حقوقي دولي لـعربي21: إسرائيل استخدمت كل الأسلحة الفتاكة في حرب غزة
تاريخ النشر: 17th, November 2023 GMT
قال رئيس بعثة المجلس الدولي لحقوق الإنسان إلى الأمم المتحدة في جنيف، هيثم أبو سعيد، إن الاحتلال الإسرائيلي استعمل جميع أنواع الأسلحة الفتاكة، والمُدمّرة، والمحظورة دوليا، في عدوانه على قطاع غزة، لافتا إلى أنهم يجرون تحقيقات بشأن الانتهاكات الإسرائيلية المتواصلة، وسيتم إعلان نتائج تلك التحقيقات خلال المرحلة المقبلة.
وأضاف، في مقابلة خاصة مع "عربي21": "قيل لنا بأنه قد يكون هناك استعمال لبعض القنابل (التكتيكية النووية) من قِبل إسرائيل، ومعطيات هذا الأمر ستدرسه لجان التحقيق مستقبلا، وسنرى ما إذا كانت هذه القنابل (التكتيكية النووية) قد اُستعملت فعلا أم لا؛ لأن شكل الدمار الظاهر يشير إلى أن هناك شيء ما استعمل فوق العادة".
وفنّد أبو سعيد، اللغط بشأن ما يُثار حول المدنيين الإسرائيليين، قائلا إنه "يصعب جدا أن نفرّق بين المدنيين والعسكريين الإسرائيليين؛ لأن ما هو معروف أن معظم مَن يوصفون بالمدنيين الإسرائيليين هم عسكريين في الأصل، وهم على ذمة الاحتياط الإسرائيلي، ولا يوجد فرق لديهم بين النساء والرجال".
ولفت الحقوقي الدولي، إلى أن "ما يحصل اليوم في غزة يرقى إلى جرائم الإبادة الجماعية والتطهير العرقي غير المسبوق، ونحن ندين بشدة صمت البعض تجاه تلك الجرائم البشعة".
وفيما يلي نص المقابلة الخاصة مع "عربي21":
كيف تنظرون لمجمل الوضع الإنساني الحالي في غزة اليوم؟
منذ بداية أحداث غزة في 7 تشرين الأول/ أكتوبر والوضع يأخذ منحى تدريجي في العنف من قِبل الطرف الإسرائيلي. إن أنواع الأسلحة الإسرائيلية التي اُستعملت في تلك الحرب "كارثية جدا"، وهي ضد الإنسانية، ومَن تم استهدافه بشكل مُحدد ومنهجي هم الأطفال؛ فأكثر من 40% من الضحايا في غزة من الأطفال، ونتساءل: ما الفكرة الأساسية من استهداف الأطفال؟، هل لإعطاء انطباع بأن هذا الكيان لا يُسأل عن أي شيء؟، وبالتالي كل شيء مُباح له، أو ما يفعله لا يمكن محاسبته عليه.. ما حصل في غزة يفوق كل الجرائم الدولية التي مررنا بها أو التي كتبها ودوّنها التاريخ.
وبعد أن قامت حركة حماس بعملها العسكري وأسرت -بمشاركة مواطنين فلسطينيين- عددا من الإسرائيليين (عسكريين ومدنيين)، يجب أن نشير إلى أن هناك أمر مهم للغاية لا زال يثير لغطا حتى اليوم بشأن أن هناك إسرائيليين مدنيين وغير مدنيين، لكن ما هو معروف أن معظم مَن يوصفون بالمدنيين الإسرائيليين هم عسكريين في الأصل، وهم على ذمة الاحتياط الإسرائيلي، ولا يوجد فرق لديهم بين النساء والرجال، وبالتالي يصعب جدا أن نفرّق بين المدنيين والعسكريين الإسرائيليين.
في المجمل، ما يحصل اليوم في غزة يرقى إلى جرائم الإبادة الجماعية والتطهير العرقي غير المسبوق، وندين بشدة صمت البعض تجاه تلك الجرائم البشعة.
البيت الأبيض أعلن مؤخرا أن إسرائيل بدأت تطبيق هدنة لأربع ساعات يوميا في شمال غزة.. فكيف ترى هذه الهدنة؟
لهذا السؤال شقان أحدهما عسكري، وآخر إنساني، فما يخص الشق العسكري لن أتدخل فيه، وفيما يتعلق بالشق الإنساني فأرى به مبالغة كبيرة؛ فمسألة الأربع ساعات تبدو مرتبطة بالشق العسكري، وكأنهم يحاولون كسب بعض الوقت من أجل التقاط الأنفاس.
وهناك مَن يقول بأنهم يحاولون استغلال هذا الأمر من أجل فتح ممرات للفلسطينيين الذين يرغبون في الخروج من شمال غزة باتجاه الجنوب، وبالتالي هذه لا تعتبر هدنة إنسانية وإنما تدخل ضمن "التكتيك العسكري" من أجل تحقيق مُخططات التهجير القسري التي يُشاع تمسكهم بها.
وزير الدفاع الإسرائيلي قال إنهم لن يوقفوا القتال حتى يعيدوا الأسرى ويقضوا بالكامل على حركة حماس.. ما تعقيبكم؟
هذه التصريحات بها بعض السذاجة والاستهتار، وتدل على قلة معرفة بالواقع الفلسطيني؛ لأن الحركات المسلحة في فلسطين يصنفها الشعب ضمن المقاومة، ولا يمكن إزالتها بكبسة زر، لأنها من نسيج هذه الشعوب، وبالتالي القضاء على شعب بأكمله أمر شبه مستحيل؛ فإن قرّر الشعب بنفسه إنهاء هذه الحركات فهنا يصبح الأمر مقبولا، ويمكن تنفيذه، وإلا فالأمر مستحيلا.
ولو كان الفلسطينيون يريدون إنهاء المقاومة لكانت القضية الفلسطينية انتهت منذ زمن بعيد؛ نتيجة المغريات التي تقدمت بها بعض الدول العظمى.
وأنصح الوزير في الكيان الإسرائيلي بأن يفصح عن حقيقة المشروع الذي بدأه، وأن يوفر على نفسه عناء الاجتهاد في هذا الأمر.
المدير التنفيذي السابق لهيومان رايتس ووتش، كينيث روث، أشار لوجود صفقة بين مصر وإدارة بايدن من أجل محاولة القضاء على حركة حماس.. فهل ترى أن هناك نوع من التآمر العربي أو الدولي ضد حركات التحرر الفلسطينية؟
مثل هذا التصريحات سمعناها كثيرا، منها وجود تنسيق كامل بين الولايات المتحدة الأمريكية والكيان الإسرائيلي حول تنفيذ مشروعات أعدّت منذ فترة لتصفية القضية الفلسطينية؛ فالمسألة ليست وليدة اللحظة، وإنما تأتي ضمن مُخططات قديمة جديدة، ولكن يبدو أن هناك استعجال لتنفيذ هذه المخططات.
الأمر مرتبط اليوم ببعض القضايا الاقتصادية الدولية، وكلنا يعرف مشروع أنبوب الغاز الذي سيمتد من الهند إلى أوروبا ليمد الاتحاد الأوروبي ودول الغرب بالغاز، ولأن الخط سيمر بغزة فعلينا أن نصفي هذه المنظمات التي قد تُشكّل عائقا لأي مشروع اقتصادي في المستقبل، والذي قد يضر بالمصالح الدولية، وليس فقط الإسرائيلية، من وجهة نظرهم.
لكوني عربي: أتمنى ألا يكون هناك تورطا للأنظمة العربية؛ لأن قضية فلسطين بالنسبة لكل عربي مؤمن مخلص -سواء كان مسلم أو مسيحي- هي القضية المركزية لكل العرب المسلمين والمسيحيين؛ فلا تنسى بأن فلسطين معقل كل الأديان السماوية، ومركز انطلاق الديانات لكل العالم، ولم يخرج أي نبي لهذه الديانات السماوية إلا من منطقة الشرق الأوسط، لذا هذه البقعة المقدسة يجب أن تبقى.
وقد يكون هذا اجتهاد سياسي؛ فلا أحد له مصلحة في أن يتآمر على القضية الفلسطينية التي لا يمكن تصفيتها بمجرد تكالب بعض القوى الدولية العسكرية على شعب مؤمن يدافع عن قضيته، ومؤمن بحق وجوده.
وزير التراث بالحكومة الإسرائيلية عميحاي إلياهو دعا إلى إلقاء قنبلة نووية على غزة، مؤكدا أن قطاع غزة يجب ألا يبقى على وجه الأرض.. كيف استقبلتم تلك التصريحات؟
ما تبين لنا، وبحسب ما شاهدناه من دمار شامل، يشير إلى أن الكيان الإسرائيلي استعمل تقريبا جميع أنواع الأسلحة الفتاكة، والمُدمّرة، والمحظورة دوليا.
وسنرى لاحقا عواقب هذه التصريحات على مستوى المجالس الدولية، التي رفضت رفضا قاطعا هذه المقاربة الدموية التي ذكرها الوزير الإسرائيلي؛ لأنها "تصريحات جهنمية"، وهذا التصريح سيكون مدار تساؤلات متعددة لاحقا في المجالس الدولية، وفي اللجان الدولية المعنية بمتابعة قضايا الانتهاكات، خاصة وأن التصريح موثق، ولم يتم نفيه، والإجراءات التي قيل بأنها ستتخذ بحق هذا الوزير لم نرَ شيئا منها.
ما نخشاه أن تكون هذه التصريحات التي ذكرها وزير التراث الإسرائيلي أن تكون حقيقة مبيتة للقوة الأمنية والعسكرية الإسرائيلية، وأنها تمرّر هذه الرسالة بغية استعمال هذه القنبلة لاحقا، وقيل لنا بأنه قد يكون هناك استعمال لبعض القنابل النووية "التكتيكية" ومعطيات هذا الأمر ستدرسه لجان التحقيق مستقبلا، وسنرى ما إذا كانت هذه القنابل "التكتيكية النووية" قد اُستعملت فعلا أم لا؛ لأن شكل الدمار الظاهر يشير إلى أن هناك شيء ما استعمل فوق العادة.
قلت إن المجلس الدولي لحقوق الإنسان بدأ إجراء تحقيقات بشأن الانتهاكات الإسرائيلية في قطاع غزة.. فمتى ستنتهي تلك التحقيقات وإلى ماذا ستنتهي برأيكم؟
نحن في المجلس الدولي لحقوق الإنسان المُعتمد لدى الأمم المتحدة مَن نقوم بهذه التحقيقات، ووصلنا إلى قرب نهايتها تقريبا، وربما يتم إعلان نتائج تلك التحقيقات خلال المرحلة المقبلة، ولكن ستبقي تلك التحقيقات مفتوحة؛ فربما تحدث بعض المستجدات -ونأمل ألا يحدث شيئا- لأن المعركة ما زالت قائمة، ونحن نتوقع ارتكاب الكيان الإسرائيلي للمزيد من الانتهاكات البشعة.
وبالتالي، الإجراءات بدأت بالشكل والإطار الإداري، وهناك عدد من النقابيين والقانونيين في العالم العربي والإسلامي تقدّموا بمذكرات من خلالنا، لنضيف هذه المذكرات إلى الشكوى التي أعددناها؛ حتى تأخذ طابع نقابي على مستوى المجلس الدولي لحقوق الإنسان الذي نمثله في الأمم المتحدة، وفي مجلس حقوق الإنسان في جنيف؛ فالطابع النقابي المهني في هذا الشأن سيكون مُحرجا لبعض الدول والحكومات، لأن تلك النقابات هي نقابات رسمية في دولها، وبالتالي هذا الأمر يلزم هذه الدول بأن تتقدم بشكوى، وأن تلحق بهذا الركب القانوني الدولي؛ من أجل تحقيق العدالة وإعادة الحق إلى أصحابه.
كيف تُفسّر التباطؤ والصمت من قِبل المؤسسات الدولية كالأمم المتحدة ومجلس الأمن والمحكمة الجنائية الدولية تجاه الكوارث المتواصلة في غزة إلى الآن؟
لا أوافق على هذا التوصيف؛ فليس هناك صمت في الأمم المتحدة، ولكن هناك آلية عمل نعمل من خلالها، وليس كل ما نفعله نخرجه إلى الإعلام؛ فهناك عمل صامت يقوم به المجلس الدولي لحقوق الإنسان، واللجان الدولية المعتمدة في المجلس الدولي لحقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، والعمل الصامت عادة يكون أكثر فاعلية مما يخرج إلى الإعلام؛ لأن ما يخرج من هذه الموضوعات في الإعلام لا يحقق الكثير مما نبتغيه، لذا العمل الصامت هو الأجدى والأنجح، وهو الذي يوصل إلى النتائج المرجوة.
أما فيما يختص بالمحكمة الجنائية الدولية: فالمدعي العام بالمحكمة السيد «كريم خان» قد زار الحدود الفلسطينية المصرية، واطلع على الوضع، ودوّن ملاحظاته، حتى إذا ما وصلت إليه القضايا يكون لديه فكرة ميدانية شخصية، وتتكون لديه المعطيات من كل الأطراف.
وليس هناك تقاعسا في الجنائية الدولية؛ فحتى الآن لم يبدأ عمل المحكمة الجنائية الدولية حتى يتم اتهامها بالتقاعس.
المحكمة الجنائية الدولية ومجلس حقوق الإنسان الدولي التابع للأمم المتحدة يعتمد على آليات داخلية، إذا لم تتوافر هذه الآليات الداخلية لا يمكن له أن يشرع في العمل القانوني والقضائي. ولذا، نطلب من كل الدول المعنية أن تتقدم سواء لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة أو إلى الجنائية الدولية بالإطار القانوني؛ فهناك إطار وآلية عمل يجب أن يتم احترامها، وهناك طرق يجب أن نسلكها من أجل تحقيق العدالة الشاملة.
ما مدى سيطرة أو تأثير إسرائيل على المؤسسات الدولية؟
هذا كلام مبالغ فيه؛ فأحيانا نسمع بأن هناك سيطرة إسرائيلية، أو هناك سيطرة أوروبية.. هذا غير صحيح، وبحكم عملي في رئاسة بعثة المجلس الدولي لحقوق الإنسان المُعتمدة من الأمم المتحدة بصفة خاصة، وبحكم عملي داخل مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة: أجزم لك بأننا لم نلمس يوما أي ضغط أو أي سيطرة لأي جهة من الجهات؛ لأن مجلس حقوق الإنسان يعمل أولا بالإطار التشريعي، وبالإطار القانوني، ويضم عددا من الدول مختلفة الأفكار والسياسات والمقاربات؛ فلا يمكن أن نجزم بأن هناك سيطرة، ولو كانت هناك سيطرة ما كانت الدول المعارضة للكيان الإسرائيلي، أو لسياسات الولايات المتحدة الأمريكية، قد خرجت بهكذا بيان، ولقالت بكل صراحة: لا يمكننا أن نفعل شيئا لأن هناك سيطرة من هذه الجهة أو تلك.
عندما يخرج القرار من مجلس حقوق الإنسان ويكون لصالح فئة، نسمع اتهامات من الفئة الأخرى بأن هناك انحياز في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة.
وقد حدث واتُهم الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بأنه مُنحاز للولايات المتحدة الأمريكية ولحلفائها، لكن رأيناه بعد أحداث 7 تشرين الأول/ أكتوبر في غزة، وكيف كان موقفه صادعا ساطعا ولا لبس فيه.
لا يمكن اتهام الأمين العام بالانحياز لأي دولة، وإن ما صدع به هو محض قوانين إنسانية دولية تجبر كل الدول للانصياع، وتجبرهم على العمل بها، إن لم يكن اليوم فسيكون غدا.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية مقابلات الأمم المتحدة الإسرائيلي غزة حقوق الإنسان إسرائيل الأمم المتحدة غزة مجلس الأمن حقوق الإنسان مقابلات مقابلات مقابلات مقابلات مقابلات مقابلات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة الکیان الإسرائیلی مجلس حقوق الإنسان الجنائیة الدولیة الأمم المتحدة تلک التحقیقات هذا الأمر أن هناک لا یمکن إلى أن فی غزة یجب أن من أجل
إقرأ أيضاً:
5 مبعوثين في أسبوع.. حراك دولي مكثف لاحتواء أزمة السودان
الخرطوم – بعد إجهاض روسيا مشروع قرار بريطاني في مجلس الأمن لوقف القتال وحماية المدنيين في السودان عبر استخدام حق النقض (الفيتو)، استقبلت بورتسودان العاصمة الإدارية المؤقتة للبلاد 5 مبعوثين دوليين، في خطوة عدّها مراقبون تصاعدا في قلق المجتمع الدولي إزاء الأوضاع الإنسانية ومحاولة لإنعاش عملية السلام المتوقفة منذ نحو عام.
وزار السودان خلال أسبوع خمسة مبعوثين دوليين هم: المبعوث الأميركي توم بيرييلو، والألماني هايكو نيتشكي، والنرويجي أندريا أستايسن، والسويسري سيلفان إستييه، والياباني شيميزو شنسوكي.
وركزت مشاورات المبعوثين مع رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان وكبار المسؤولين في الدولة على الأوضاع الإنسانية، وتسهيل توصيل المساعدات الإنسانية، وفرص تحقيق السلام ووقف الحرب، لكنها لم تحمل مقترحات محددة في هذا الشأن، حسب ما ذكرت مصادر قريبة من مجلس السيادة للجزيرة نت.
كما زارت المبعوثة البريطانية إلى القرن الأفريقي والبحر الأحمر أليسون بلاكبيرن العاصمة الإثيوبية أديس أبابا خلال اليومين الماضيين، في حين تعتزم مبعوثة الاتحاد الأوروبي إلى القرن الأفريقي السفيرة أنيتا ويبر زيارة بورتسودان مطلع ديسمبر/كانون الأول المقبل.
تفعيل الدور الأفريقيوعلى الصعيد الإقليمي، رفض الاتحاد الأفريقي إعادة عضوية السودان التي تم تعليقها عقب إجراءات البرهان في أكتوبر/تشرين الأول 2021 بحل مجلسي السيادة والوزراء وفرض حال الطوارئ، التي اعتبرها الاتحاد انقلابا.
وقال مفوض الاتحاد الأفريقي بانكول أديوي خلال الاجتماع التشاوري السنوي بين مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الأفريقي ونظيره التابع للاتحاد الأوروبي، في أديس أبابا، إن الاتحاد الأفريقي يعمل بالتنسيق مع منظمة "إيغاد" والأمم المتحدة لإيجاد حل عملي للأزمة السودانية يركز على تحقيق وقف إطلاق النار وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية.
وأفاد أديوي بأن نشر بعثة الاتحاد الأفريقي في السودان لا يزال مشروطا بالتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بشكل مستدام.
وذكر ناشطون على منصات إعلامية ومواقع تواصل اجتماعي أن معارضين سودانيين شرعوا في تحركات لدعوة الاتحاد الأفريقي لتفعيل المادة الرابعة من دستوره، التي تتيح التدخل في أي دولة عضو حال وقوع جرائم حرب إنسانية أو إبادة جماعية دون الحاجة للرجوع إلى مجلس الأمن.
غير أن متحدثا سياديا -طلب عدم الكشف عن هويته- يوضح أن وفد مجلس السلم والأمن الأفريقي الذي زار بورتسودان في أوائل أكتوبر/تشرين الأول الماضي، اتفق مع المسؤولين في السودان على خريطة طريق لإنهاء تجميد عضوية السودان في الاتحاد الأفريقي ولعب دور في السلام والعملية السياسية.
تسوية في الطريقمن جانبه، قال كاميرون هدسون، المحلل السابق في وكالة المخابرات المركزية والباحث في مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية بواشنطن، إنه زار مدينة بورتسودان وأمضى فيها أسبوعا، وألمح إلى تسوية متوقعة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.
وقال هدسون في منشور على منصة "إكس" إنه خرج بانطباع مختلف تماما، على الأقل من جانب الجيش.
كما بعث السيناتور بن كاردين رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي، الجمعة الماضي، رسالة إلى وزير الخارجية أنتوني بلينكن والسفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد يحثهما فيها على استمرار الدور القيادي لحل أزمة السودان خاصة وأن الولايات المتحدة ستتولى رئاسة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة الشهر المقبل.
ورأى المشرع الأميركي أن الولايات المتحدة تستطيع أن تستخدم رئاستها لمجلس الأمن لتسليط الضوء على الأزمة في السودان وتحفيز اتخاذ إجراءات جريئة، بعد فشل مشروع قرار مجلس الأمن الذي تقدمت به المملكة المتحدة للاستجابة للأزمة في السودان.
تنشيط المسار السياسيوعن التحركات الدولية الجديدة، يرى المحلل ورئيس تحرير صحيفة "التيار" عثمان ميرغني أن هناك اهتماما دوليا بالأوضاع الإنسانية التي توصف بأنها أعظم كارثة إنسانية يشهدها العالم.
وفي حديثه مع الجزيرة نت، قال ميرغني إن المجتمع الدولي وصل إلى قناعة بأن ضعف الاستجابة من الدول المانحة مرتبط بصعوبة تمرير الإغاثة وبالمعلومات عن إساءة استخدامها، مع بقاء الحالة الإنسانية للمتضررين دون تغيير.
وأضاف أن المجتمع الدولي وصل إلى قناعة أيضا بأن استمرار الحرب يعني عمليا استمرار وربما تفاقم الأزمة الانسانية، مما يتطلب تركيز الجهود على إنهاء الحرب كأولوية لحل الأزمة الإنسانية.
وحسب المتحدث، فإن هناك محاولة جادة من سويسرا -التي استضافت في أغسطس/آب الماضي مشاورات دولية بشأن السودان- لتنشيط المسار السياسي بوصفه مدخلا لإنهاء الحرب، وهو المسار الذي بدأ بمؤتمر القاهرة في يوليو/تموز الماضي، ثم مؤتمرين في أديس أبابا للفرقاء السودانيين، ولا يزال يراوح مكانه دون تحقيق تقدم مؤثر.
وستنطلق اليوم الاثنين بمدينة جنيف السويسرية اجتماعات المائدة المستديرة الثالثة وتستمر يومين، بمشاركة قوى سياسية ومدنية متباينة في مواقفها بشأن حل الأزمة السودانية، بتنظيم ورعاية منظمة "بروميديشن" السويسرية.
خطوات متوقعةبدوره، رأى الباحث السياسي سر الختم خيري أن تزايد الاهتمام بالأزمة السودانية على مساري الأوضاع الإنسانية والعملية السياسية يرجع لقناعة قوى دولية وإقليمية بأن استمرار الأزمة ينعكس على الأوضاع الأمنية في المنطقة، ويثير هواجس الأوروبيين من الهجرة غير النظامية، ووصفها بالصحوة المتأخرة بعد أكثر من 18 شهرا منذ اندلاع الحرب.
ولا يستبعد الباحث -في حديث للجزيرة نت- عقد جلسة جديدة لمجلس الأمن خلال رئاسة الولايات المتحدة للمجلس في ديسمبر/كانون الأول المقبل، خصوصا أن إدارة الرئيس جو بايدن تسعى لتحقيق إنجاز سياسي في ملف السودان قبل مغادرتها في يناير/كانون الثاني المقبل إثر فشلها في حرب غزة ولبنان وأوكرانيا.
كما يتوقع خيري أن تسعى واشنطن ولندن لترتيب زيارة مشتركة من مجلس الأمن الدولي ومجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الأفريقي إلى بورتسودان لممارسة ضغط على الحكومة وإظهار إرادة ورغبة المجتمع الدولي والأفريقي في إنهاء الحرب.