اعتباراتٌ عديدة تدفعُ "حزب الله" لعدمِ فتح جبهة جنوب لبنان ضدّ  العدو الإسرائيليّ، البعضُ منها أمني وعسكري فيما البعض الآخر مرتبطٌ بحسابات فلسطينيّة طائفيّة – سياسية.. فما هي تلك الاعتبارات؟ وماذا يدور في عقل "حزب الله" الباطنيّ؟     على صعيد الاعتبارات العسكرية، يتبين أن "حزب الله" يكتفي بما يقوم به ضد الإسرائيليين عند الحدود لاسيما على صعيد الإستهداف المُباشر للمواقع العسكرية وضرب تجمعات قوات المُشاة وتدمير أجهزة المُراقبة.

عملياً، الخطوات الميدانية هذه قد تكون كافية بالنسبة للحزب باعتبار أنها مُوجعة للجانب الإسرائيليّ في حين أنها تبقى تحت خطّ الحرب المُدمرة.     الأمر الأكثر أهمية من كل ذلك هو أنّ الحزب لم يكن جاهزاً حقاً للحرب حينما شنّت حركة "حماس" في غزة عملية "طوفان الأقصى" ضد إسرائيل يوم 7 تشرين الأول الماضي. لو كان الحزبُ حاضراً لانخرط في المعركة، أو على الأقل لكانت عملياته التي بدأ بها مُساندة "حماس" أكثر قوة من تلك التي حصلت.     النقطة الحساسة بشكلٍ أكبر تكمنُ في مكانٍ آخر، وهي أن عدم جهوزية "حزب الله" لأي معركة شاملة تم استغلالها من قبل الإسرائيليين فوراً ، وهذا الأمر تمّت ترجمتهُ ميدانياً. فإلى حين إستجمع الحزبُ قوته ورفع جهوزيته العسكرية، وإلى حينِ تمكنه من فهم الميدان وما حصل في غزة، كان الجيش الإسرائيلي قد حشد قواته عند الحدود مع لبنان واتخذ الإجراءات الوقائية المطلوبة. هنا، بات من الصعب على "حزب الله" تطبيق سيناريو "إقتحام الجليل"، فالعين الأمنية الإسرائيلية مستيقظة بشدة، كما أنّ هناك صعوبة كبيرة لمواجهة "حائط أمني" مُدجّج بكافة الأسلحة والأعتدة التكنولوجية في ظل "ذروة الحرب".    لهذا، وفي ظل مشهدية القوة الإسرائيلية، يجدُ الحزبُ نفسه مُرغماً على عدم المبادرة باتجاه فتح جبهة لا تتضمنُ قدرة على إقتحام الجليل، باعتبار أن هذه الخطوة هي الأساس في أي معركة، ومن دونها لن يكون هناك أي إنجاز محوري لـ"حزب الله" بعد العملية التي نفذتها "حماس" الشهر الماضي.     إنطلاقاً مما ذُكر، آثر "حزب الله" الهدوء والإكتفاء بالعمليات التي تساهم في إرهاق الجيش الإسرائيلي من دون الإنتقال إلى موقع الهجوم المباشر. إزاء هذه الأمور وأكثر، فضّل الحزبُ أن يكون جنوب لبنان "جبهة مُساندة" وليس جبهة حربٍ شاملة، وقد قال ذلك صراحة الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله في خطابه الأخير يوم 11 تشرين الثاني الجاري.     فعلياً، لو قرر الحزب المبادرة إلى الحرب من بوابتها الواسعة في ظل الإستنفار الإسرائيلي، لكان أدخل قوّاته الخاصة في مُخاطرة كبرى، فالإسرائيليون يهدفون لتصفية تلك القوات وعلى رأسها "قوة الرضوان". وعليه، فإن الإنزواء بعيداً عن الحرب المفتوحة جنّب الحزب "خسارة بشرية"، وبالتالي أبعد عنه شبح معركةٍ شاملة لا يريدها الآن بتاتاً.    ماذا عن الحسابات الفلسطينية السياسية – الطائفية؟    ما يُظهره سلوك "حزب الله" خلال معركة غزة يوضح أنّ الأخير يريد أن تبقى الحرب فلسطينية – فلسطينية حصراً. كذلك، يتبين أن الحزب لا يريد أن يكون "قائد المعركة" هذه المرة، ولهذا السبب ترك "حماس" تقود الجبهة وتأسر الأضواء لديها، لأن هذا الأمر يصب في مصلحة الأخيرة قبل أن يصبّ في مصلحة "حزب الله".     مع كل ذلك، فإنّ ما لا يمكن نكرانه هو أن "حماس" تُمثل مقاومة سُنيّة، وبالتالي فإن أخذ الحزب المُبادرة منها في فتح جبهة وخطف الأضواء عن إنجاز عملية "طوفان الأقصى"، سيترك ندوباً كبيرة في العلاقة بين "حماس" والحزب.    في خلاصة القول، ما يتبيّن هو أن التوتر الذي يحكم المشهد حالياً سيندثر شيئاً بعض الشيء.. لكن السؤال الأساسي هنا هو التالي: ماذا سيجري بعد ذلك؟ ما هي آفاق النفس الإسرائيلي؟ الأمور كلها ستنكشف تباعاً..     المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: حزب الله

إقرأ أيضاً:

حين سبق طوفان الأقصى الإعصار هذا ما كشفه تحقيق إسرائيلي

هل كانت معركة طوفان الأقصى التي نفذتها المقاومة الفلسطينية وعلى رأسها كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) صحيحة؟

وهل فعلا كان قادة القسام وباقي الفصائل يعلمون ماذا يريدون في السابع من أكتوبر؟

وما الفائدة التي جنتها المقاومة من هذه العملية؟ ولماذا عرضوا أهالي غزة لهذا القتل والخراب؟

الكثير من الأسئلة انتشرت على منصات التواصل بعد أيام من معركة طوفان الأقصى وحول النتائج المترتبة عليها وهل كانت عملية صحيحة أم أنها عبثية؟

هل كان الطوفان قراراً صائباً أنقذ المقاومة من ضربة استباقية غادرة، أم كان قراراً مجنوناً أورد غزة المهالك ؟

هل كان ينتظر القسام مصير حزب الله لولا الطوفان حقاً ؟ pic.twitter.com/3cOYQvIna0

— Saeed Ziad | سعيد زياد (@saeedziad) November 24, 2024

جميع هذه الأسئلة أجاب عنها تحقيق كشفته الصحافة الإسرائيلية بحسب بعض الناشطين، فكشفت القناة الـ12 الإسرائيلية عن خطة أقرها رئيس الشاباك رونين بار يوم 1 أكتوبر/تشرين الأول، قبل معركة طوفان الأقصى بأسبوع فقط، واعتمدها رئيس الأركان هرتسي هاليفي تقضي بتوجيه ضربة استباقية واغتيال أكبر 6 قيادات في قطاع غزة على رأسهم يحيى السنوار، ومحمد الضيف وآخرين.

17/ הסיפור השני ב-1 באוקטובר, 6 ימים לפני המתקפה. בזמן שראש המל"ל הנגבי מספר ברדיו עד כמה חמאס מורתע, ראש השב"כ מציג לנתניהו תוכנית לחיסול צמרת חמאס. הסיבה – חמאס עזה מוציא סדרת פיגועים מהגדה. הרמטכ"ל מצטרף לעמדתו, נתניהו מתעלם ומבקש להעביר נושא לטשטוש בעיית הכשירות בצה"ל… >> pic.twitter.com/2c62PaQQav

— עמרי מניב Omri Maniv (@omrimaniv) November 23, 2024

وتعليقا على ما كشفته الصحافة الإسرائيلية قال مغردون إنه وبعد بدء المعركة بأيام قليلة، خرج صالح العاروري نائب رئيس حماس الذي اغتالته إسرائيل بلبنان ليعلن بأن عملية السابع من أكتوبر/تشرين الأول كانت ضربة استباقية لعملية هجومية كبيرة كان يخطط لها العدو.

وأضاف هؤلاء أن رئيس حركة حماس الشهيد يحيى السنوار سبقه إلى ذلك حين قال إن استخبارات القسام أخبرتهم أنهم أمام معركة واستحقاق كبير نهاية عام 2023، وكان ذلك قبل الحرب بعامٍ كامل.

ما سرّبته القناة ال12 العبرية من معطيات حول تداول العدو خطط لضربةاستباقية في غزّة مطلع شهر أكتوبر، ينسجم مع حديث الشيخ صالح العاروري في الاسبوع الأول للمعركة بأن أحد دوافع عملية السابع من أكتوبر، احباط هجوم استباقي للجيش الإسرائيلي، وهو سيناريو كانت تخشى المقاومة أن تتعرض له،…

— محمد حامد العيلة || Mohammed H. Alaila (@Moh_Aila) November 24, 2024

وأشار مدونون إلى الخطاب الأخير لأبو عبيدة المتحدث العسكري باسم القسام، في ذكرى السابع من أكتوبر/تشرين الأول، حين كشف عن أحد أهم أسباب تنفيذ طوفان الأقصى، والذي تمثل في كون الهجوم اإستراتيجي بمثابة ضربة استباقية، باغتت بها المقاومة الاحتلال الإسرائيلي الذي كان يحضّر اللمسات الأخيرة لعملية هجومية كبرى ضد المقاومة، تستهدف بها صفوفها القيادية الأولى والثانية والثالثة، تماما كما الضربة التي وجهها الاحتلال لحزب الله اللبناني.

هنا ما قاله المتحدث العسكري بأسم كتائب القسام "أبو عبيدة" في خطاب ذكرى عام من طوفان الأقصى بأن "المقاومة نفذت أكبر عملية استباقية"pic.twitter.com/Xc5wCcPuXH

— احمد فوزي – Ahmed Faozi (@AFYemeni) November 24, 2024

وقال ناشطون إن ما كشفت عنه الصحافة الإسرائيلية في هذه التحقيقات هو أكبر دليل على صوابية قرار المعركة، بل كان قرارا إلزاميا لا خيار فيه، لمباغتة العدو.

وأضاف آخرون أن التحقيقات الإسرائيلية، تؤكد أن استخبارات القسام كانت تقرأ المطبخ السياسي الإسرائيلي جيدا، وكان قرار الدخول في هذه المعركة بقوة وصرامة قرارا صائبا جدا، فغزة كانت أمام مقتلة كبيرة استبقتها المقاومة بالقضاء على فرقة غزة بحيش الاحتلال في ساعات معدودة في أبرع عملية عسكرية يشهدها التاريخ الحديث، بحسب بعض المغردين.

#طوفان_الأقصى حين يسبق الإعصار

بعد بدء المعركة بأيام قليلة، خرج الشيخ صالح العاروري على قناة الجزيرة ليعلن بأن عملية السابع من أكتوبر كانت ضربة استباقية لعملية هجومية كبيرة كان يخطط لها العدو، سبقه في ذلك الشهيد يحيى السنوار حين قال بأن استخبارات القسام أخبرتنا أننا أمام معركة…

— محمد النجار ???????? (@MohmedNajjar88) November 24, 2024

ولفت مدونون الانتباه إلى أن هذه التحقيقات تشير إلى عدة أمور تبرز جهوزية المقاومة، واستعدادها الميداني، وحضور خططها العملياتية بشكل منظم ومدروس.

أما عن العمل الاستخباراتي فقال بعض المغردين إن المقاومة تفوقت على الاستخبارات الإسرائيلية في جميع النواحي، كما أنها استطاعت تحطيم نظرية التفوق الإسرائيلي على باقي المنطقة.

طوفان الأقصى ضرورة حتمية لا مفر منها، سواء كان استباقياً أو غيره. ومقاومة المحتل وتحرير الأرض بكل الوسائل والطرق الممكنة حق أصيل راسخ، بل حتى تبرره القوانين الدولية. فالهجوم في هذه الحالة هو في الحقيقة دفاع عن الأرض المحتلة والحقوق.

— Salem (@Salem_ITar) November 24, 2024

وتعليقا عن ما كشفته الصحافة الإسرائيلية قال ناشطون إن الواقع يثبت هذه الحقيقة لأنه من غير المنطقي أن يستطيع الاحتلال اغتيال قيادات حماس وقيادات حزب الله بهذه السرعة دون تخطيط مسبق بمعنى أن الاحتلال كان يجهز هذه الحرب منذ زمن.. وربما المقاومة حصلت على معلومات دقيقة.

وقال آخرون إن المستقبل سيكشف لنا نتائج طوفان الأقصى إيجابية كانت أم سلبية.

المقاومة لا تحتاج لتبرير لما تفعل !! فمن اسمها يعرف مبتغاها !! مقاومة يعني هناك مستعمر !ويجب التخلص من المحتل بما تراه مناسباً

— Eman Zakarneh (@zakarneh_e42598) November 24, 2024

مقالات مشابهة

  • مكانة طوفان الأقصى في قلب النموذج الانتفاضي.. قاموس المقاومة (54)
  • ضمن معركة "طوفان الأقصى".. 15 عملاً مقاوماً في الضفة خلال 24 ساعة
  • الاحتلال الإسرائيلي يصدر 20 أمر إخلاء في ضاحية بيروت
  • وفاة جندي إسرائيلي أصيب في "طوفان الأقصى"
  • تطورات اليوم الـ417 من "طوفان الأقصى" والعدوان الإسرائيلي على غزة
  • حين سبق طوفان الأقصى الإعصار هذا ما كشفه تحقيق إسرائيلي
  • غزة والعلوم الاجتماعية.. سبر أغوار المسألة الاجتماعية زمن الحرب
  • حزب الله ينفذ 51 عملية عسكرية خلال أقل من 24 ساعة في أعلى حصيلة يومية منذ طوفان الأقصى
  • تطورات اليوم الـ416 من "طوفان الأقصى" والعدوان الإسرائيلي على غزة
  • تطورات اليوم الـ415 من "طوفان الأقصى" والعدوان الإسرائيلي على غزة