التطورات الإيجابية في ملف الدين ترسي دعائم قوية للاستقرار والاستدامة المالية
تاريخ النشر: 17th, November 2023 GMT
شهدت سلطنة عمان جهودا ومبادرات واسعة النطاق لتعزيز الاستدامة المالية
تحسن الوضع المالي يتيح تحقيق مستهدفات مهمة:
إعطاء الأولوية لتنفيذ المشروعات المرتبطة بالقطاعات الإنتاجية
استكمال التحول الرقمي
العمل على مزيد من تحسن التصنيف الائتماني وتنافسية سلطنة عمان
رغم ما واجهته من تحديات بسبب الجائحة وتراجع النفط التزمت سلطنة عمان بالحفاظ على مستوى الإنفاق على الخدمات الأساسية
بمزيج ناجح من خطط التوازن والضبط المالي كللهما حسن استغلال عائدات النفط الإضافية، تخطت سلطنة عمان خلال السنوات الأربع الماضية تحديات مالية لم تشهدها من قبل، وقد تضمنت هذه التحديات تردي الوضع المالي واتساع عجز الميزانية العامة والخفض المتوالي للتصنيف الائتماني نظرا لارتفاع حجم الديون وأعبائها، وتصاعد معدل الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي، وقادت خطط الضبط المالي والسعي الجاد نحو الاستدامة والاستقرار إلى تراجع ملموس في حجم الديون خلال العامين الماضي والحالي، ودفع النمو الجيد للاقتصاد نسبة الدين العام للناتج المحلي الإجمالي نحو الانخفاض.
وكان ما حققته سلطنة عمان من نتائج في أدائها المالي والاقتصادي على مدار السنوات الأربع الماضية تقدما يشهد له بالنجاح وعاملا أدى لاستقرار الوضع المالي ورفع متواصل في التصنيف الائتماني لسلطنة عمان وتحسن في ثقة المستثمرين.
بدأت سلطنة عمان إصلاحاتها الواسعة للوضع المالي في عام 2020 عبر الخطة المالية متوسطة المدى، وعززت تنفيذ هذه الخطة بالعديد من المبادرات والإجراءات والخطط التي ساهمت في وصول الوضع المالي للاستقرار في الوقت الحالي، وكان أحدثها قانون الدين العام الذي صدر خلال العام الجاري ويستهدف إدارة منهجية للدين العام وتحديد آليات لاحتياجات الاقتراض السنوي ومتطلبات تمويل المالية العامة، كما تم خلال هذا العام وضع حد آمن للدين بما يعادل نحو ثلث إجمالي الناتج المحلي.
وكانت التطورات الإيجابية في ملف الدين العام تفوق كل التوقعات وأصبحت منطلقا قويا للاستقرار حيث وجهت سلطنة عمان الجانب الأكبر من الإيرادات المالية الإضافية التي نتجت عن ارتفاع سعر النفط خلال العام الماضي لسداد الديون وحسن إدارة المحفظة الإقراضية عبر السداد المبكر لبعض القروض واستبدال بعض الديون المكلفة بأخرى أقل كلفة وقد كان لتحسن التصنيف الائتماني دورا فعالا في تسهيل الاقتراض بأسعار مناسبة، وأسهم كل ذلك في خفض إجمالي حجم الدين العام من 20.8 مليار ريال عُماني في نهاية عام 2021 إلى 17.7 مليار ريال عُماني في عام 2022، كما انخفضت نسبة الدين العام في عام 2022 لتصل إلى نحو 43 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي مقارنة بالنسبة المقدرة مبدئيا في الخطة المالية متوسطة المدى والبالغة نحو 83 بالمائة.
ومن جانب آخر، ساهم ارتفاع الإيرادات العامة وسداد جانب من القروض في خفض خدمة الدين العام من مليار و294 مليون ريال عُماني معتمد في بداية عام 2022، إلى نحو مليار و140 مليون ريال عُماني بنهاية العام نفسه، وواصل منحنى الدين التراجع خلال العام الجاري في ظل استمرار سداد القروض، وانخفض حجم الدين إلى 16.3 مليار ريال عماني، وقد رصدت بيانات وزارة المالية أن خدمة الدين سجلت 665 مليون ريال عماني حتى نهاية أغسطس الماضي، وتتوقع المؤسسات الدولية استمرار تراجع الدين خلال السنوات المقبلة ليصل إلى أقل من 30 بالمائة من الناتج المحلي خلال 5 سنوات.
وفي بداية العام الجاري، أعلنت سلطنة عُمان أنها لن تلجأ إلى الاقتراض والسحب من الاحتياطات لتمويل عجز ميزانية عام 2023 في حال ارتفاع الإيرادات العامة وتحقيق إيرادات مالية إضافية، لا سيما ارتفاع متوسط سعر برميل النفط الفعلي عما هو مقدر مبدئيا، وبالرغم من ذلك فقد تقترض الحكومة لإعادة تمويل القروض الحكومية واستبدالها بقروض ذات كلفة تمويلية أدنى.
ورغم ما واجهته من تحديات بسبب الجائحة وتراجع النفط، كان من الملامح المهمة للتوجهات المالية لسلطنة عمان خلال السنوات الأربع الماضية الالتزام بالحفاظ على مستوى الإنفاق على الخدمات الأساسية مع توجه نحو التوسع في مشروعات الشراكة مع القطاع الخاص في قطاعات متعددة منها الصحة والتعليم، كما واصلت سلطنة عمان توجهها نحو إعادة هيكلة الدعم وتوجيهه لمستحقيه من فئات المجتمع، وبلغ إجمالي بند المساهمات والدعم والنفقات الأخرى حتى نهاية أغسطس الماضي نحو 914 مليون ريال عُماني، وسجل إجمالي الإنفاق على دعم قطاع الكهرباء ومخصصات دعم المنتجات النفطية نحو 244 مليون ريال عُماني و206 ملايين ريال عُماني على التوالي، كما عززت سلطنة عمان مخصصات بند سداد الديون المستقبلية إلى 266 مليون ريال عُماني، ويبلغ إجمالي الإنفاق المعتمد في الميزانية العامة للدولة للسنة المالية 2023 للقطاعات الاجتماعية والأساسية نحو 4.3 مليار ريال عُماني، أي بنسبة 38 بالمائة من إجمالي الإنفاق العام، موزعة بنسبة 44 بالمائة لقطاع التعليم، و22 بالمائة للضمان والرعاية الاجتماعية، و12 بالمائة لقطاع الإسكان، و22 بالمائة لقطاع الصحة.
وتستهدف الميزانية العامة للدولة الحفاظ على المستويات الآمنة والمستدامة للإنفاق العام، مع الاستمرار في رفع مساهمة الإيرادات غير النفطية، ويتيح تحسن المركز المالي لسلطنة عمان إعطاء الأولوية لتنفيذ المشروعات المرتبطة بالقطاعات الإنتاجية، واستكمال برنامج التحول الرقمي، والعمل على مزيد من تحسن التصنيف الائتماني وتنافسية سلطنة عمان، ويساهم الأداء الجيد للميزانية في الوصول لهذه المستهدفات، وخلال العام الماضي، حققت الميزانية العامة للدولة أول فائض مالي منذ عام 2014، ففي ظل ارتفاع متوسط أسعار النفط إلى نحو 94 دولارا للبرميل تم تسجيل فائض يتجاوز المليار ريال عماني، وتتجه ميزانية العام الجاري أيضا نحو تحقيق الفائض مع متوسط متوقع لسعر النفط خلال عام 2023 يتجاوز 80 دولارا لبرميل النفط.
وفعليا، سجلت الميزانية العامة للدولة بنهاية شهر أغسطس من العام الجاري فائضا بلغ 773 مليون ريال عُماني، فيما اقترب حجم الإيرادات العامة للدولة حتى نهاية شهر أغسطس 2023 من 8 مليارات ريال عماني، وتتضمن نحو 4 مليارات ريال عماني من إيرادات النفط مع متوسط إنتاج نحو مليون و56 ألف برميل يوميًّا، وزادت الإيرادات الجارية حتى نهاية أغسطس الماضي إلى نحو 2.3 مليار ريال عماني، وتجاوز حجم الإنفاق العام 7 مليارات ريال عماني، وتم بناء تقديرات الإيرادات في ميزانية العام الجاري باحتساب متوسط سعر برميل النفط بنحو 55 دولارا، ووفق ذلك يتجاوز إجمالي الإيرادات المتوقعة المعتمدة في الميزانية العامة للدولة للسنة المالية الحالية 10 مليارات ريال عُماني، وتتضمن إيرادات من النفط بنحو 5 مليارات ريال عُماني بنسبة 53 بالمائة من إجمالي الإيرادات العامة.
أما الإيرادات غير النفطية المقدرة للعام الجاري فتبلغ نحو 3.3 مليار ريال عُماني، وتتضمن عائدات من ضريبة القيمة المضافة والضريبة الانتقائية حوالي 590 مليون ريال عُماني، وإيرادات ضريبة الدخل (على أرباح الشركات والمؤسسات) نحو 560 مليون ريال عُماني، وإيرادات الحكومة من توريد توزيعات أرباح جهاز الاستثمار العُماني نحو 800 مليون ريال عُماني، إضافة إلى إيرادات رسوم الخدمات الحكومية المقدرة بنحو مليار و330 مليون ريال عُماني.
وإضافة إلى المبادرات والبرامج التي تستهدف تطوير وكفاءة المالية العامة، شهدت سلطنة عمان خلال السنوات الأربع الماضية إصلاحات واسعة النطاق لتعزيز الاستدامة المالية بدءا من توحيد الاستثمارات الحكومية تحت مظلة جهاز الاستثمار العماني ووصولا إلى توحيد أنظمة التقاعد تحت مظلة صندوق الحماية الاجتماعية، وخلال الفترة الماضية قام جهاز الاستثمار العماني بدور كبير في تقليص احتياجات التمويل الخارجي للميزانية العامة، ويتزايد دوره باستمرار في رفد الميزانية بعوائد توزيعات الاستثمارات الحكومية كما يتجه صندوق الحماية الاجتماعية لدور فعال من حيث الحفاظ على استدامة أنظمة التقاعد والاستثمار الأمثل للأصول، حيث أصبح صندوق الحماية الاجتماعية خلفا قانونيا عاما وكاملا لعدد من صناديق وبرامج التقاعد والهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية التي تم توحيدها في كيان واحد هو صندوق الحماية الاجتماعية، وتتضمن هذه الخلافة القانونية جميع العقود والاتفاقيات والاستثمارات والشراكات والتحالفات التي أبرمتها تلك الجهات أو دخلت فيها، داخل سلطنة عُمان وخارجها.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: صندوق الحمایة الاجتماعیة المیزانیة العامة للدولة التصنیف الائتمانی ملیون ریال ع مانی ملیار ریال ع مانی الإیرادات العامة ملیارات ریال ع الناتج المحلی الوضع المالی خلال السنوات العام الجاری الدین العام سلطنة عمان بالمائة من ریال عمانی خلال العام حتى نهایة سلطنة ع إلى نحو
إقرأ أيضاً:
الصحة : مشروعات وبرامج جديدة تمثل حجر أساس لمستقبل صحي مشرق
د. هلال السبتي: توسيع نطاق الفحص باستخدام "الماموجرام" يعكس حرص الحكومة في تحسين جودة الحياة.
د. سعيد اللمكي: استحداث 7 وحدات للكشف عن السرطانات يسهم في تحسين الوصول للتشخيص والعلاج المبكر.
أكدت وزارة الصحة على أهمية المشروعات الصحية والبرامج الوطنية التي أقرها مجلس الوزراء في اجتماعه الذي ترأسه حضرة صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه-. وأشار المسؤولون إلى أن هذه المشروعات ستحدث نقلة نوعية في تقديم الرعاية الصحية المتخصصة وتوطين الخدمات المتقدمة داخل سلطنة عمان.
وثمّن معالي الدكتور هلال بن علي السبتي وزير الصحة وجميع منتسبي القطاع الصحي الرعاية الكريمة والإشادة السامية التي يحظى بها قطاع الصحة في سلطنة عمان، وأوضح أن القرارات التي أقرها مجلس الوزراء الموقر تمثل خطوة فارقة في تحسين الرعاية الصحية بسلطنة عمان، وتعد حجر أساس لمستقبل صحي مشرق، وأشاد معاليه بخدمات الرعاية الصحية الشاملة والمتكاملة، والتطور الملحوظ الذي شهده القطاع الصحي منذ بداية عهد النهضة المتجددة.
وعبر معاليه عن شكره في توسيع نطاق الفحص المبكر للأمراض عبر استحداث 7 وحدات للكشف المبكر خاصة للسرطانات الشائعة بين النساء وتوسيع نطاق الفحص باستخدام تقنية الماموجرام ليشمل عدد من محافظات سلطنة عمان؛ مما يعكس الجهود الحثيثة التي تجسد حرص حكومة سلطنة عمان على تحسين جودة الحياة، وحماية الأسر ويتيح إمكانية الكشف المبكر عن هذه الأمراض وعلاجها والوقاية منها، مع استخدام أحدث التقنيات المبتكرة في هذا المجال مع استخدام الذكاء الاصطناعي.
وأكد معاليه أن استحداث منشأة النظائر المشعة النووية والصيدلة النووية في سلطنة عمان، تأتي لتغطية الطلب المتزايد على تشخيص وعلاج المرضى المصابين بالسرطان، كما يعدّ أداة تشخيصية وتعليمية قيمة تتيح لسلطنة عمان أن تكون مركزًا للدراسات والأبحاث.
وذكر معاليه أن إقرار مجلس الوزراء في اجتماعه بإنشاء مركز وطني لطب وجراحة العيون لاستيعاب الطلب المتزايد على هذه الخدمة الحيوية من أبناء المجتمع، سيما إن هذا المركز سيكون مزودًا بأحدث التقنيات التشخيصية الحديثة.
وأشاد منتسبو القطاع الصحي بإنشاء البرنامج الوطني للجينوم والبيانات البشرية (الجينوم العماني) الذي سيوفر قاعدة بيانات جينومية وطنية مرجعية للعمانيين مما يحسن التشخيص ويعزز الطب الدقيق والرعاية الصحية وأكد معاليه على التزام الوزارة بتنفيذ قرارات مجلس الوزراء، ووضع الخطط اللازمة لتحقيق ذلك والعمل على تحقيق مستهدفات أولوية الصحة في رؤية عمان 2040 وتحقيق العدالة والجودة العالية في الرعاية الصحية لتمتد التغطية الصحية وتشميل جميع محافظات سلطنة عمان بجانب إلى المشروعات الصحية المتعددة قيد التنفيذ والبناء.
من جانبه أشاد سعادة الدكتور سعيد بن حارب اللمكي وكيل وزارة الصحة للشؤون الصحية بالرعاية الكريمة المتعلقة بالمشروعات الصحية التي سوف يكون لها نقلة نوعية في الخدمات الصحية.
ولفت سعادته إلى أهمية الكشف المبكر عن السرطانات، خاصة سرطان الثدي أكثر أنواع السرطانات شيوعا بين النساء حيث إن هناك 30% من السرطانات المسجلة بين النساء هو سرطان الثدي، وأوضح أن استحداث 7 وحدات للكشف المبكر خاصة للسرطانات تسهم في تحسين الوصول إلى خدمات الرعاية الصحية والتشخيص والعلاج المبكر.
كما أشار حول إنشاء البرنامج الوطني للجينوم والبيانات البشرية أنه من نتائج الطبي الحديث ووجود جينيوم بشري يعنى بقاعدة بيانات بشرية لكل دولة هو من متطلبات مواكبة العصر الحديث، ومع تطور الطب الحديث والأمراض الوراثية يمكن تحديد بعض الجينات فلكل مجتمع له خصوصيته ومع وجود هذا المشروع ستكون هناك قاعدة بيانات لفحص المجتمع العماني عن الأمراض الوراثية الأكثر شيوعا، وفي المستقبل سيسهم الطب الحديث في تحديد نوعية العلاج والأدوية الخاصة بكل مرض وراثي، كما سيكون بداية لبحوث علمية ودراسات لمجتمع وأهم الجينات المنتشرة مثل الأمراض المزمنة السكري وغيره.
وأكد سعادته على خصوصية وسرية البيانات في هذا المشروع حيث إن دراسة الجينيات ستكون في أكثر الجينات شيوعا وفي حال اكتشاف جين في عائلة معينة ستكون هناك سرية في التعاطي مع البيانات ووقاية للأسر من الأمراض الوراثية وهذا المشروع خطوة لتوطين الخدمة المتقدمة التي كانت تطلب من الخارج.
وذكر سعادته أن إنشاء منشأة النظائر المشعة النووية والصيدلة النووية تأتي بهدف توسيع الخدمة المقدمة، ولتكون كمركز دراسات وبحوث ومركز تدريبي بالإضافة إلى أنه سيغني عن إرسال الحالات إلى خارج سلطنة عمان ويدعم توطين الخدمة.
كما أشار إلى أهمية إنشاء مركز وطني لطب وجراحة العيون، والذي سيسهم في تقليل قوائم الانتظار وتطوير خدمات طب العيون في سلطنة عمان، حيث سيعمل المركز على توسيع قاعدة الخدمات المتوفرة في علاج العيون وتطوير الخدمة الطبية الجراحية وفتح المجال للتقدم والتطور في طب العيون فبعض الحالات المرضية، كمجال زراعة القرنية لا زال في بدايته ولكن مع وجود هذا المركز سوف يتوسع مجال زراعة القرنية في سلطنة عمان.