بعيدا عن الذكاء الاصطناعي ومواضيعه التي حفلت بها فعاليات قمة الويب 2023 كان اليوم الأخير للقمة -التي اختتمت أمس الخميس في العاصمة البرتغالية لشبونة- أكثر جدية في مواضيعه، حيث طُرحت فيها أزمة المناخ ودور شركات التكنولوجيا في إحداث تغيير.

التكنولوجيا وتغير المناخ

ففي ندوة بعنوان "كيف يمكن للتكنولوجيا تغيير أزمة المناخ؟" تحدثت سيتا تشانترامونكلاسري المؤسسة والمديرة لشركة "سيام كابيتال" الاستثمارية وربيكا بارسونز كبيرة مسؤولي التكنولوجيا في شركة "ثوتووركس" وحاورهما أندرو فشمان الشريك المؤسس والرئيس للموقع الإخباري "ذي إنترسبت البرازيل".

اقرأ أيضا list of 4 itemslist 1 of 4تعقد للمرة الأولى في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.. قطر تستضيف قمة الويب 2024list 2 of 4قمة الويب 2023.. جدل الذكاء الاصطناعي يستحوذ على الاهتمامlist 3 of 4رئيسة آيكان للجزيرة نت: تجزئة الإنترنت ستؤدي لانهيارهlist 4 of 4رئيسة "قمة الويب": لكل إنسان الحق في التعبير عن رأيهend of list

في البداية قال فشمان إن الشركات الكبرى -التي بعضها ممثَّلة في القمة- تعتبر من أكثر الملوثين للبيئة، لكن أيضا لديها قوة عظيمة لإحداث تغيير إيجابي.

وأضاف أنه وفقا للأمم المتحدة فإن صناعة التكنولوجيا مسؤولة عما بين 2 و3% من جميع الانبعاثات الضارة بالمناخ، لكنه يرى أن بإمكان التكنولوجيا أيضا أن تُحدث تغييرا ثوريا في هذا الأمر، وقال "أن تكون مدافعا عن البيئة لم يعد خيارا بل أصبح التزاما".

بدورها، قالت تشانترامونكلاسري إن أكبر التحديات على مدار حياتنا هو التحول إلى الاستدامة، لكنه في الوقت ذاته أحد أعظم فرص خلق الثروة.

وأضافت أنها لهذا تعتقد أن الموضوع مهم جدا، وأنه -حسب رأيها- ليس قضية بيئية بقدر ما هو قضية اقتصادية، والصناعة بدأت تتحول بالفعل لأن الناس أصبحوا يدركون ذلك.

وقالت إن شركات التقنية يجب أن تنظر إلى الأمر على أنه تجارة لكن يجب أن تكون مستدامة ومربحة، فلا يمكن أن تكون هناك حلول مستدامة طويلة الأجل إن لم تكن في نهاية المطاف فعالة من حيث التكلفة.

وترى أيضا أن المستهلكين يتمتعون على نطاق واسع بتأثيرات جماعية كبيرة، لكن سيتعين عليهم تغيير كل جانب من جوانب حياتهم -سواء كان ذلك تغييرات تنظيمية أو ضغوطا بيئية- لإجبار الشركات على تغيير الطريقة التي تقوم بها في أعمالها التجارية.

سيتا تشانترامونكلاسري (يسار) وربيكا بارسونز وأندرو فشمان الشريك المؤسس والرئيس للموقع الإخباري "ذي إنترسبت البرازيل" (الجزيرة)

من جهتها، عبرت بارسونز عن اعتقادها بأن هناك جهودا حقيقية تبذل، وأن الميزة التي يتمتع بها كبار مقدمي التكنولوجيا إلى حد ما في هذا الأمر هي أن وجود سلسلة توريد أمر أبسط بكثير من تجارة السلع الاستهلاكية، مشيرة إلى أن المسألة مرتبطة بالتكلفة، فإن كانت الاستدامة مرتبطة بتكلفة أقل أمكن تحقيقها، مؤكدة هنا على أهمية شفافية البيانات حيث إن على الشركات الكشف عن مبادراتها وما ادخرته كنتيجة لما قامت به.

وأضافت أن بعض الصناعات سيتحتم عليها إجراء تغيير جذري كي تواجه مسائل المناخ، وستكون هناك صناعات جديدة تنهض لتملأ الفجوات التي ربما يتم إنشاؤها بفعل أشياء كان يتعين علينا القيام بها بشكل مختلف.

وقالت إن علينا أن نعلّم الناس أن هناك تأثيرات لتغير المناخ، مشيرة إلى أن هذا الأمر تواجهه بعض الشركات التي تحاول تقديم الاستدامة، حيث إن الناس لا يفهمون كيف سيؤثر ذلك على حياتهم اليومية، فالأمر لا يتعلق فقط بتغير المناخ ولكن بالصحة الطويلة الأجل لعائلاتهم، وتغيير الطريقة التي نتحدث بها يمكن أن تُحدث فرقا حقيقيا.

الصناعات القذرة

وفي ندوة أخرى بعنوان "كيف يمكننا إزالة الكربون من إحدى أكثر الصناعات قذارة في العالم؟" قال المدير التنفيذي لشركة "إتش 2 غرين ستيل" الناشئة هنريك هنريكسون ردا على سؤال عن صناعة الفولاذ وعلاقتها بتغير المناخ ودور شركته في هذا المجال إن الفولاذ مسؤول عن نحو 9% من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون العالمية ولهذا فإنه ملوِّث حقيقي، وهو من المواد التي نستخدمها في حياتنا اليومية، سواء في البنية التحتية أو المنتجات التي نستهلكها وما إلى ذلك.

لكن الفولاذ أيضا من تلك المنتجات التي يمكن فعليا إنتاجها بسهولة نسبية بدون انبعاثات كربونية، لأنه لا يتطلب إعادة البصمة الصناعية بأكملها، فإذا استخدمت مثلا فولاذا بنيا أو أخضر فإنه بإمكانك استخدام الآلات والأدوات ذاتها تماما للحامه أو ضغطه.

هنريك هنريكسون المدير التنفيذي لشركة "إتش 2 غرين ستيل" (الجزيرة)

وأضاف أنه إذا نظرنا إلى السيارة الكهربائية على سبيل المثال فإن نحو 600 كيلوغرام تقريبا من وزنها فولاذ، وعندما نشتري سيارة كهربائية فإنه يتم تسويقها على أنها منتج محايد لثاني أكسيد الكربون، وما تحاول الشركات فعله هو الحصول على مواد مستدامة قدر الإمكان، أما الجزء المتبقي -وهو كثير- فتشتري له شهادات ثاني أكسيد الكربون، والتي يتم تداولها على "نظام تجارة الانبعاثات في الاتحاد الأوروبي" (إي يو- إي تي إس)، والتي تكلف اليوم نحو 100 يورو لكل طن من ثاني أكسيد الكربون.

وتابع أن الشركات تعوض عن المواد المستدامة بشراء تلك الشهادات، وتبلغ الفاتورة الإجمالية للقيام بذلك نحو 500 أو 600 يورو، وتعتقد شركات السيارات أننا كمستهلكين على استعداد لدفعها، لأنه عندما نشتري سيارة كهربائية فإن لدينا وعيا وبعض الأجندة البيئية.

وقال إن شركة "إتش 2 غرين ستيل" تأتي بالبديل لشركات السيارات، فبدلا من شراء تلك الشهادات يمكنها الحصول على الفولاذ الأخضر الذي يكلف أقل من الشهادات، فمثلا طن واحد من الفولاذ يتسبب بانبعاث طنين من ثاني أكسيد الكربون عندما يتم إنتاجه حاليا، وما تقوم شركته بفعله هو أنه بدلا من دفع 200 يورو للتخلص من طنين من ثاني أكسيد الكربون تدفع 150 يوروا لتحصل على مواد أفضل بكثير.

وزير الاقتصاد والشؤون البحرية بحكومة البرتغال أنطونيو كوستا سيلفا (الجزيرة) أرقام في ختام القمة ونصيحة للمبدعين

واختتم قمة الويب 2023 وزير الاقتصاد والشؤون البحرية في حكومة البرتغال أنطونيو كوستا سيلفا الذي استعرض أبرز الأرقام في القمة، مثل حضور 70 ألفا و236 شخصا من 153 دولة، ومشاركة 2608 شركات ناشئة، و900 متحدث و321 شريكا وأكثر من 900 مستثمر، كما قال إن 43% من الحضور و38% من المتحدثين هم من النساء.

وحث الوزير أصحاب الطموح من الشباب على عدم اليأس من تحقيق أحلامهم، وقال إن الأفكار البسيطة غيرت العالم، مستذكرا مثالا على ذلك بالسوق العالمي للتصوير الفوتوغرافي والسينمائي في الستينيات والسبعينيات، حيث طورت الشركات كاميرات الأنالوغ (التناظرية) التي هيمنت على السوق، لكن كان هناك مهندس شاب لامع يدعى ستيفن ساسون الذي اخترع أول كاميرا رقمية سنة 1975 وقدمها إلى مجلس إدارة شركته كوداك، وتقريبا تم طرده من الغرفة بحجة أن اختراعه بدون قيمة وأن السوق يدعم كاميرات الأنالوغ، لكن ما حدث بعد ذلك بسنوات هو أن الكاميرات الرقمية هيمنت على السوق وأفلست كوداك.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: ثانی أکسید الکربون قمة الویب 2023

إقرأ أيضاً:

كيف يعمل لبنان على الحد من تدفق المهاجرين نحو الدول الأوروبية؟

أعلنت السلطات اللبنانية، عن إطلاق الاستراتيجية البحريّة المتكاملة للبنان، ومسودّة الدراسة التقييميّة للإطار القانوني الوضعي للمجال البحري اللبناني، بهدف تعزيز الأمن والسلامة البحريّة، وذلك بالتعاون مع المركز الدولي لتطوير سياسات الهجرة ICMPD. 

واعتبرت الحكومة اللبنانية، أن الاستراتيجية المُعلن عنها، تندرج ضمن برامج الإصلاح والتعافي وإعادة الإعمار؛ وهي وثيقة إطار عمل لمشاركة تطوير المجال البحري مع المجتمع الدولي وكذا المؤسّسات الدوليّة، من قبيل: البنك الدولي.

وبحسب استطلاع لمنظمة الدولية للهجرة، فإنه "من بين 954 مواطنا لبنانيا، قال أكثر من 78 في المئة إنهم يفكرون في مغادرة لبنان، وقال ربعهم إنهم على استعداد أيضاً للتفكير في الهجرة غير النظامية. وتم ذكر الصعوبات الاقتصادية والصراع وشح الاحتياجات الأساسية، مثل الوصول إلى الرعاية الصحية والتعليم للأطفال، كعوامل رئيسية تقود تلك القرارات".

وفي محاولة للحد من تدفق المهاجرين من لبنان نحو الدول الأوروبية، كان الاتحاد الأوروبي قد قدّم المساعدات المالية والتنموية للحكومة اللبنانية ولمنظمات المجتمع المدني؛ بينما عملت دول الاتحاد الأوروبي على تقديم مشاريع تنموية بالتعاون مع السلطات اللبنانية لمكافحة الهجرة غير الشرعية من لبنان باتجاه الدول الأوروبية.

إلى ذلك، اشترط الاتحاد الأوروبي، ربط المساعدات المتعلقة بموضوع الإدارة المتكاملة للحدود، والتي تبلغ قيمتها 7 ملايين يورو، بالموافقة على الاستراتيجية البحريّة المتكاملة للبنان ومسودّة الدراسة التقييميّة للإطار القانوني الوضعي للمجال البحري اللبناني، التي قامت لجنة مراقبة وضبط الحدود في الجيش بالعمل على إنجازها بالتعاون مع المركز الدولي لتطوير سياسات الهجرة ICMPD.

وفي هذا السياق، قال الخبير في شؤون الملاحة البحرية، وسام ضومط، إن "الهدف الرئيسي من هذه الاستراتيجية، خاصة بالنسبة للمركز الدولي لتطوير سياسات الهجرة هو تطوير أعمال مكافحة الهجرة غير الشرعية التي تنطلق من لبنان إلى الدول الأوروبية".


وأوضح ضومط، أن "لبنان يعتبر من بين الدول التي شهدت في السنوات الأخيرة، زيادة في عدد المهاجرين غير الشرعيين، ممّن يحاولون الوصول إلى السواحل الأوروبية عن طريق البحر المتوسط، عبر القوارب وغيرها من الطرقات البرية والممرات الحدودية في الجبال إلى مختلف أنحاء العالم وخاصة الدول الأوروبية".

تجدر الإشارة إلى أن عمليات الهجرة غير الشرعية من السواحل اللبنانية، قد شهدت تزايدا خلال السنوات القليلة الماضية؛ حيث بات يُقبل على المجازفة فيها لبنانيون فلسطينيون وسوريون وعراقيون، من أجل الهرب من حياة باتت بالنسبة لهم توصف بـ"الجحيم".

إلى ذلك، يعود تاريخ الهجرة غير الشرعية في لبنان إلى فترة طويلة، إذ كانت البلاد قد عاشت على إيقاع تدفق متزايد للمهاجرين واللاجئين، منذ القرن العشرين. فيما تعود عوامل الظاهرة إلى كل من الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يتعرض لها لبنان، وانعدام الفرص العملية، فضلا عن الحروب التي تعيشها البلاد، ناهيك عن الرغبة المتزايدة من الشباب للبحث عن فرص أفضل للحياة والأمان.

مقالات مشابهة

  • حروب 2023 تضع الأمن الغذائي العالمي على المحك.. ما علاقة المناخ؟
  • تقنية البنات بجدة تفتح باب القبول للعام التدريبي 1446هـ.. إليكم الرابط
  • الكلية التقنية الرقمية للبنات بجدة تفتح باب القبول للعام التدريبي 1446هـ
  • أستاذ سموم يكشف أسباب حالات الاختناق داخل السيارات
  • هرب من الحر فمات خنقا بمكيّف السيارة
  • بعد وفاة فتاة مصرية.. هل يمكن لتكييف السيارة أن يقتل؟
  • كيف يعمل لبنان على الحد من تدفق المهاجرين نحو الدول الأوروبية؟
  • استشارة صدرية: تكييف السيارات قد يكون قاتلا
  • «تقني تبوك» يعلن بدء القبول بالكلية الرقمية الجديدة للبنات
  • الأسبوع العالمي للتوعية بالحساسية.. تغير المناخ يعرضك للإصابة بالمرض