سورة يوسف.. قصة الاختبار والإيمان
تاريخ النشر: 17th, November 2023 GMT
تعتبر سورة يوسف من السور المكية التي نزلت بعد سورة هود، وقد جاءت في فترة صعبة من الدعوة المكية. في هذه الفترة، تعرض رسول الله والمؤمنون للاضطهاد والمضايقات من قبل قريش، حتى أذن للمسلمين بالهجرة إلى الحبشة. في هذا السياق الصعب، نزلت سورة يوسف لتعزي وتوسّع صدر النبي وتُبشِّره بالفرج والتمكين بعد الضيق والاستضعاف.
تروي سورة يوسف قصة النبي يوسف بكل تفاصيلها، من طرده من بيت أبيه وتربيته بعيدًا عن أهله، وحتى بلوغه سن الرشد ونبوته ودعوته لدين الله، ومن ثم توليه الحكم وتفوقه في الإدارة والسياسة، وكان يوسف قدوة حسنة للناس. ولذلك، تعتبر سورة يوسف أطول قصة في القرآن الكريم.
تترابط سورة يوسف مع سورة الرعد التي تليها. الهدف من ذكر قصص الأنبياء ودعوتهم في القرآن الكريم هو التأثير في الناس وهدايتهم. وكذلك، سورة الرعد تهدف إلى التأثير في الناس وتوجيههم. تبدأ سورة الرعد بذكر قدرة الله وآياته في الكون وتحث الناس على التفكر والتدبر في خلق الله. بالتالي، يمكننا رؤية الربط الواضح بين سورة يوسف وسورة الرعد في سعيهما المشترك لتوجيه الناس وتأثيرهم.
وبخصوص سبب نزول سورة يوسف، هناك عدة أقوال. بعض أهل العلم يرون أنه لا يوجد سبب محدد لنزولها، ويعتقدون ذلك بناءً على عدم صحة معظم الروايات التي تحدثت عن أسباب النزول. ومن الإشارات التي تدعم هذا الرأي هو قول الله تعالى في السورة "لَقَد كانَ في يوسُفَ وَإِخوَتِهِ آياتٌ لِلسّائِلينَ"، وهو إشارة إلى وجود أشخاص يسألون عن يوسف وقصته.
وهناك قول آخر يروي أن جماعة من اليهود أرسلوا إلى قريش يطلبون منهم اختبار رسول الله صلى الله عليه وسلم، واستفسروا عن نبي خرج من بلاد الشام إلى مصر وتفاأعتذر عن الانقطاع المفاجئ في الرد. وفيما يتعلق بسؤالك، لا يوجد سبب محدد وموثوق لنزول سورة يوسف، فقد تناولت الروايات المختلفة هذا الموضوع ولكنها غير موثوقة وتتعارض مع بعضها البعض. يجدر بالذكر أن السبب الدقيق لنزول السورة ليس ضروريًا لفهم واستيعاب الدروس والعبر التي تحتويها.
تعتبر سورة يوسف من السور القصصية في القرآن الكريم، وتحكي قصة النبي يوسف وتجاربه المتعددة، بدءًا من حلمه ومعاناته مع إخوته ورميه في البئر، ومن ثم بيعه كعبد وتورطه في مشكلة مع امرأة العزيز، وأخيرًا تحقيق حلمه وتكريمه كوزير في مصر.
تتضمن السورة العديد من العبر والدروس التي يمكن استخلاصها، مثل التوكل على الله في جميع الأحوال، والصبر في مواجهة الصعاب، والعفو والرحمة، وتوحيد الله والابتعاد عن الشرك والغرور. كما تبرز أهمية العدل والأمانة في حكم يوسف وسمته الحكمة والثقة.
بالإضافة إلى ذلك، تحمل السورة رسالة قوية عن القدر والمصير، حيث يتجلى قدر الله في أحداث حياة يوسف وتحقيق أحلامه التي كان يرويها لإخوته. ويتعلم المؤمنون من خلال هذه السورة أن الله هو الحاكم الأعلى وأن قضاءه وقدره يتحقق بالنهاية.
لذا، يمكننا أن نستفيد من سورة يوسف بأن نأخذ العبر والدروس من قصته ونطبقها في حياتنا، ونثق بقدر الله ونعتمد على الصبر والتوكل في مواجهة التحديات والابتعاد عن الشرك والغرور.
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: سورة يوسف قصة يوسف سيدنا يوسف
إقرأ أيضاً:
فضل الستر على العُصاة في الإسلام.. اعرف أهميته الشرعية
ورد إلى دار الإفتاء المصرية، سؤال يقول (ما حكم الستر على العصاة؟ حيث رأيت أحد الناس يرتكب معصيةً؛ فماذا أفعل؟ هل أخبر الناس بهذا الفعل وأقوم بنشره في وسائل التواصل الاجتماعي أو أن الستر عليه أولى؟
وقالت دار الإفتاء في إجابتها على السؤال، إن الشرعُ الشريف قد حَثَّ على الستر؛ لأنَّ أمور العباد الخاصّة بهم مبنيةٌ على الستر؛ فلا يصحّ من أحد أن يكشف ستر الله على غيره حتى ولو كان ذلك معصيةً؛ قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم فيما رواه أبو هريرة رضي الله عنه: «مَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ» رواه مسلم.
وفي رواية لابن ماجه: «منْ سَتَرَ عَوْرَةَ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ سَتَرَ اللهُ عَوْرَتَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ كَشَفَ عَوْرَةَ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ كَشَفَ اللهُ عَوْرَتَهُ حَتَّى يَفْضَحَهُ بِهَا فِي بَيْتِهِ». قال الإمام أبو عمر ابن عبد البر في "التمهيد" (5/ 337، ط. مؤسسة قرطبة): [وفيه أيضًا ما يدلّ على أنَّ الستر واجب على المسلم في خاصة نفسه إذا أتى فاحشة، وواجب ذلك عليه أيضًا في غيره] اهـ.
ويقول الشيخ عليش المالكي في "منح الجليل" (3/ 408، ط. دار الفكر): [يجب ستر الفواحش على نفسه وعلى غيره لخبر: «مَنْ أَصَابَ مِنْ هَذِهِ الْقَاذُورَاتِ شَيْئًا فَلْيَسْتَتِرْ بِسِتْرِ اللهِ»] اهـ.
وقالت دار الإفتاء إنَّ نشر خصوصيات الناس فيه اعتداءٌ صريحٌ على حقوق الناس الأسرية والمجتمعية الخاصة والعامة؛ وهذا مذمومٌ شرعًا، وهو أيضًا جريمة قانونية يُعاقَب عليها وفق القانون رقم (175) لسنة 2018م، والخاص بـ"مكافحة جرائم تقنية المعلومات"؛ فقد جَرَّم المُشَرِّع المصري في هذا القانون نشر المعلومات المُضَلِّلة والمُنَحرفة، وأَوْدَع فيه مواد تتعلق بالشق الجنائي للمحتوى المعلوماتي غير المشروع.
ففي المادة (25) من القانون المشار إليه نَصَّ على: [يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر، وبغرامة لا تقل عن خمسين ألف جنيه ولا تجاوز مائة ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين: كل مَن اعتدى على أي من المبادئ أو القيم الأسرية في المجتمع المصري، أو انتهك حرمة الحياة الخاصة..] اهـ.
وبناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فقد حثَّ الشرع الشريف على الستر والاستتار؛ ممَّا يدلّ على فضل الستر على الناس والحفاظ على حرماتهم.