خطبة الجمعة من مسجد سيدنا الحسين| الشيخ أحمد دسوقي : اليأس لا يعرف طريقه لـ المؤمن.. الأمل بلا عمل مجرد أماني وأحلام كاذبة.. الله لا يضيع من رجاه ولا يخيب من دعاه
تاريخ النشر: 17th, November 2023 GMT
خطبة الجمعة من مسجد الحسين
الشيخ أحمد دسوقي مكي :
لولا الأمل في نفس السيدة هاجر لما كانت مكة المكرمة
اليأس لا يعرف طريقا إلى قلب أو عقل المؤمن
الأمل بلا عمل مجرد أماني وأحلام كاذبة
نقل التليفزيون المصري، بث مباشر لنقل شعائر صلاة الجمعة من مسجد الإمام الحسين -رضي الله عنه- بالقاهرة.
وكلف الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف، الشيخ أحمد دسوقي مكي إمام الحسين بأداء خطبة الجمعة اليوم بعنوان: "التمسك بالأمل وإتقان العمل وقت الأزمات".
وقال الشيخ أحمد دسوقي مكي، إمام مسجد الحسين، إن البلد الحرام مكة المكرمة، التي يفد إليها الناس من كل صوب وحدب، كانت يوما من الأيام صحراء جرداء لا تسمع فيها همسا، لم يكن فيها إلا امرأة صالحة وطفل رضيع بلا زاد ولا ماء.
وأضاف أحمد دسوقي مكي، في خطبة الجمعة، من مسجد الحسين، أنه لولا الأمل الذي بثه الله تعالى في هذه المرأة الصالحة السيدة هاجر، والعمل والجد والسعي التي وفقت إليه، لما صارت مكة إلى ما صارت إليه ولا ما رأيناها على هذا الحال.
وأشار إلى أن هذه الأمة المباركة التي امتدت منافعها إلى كل مكان في هذه الدنيا، بدأت برجلين كانا شريفين طريدين في غار وسط صحراء شاسعة يخافانا على نفسيهما، لولا الأمل الذي بثه الله في نفوسهما.
وتابع: سيدنا رسول الله، وسيدنا أبو بكر الصديق، حينما قال الصديق لرسول الله (يا رسول الله لو نظر أحدهم تحت قدميه لرآنا، فقال له النبي: يا أبا بكر، ما ظنك باثنين الله ثالثهما).
وأوضح، أن هذا بسبب الأمل والعمل الذي تبنى به الأمم، ضاربا المثل بالحضارة الأوروبية التي كانت منذ أقل من 100 عام، بعد الحربين العالميتين، كانت خرابا، ولا أحد يظن أن تصل إلى ما وصلت إليه.
وأكد أن الأمل والعمل هو سر تقدم الأمم وسر نهضة حضارتها، فالأمم في مراحلها الفاصلة تكون في أمس الحاجة إلى قلوب مليئة بالأمل مفعمة بالعزيمة التي لا يفلها الحديد ويسهل لها كل صعب وشديد.
وشدد على أن الأوطان تحتاج في مراحلها الحساسة إلى الأمل والعمل، فهو النور الذي يبدد ظلمات اليأس، فهو القوة الدافعة إلى كل تقدم ورخاء، هو الحياة التي تنبض في المجتمع.
وقال الشيخ أحمد دسوقي مكي، إمام مسجد الحسين، إن الأمل والإيمان بالله عز وجل، قرينان متلازمان، فالمؤمن بالله حقا، هو الذي يؤمل في الله ويرجوه في غد مشرق ومستقبل أفضل.
وأضاف أحمد دسوقي مكي، في خطبة الجمعة، من مسجد الحسين، أن اليأس لا يعرف طريقا إلى قلب أو عقل المؤمن، بل يستقبل مصاعب الحياة ومتاعبها، بصدر ملئ بكل تحد للصعوبات والتحديات.
وأشار إلى أن المؤمن يعمل بقول الله في الحديث القدسي (أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه إذا ذكرني) فالمؤمن يحسن الظن بربه ويقبل على الحياة بكل قوة وحيوية، ويتحدى ما فيها من صعوبات.
وذكر أن النبي الكريم، كان في أحلك الأوقات وأصعبها وأشد الأزمات التي تعرض لها وأصحابه الكرام، كان النبي يبشرهم بالفتح المبين والنصر العظيم، فيقول لهم (والله ليتمن هذا الأمر ولكنكم تستعجلون).
كما كان يقول النبي (بشروا ولا تنفروا ويسروا ولا تعسروا) فعلى المؤمن أن يملأ قلبه بالأمل والرجاء في الله، ولا تقلق فإن مستقبلك في يد الله وحده.
وقال الشيخ أحمد دسوقي مكي، إمام مسجد الحسين، إن الأمل الصادق بلا عمل يكون مجرد أماني كاذبة، وأحلام لا طائل لها.
وأضاف أحمد دسوقي مكي، في خطبة الجمعة، من مسجد الحسين، أن الأمل لابد أن يتبعه جد وعمل وإتقان وحرص على كل ما ينفع هذا الوطن.
وأشار إلى أن الأوطان تحتاج في بنائها إلى جد وعمل واجتهاد وأمل في غد أفضل، والنبي الكريم علمنا أن نعمل مهما كانت الظروف فقال النبي: (إذا قامت القيامة وفي يد أحددكم فسيلة فليغرسها).
ووجه خطيب مسجد الحسين، لكل مكلوم وجريح، وكل مستعضف في كل مكان، وإخواننا في فلسطين، (أملوا في الله خيرا فإن الله لا يضيع من رجاه ولا يخيب من دعاه).
وختم خطيب مسجد الحسين، خطبة الجمعة بالدعاء لمصر وأهل فلسطين وقال:
اللهم احفظ بلادنا، واحرسنا في أوطاننا، اللهم احفظ مصر وأهلها
اللهم إنا نسألك أن ترفع البلاد عن إخواننا في غزة وفلسطين وأن تكون لهم عونا ومعينا
اللهم أنزل الأمن والرخاء على جميع المسلمين.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: خطبة الجمعة مسجد الحسين الامل اليأس سيدنا الحسين من مسجد الحسین خطبة الجمعة
إقرأ أيضاً:
مفتي الجمهورية: قصة سيدنا إبراهيم نموذج قرآني للتفكر في الكون والتوصل إلى الإيمان
أكد الدكتور نظير عياد -مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم- أن التفكُّر هو أمارة من أمارات الإيمان، وعلامة على صلاح الإنسان، وبوابة أساسية للوصول إلى المعرفة الحقيقية بالله سبحانه وتعالى، مشددًا على أن الإسلام يحث على التأمل والتفكر في ملكوت السماوات والأرض، وفي النفس الإنسانية، لأن هذا التدبر العميق هو ما يقود الإنسان إلى إدراك الحقائق الكبرى التي تحكم الكون والحياة.
جاء ذلك خلال اللقاء الرمضاني اليومي للمفتي مع الإعلامي حمدي رزق في برنامج "اسأل المفتي"، الذي يُبث عبر فضائية "صدى البلد"، حيث تناول فضيلته أهمية العقل والتفكر في الإسلام، وضرورة تحقيق التوازن بين النقل والعقل في فهم النصوص الدينية.
نعمة العقلواستهلَّ المفتي حديثه بالتأكيد على أن نعمة العقل التي منحها الله للإنسان ليست عبثًا، بل هي لأجل تحقيق غاية عظيمة، وهي التأمل في الكون ومعرفة الله حق المعرفة، موضحًا أن القرآن الكريم يعرض لنا نموذجًا فريدًا في قصة خليل الله إبراهيم عليه السلام، حيث قاده التفكر العميق إلى استنتاج وجود خالق واحد لهذا الكون.
وقال: "حين نظر سيدنا إبراهيم عليه السلام إلى الكواكب والنجوم والشمس، أدرك بعد تأمل عميق أنها ليست آلهة، لأنها تخضع لقوانين التغيير والتحول، فاستنتج أن هناك إلهًا واحدًا أزليًّا لا يتغير، هو الذي خلق هذه الأجرام وسائر المخلوقات".
وأضاف أن الإنسان إذا تأمل في ملكوت السماوات والأرض سيدرك النظام البديع الذي وضعه الله في الكون، وسيكتشف الإتقان والإحكام الذي يؤكد الوجود الإلهي، مؤكدًا أن النظر في العالم العلوي والسفلي، وتأمل النفس البشرية، يقود الإنسان إلى إدراك عظمة الخالق، استنادًا إلى قوله تعالى: {وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ} [الذاريات: 21]، وقوله سبحانه: {سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ} [فصلت: 53].
وفي سياق حديثه، شدَّد المفتي على أن الإسلام لم يضع العقل في مواجهة مع النصوص الدينية، بل جعله أداة لفهم هذه النصوص، مستشهدًا بما ذهب إليه العلماء من أن العقل والنقل يكمل أحدهما الآخر. وأوضح فضيلته أن بعض الناس قد يروجون لوجود تعارض بين المدرسة العقلية والمدرسة النقلية، وهذا غير صحيح، لأن الإسلام لا يقف ضد العقل، بل إن العقل يعد من مصادر التشريع الإسلامي، ويتجلى ذلك في القياس، وهو عمل عقلي يستند إلى أسس شرعية.
وأضاف المفتي أن الفيلسوف الإسلامي ابن رشد أكَّد على العلاقة القوية بين النصوص الدينية والأدلة العقلية، موضحًا أن أي ادعاء بوجود تعارض بينهما يرجع إما إلى سوء الفهم، أو ضعف التأمل، أو الأهواء الشخصية. كما أشار فضيلته إلى أن العلماء اعتبروا أن الله تعالى أرسل نوعين من الرسل للبشرية: الأول هو الرسول الظاهر وهو النبي، والثاني هو العقل الذي يعد أداة داخلية للوصول إلى الحق، ولا يمكن أن يستقيم أحدهما دون الآخر، فكما أن اتباع النبي واجب، فإن استقامة العقل ضرورية لفهم الدين بشكل صحيح.
وأشار إلى أن بعض المغرضين قد يحاولون إحداث قطيعة بين العقل والنقل، عبر اجتزاء القراءة للنصوص الدينية، أو إخراجها عن سياقها، أو الترويج لشبهات قائمة على مغالطات، مستدلًّا بقوله تعالى: {وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ} [المؤمنون: 71]، مؤكدًا أن التأمل المنهجي في النصوص الدينية وَفْقَ الضوابط المعروفة يقود إلى إدراك أنها لا تتعارض مع العقل السليم، بل تتناغم معه.
وفي حديثه عن المدارس الفكرية، أوضح المفتي أن تقسيم العلماء إلى مدرسة عقلية ومدرسة نقلية أمر قديم، ويعود إلى ما يعرف بمدرسة الأثر ومدرسة الرأي، مشيرًا إلى أن هذه المدارس لم تكن سببًا في تعارض أو صراع فكري، بل كان لكل منها قواعده وضوابطه التي تحكمه. وقال: "لدينا على سبيل المثال مدرسة التفسير بالأثر التي يمثلها الإمام الطبري والإمام ابن كثير، ومدرسة التفسير بالرأي التي يمثلها الإمام الرازي والإمام الألوسي، ومع ذلك لم يكن هناك تعارض جوهري بين المدرستين، بل كانتا مكملتين لبعضهما البعض".
هل هناك تعارض بين العقل والنقل؟وأضاف أن هذه المسميات لم تُستغل في الصراعات الفكرية إلا في العصور المتأخرة، حيث حاول البعض تصوير النصوص الدينية وكأنها تعطل العقل، بينما الحقيقة أن النصوص تدعو إلى التفكر والتدبر والتأمل، وأن كلتا المدرستين تنطلقان من أصول وقواعد منهجية تؤدي في النهاية إلى الوصول إلى الحقيقة.
وأكد المفتي أن الإسلام دين العقل والتدبر، وأن أي محاولة لإحداث تعارض بين العقل والنقل لا تستند إلى أسس علمية صحيحة، بل هي نتيجة لأهواء أو أغراض خاصة، مشددًا على أن الجمع بين العقل والنقل هو السبيل للوصول إلى الفهم الصحيح للدين، مستشهدًا بقول الله تعالى: {نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ} [النور: 35].
وأضاف المفتي أن الشريعة الإسلامية دعت إلى إعمال النظر وأوجبت الكفاءة في الاجتهاد، مشيرًا إلى أن الاجتهاد هو صناعة دقيقة جدًّا، وقد أوجبت الشريعة هذا النوع من الفكر والإعمال العقلي، لكنها في ذات الوقت لم تترك الأمر دون ضوابط وشروط ينبغي أن تتوافر في المجتهدين.
وأوضح أن المجتهد لا بد أن يكون متحليًا بعدَّة أمور أساسية، أولها الذكاء الفطري الذي يمكنه من الربط بين النصوص والواقع، وتمييز كيفية عرض الدليل، وطرح الفتوى بالشكل المناسب، إضافة إلى الموضوعية والعدل، والأمانة والعدالة، حيث ينبغي للمفتي أو المجتهد أن يدور مع الحق أينما دار.
وأشار المفتي إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم أولى الاجتهاد عناية فائقة، حتى إنه قام بتدريب أصحابه عليه، وكأنه كان يتنبأ بما آل إليه حال الناس اليوم، من التسرع في الاجتهاد دون مراعاة الضوابط العلمية والقواعد الأصولية والأسس الشرعية، فضلًا عن إدراك الواقع والشأن الحياتي.
وفي سياق متصل، أجاب مفتي الجمهورية عن أسئلة المشاهدين، حيث تطرق فضيلة المفتي إلى مسألة الطلاق عبر الهاتف ووسائل التواصل الحديثة، موضحًا أن الأصل في الطلاق أن يقع مشافهة، لكن مع استحداث وسائل الاتصال الحديثة، إذا أرسل الزوج إلى زوجته عبارة الطلاق عبر تطبيقات مثل "واتساب"، يتم استدعاؤه للتحقق من نيته، فإذا أقر بأنه كتبها وقصدها؛ وقع الطلاق. أما إن كانت العبارة تحتمل التأويل وكانت من ألفاظ الكناية، فيتم استيضاح النية منه، فإن قصد الطلاق وقع، وإلا فلا.
وأضاف أن قضية الطلاق ليست بالأمر الهين، حيث تتجاوز آثارها الأسرة وتمتد إلى المجتمع، مشيرًا إلى أن هناك بعض الظواهر السلبية المنتشرة، مثل التسرع في التلفظ بالطلاق لأتفه الأسباب، أو استخدام ألفاظ الطلاق في المعاملات التجارية والمساومات، كقول بعض التجار: "عليَّ الطلاق بالثلاثة إن لم يكن هذا السعر هو الأقل"، وهو أمر غير جائز شرعًا لما فيه من امتهان لحدود الله.
كما تحدث المفتي عن انتشار ألفاظ مثل "أنتِ حرام عليَّ" أو "أنتِ كأمي"، موضحًا أن هذه العبارات تحتاج إلى تفصيل فقهي، حيث إن كان القصد منها التهديد أو الوعيد، فإنها تدخل في باب اليمين ويجب على الزوج حينها أن يكفر عن يمينه، أما إن كان يقصد بها الظهار، فيجب عليه الكفارة وفق الأحكام الشرعية، والتي تتضمن عتق رقبة، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكينًا.
كما شدد على خطورة قطع صلة الرحم بسبب الخلافات الزوجية، معتبرًا ذلك سلوكًا غير محمود شرعًا، حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث القدسي: "أنا الرحمن، خلقت الرحم، واشتققت لها اسمًا من اسمي، فمن وصلها وصلته، ومن قطعها قطعته." مؤكدًا أن قاطع الرحم ملعون ومطرود من رحمة الله، وأن الوصل بين الأرحام يجلب البركة في العمر والرزق.
وفي ختام حديثه، أجاب المفتي عن سؤال حول حكم الوفاء بالنذر، موضحًا أن من نذر طاعةً لله وجب عليه الوفاء بها، إلا إذا تعذَّر ذلك أو لم تكن لديه القدرة على الوفاء، فيسقط عنه العهد. مستدلًّا بحديث الرجل الذي أتى النبي صلى الله عليه وسلم معترفًا بأنه أتى أهله في نهار رمضان، فأعطاه النبي كفارة، فقال: "ما في المدينة أحوج إلى هذا مني"، فعفا عنه.