قال الأستاذ الدكتور شوقي علام - مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم: إن مفهوم ولي الأمر من الموضوعات المهمة التي يجب تسليط الضوء عليها، لأن هناك الكثير من الثقافات الفقهية السائدة ترى أن فكرة ولي الأمر فكرة قديمة وجامدة وليست متطورة، إلا أن مفهوم ولي الأمر باقِ ويتطور بما يناسب كل زمن وعصر.

جاء ذلك خلال لقائه الأسبوعي في برنامج "للفتوى حكاية" مع الإعلامي شريف فؤاد على فضائية قناة الناس مضيفًا فضيلته أن الشريعة لم تقف عاجزة عن مراعاة المستجدات، وليست عقبة أمام أي تقدم أو إنجاز أو تطور فهي تتفق وتقبل أي تطور وتقدم طالما لا يتعارضا مع أصولها ولا توجد مشكلة تستعصى على الحل أمام الشريعة أو الفقه.

ولفت المفتي إلى أن للشريعة الإسلامية منهجها الرَّصين، وضوابطها الواضحة في احتواء النوازل والمستجدات على مدى القرونِ السالفةِ، حيث إنها تعتمد على مبادئَ التيسيرِ والسماحةِ، وسهولةِ التطبيقِ، وتنزيلِ الأحكام الشرعية الثابتة في الكتاب والسنة على الواقعِ بما يوافق حالةَ الإنسان الخاصةَ وظروفَ المجتمعات بشكل عامٍّ، وهذا يُعدُّ من أهم خصائص الشريعة الإسلامية بصفة عامة، وقد أثمرَ ذلك بالضرورة صلاحيةَ هذه الشريعة لكلِّ زمانٍ ومكانٍ، ومرونتَها الكبيرة في مواجهة النوازل والقضايا التي تَستَجِدُّ، ذلك لأن الشريعة الإسلامية ربانيةُ المصدر، قد جاءت بواسطة الوحي من لدن الحكيم الخبير تبارك وتعالى، مراعيةً لمصالح العباد، نافيةً لجميع صور التشدد والغُلُوِّ والتضييق.

وشدد مفتي الجمهورية على أن الجماعات المتشددة ضيَّعت قواعد مستقرة وأمورًا ثابتة عند علماء المسلمين في تفسير النصوص، فلم تفهم هذه الجماعاتُ الغاياتِ من تصرفات النبي الكريم صلى الله عليه وسلم وأفعاله، وخصوصية بعض المواقف دون غيرها، وهي مسألة جلية وضَّحها كثير من العلماء، فقد فرَّقوا بين تصرفات النبي الكريم في أنحاء أربعة، وهي أن النبي صلى الله عليه وسلم قد يتصرف بمقتضى كونه مبلِّغًا عن ربه، وقد يتصرف بمقتضى كونه قاضيًا، أو كونه مفتيًا، أو كونه وليًّا وإمامًا للمسلمين في حالات أخرى، وهذه أمور كانت حاضرة وبقوة ومعروفة عند الصحابة الكرام.

ولفت مفتي الجمهورية لبعض المعالم البارزة التي تميزت بها معركة بدر الكبرى والتي تصرف فيها النبي صلى الله عليه وسلم باعتباره وليًّا وإمامًا، من إيثار السلم واستنفاد الخيارات المتاحة على الحرب، والشورى بين القائد وجنوده، كما كان حوار سيدنا الرسول الكريم مع أحد الصحابة من النقاش المتحضر عن أسباب ودوافع الحرب، وكذلك التخطيط المدروس، وأعمال الرصد والاستطلاع لخطط وخطوط العدو، تعطي دروسًا مجيدة في التعايش والسلام وتعظيم المشترك، وتمثِّل عظات بالغة في الكفاح والعزة، وهي بمجموعها كفيلة لتكون في حاضرنا نقطة انطلاق في مسيرة هذه الأمة نحو الاستقرار والتقدم، وتحقيق التكامل بينها وبين العالم والإنسانية.

وأضاف المفتي أن اختصاصات الدولة -أو فقه الدولة- كانت من الأمور الغائبة عن الذين يتصدرون المشهد من هذه الجماعات المتطرفة ظنًّا منهم أن الأحكام كلها على السواء، ولم يدرك هؤلاء أن هناك أحكامًا خاصة بالدولة، خلاًفا لما فهمه جيل الصحابة والتابعين.

وأوضح مفتي الجمهورية أن الفقهاء رأوا أن انتزاع الاختصاصات من ولي الأمر أو منازعته فيها أو القفز فوق سلطاته يُعد من الافتئات عليه، مما جعلهم يَنصُّون على عقوبتها، وهذا يعني أنهم اهتموا بحفظ كيان الدولة. أما المتابع لأقوال المجموعات المتطرفة المعاصرة وأفعالهم فيجد أنهم اعتقدوا أنهم هم وحدهم مَن يفهمون الشرع، وأنهم وحدَهم مَن يطبِّقونه، بل هم وحدهم المسلمون وغيرهم دون ذلك، فهم لم يفهموا النص الشرعي ولم يُحسنوا تطبيقه.

واختتم المفتي حواره بالتأكيد على أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم اجتهد في بعض الأمور التي لم ينزل فيها نص قطعي واجتهد في أخرى لحين نزول الوحي الشريف مصححًا أو مؤيدًا، وكان أغلبها مؤيدًا لاجتهاده. وكان اجتهاده عليه السلام بحضرة الصحابة لتكون سنَّة حسنة لعلماء الأمة من بعده. وكذلك ترك عليه السلام للصحابة الكرام رضوان الله عليهم مساحة للاجتهاد ودرَّبهم تدريبًا عمليًّا على الاجتهاد حتى يستطيعوا مواجهة الحياة وتغيراتها من بعده، وتصرفاته صلى الله عليه وسلم ينبغي أن تسند لمؤسسات الدولة حاليًا ويجب ألا يقوم بها فرد بحجة اتّباع أو تقليد النبي صلى الله عليه وسلم.

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: الفقهاء مفتي الجمهورية الشريعة الإسلامية الشريعة الجماعات المتشددة ولي الأمر النبی صلى الله علیه صلى الله علیه وسلم مفتی الجمهوریة ولی الأمر مفتی ا

إقرأ أيضاً:

قطاع المياه في حجة ينظم فعالية ثقافية بذكرى استشهاد الإمام الحسين عليه السلام

الثورة نت|

نظمت المؤسسة المحلية للمياه والصرف الصحي وفروع هيئات مياه الريف والموارد المائية وحماية البيئة في حجة،اليوم، فعالية ثقافية بذكرى استشهاد الإمام الحسين عليه السلام.

وفي الفعالية استعرض وكيل المحافظة لشئون مركز المحافظة، أحمد الأخفش، مكانة الإمام الحسين عليه السلام وأهمية إحياء الذكرى للتعبير عن الارتباط بالإمام الحسين عليه السلام وموقفه ومبادئه ورؤية القرآن الكريم.

واعتبر إحياء ذكرى عاشوراء تخليدا لثورة سبط الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم وإحساسا بمأساة الأمة باستشهاد الإمام الحسين والمظلومية التي تعرض لها وإحياء روح المسئولية وتجديد العهد بالسير على درب سيد شباب أهل الجنة.

واستعرض بحضور مدير المؤسسة المحلية للمياه المهندس أمين المغلس ونائبه إبراهيم صعصعة ومدير مديرية مركز المحافظة عصام الوزان، أسباب العدوان على اليمن، مقارنا بين تضحيات الشعبين اليمني والفلسطيني في مواجهة الطغاة والمستكبرين.

وأكد أهمية استشعار المسؤولية في تجسيد قيم ومبادئ وشجاعة الإمام الحسين عليه السلام في الواقع العملي والاستمرار في الحشد والتعبئة والاستنفار دعما للشعب الفلسطيني وانتصارا للأقصى ومواصلة المسيرات والفعاليات والأنشطة المناصرة للمظلومين والمستضعفين في غزة.

فيما تطرق المدير الفني بالمؤسسة محمد عبدالودود، إلى مكانة الإمام الحسين في قلب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ودوره في الخروج على الظالمين ورفض مبايعة طغاة ذلك العصر واختيار طريق العزة والكرامة والحرية لإعادة مسار الأمة إلى الطريق القويم.

واشار الناشط الثقافي، بشير المدومي، إلى أن الإمام الحسين عليه السلام منهج حياة ورمز للثورات وقبلة للثوار على مر العصور والأزمان. لافتا إلى أن الحديث عن الإمام الحسين هو حديث عن الحق، مؤكدا أهمية حمل الروحية الجهادية التي حملها سبط الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم.

مقالات مشابهة

  • الحسين شهيد الحق والعدالة والإيمان
  • قطاع المياه في حجة ينظم فعالية ثقافية بذكرى استشهاد الإمام الحسين عليه السلام
  • الرّضاع.. مفتي السعودية يثير تفاعلا بتوضيح تداولته وسائل إعلام محلية
  • دعاء السفر كما كان يردده النبي.. اللهم أنت الخليفة في الأهل
  • دعاء دخول الخلاء والخروج من الحمام للمسلم
  • أجمل 5 أدعية متنوعة للنجاح الشخصي والمهني
  • جمعة: النص هو أساس حضارة الإسلام ومُحدد هويتها
  • الحياة فرصة واحدة.. إستغلها للهناء والسعادة
  • أفضل أحاديث عن الصدق من القرآن والسنة
  • كيف تعامل الرسول مع المنافقين؟