ألقى خطبة الجمعة اليوم بالجامع الأزهر الدكتور حسن الصغير، الأمين العام لهيئة كبار العلماء، والتى دار موضوعها حول "الأمل والعمل".

خطيب الأزهر: على المسلمين في بقاع الأرض مواصلة الدعاء نصرة لإخواننا في فلسطين

وقال د. حسن الصغير، إن الله خلق الإنسان ودبر له أمره فى هذه الحياة، وقدر له أحواله فيها، فهو سبحانه وتعالى الخالق القادر الحكيم والمدبر، وشاء المولى عزّ وجلَّ أن يكون حال الإنسان فى الحياة ما بين سعة وضيق، كرب وفرج، شدة ورخاء، عسر ويسر، سعادة وشقاء وفرح وترح، كلها أحوال متقابلة وما بينهما من أحوال كلها فى علم الله وبقدره، وكلها بحكمة الله عزّ وجلَّ.

ولفت خطيب الجامع الأزهر ، إلى أن إيمان المؤمن حيال كل تلك الأحوال يجعله فى ثقة في الله وتقديره وحكمته وتدبيره، لأن إيمانه بالله لا يجعله يقنط أو ييأس أبداً، فكما أنه آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، فهو يؤمن بالقدر خيره وشره، حلوه ومره، فتجده فى الفرح والسعة، والرخاء والسعادة، شاكراً لله، قال تعالى: "وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ ۖ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيد"، يشكره على نعمة الخير، الأمن، الرخاء، الصحة، العافية، الولد والإيمان.

واستطرد د.الصغير، قائلا: إنه إذا ما تبدل حال المؤمن بقدر الله عزّ وجلَّ وتحول إلى ضيق بعد سعة، عسر بعد يسر، شقاء بعد سعادة وضرر بعد فرح؛ تجده موقناً بالله صابراً محتسباً آخذ بالأسباب التى تغير حاله والتى يسرها الله عزّ وجلَّ لينتقل من الضيق إلى الفرج، من الحزن إلى السرور ومن الشقاء إلى السعادة. قال ﷺ ﴿عَجَباً لأمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ لَهُ خَيْرٌ، وَلَيْسَ ذَلِكَ لأِحَدٍ إِلاَّ للْمُؤْمِن: إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْراً لَهُ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خيْراً لَهُ﴾

وبيّن خطيب الجامع الأزهر ، أنه مهما رأى المؤمن منا وشاهد وعايش من حوله من المصائب والفظائع التى يقع فيها إخوان له فى الإسلام، فإن الإيمان يجعله يصبر ويحتسب ويأخذ بالأسباب التى ترفع عنهم ضيقهم وكربهم والأغلال التى فرضت عليهم، فالمؤمن لا يعرف اليأس والقنوط، قال تعالى: ﴿إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ﴾ لأن قلبه عامر بالإيمان على نحو يجعله آمن مطمئن أن الله عزّ وجلَّ سوف يغير الأحوال، ولذا وجب عليه فقط الأخذ بالأسباب والتوكل على الله، قال صلى الله عليه وسلم: "لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير، تغدو خماصاً وتروح بطاناً"، وفي هذا الحديث صور النبى ﷺ للمؤمنين من أحوال الناس وأهل الأديان بل البشر جميعاً أن الأمر قد يصل بالإنسان إلى حالة دمار شامل وهلاك مستعير وذلك إذا قامت القيامة، فإنه صلى الله عليه وسلم يأمرنا ألا ينقطع أملنا ولا رجاؤنا فى الله، وهو تصوير بديع منه ﷺ يلقى فى قلب أهل الإيمان دعائم الثقة بالله والأمل والرجاء وحسن الظن به سبحانه وتعالى. قال ﷺ ﴿إِنْ قَامَتْ عَلَى أَحَدِكُمُ الْقِيَامَةُ، وَفِي يَدِهِ فَسِيلَةٌ فَلْيَغْرِسْهَا﴾ لأنه بالأمل والعمل يستفيد الناس ولو للحظة قبل أن يحشروا إلى خالقهم،فهذا هو تمام الإيمان.

قرينان متلازمان.. علماء الأزهر والأوقاف: المؤمنون هم أعظم الناس أملًا في الله

وأوضح د. الصغير، أنه من الجمال فى الإسلام أن يدعو المسلمين فى كل وقت وحين إلى الثبات وقت الضيق والشدائد، وأن يكون لديهم ثقة بالله وأن يعملوا قدر استطاعتهم لأنه إذا أراد شيئاً تهيأت له الأسباب، قال تعالى: ﴿إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَن نَّقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ﴾.

وأشار إلى أن القرآن الكريم به الكثير من الآيات التى تدل على ذلك منها قوله تعالى: ﴿وَالضُّحَىٰ ﴿۱﴾ وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَىٰ ﴿۲﴾ مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَىٰ ﴿۳﴾ وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَىٰ ﴿٤﴾ وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَىٰ﴾ وقوله: ﴿أَلَم نَشرَح لَكَ صَدرَكَ (1) وَوَضَعنَا عَنكَ وِزرَكَ (2) ٱلَّذِيٓ أَنقَضَ ظَهرَكَ (3) وَرَفَعنَا لَكَ ذِكرَكَ (4) فَإِنَّ مَعَ ٱلعُسرِ يُسرًا (5) إِنَّ مَعَ ٱلعُسرِ يُسرٗا﴾.

وتحدث خطيب الجامع الأزهر ، عن الظرف الصعب الذى تعيشه الأمة الإسلامية ليل نهار، وبيّن أنه رغم صعوبته إلا أن كتاب الله عزّ وجلَّ ينبهنا إلى أن هذا الظرف إن وقع على النفس فهو ابتلاء من الله عزّ وجلَّ يحتاج منا إلى الصبر واليقين والأخذ بالأسباب، ففى قضية القدس وما يحدث فى فلسطين من قتل وتخريب وسفك للدماء بشكل غير مسبوق، نجد فى كتاب الله ما يدلنا على قوة الثبات، فهو يخبرنا بعدم اليأس والقنوط، وخير دليل على ذلك مشهد الأحزاب مع النبى ﷺ وما رفعه الله عنه وعن القلة التى كانت معه ﷺ قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَّمْ تَرَوْهَا ۚ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا﴾ لكنهم أخذوا بالأسباب، فتكفل الله بدفع هؤلاء الأحزاب عنهم قال تعالى: ﴿وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا ۚ وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ ۚ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا﴾ فالقرآن يذكر الناس فى كل وقت وحين بأن النصر يكون مع الضعف والضيق والعذاب الشديد قال تعالى: ﴿أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلِكُم ۖ مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّىٰ يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَىٰ نَصْرُ اللَّهِ ۗ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ﴾

واختتم د.الصغير، حديثه بدعوة المؤمنين إلى التسلح بسلاح الإيمان والإعتصام بالله والأخذ بما تيسر من الأسباب واليقين التام بأن الله غالب على أمره قال تعالى: ﴿إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَن يَقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ﴾ وأن هذا حال الرسل جميعاً قبل بعثته ﷺ قال تعالى: ﴿حَتَّىٰ إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَن نَّشَاءُ ۖ وَلَا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ﴾ فهذه هى العقيدة وهذا هو اليقين الصادق بالله عزّ وجلَّ قال تعالى: ﴿إِنَّ ٱلَّذِينَ يُحَآدُّونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥٓ أُوْلَٰٓئِكَ فِي ٱلأَذَلِّينَ (20) كَتَبَ ٱللَّهُ لَأَغلِبَنَّ أَنَا۠ وَرُسُلِيٓ إِنَّ ٱللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيز﴾ وأنه مع الأسباب المادية لابد من الأسباب المعنوية قال تعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِذَا لَقِيتُم فِئَةٗ فَٱثبُتُواْ وَٱذكُرُواْ ٱللَّهَ كَثِيرٗا لَّعَلَّكُم تُفلِحُونَ (45) وَأَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ وَلَا تَنَٰزَعُواْ فَتَفشَلُواْ وَتَذهَبَ رِيحُكُم وَٱصبِرُوٓاْ إِنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلصَّٰبِرِينَ﴾

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: الأزهر خطبة الجمعة اليوم الجامع الازهر الأمين العام لهيئة كبار العلماء الأمل والعمل فلسطين خطیب الجامع الأزهر قال تعالى الله عز

إقرأ أيضاً:

سنة مهجورة كان يفعلها النبي بعد الانتهاء من الضيافة.. احرص عليها

حثّ الدين الإسلامي الحنيف على إكرام الضيف وحسن استقباله، إلاّ أنّ هناك سنة وعمل مستحب كان يفعله النبي محمد صلى الله عليه وسلم، عند الانتهاء من ضيافته وقبل مغادرة منزل المضيفين.

الدعاء للمضيفين

وحول السنة المهجورة، قال الدكتور عطية لاشين، عضو لجنة الفتوى في الأزهر الشريف، إنّه يُستحب أن يعبر الضيف عن شكره لمن استضافوه من خلال الدعاء، مشيرًا إلى أنّ الدعاء عَنْ أَنسٍ رضي الله عنه، أَنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم جَاءَ إِلى سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ رضي الله عنه، فَجَاءَ بِخُبْزٍ وَزَيْتٍ، فَأَكَلَ، ثُمَّ قالَ النبيُّ : «أَفْطَرَ عِندكُمْ الصَّائمونَ، وأَكَلَ طَعَامَكُمْ الأَبْرَارُ وَصَلَّتْ عَلَيْكُمُ المَلائِكَةُ».

ولفت لاشين إلى أنّ الدعاء بهذه الصيغة الواردة عن النبي عليه الصلاة والسلام من شأنه أن يقوي الروابط الاجتماعية. 

ثواب إكرام الضيف

ودلت السنة النبوية على ثواب إكرام الضيف، واحتسابه من الأعمال الصالحة التي يكتبها الله عز وجل صدقة للمضيف، فعَنْ أَبِي شُرَيْحٍ الْخُزاعِي رضي الله عنه قَالَ: سَمِعَتْ أُذُنَايَ وَأَبْصَرَتْ عَيْنَايَ حِينَ تَكَلَّمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ جَائِزَتَهُ» قَالَ: وَمَا جَائِزَتُهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ، وَالضِّيَافَةُ ثَلاَثَةُ أَيَّامٍ، فَمَا كَانَ وَرَاءَ ذَلِكَ فَهْوَ صَدَقَةٌ عَلَيْهِ» رواه البخاري (5673) وفي لفظ لمسلم (48): «الضِّيَافَةُ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ، وَجَائِزَتُهُ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ».

مقالات مشابهة

  • رئيس «الشيوخ» يطالب بإصدار تشريع للحفاظ على الرقعة الزراعية
  •  دعاء قبل المذاكرة لطلاب الثانوية العامة والأزهرية 2024
  • دعاء للإصلاح بين المتخاصمين.. لتهدئة النفوس وزرع السلام في القلوب
  • القدس إرثنا الديني والتاريخي
  • أشرف سالمان: العلمين الجديدة في مكان من أجمل بقاع الأرض.. و«نبتة» عمل جبار
  • الجامع الأزهر يناقش الإسلام وحقوق الجار.. غدًا
  • سنة مهجورة كان يفعلها النبي بعد الانتهاء من الضيافة.. احرص عليها
  • أدعية يُستجاب لها في لمح البصر.. منها دعاء يونس عليه السلام
  • حقيقية منشور خطيب الحرم المكي ياسر الدوسري.. «الأرض تتهيأ لأمر عظيم»
  • لا تنسوا الدعاء فهو عبادة يحبها الله