حمزة يونس.. من بطل إسرائيل في الملاكمة إلى فدائي يقاوم احتلالها!
تاريخ النشر: 17th, November 2023 GMT
"أتذكر أنني كنت أمتاز عن إخوتي وأبناء عمومتي بالميل إلى الهدوء والنفور من العنف، ورغم ذلك، كان جدي مصطفى يلقبني بأبي ضرغام، ويسميني البطل".
(حمزة إبراهيم يونس، في سيرته الذاتية "الهروب من سجن الرملة")
عندما بدأت العصابات الصهيونية المسلحة شن غاراتها الإجرامية على القرى الفلسطينية، أثناء نكبة 1948، التي لم يكن أحد يعلم أنها ستصبح نكبة 1948، كان حمزة في السادسة من عمره.
قبلها كانت الحياة كأي حياة؛ بيت هادئ وسط المزرعة، تظلل ساحته أشجار التين واللوز والمشمش والجوز، وعلى بُعد أمتار قليلة، البركة التي كوّنتها المسقاة القريبة، التي تعلم فيها حمزة السباحة كسائر أطفال قريته في مرحلة الزغب الأول.
قبل اليوم الحزين الذي أتى فيه الدور على قريته "عارة"، كان حمزة يسمع عن الصهاينة وغاراتهم على القرى المجاورة، وكان أهل "عارة" يهبون لنجدتها والتصدي لهجمات العصابات، ثم يعودون للقرية ويقصون على أهلها ما رأوه، ومن حكاياتهم، تخيل حمزة الصهاينة في صورة كائنات مجهولة مخيفة بأنياب ومخالب، أشبه بالجن والغيلان.
مَن غيرهم كان ليهاجم قرى مسالمة ترعى وتزرع ويسبح أطفالها في البركة تحت ظلال أشجار التين والمشمش؟
طفولة "الكيبوتس"انتهى كل شيء سريعا، في أيام مضت كالسنوات على حمزة وعائلته وقريته، وقبل أن يصل إلى عامه السابع، كان الجميع في فلسطين المحتلة قد أدرك أن ما كان يجري في قُراهم قد جرى في باقي القرى، وأن هجمات الغيلان طالت الكل، وأنها أصبحت، رسميا، نكبة 1948.
"تصرفات هؤلاء الغرباء تخالف كل ما تعلمته، هم إذن من نوع غريب يختلف عن الناس، وإن كانوا مثلهم شكلا؟ ليسوا من الجن ولكن ليسوا من الإنس أيضا! هم، على الأقل، ليسوا كأبناء قريتنا".
في هذه الأجواء، عاش حمزة طفلا من عرب 1948؛ العرب الذين بقوا في قراهم وبلداتهم بعد النكبة ورفضوا المغادرة، وأبقى عليهم الاحتلال للتدليل على تسامحه واستيعابه للآخر، وحملوا جوازات إسرائيلية، ولكنهم عُوملوا كمواطنين من الدرجة الثانية في أفضل التقديرات.
عاش حمزة تحت حكم العصابات الصهيونية الذين أصبحوا لاحقا ضباطا في جيش الاحتلال وقيادته العسكرية، وعندما كان بن غوريون يعلن عن قيام دولة إسرائيل، كان في الوقت ذاته يتخذ قرارا ضمنيا بأن يقضي حمزة الصغير طفولته في العمل لدى من اغتصبوا أرض أسرته في المستوطنات القريبة، يقطف الثمار ويجمع الخضار. مواطن، ولكن ليس كأي مواطن.
كانت تلك بداية احتكاك حمزة بأبناء الصهاينة في المستوطنات، ولأنهم بدوا كأي أطفال، قادته غريزته وفطرته الهادئة المسالمة إلى اتخاذ بعضهم أصدقاء، ولكن لأنهم لم يكونوا كأي أطفال، فلم تتمكن الصداقة الطفولية البريئة من شفاء النزعة العنصرية التي زرعتها فيهم الصهيونية تجاه العرب من أمثال حمزة.
رغم ذلك، تمكن حمزة من التكيف مع تلك العلاقات المسمومة، لا لسبب إلا كون هؤلاء الأطفال أفضل من "المخابيل" الذين يعيثون فسادا في الشوارع كل يوم، وما إن يختلفوا مع عربي حتى يصرخوا قائلين: "عربي! عربي!"، فيما أصبح لاحقا نداء رسميا للصهاينة المجاورين، ليتجمّعوا حوله ويوسعونه ركلا وضربا، وكان يكفيهم أن تسيل دماؤه على ملابسهم لكي تدينه الشرطة، لأنه "لوث" ثياب الصهيوني بدمائه العربية.
لماذا يُدان العربي لأنه "لوث" ثياب الصهيوني بدمه أثناء اعتداء الأخير؟ لأنه "غويم". هذه هي اللفظة العبرية التي يستخدمها الصهاينة لوصف العرب.. لا.. لحظة.. "غويم" هو كل مَن هو غير صهيوني، حتى لو كان أميركيا أبيضَ يشجع "اليانكيز" ويأكل البرغر ويكره المهاجرين واسمه "ديفيد". ما دام لا يعتنق الصهيونية عقيدة، فهو "غويم".
في بث حي له على "يوتيوب"، سكوت ريتر، الضابط الأميركي السابق في "المارينز"، ومفتش الأسلحة السابق لدى الأمم المتحدة، الذي تدرب وخاض العمليات والمعارك رفقة جيش الاحتلال الصهيوني، وتحول في السنوات الأخيرة إلى انتقاد إسرائيل، أكد أن تلك اللفظة عادت للانتشار بقوة في السنوات الأخيرة، تحت سيطرة حكومة نتنياهو، بل وسادت عقب عملية السابع من أكتوبر/تشرين الأول، وهي تعني ببساطة: "الأغيار"، أي العِرق الأقل، الأدنى، الأحقر.
ضابط المخابرات الأمريكية السابق سكوت ريتر
دعونا نسمي الأشياء بمسمياتها الهجوم الذي نفذته #حماس هو عسكري وليس إرهابي لتحقيق أهداف سياسية
هو أعظم إنتصار للقضية الفلسطينية في العصور الحديثة وبسبب ما فعلته #حماس هنالك أحتمال قيام دولة فلسطينية
في 6 اكتوبر لم يكن هناك فرصة والآن يوجود pic.twitter.com/6cZBZ1mdzi
— محمد علاء العناسوه (@alaa_tallaq) November 14, 2023
في الواقع، أحد المستشارين والضباط السابقين في جيش الاحتلال، "يائير انسباخر"، نشر منذ أيام تغريدة طويلة على حسابه الشخصي على "إكس" (تويتر سابقا) بدأها بتوجيه كلامه إلى "الأغيار" حول العالم، داعيا إياهم للوقوف مع "أبناء الرب" في معركتهم المقدسة، أو الاستعداد لـ"الجحيم".
A message to all the gentiles in the world:
This war, is the war of the redemption,
you have to choose now.
it doesn't matter if you are Christians, Muslims or Hindu, you still have a choice.
Are you on the side of G-d almighty who created Earth and choose the Jewish people…
— יאיר אנסבכר (@AnsbacherYair) November 10, 2023
"إنهم يكرهون العرب، ويطلقون على كلابهم أسماء عربية! وهؤلاء الذين يقال لهم حرس الحدود يقتلون لمجرد الرغبة في القتل ودون تمييز بين صغير وكبير! فمن أية طينة هم؟ ومن أية غابة جاءوا؟".
هذا الواقع الشيطاني فرض على حمزة، الذي صار مراهقا الآن، أن يتعلم ما يدافع به عن نفسه، بعد أن انهارت كل آماله في عقد الصداقات مع أطفال "الكيبوتس"، الذين سيكبرون قريبا، ليتحولوا إلى نسخة من "هؤلاء المخابيل" الذين سيُدينونه لدى الشرطة لو أسالت لكماتهم وركلاتهم دماءه على ثيابهم.
دم! دم!وقع اختيار حمزة على الرياضة التي ستُمكِّنه من رد اللكمات بمثلها، وعموما، في تلك الفترة، كانت بطولات الملاكم الفلسطيني الأردني أديب الدسوقي قد ذاع صيتها في الأرض المحتلة وما حولها، وكان الكثير من الشباب العرب متأثرين بانتصاراته على البريطانيين في الحلبة قبل النكبة.
دعنا نخبرك بأمر مهم هنا. صدِّق أو لا تُصدِّق؛ الأساطير القديمة التي سمعتها عن جبن الصهاينة، ورعبهم المتجذر من المواجهة والقتال، حقيقية تماما على الأرجح. والدليل ما حكاه الرجل ذاته، سكوت ريتر، ح عندما علم أن الجنود الإسرائيليين، على عكس كل الجنود النظاميين في العالم، لا يتدربون على القتال بالحربة (Bayonet)، أو ما يسميه العرب "سونكي"، وهو النصل المدبب في مقدمة البندقية، الذي يُستخدم في المعارك الفردية (Close Combat)، لأنهم ببساطة لا يحتملون فكرة "الخصم المكافئ"؛ الاضطرار للقتال بالحربة يعني بالتبعية أن الخصم يمتلك حربة بدوره، وبالتالي هناك -مفاجأة صادمة- احتمالية للموت، والصهيوني لا يحبذ هذه الاحتمالية، بأكثر التعبيرات تهذيبا.
"ها هي سياراتهم تأتي بالجثث المجهولة، ويؤمر أهالي قريتنا بدفنها بسرعة في مقبرة القرية، بعد إغلاق مداخلها وحظر دخولها على أهالي الجوار. كانوا يجردون القتلى من أي شيء يدل على أسمائهم أو أشخاصهم".
في الواقع، بُنيت عقيدة جيش الاحتلال كاملة على تجنب هذا الموقف بكل الطرق، بل وتجنب المواجهة ابتداء، لذا تُهندَس العمليات العسكرية لكي تتحول إلى ما يشبه ألعاب الفيديو على حد تعبير ريتر، وتُختزل الحرب في الضغط على بضعة أزرار من حصن تحت الأرض أو كابينة طائرة، ومشاهدة الأهداف تنفجر على شاشة، ولذا يُمعنون في القصف الجوي قبيل أي عملية برية، ولو امتلكت المقاومة الأسلحة المضادة للطائرات، لامتنعوا عن القصف غالبا، ولاكتفوا بالحرب التلفزيونية.
لذا أيضا يسهل عليك أن تفهم لماذا أصبح حمزة بطل الدولة الإسرائيلية للناشئين في 1962، وبعد عام واحد فقط من التدريب المتواصل، ولِمَ لَم يحتج إلا إلى سنة أخرى لكي يصبح بطل إسرائيل الرسمي في ملاكمة وزن خفيف الوسط (63.5 كغم) في 1963.
حمزة لم يستغرق سوى عامين فقط لأن المعادلة في العالم الواقعي كانت بسيطة؛ حمزة يمتلك حربتين في ذراعيه، وهناك خصم واحد فقط بدلا من عشرات، ولا يوجد في لوائح الملاكمة ما يقضي بانتصارك لو سال دمه على ثيابك. في الواقع، لا شيء يفضح ذلك "الجبن الصهيوني" المتأصل مثل رياضة كالملاكمة، لأن العوار في منطقهم هو عوار تأسيسي، لا تستقيم معه الملاكمة، ولا حتى كرة القدم؛ تخيل أن تلعب المباريات بشرط ألا يسجل لاعبو الخصم في مرماك، أو أن يلعبوا حفاة، أو بلا حارس مرمى.
ربما هذا هو ما يفسر الفشل الرياضي الإسرائيلي عبر 75 عاما هي عمر احتلالهم؛ أن الرياضة، بطبيعتها، تقوم على -مفاجأة صادمة أخرى- التكافؤ القانوني واللوائحي، والإسرائيليون اعتادوا على تدليل القواعد لهم بدرجة تضمن الفوز طوال الوقت ودون جهد يُذكر. هذه ثقافة لا تنتج فريق كرة قدم جيدا، بل لا تنتج فريقا من الأساس، وبالقطع لا تنتج ملاكمين جيدين.
"أعضاء التحكيم كانوا يضايقونني كثيرا، لكن ما كان يضايقني أكثر هو أن الجمهور الذي يحضر مبارياتي لم يكن يكتفي بجولة اللعب، ولا بالفوز، بل كان يصيح أثناء الجولات: "دم! دم!".. أي يريدون أن تسيل الدماء!".
رغم كل ذلك، لم ييأس الصهاينة. لعل هذا هو الأمر الوحيد الذي يدعو للإعجاب في مشروعهم للسيطرة على العالم؛ أنهم لا ييأسون، ما داموا لم يدخلوا في مواجهة متكافئة طبعا.
لدفوك أت هشخوريم!بعد سنوات من اضطهاد حمزة والتعتيم الإعلامي على إنجازاته بصفته "بطلا قوميا إسرائيليا"، سنوات لم يكن له فيها عزاء سوى تعاطف مدربه اليهودي الروماني، "يعقوب فوفتش" الذي يكره التعصب والتفرقة العنصرية، أتتهم فكرة عبقرية لمنعه من السفر مع المنتخب إلى اليونان، وهذه الفكرة كان اسمها "نسيم أشرف".
"نسيم" كان ملاكما من يهود المغرب احترف الملاكمة في فرنسا، ويلعب في وزن أعلى من وزن حمزة، وكانت الخطة تقضي بوضعه في مواجهة حمزة أثناء التصفيات لكي يقصيه من رحلة اليونان، لأنه كما يقول المثل الإسرائيلي الشهير: "إن لم تستطع إدانة الملاكم بـ"تلويث" ملابسك فلتضعه في مواجهة غير عادلة مع ملاكم أضخم وأثقل سبق له إدانة حماس في برنامج بيرس مورغان".
"صرت أتدرب في "بيت زئيف" و"مسدات زئيف"، وهما مكانان كانا مخصصين قبل 1948 لتدريب أعضاء حزب "حيروت" على قتل العرب، وما عرفته عن ماضي هذين الموقعين لم يؤثر في نفسي، ولم يجعلني أشعر بالعداء تجاه ذلك الحزب، لأنني اعتبرت ذلك مجرد فعل ماضٍ".
علم حمزة بخطة الصهاينة لاستبعاده من أحد زملائه، فقرر مواجهة الإداريين، وفي طريقه، سمع "فوفتش" يصرخ: "فقط لأنه عربي؟!".
تأكدت المعلومة لدى فتى "عارة" المسالم الذي ينفر من العنف، فدلف إلى الغرفة، وبعد ثوانٍ من الصمت أعلن عن قراره: "أريد أن ألعب مع نسيم أشرف".
طبعا يمكنك تخيل الحوار الجانبي الذي دار بينه وبين مدربه؛ أولا، نسيم بطل محترف مارس اللعبة في أوروبا. ثانيا، مارسها بوزن أثقل، وبالتالي، لكمات أقوى. وثالثا، يمكنه القتال لخمس عشرة جولة متتالية دون تعب.
طبعا يمكنك تخيل ردود حمزة أيضا؛ أعرف، وأعرف، وأعرف. دعنا نختبر قوتنا.
أخيرا، بما أنك تخيلت ما سبق، فطبعا يمكنك توقع نهاية الحكاية؛ بنهاية الجولة الثالثة، كان "فوفتش" يقفز فرحا في الحلبة، ويرقص احتفالا بفتاه الشاب الذي هزم ملاكما محترفا مارس اللعبة في أوروبا بوزن أثقل ولكمات أقوى، ويمكنه القتال لخمس عشرة جولة متتالية دون تعب.
لا نعلم إن كنت قادرا على استنتاج ما حدث لاحقا أم لا، ولكن لا نتوقع أنه سيُدهشك؛ بينما يرقص "فوفتش"، أعلن المذيع فوز "نسيم"، ورفع حكم الحلبة ذراعه.
"جاك ليفي"، كبير الحكام والمشرف على المرشحين للسفر، كان قد أعلن فوز حمزة، ولكنَّ الحكمَيْن الآخرين خالفاه وقررا فوز "نسيم"، وهذا الإفلاس الأخلاقي مُطلق الوقاحة استفز حتى اليهود من الجمهور الحاضر، وسمع حمزة بعضهم يردد عبارة "لدفوك أت هشخوريم!"، وهي عبارة مناهضة للسود وأحيانا تقال ضد العرب، تصف فعلة الحكمين الذين قررا إعلان فوز "نسيم".
بعد الكثير من الفوضى والاحتجاجات والمشاورات، تقرر سفر الثنائي حمزة و"نسيم"، ولكن الواقعة تركت أثرها في نفوس الجميع، وتحديدا الأخير، الذي صادق حمزة وبقي يراسله لسنوات، حتى عندما أخذته الحياة لطريق لم يكن يتخيله أيٌّ منهما.
ظل الاضطهاد الصهيوني العنصري لحمزة يلاحقه أينما ذهب؛ في رحلة اليونان، ثم في رحلة تركيا، وعندما عمل منقذا على شاطئ "نتانيا"، حتى الواقعة التي كتب الله لها أن تغير حياته.
"رد شلومو على تساؤلاتي هذه قائلا بصراحة: لم يكونوا يعرفون أنك عربي!".
في بدايات عام 1964، كان حمزة يقيم في تل أبيب رفقة أخيه محمد وبعض أصدقائه الذين كانوا يعملون بالمدينة، وزاره ابن عمه وصديقه الحميم "مكرم يونس" لقضاء بعض الأيام.
"مكرم" كان مشاغبا مستفزا، وكان يتكل على قوة لكمات حمزة وصِيْته لكي يغازل الإسرائيليات آمنا من العواقب. يقول حمزة في مذكراته إنه لم يكن يوافق ابن عمه في تصرفاته، ولكنه كان يعلم أن صلة الدم بينهما تُوجِب على حمزة التدخل لإنقاذه كل مرة، وفي إحدى تلك المرات، وأثناء العودة من إحدى الحفلات على دراجة "مكرم" النارية، توقفا لتزويدها بالوقود، ومارس "مكرم" هوايته في التغزل بإحدى الإسرائيليات، وهي، طبقا لحمزة، كانت ممارسة شائعة في ذلك الوقت.
"مكرم" كان أبيض البشرة ويتحدث العبرية بطلاقة، لذا لم تنزعج الفتاة لأنها لم تظنه عربيا، ولكن صاحب المحطة سمعه يتحادث مع حمزة بالعربية، فاستفزه الأمر وأخذ يصيح، فأتى زملاؤه الثلاثة، وعندها اتهم حمزة و"مكرم" بأنهم لا يريدون دفع ثمن البنزين.
دارت المعركة -إن جاز اعتبارها كذلك- وانتهت سريعا بالثلاثي ملقى على الأرض، وركب حمزة الدراجة خلف ابن عمه وانطلقا هاربين، ولكنه خشي أن يكون أحد الصهاينة قد أُصيب بإصابة خطيرة بعد أن لكمه في صدغه.
في اليوم التالي، تحققت مخاوف حمزة عندما تلا "مكرم" عليه عناوين الصحف: "مجهولان يعتديان على عامل محطة وقود يدعى فكتور، حاول مساعدة سيدة كانت تقف في المحطة، وقد نُقل إلى المستشفى حيث اتضح إصابته بارتجاج في المخ".
حينها، في صباح التاسع والعشرين من مارس/آذار عام 1964، قرر حمزة و"مكرم" الهرب إلى "عسقلان"، ومنها إلى غزة، لتنتهي حياتهما القديمة رسميا، ويبدآن رحلة جديدة مغايرة تماما.
"صادفنا نقطة لقوات الطوارئ الدولية، سألنا أحد أفرادها عمن نكون، فزعمنا أننا من غزة، وبعد أن تجاوزنا النقطة رحنا نغني في فرح: إنت عمري اللي ابتدا بنورك صباحه!".
غزة، الواقعة تحت سيطرة السلطة المصرية آنذاك، لم تكن رحيمة بحمزة و"مكرم"؛ قابلهم ضباط المخابرات المصرية بفتور، ولم يتفهموا أسباب هربهم، وطلبوا منهم العودة دون حتى أن يرشدوهم لطريق آمنة، وأدى هذا للقبض عليهم، ووُضعوا في سجن "عسقلان" في الأول من أبريل/نيسان.
بعد توجيه قائمة طويلة من الاتهامات لحمزة و"مكرم"، لا تختلف كثيرا عن اتهامات "تلويث" ثياب الصهاينة بالدماء، وليس من ضمنها الاعتداء على عامل المحطة الذي لا يعلم أحد مصيره حتى اليوم بالمناسبة، قرر حمزة أنه لن يوكل محاميا للترافع عنه، بل وسيمنع أهله من زيارته في السجن حتى.
لماذا؟ لأنه كان قد قرر الهرب بالفعل.
سأكون غداتمكَّن حمزة و"مكرم" من الهرب بعد خطة معقدة تحتاج إلى عدة تقارير لشرحها، ليس فقط لأنها نجحت، وليس فقط لأنها تغلبت على 152 شرطيا رافقتهم كلاب الأثر، وليس فقط لأنها أسفرت عن جلسة في الكنيست لمناقشة السياسات الأمنية للسجون، تبعها طرد مدير سجن "عسقلان" ونائبه وأربعة من الحراس، ولكن أيضا لأنها تكررت بصورتين مختلفتين في سجن "الرملة"، ثم في مستشفى "البيطار"، ليصبح حمزة إبراهيم يونس، في السنوات العشر التالية، أكثر من أفلت من قبضة الاحتلال في تاريخه لحينها.
في هذه السنوات العشر، اتجه حمزة للعمل الثوري مع المقاومة في غزة، وأصبح مقاتلا شرسا صعب المراس، أوكلت له المهام الصعبة والعمليات المستحيلة، لأنه أدرك أخيرا أن "مسالمة العدو، والنفور من العنف، والرغبة في التعايش، هي مبادئ لا تصح إلا مشتركة، تتحول عمليا إلى انتحار عندما يلتزم بها طرف واحد فقط من المعادلة".
"أمسكت يد مكرم وأقسمت أنني سأكون غدا إما في غزة وإما في المستشفى وإما في العالم الآخر".
فجأة، تحول الفتى الذي رغب في تعلم الملاكمة للدفاع عن نفسه ضد مزاج الصهاينة العنصري إلى قائد ميداني يقوده غضب الندم، وعنفوان الملاكم، والتوق للحرية، واحتقار المسكنات وأنصاف الحلول.
إبان هزيمة 1967، رفض حمزة إخلاء موقعه في غزة بناء على توصيات المخابرات المصرية، وظل يقاتل حتى نفدت ذخيرته وأُصيب في ساقه، ليُفاجَأ الصهاينة عند القبض عليه بأنه الرجل الذي ظلوا يبحثون عنه لسنوات بعد هربه من سجن "عسقلان".
بعد أيام قليلة في المستشفى هرب حمزة مجددا عائدا لقريته "عارة" ليلقي السلام الأخير على البيت والأشجار والبركة، ومنها انطلق إلى الضفة فعمّان فبيروت، وانخرط في المقاومة المسلحة مع حركة فتح، وتحديدا قوات العاصفة التي وصل بها إلى رتبة عميد.
المفارقة الكبرى وقعت في 1971، عندما قبض عليه جنود الاحتلال للمرة الأخيرة، بعد اكتشاف خليته من الضفادع البشرية، وحينها أدركوا وأدرك أن حياته السابقة في كنف الاحتلال لم تكن إلا رحلة إعداد طويلة لرسالته الحقيقية في الحياة؛ الغيلان التي اجتاحت قريته، وقوانين الاحتلال المضحكة، وحربتاه القويتان، وإنسانية "فوفتش"، واحترام "نسيم"، ومهاراته في السباحة التي اكتسبها من بركة الطفولة، تحت ظلال أشجار التين واللوز والمشمش والجوز.
حتى مسالمته ونفوره من العنف في طفولته، كانا ما أكسبه هذا اليقين المطلق في فعل المقاومة المسلحة بعد هربه من السجون واحدا تلو الآخر، وإيمانه بحتمية القتال حتى آخر أنفاسه.
حمزة كان مواطنا عربيا فلسطينيا "إسرائيليا" تحت سلطة الاحتلال كما تتمناه سلطة الاحتلال؛ تعايش وسالم وعمل بجِد وتفوق في كل مجال اقتحمه، ولم يلقَ إلا كل عنصرية واضطهاد وتمييز كاد يودي بحياته في السجون، وما كان يهرب منه في طفولته ومراهقته لحق به في كهولته، بعد رحلة طويلة من النضال.
"أبحث عن مكان جديد أهرب إليه، ضاقت علي الأرض بما رحبت".
ما الفارق إذن؟ كل شيء؛ كرامته، وعزة نفسه، وحريته.
___________________________________________
المصادر:
1- الهروب من سجن الرملة؛ سرد القصة الحقيقية كاملة بقلم حمزة يونس 2- حمزة يونس؛ ضاقت بلاد العرب.. فاتسع المنفى السويدي! 3- حمزة يونس.. مقاتل هرب ثلاث مرات من سجون الاحتلال – خزائن 4- حمزة إبراهيم يونس – عريق 5- حمزة يونس.. مهندس الهروب من سجون الاحتلال – البوابة نيوز 6- تاريخ مختصر للهروب من السجن في فلسطين – الجزء الأول – باب الواد 7- سكوت ريتر: "حزب الله قد يصعد عملياته لحرب شاملة بعد اعتداءات إسرائيل على مستشفيات غزة" 8- ضابط استطلاعات المارينز السابق سكوت ريتر يكشف حقيقة حرب إسرائيل على غزة 9- سكوت ريتر: "الخطأ الضخم في حسابات حرب إسرائيل"المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: جیش الاحتلال سکوت ریتر من العنف ما کان لم یکن ن حمزة الذی ی
إقرأ أيضاً:
مفتي الجمهورية مكرمًا في دار مخزومي: للتمسك باتفاق الطائف كمرجعية ثابتة للبنان
أقام رئيس حزب "الحوار الوطني" النائب فؤاد مخزومي وعقيلته مي إفطارا رمضانيا في دارتهما على شرف مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان، بحضور سفراء: المملكة العربية السعودية وليد البخاري، المملكة الأردنية الهاشمية وليد الحديد، جمهورية مصر العربية علاء موسى، الجزائر كمال بو شامة، تونس بوراوي الإمام، والمغرب محمد اكرين، وعدد من النواب والوزراء الحاليين والسابقين، والمرجعيات الروحية ورجال الدين، ورؤساء جمعيات وفاعليات وإعلاميين.
وألقى مخزومي كلمة رحب فيها بالحضور وبالمفتي دريان، وأكد "دعمه لسماحته للاستمرار في حمل رسالة الاعتدال وصلابة الموقف وحفظ العيش المشترك"، وقال: "إن لبنان يعبر في مرحلة انتقالية صعبة وقاسية عاشها أهلنا خلال الحرب الإسرائيلية المدمرة التي كنا قد حذرنا منها مرارا وتكرارا. ورغم كل ما حصل، فإن ما بلسم الجراح، عودتنا التدريجية للتعافي، ونهوض الدولة من تحت الركام".
وشدد على "أهمية المصالحة، لكن قبلها المصارحة ومواجهة الحقائق بأنه لن يكون هناك إعمار إذا لم تتم تلبية شروط بناء دولة فعلية"، وقال: "إن المطلوب عودة الدولة عبر بسط سلطتها بقواها الشرعية وحدها، على أراضيها وبتطبيق الدستور واتفاق الطائف الذي ينص على سحب سلاح الميليشيات، واتفاق وقف اطلاق النار والقرارات الدولية 1559 1680 و1701 واتفاق الهدنة، توصلا إلى استمرار مساعدة المجتمع الدولي لنا، كي نحمي لبنان وسيادته".
من جهته، شكر مفتي الجمهورية لمخزومي "استضافته وتكريمه"، قائلا: "إن نائب بيروت يبذل كل جهد لمساعدة الناس والوقوف إلى جانب أهله في بيروت".
وشدد على "أهمية التمسك بالدستور واتفاق الطائف كمرجعية ثابتة للبنان"، محذرا من "أي محاولة للالتفاف عليهما لما قد يجره ذلك من صراعات داخلية وخارجية".
أما عن الوضع الحكومي، فأكد المفتي دريان "دعمه للحكومة"، وقال: "هذا الدعم يترافق مع الترقب لما ستقوم به هذه الحكومة بشكل سريع وملح".
وأشار إلى أن "تحفظات البعض على الحكومة مهما كانت الاسباب لن يمنع إعطاءها الفرصة لتحقيق ما يتطلع اليه الشعب اللبناني".
وأبدى تفاؤلا حذرا من الوضع الداخلي، منتقدا "ارتباط البعض بأجندات خارجية"، وقال: "عندما يعود كل اللبنانيين إلى لبنانيتهم وتعود كل الأحزاب إلى لبنانيتها نكون أمام موالاة ومعارضة طبيعية من أجل الوطن".
أضاف: "إن شهر رمضان يبعث فينا الأمل نحو مستقبل أفضل، وهذا ما نطمح إليه جميعا في لبنان وفي محيطنا العربي".
وذكر بفلسطين والمسجد الأقصى، لافتا إلى أن "المجاعة ما زالت في غزة في هذا الشهر الفضيل"، متسائلا: "ماذا سيفعل المسلمون والعرب تجاه هذا الواقع؟"، وقال: "إننا أمام عدو غاشم، صراعنا معه صراع تاريخي ديني، وعلينا أن نبقى متكاتفين مع إخواننا الفلسطينيين في تصديهم لهذا العدو، وسنبقى مع فلسطين حتى قيام الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية".
وعن سوريا، أكد المفتي دريان "الوقوف إلى جانب الدولة السورية الجديدة"، مشددا على أن "لبنان كان دائما داعما لخيارات الشعب السوري"، داعيا إلى "احترام سيادة سوريا واستقرارها".
وأشار إلى أن "دار الفتوى واللبنانيين يقفون إلى جانب النازحين السوريين الذين ما زالوا يعيشون على الاراضي اللبنانية"، رافضا "أي تغول عليهم أو أي اعتداء من حرق لخيمهم أو ما يشابه ذلك".
وتحدث عن مدينة طرابلس والشمال، مؤكدا أنها "جزء أساسي من لبنان"، وقال: "إن طرابلس ليست مدينة الإرهاب، بل هي مدينة العلم والوطنية والعروبة، وكانت وما زالت مدينة آمنة تحتضن جميع اللبنانيين".
كما دعا إلى "تعزيز الأمن والاستقرار فيها"، محذرا من "محاولات البعض لتشويه سمعتها"، مؤكدا أن "الدولة يجب أن تتخذ إجراءات صارمة ضد من يحاول العبث بأمن المدينة".
ودعا إلى "التكاتف الوطني"، معتبرا أن "أي انحراف عن المسار الوطني الجامع سيعيد لبنان إلى دوامة الفوضى وعدم الاستقرار"، مطالبا "الجميع بتغليب المصلحة الوطنية على المصالح الفئوية".
ختاما، دعا مخزومي المجتمعين إلى مائدة الإفطار. مواضيع ذات صلة بيان سعودي لبناني مشترك: التأكيد على أهمية التطبيق الكامل لاتفاق الطائف Lebanon 24 بيان سعودي لبناني مشترك: التأكيد على أهمية التطبيق الكامل لاتفاق الطائف 11/03/2025 21:04:48 11/03/2025 21:04:48 Lebanon 24 Lebanon 24 مفتي عكار شارك في افتتاح مؤتمر جامعة المقاصد حول الإمام الأوزاعي Lebanon 24 مفتي عكار شارك في افتتاح مؤتمر جامعة المقاصد حول الإمام الأوزاعي 11/03/2025 21:04:48 11/03/2025 21:04:48 Lebanon 24 Lebanon 24 بيان مشترك في ختام زيارة عون إلى السعودية: لتطبيق اتفاق الطائف وحصر السلاح بيد الدولة Lebanon 24 بيان مشترك في ختام زيارة عون إلى السعودية: لتطبيق اتفاق الطائف وحصر السلاح بيد الدولة 11/03/2025 21:04:48 11/03/2025 21:04:48 Lebanon 24 Lebanon 24 المفتي طالب: زيارة رئيس الجمهورية للسعودية تشكل خطوة مهمة في التصدي لأطماع العدوّ Lebanon 24 المفتي طالب: زيارة رئيس الجمهورية للسعودية تشكل خطوة مهمة في التصدي لأطماع العدوّ 11/03/2025 21:04:48 11/03/2025 21:04:48 Lebanon 24 Lebanon 24 قد يعجبك أيضاً قذائف في سهل الفرزل.. والجيش يتحرك Lebanon 24 قذائف في سهل الفرزل.. والجيش يتحرك 14:51 | 2025-03-11 11/03/2025 02:51:04 Lebanon 24 Lebanon 24 مخزومي: الدولة وحدها قادرة على منع الحرب Lebanon 24 مخزومي: الدولة وحدها قادرة على منع الحرب 14:12 | 2025-03-11 11/03/2025 02:12:45 Lebanon 24 Lebanon 24 في طرابلس.. كمين محكم يطيح بأخطر مروّجي المخدرات Lebanon 24 في طرابلس.. كمين محكم يطيح بأخطر مروّجي المخدرات 14:01 | 2025-03-11 11/03/2025 02:01:39 Lebanon 24 Lebanon 24 إليكم صور الأسرى الذين سلّمتهم إسرائيل للبنان Lebanon 24 إليكم صور الأسرى الذين سلّمتهم إسرائيل للبنان 13:45 | 2025-03-11 11/03/2025 01:45:37 Lebanon 24 Lebanon 24 شيخ العقل اتصل بالبطاركة الراعي واليازجي والعبسي.. هذا ما دعاهم إليه Lebanon 24 شيخ العقل اتصل بالبطاركة الراعي واليازجي والعبسي.. هذا ما دعاهم إليه 13:42 | 2025-03-11 11/03/2025 01:42:02 Lebanon 24 Lebanon 24 الأكثر قراءة حرق نفسه لأجل سلاف فواخرجي! Lebanon 24 حرق نفسه لأجل سلاف فواخرجي! 17:00 | 2025-03-10 10/03/2025 05:00:00 Lebanon 24 Lebanon 24 الحرارة ستنخفض 21 درجة بقاعاً.. لا تفرحوا كثيرا بالطقس الربيعي استعدوا لـ "غدر" آذار Lebanon 24 الحرارة ستنخفض 21 درجة بقاعاً.. لا تفرحوا كثيرا بالطقس الربيعي استعدوا لـ "غدر" آذار 04:31 | 2025-03-11 11/03/2025 04:31:24 Lebanon 24 Lebanon 24 بالصورة... وفاة ممثلة في حادث سير مروّع وإصابة 3 من زميلاتها! Lebanon 24 بالصورة... وفاة ممثلة في حادث سير مروّع وإصابة 3 من زميلاتها! 06:59 | 2025-03-11 11/03/2025 06:59:00 Lebanon 24 Lebanon 24 تقرير أميركي: هذا مصير سلاح "حزب الله" Lebanon 24 تقرير أميركي: هذا مصير سلاح "حزب الله" 15:58 | 2025-03-10 10/03/2025 03:58:13 Lebanon 24 Lebanon 24 هذه هوية المُستهدف في الغارة على جنوب لبنان اليوم Lebanon 24 هذه هوية المُستهدف في الغارة على جنوب لبنان اليوم 08:55 | 2025-03-11 11/03/2025 08:55:41 Lebanon 24 Lebanon 24 أخبارنا عبر بريدك الالكتروني بريد إلكتروني غير صالح إشترك أيضاً في لبنان 14:51 | 2025-03-11 قذائف في سهل الفرزل.. والجيش يتحرك 14:12 | 2025-03-11 مخزومي: الدولة وحدها قادرة على منع الحرب 14:01 | 2025-03-11 في طرابلس.. كمين محكم يطيح بأخطر مروّجي المخدرات 13:45 | 2025-03-11 إليكم صور الأسرى الذين سلّمتهم إسرائيل للبنان 13:42 | 2025-03-11 شيخ العقل اتصل بالبطاركة الراعي واليازجي والعبسي.. هذا ما دعاهم إليه 13:41 | 2025-03-11 البزري عرض مع سفير الجزائر الاوضاع في لبنان والمنطقة فيديو "خرابة بيوت وفاتنة ست اليأس".. هكذا وصف رامز جلال ضيفته الجميلة (فيديو) Lebanon 24 "خرابة بيوت وفاتنة ست اليأس".. هكذا وصف رامز جلال ضيفته الجميلة (فيديو) 01:12 | 2025-03-11 11/03/2025 21:04:48 Lebanon 24 Lebanon 24 بعد إخفاء حمل زوجته ايمي سمير غانم.. هكذا برر حسن الرداد السبب (فيديو) Lebanon 24 بعد إخفاء حمل زوجته ايمي سمير غانم.. هكذا برر حسن الرداد السبب (فيديو) 03:23 | 2025-03-10 11/03/2025 21:04:48 Lebanon 24 Lebanon 24 مُفاجأة من العيار الثقيل.. فنان مصري يعترف بزواجه وطلاقه من دانا الحلبي: اتبهدلت بهدلة (فيديو) Lebanon 24 مُفاجأة من العيار الثقيل.. فنان مصري يعترف بزواجه وطلاقه من دانا الحلبي: اتبهدلت بهدلة (فيديو) 03:11 | 2025-03-10 11/03/2025 21:04:48 Lebanon 24 Lebanon 24 Download our application مباشر الأبرز لبنان خاص إقتصاد رمضانيات عربي-دولي فنون ومشاهير متفرقات Download our application Follow Us Download our application بريد إلكتروني غير صالح Softimpact Privacy policy من نحن لإعلاناتكم للاتصال بالموقع Privacy policy جميع الحقوق محفوظة © Lebanon24