمهورية الشريعة الإسلامية طوفان الأقصى المزيد النبی صلى الله علیه صلى الله علیه وسلم ولی الأمر مفتی ا

إقرأ أيضاً:

«المفتي»: غزوة بدر مدرسة في التخطيط والشورى والإيمان الراسخ

أكَّد الدكتور نظير محمد عيَّاد، مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم، أن الحديث عن غزوة بدر الكبرى يحمل في طياته العديد من الدروس والعبر التي ينبغي الوقوف عندها والتأمل فيها، نظرًا لما تحمله من معاني التخطيط الجيد، والشورى، والإيمان الراسخ، والتي كان لها دور أساسي في تحقيق النصر للمسلمين.

جاء ذلك خلال لقائه الرمضاني اليومي مع الإعلامي حمدي رزق في برنامج «اسأل المفتي»، الذي يذاع على فضائية «صدى البلد»، حيث أوضح المفتي أن غزوة بدر لم تكن مجرد مواجهة عابرة، بل كانت مدرسة متكاملة في التخطيط والإعداد، حيث ظهر فيها بوضوح كيف أن الإسلام يدعو إلى إحسان النظر في الأمور، ووضع الخطط المحكمة لتحقيق الأهداف، مؤكدًا أن النبي صلى الله عليه وسلم اختار موقع القتال بعناية، بناءً على المشورة والتقدير العسكري، بما يضمن التفوق الاستراتيجي للمسلمين.

وأشار إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يتخذ قرار المواجهة بشكل فردي، بل استشار أصحابه، خاصة الأنصار، الذين أكدوا استعدادهم للقتال إلى جانبه بقولهم: «اذهب أنت وربك فقاتلا، إنا معكما مقاتلون».

وأضاف أن الشورى كانت حاضرة في أكثر من موضع، حيث استشار النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه في اختيار موقع المعركة، وهو ما تجلى في موقف الصحابي الحباب بن المنذر رضي الله عنه، عندما سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن سبب اختياره لموقع معين، قائلًا: «أهذا منزل أنزلك الله إياه فلا نتقدمه ولا نتأخر عنه، أم هو الرأي والحرب والمشورة؟»، وعندما أجابه النبي بأنه من باب المشورة، أشار عليه بأن يتجهوا إلى موضع يضمن لهم السيطرة على مصادر المياه، وهو ما كان له تأثير نفسي كبير على العدو، حيث إن التحكم في المياه يعد عاملًا حيويًّا في أي معركة.

وفي سياق حديثه عن التخطيط والإعداد الجيد، أكد المفتي أن المسلمين في بدر كانوا قلة في العدد والعدة مقارنة بجيش قريش، ولكنهم امتلكوا سلاحًا أقوى وهو الإيمان والثقة بنصر الله، مستشهدًا بقوله تعالى: {كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ}.

وأوضح أن هذه الغزوة رسخت مفهوم القيادة الحكيمة، حيث حرص الصحابة على تأمين النبي صلى الله عليه وسلم من أي خطر، وطلبوا منه أن يكون في موقع آمن بعيدًا عن ساحة القتال، حتى يحافظوا على حياته باعتباره قائد الأمة، ما يعكس مدى وعيهم بأهمية القيادة في نجاح أي مجتمع أو دولة.

وتطرق المفتي إلى مسألة القتال في الإسلام، مؤكدًا أن الإسلام لا يدعو إلى العنف أو القتال إلا في حال الدفاع عن النفس ورد العدوان، استنادًا إلى قوله تعالى: {وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ}.

وأضاف أن الإسلام وضع ضوابط واضحة للحروب، حيث نهى عن الاعتداء على المدنيين، أو تدمير الممتلكات، أو التعرض لدور العبادة، ما يعكس حرص الإسلام على السلم والسلام، وهو ما تؤكده الآية الكريمة: {وَإنْ جَنَحُوا للسَّلْمِ فاجْنَحْ لَهَا}.

وفي ختام حديثه عن غزوة بدر، أوضح المفتي أن هذه المعركة كانت نقطة تحول في تاريخ الدولة الإسلامية، حيث أعطت المسلمين ثقة بأن لهم كيانًا قويًّا، وحدودًا، وجيشًا منظمًا، مما مهَّد الطريقَ لنشر الدعوة الإسلامية وَفْقَ أُسس متينة. كما أكد أن النصر في بدر كان تأكيدًا على وعد الله للمؤمنين، حيث أنزل الملائكة لتثبيتهم وإلقاء الرعب في قلوب أعدائهم، مستشهدًا بقول الله تعالى: {إذْ يُوحِي رَبُّكَ إلى المَلائِكَةِ أنِّي مَعَكم فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا سَأُلْقِي في قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ}.

اقرأ أيضاًالمفتي: الشريعة الإسلامية تُطبق في الواقع وليست غائبة عن المجتمعات |فيديو

«المفتي»: الشريعة مطبقة بمفاهيمها الشاملة وليست مقتصرة على الحدود فقط

هل لشفاعة النبي حدود؟.. المفتي يوضح «فيديو»

مقالات مشابهة

  • «المفتي»: الإكثار من الصلاة على النبي وسيلة للتقرب منه وتحقيق شفاعته
  • «المفتي»: غزوة بدر مدرسة في التخطيط والشورى والإيمان الراسخ
  • مفتي الجمهورية: استشارة النبي لأصحابه في بدر درس في القيادة الرشيدة
  • هل لشفاعة النبي حدود؟.. المفتي يوضح «فيديو»
  • المفتي يشرح حديث النبي "لا إيمان لمن لا أمانة له".. فيديو
  • المفتي يشرح حديث النبي لا إيمان لمن لا أمانة له.. فيديو
  • حدود شفاعة النبي للعباد .. المفتي يوضح
  • فى يوم 16 رمضان.. النبي صلى الله عليه وسلم يصل بدر ووفاة السيدة عائشة
  • فضل الصلاة على النبي وكيفية محبة الرسول.. تعرف عليها
  • فجر رمضان.. النبي أوصى بعمل بين الأذانين والتوقف بسماع الثاني