إيكونوميست: أنظمة عربية تتمنى القضاء على حماس.. وهذا ما كشفته قمة الرياض
تاريخ النشر: 17th, November 2023 GMT
سلطت مجلة "إيكونوميست" الضوء على موقف الأنظمة العربية من العدوان الإسرائيلي الوحشي على قطاع غزة، مشيرة إلى أن العديد من هذه الأنظمة تتمنى القضاء على حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية "حماس".
وذكرت المجلة البريطانية، في تقرير ترجمه "الخليج الجديد"، أن كل القادة العرب يريدون أن تنتهي الحرب، وجميعهم يريدون "شخصًا آخر أن ينهي الأمر" في الوقت ذاته، وهو ما عبروا عنه في رسالة "مبتذلة ومثيرة للجدل في آن واحد"، في القمة التي عقدت بالرياض مؤخرا.
وأضافت أن قمة الرياض جاءت بعد مرور أكثر من شهر على حرب غزة التي لا تزال تظهر على شاشات التلفزيون وفي المحادثات بجميع أنحاء الشرق الأوسط، وتجذب الاهتمام العربي وتؤجج المشاعر على نحو لا تفعله محنة السودانيين أو اليمنيين أو السوريين.
وانتهت القمة ببيان حاد يعكس هذا الغضب، فقد دعت إلى وقف فوري لإطلاق النار، وطالبت بـ "كسر الحصار المفروض على غزة"، وحثت على فرض حظر أسلحة على إسرائيل.
وتشير "إيكونوميست"، في هذا الصدد، إلى أن مطالبات القمة تكرار لـ "متجر أحاديث جامعة الدول العربية"، إذ يندد العديد من القادة بمعايير الغرب المزدوجة عندما يتعلق الأمر بالفلسطينيين، رغم أنهم فعلوا ذلك في قمتهم ذاتها، التي دعوا فيها، بشار الأسد، أحد أسوأ مجرمي الحرب في هذا القرن.
كما أن حديث البيان الختامي عن "كسر حصار غزة وحظر الأسلحة على إسرائيل" يبدو مثيرا للسخرية على نحو مماثل، إذ ساعدت مصر في الحفاظ على حصار غزة لما يقرب من عقدين من الزمن، كما تشتري عديد الدول العربية والإسلامية الأسلحة من الدولة العبرية.
وتؤكد المجلة البريطانية أن قراءة "ما بين السطور" يكشف تناقضات عميقة بين قادة القمة، بجانب ردود الفعل الإقليمية على الحرب، فالعديد من دول الخليج، على سبيل المثال، ترغب في أن تتخلص إسرائيل من حماس، حتى مع خشيتها من أن يؤدي ذلك إلى إيقاظ التطرف في بلدانها.
محور المقاومة
فهذه الدول تريد أن ترى "محور المقاومة" التابع لإيران والميليشيات التابعة له مقوضا، لكنها تشعر بالقلق من الوقوع في مرمى النيران، ولذا روجت لعدة سنوات سردية "الشرق الأوسط الجديد"، الذي يركز على الاقتصاد بدلاً من الأيديولوجيا، وتشعر بالقلق من أن تؤدي حرب طويلة في غزة إلى عرقلة مثل هذه الخطط.
وتحدث الرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي، لمدة 40 دقيقة تقريبًا في القمة؛ وكان يرتدي الكوفية الفلسطينية تحت ردائه الديني، وحث الدول الإسلامية على إرسال الأسلحة إلى الفلسطينيين، وحث العديد من المشاركين على فرض عقوبات دبلوماسية واقتصادية على إسرائيل، وهو ما تجاهله باقي القادة.
واستبعدت دول النفط العربية استخدامه كسلاح، كما فعلت في عام 1973، عندما فرضت منظمة أوبك حظراً على الدول التي دعمت إسرائيل خلال حرب أكتوبر/تشرين الأول.
اقرأ أيضاً
ساينس مونيتور: هل حققت حماس أهدافها ضد إسرائيل؟
وفي السياق، قال خالد الفالح، وزير الاستثمار السعودي، بمؤتمر آخر في وقت سابق من هذا الشهر: "هذا (استخدام النفط كورقة ضغط) ليس مطروحًا على الطاولة".
فالسعوديون إلى سنوات عديدة من عائدات النفط المستقرة لتمويل خططهم الرامية إلى التنويع الاقتصادي، وآخر شيء يريدون القيام به هو فرض حظر من شأنه أن يحفز الدول الغربية على تسريع تحولها بعيداً عن النفط.
وكانت نتيجة القمة مثيرة للخلاف، فقد كان بعض العرب سعداء بالخطاب القاسي، واشتكى آخرون من أن حكوماتهم سلبية للغاية بشأن الحرب.
وباستبعاد التهديدات العسكرية أو العقوبات الاقتصادية، فلن يتبقى سوى كلام قاس، لا فعل له، لأن "الجميع يتصرف من منطلق المصلحة الذاتية"، بحسب المجلة البريطانية، مشيرة إلى أن السعوديين، على سبيل المثال، قرروا المضي قدمًا في موسم الرياض، وهو مهرجان سنوي يعد جزءًا من خطة ولي العهد، محمد بن سلمان، لتخفيف القيود الثقافية في المملكة.
وجلب استمرار الموسم الترفيهي كومة من الانتقادات للسعودية، فولي العهد يريد أن يستمتع الناس في الرياض بينما يموت الناس في غزة.
وتثير مثل هذه الإدانة غضب السعوديين، الذين يشعرون بأنهم مستهدفون، وكأنهم وحدهم يحتفلون بينما تحزن بقية المنطقة.
برجماتية إيرانية
ومع ذلك، فإن قسماً كبيراً من المنطقة يحاول التصرف كما لو أن الأمور تسير كالمعتاد. وحتى إيران سمحت حتى الآن بقدر من البرجماتية لكبح تصرفاتها.
فرغم أن الميليشيات التابعة لإيران كانت تشن هجمات منتظمة على أهداف إسرائيلية وأمريكية، فقد قررت عدم إضاعة حزب الله، الجماعة الشيعية اللبنانية التي تمثل وكيلها الأقوى، في معركة شاملة لدعم الفلسطينيين.
وعلى هامش القمة، أجرى بن سلمان محادثات مع رئيسي، وكان أول اجتماع لهما وجهاً لوجه وأول زيارة يقوم بها رئيس إيراني إلى المملكة منذ عام 2012، ما قدم مؤشرا على أن الانفراج في العلاقات الإيرانية السعودية، الذي تحقق في مارس/آذار الماضي، لا يزال قائماً، إذ لا أحد يريد حرباً إقليمية.. الآن على الأقل.
ولكن على المدى الطويل، فإن أحداث الأسابيع الستة الماضية تذكرنا بأن الهدوء الأخير في الشرق الأوسط هش، وأن المنطقة لا تزال على مفترق طرق بين خيار الصراع الذي لا نهاية له وبين إنهاء صراعاتها من أجل الازدهار، ولم تسفر حرب غزة إلا عن زيادة حدة الاختيار.
وفي السياق، يقول محمد اليحيى، زميل سعودي في مركز بيلفر بجامعة هارفارد: "إذا فشل معسكر السلام، فهي مسألة وقت فقط قبل أن تندلع حرب أوسع نطاقاً، ولكن لكي تنجح هذه الخطة، يتعين على إسرائيل أن تقدم تنازلات، وقد يبدو ذلك بعيد المنال".
ورغم أنه لا شيء من شأنه أن يقوض إيران ووكلائها أكثر من التوصل إلى اتفاق سلام مع الفلسطينيين، فإن الحكومة الإسرائيلية اليمينية والحكومة الفلسطينية، التي فقدت مصداقيتها، لا يبدو أنهما على استعداد لإحياء عملية السلام المحتضرة.
ومع ذلك، فإن محادثات السلام هي أفضل أمل يمكن أن تحشده الدول العربية الأخرى. وقد دفعتها أمريكا إلى الالتزام بقوة متعددة الجنسيات لتأمين غزة بعد الحرب.
وفي مؤتمر صحفي بعد قمة الرياض، طلب وزير الخارجية السعودي، فيصل بن فرحان، الغاضب، من الصحفيين التوقف عن سؤاله عن خطط غزة ما بعد الحرب، قائلا: "المستقبل الوحيد، وهذا هو الموقف الموحد للعالم العربي، هو وقف فوري لإطلاق النار".
ويقول الدبلوماسيون العرب إنه كلما طال أمد الحرب، أصبح من الصعب تصور ما سيأتي بعد ذلك.
اقرأ أيضاً
إعلام عبري: إسرائيل تبلغ أمريكا موافقتها على قوات دولية في غزة بعد حماس
المصدر | إيكونوميست/ترجمة وتحرير الخليج الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: حماس غزة إسرائيل بشار الأسد موسم الرياض إبراهيم رئيسي إيران محمد بن سلمان حزب الله على إسرائیل
إقرأ أيضاً:
انعكاسات أزمة تقييد القضاء في إسرائيل على الفلسطينيين
في سياق ليس بعيدا عن التصدعات الداخلية بالتوازي مع الحرب على غزة التي طالت دون أن تحقق أهدافها، تأتي محاولات حكومة بنيامين نتنياهو لإعادة طرح خطة تقييد القضاء الإسرائيلي لتكشف عن أبعاد جديدة من أزماتها الداخلية المتراكمة.
ويرى معارضو هذه الخطة، التي تهدف إلى الحد من سلطة القضاء وتعزيز هيمنة السلطة التنفيذية، أنها تمثل حلقة جديدة في سلسلة محاولات فرض السيطرة الكاملة على مفاصل الحكم.
حتى الآن، يرى خبراء أن نتنياهو، لم يتمكن من تمرير خطة تقييد القضاء بشكل كامل، إذ لا تزال على طاولة النقاش السياسي في إسرائيل، والتأجيلات المتكررة جاءت نتيجة الاحتجاجات الشعبية والضغوط السياسية الكبيرة، بالإضافة إلى التوترات الداخلية، خاصة في أعقاب هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 المباغت وما تلاه من تبعات أمنية وسياسية.
ولا تنعكس أبعاد خطة التعديلات على الداخل الإسرائيلي وحسب، بل تمتد لتؤثر على السياسات القمعية تجاه الفلسطينيين. ووسط هذا المشهد المتأزم، تبرز تساؤلات حول مدى تأثير هذه الخطة على الاستقرار الداخلي ومستقبل نظام الحكم في كيان يواجه تشكيكا متزايدا في شرعيته الأخلاقية والسياسية داخليا وخارجيا.
يقول الائتلاف الحاكم في إسرائيل إن التعديلات القضائية تهدف إلى إعادة التوازن بين السلطات (الأوروبية) تحول النظام القضائيفي يناير/كانون الثاني 2023 أعلن وزير العدل ياريف ليفين عن خطة تقييد القضاء، وقدم ليفين -وهو عضو في حزب الليكود الذي يتزعمه نتنياهو- الخطة كجزء من "إصلاحات قضائية" تهدف، حسب زعمه، إلى إعادة التوازن بين السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية.
إعلانوبرر الوزير إعلانه عن الخطة بأنها ستضع حدا لما وصفه بالتجاوزات التي تقوم بها المحكمة العليا وتدخلها في الشؤون التشريعية والتنفيذية، ولتعزيز سيادة الكنيست (البرلمان) باعتباره الممثل المنتخب من الشعب، ومعالجة ما يعتبره هيمنة قضائية على القرارات السياسية في إسرائيل.
في المقابل، يرى المعارضون أن هذه الخطة تأتي لتحقيق مصالح سياسية وشخصية، خاصة مع التحديات القانونية التي يواجهها نتنياهو في قضايا فساد، ما يجعل الخطة وسيلة لتعزيز نفوذ الحكومة وتقليص أي رقابة قانونية قد تعيقها.
وفي 12 ديسمبر/كانون الأول الجاري، أصدرت المحكمة العليا الإسرائيلية قرارا يلزم وزير القضاء، ياريف ليفين، بعقد جلسة للجنة تعيين القضاة لاختيار رئيس جديد للمحكمة العليا قبل 16 يناير/كانون الثاني 2025، وذلك بعد امتناع ليفين عن دعوة اللجنة منذ تقاعد القاضية إستر حيوت في 16 أكتوبر/تشرين الأول 2023.
ردًا على هذا القرار، أعلن ليفين في 14 ديسمبر/كانون الأول الجاري عن نيته إعادة طرح قانون تغيير تركيبة لجنة تعيين القضاة في الكنيست، بهدف تعديل آلية تعيين القضاة وتوسيع تمثيل السياسيين في اللجنة. يهدف هذا التعديل إلى تقليص دور نقابة المحامين في التعيينات القضائية، مما يتيح للائتلاف الحكومي مزيدًا من السيطرة على تعيين القضاة.
الكاتب والمستشار القانوني، سائد كراجه، يرى أن النظام القضائي لم يعمل كجهة رقابة نزيهة، ولكن تقييده سيزيد من عدم الثقة في القضاء، وسيثير شكوكا حول الوجه "الديمقراطي" الإسرائيلي، على الصعيد الداخلي والدولي، بحسب وصفه.
وعن خطوات تطبيق التعديلات، يقول كراجه في حديثه للجزيرة نت، إنها ستبدأ بتعديل القوانين وتشريع نصوص جديدة، تحد من صلاحيات المحكمة العليا وتمنعها من إلغاء قرارات الحكومة أو الكنيست، وتسمح للحكومة بتعيين القضاة بشكل مباشر بدلًا من الاعتماد على لجنة مستقلة.
إعلانوهذا بدوره -بحسب كراجة- سيجعل التعيينات القضائية مسيّسة، وسيضع قيودا على قدرة القضاء على مراجعة قرارات الكنيست المتعلقة بالقوانين والسياسات الحكومية التي يصدرها نتنياهو، وهذا سيغير الهيكل الإداري للمستشارين في الحكومة.
واللافت أن الخطة لم يقتصر تأثيرها على المجال القضائي فحسب، بل ألقت بظلالها أيضًا على الأوساط العسكرية، إذ هددت مجموعات من ضباط وقادة قوات الاحتياط بالإعلان عن نيتهم الامتناع عن الخدمة إن تم تنفيذ الخطة.
العسكريون عبروا عن استيائهم من تقليص صلاحيات المحكمة العليا، مؤكدين أن هذا التغيير قد يؤثر سلبًا على دور القضاء في مراقبة تصرفات الجيش وضمان احترام حقوق الإنسان، لا سيما في العمليات العسكرية التي تتم في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
ويرى الخبراء الذين تحدثت إليهم الجزيرة نت، أن هذه الاحتجاجات تحمل دلالة سياسية أيضًا، حيث يظهر الانقسام الواضح بين السلطة السياسية في إسرائيل والجيش، الذي عادة ما يسعى للبقاء بعيدًا عن السياسة، إلا أن هذه الخطة ستعزز من التدخلات السياسية في الشؤون العسكرية، وتؤثر على استقلالية الجيش في اتخاذ قراراته الأمنية.
يخضع نتنياهو لمحاكمة بتهم تتعلق بتلقي رشاوى واحتيال وسوء استخدام السلطة (رويترز) دوافع شخصيةيواجه نتنياهو منذ سنوات عدة قضايا فساد، تشمل اتهامات بتلقي رشاوى، والاحتيال، وسوء استخدام السلطة. ويعتبر خبراء أن خطة تقييد القضاء قد تكون لها علاقة مباشرة بمحاولاته لتخفيف الضغط القانوني الذي يواجهه.
يتفق كراجة مع هذا الطرح، ويقول إن هذه الخطة ستقلل من قدرة النظام القضائي على محاسبته أو التأثير على مستقبله السياسي المعرض للخطر، مقابل تقوية تحالف اليمين وضمان دعم الأحزاب الدينية واليمينية المتشددة عبر تغيير القوانين بما يتماشى مع أجندتهم، حيث يعمل ذلك على إبراز الاستقرار في حكومته.
إعلانفي حين يرى الأستاذ في العلوم السياسية، بدر الماضي، أن مساعي نتنياهو لتحويل القضاء لأمر ثانوي هي محاولة لتجاوز ما يتهم به من قضايا فساد، وتحسين صورته في الداخل الإسرائيلي من خلال إطالة أمد المحاكمات التي يعلم أنه قد يخسرها، ويريد أن يوصل رسالة للإسرائيليين أن لديه مهمة أكبر من أن يتم تحييده من قبل المؤسسة القضائية.
ويضيف "من هذه النقطة، يلعب نتنياهو على وتر تحييد المحكمة العليا والمؤسسة القضائية لتجنب أي إدانات تبعده عن الحياة السياسية وتؤول به الأمور لشخص فاسد وسارق".
إقالة المستشارة القضائيةولا يمكن الحديث عن خطة تقييد القضاء بمعزل عن مشروع إقالة المستشارة القضائية للحكومة الإسرائيلية، غالي بهاراف ميارا، وهو جزء من الجدل الدائر حول علاقة القضاء مع السلطة التنفيذية في إسرائيل، إذ تتعلق القصة بالخلافات العميقة بين الحكومة الحالية، بقيادة بنيامين نتنياهو، وبين المستشارة القضائية التي تُعتبر من المدافعين عن استقلال القضاء وسيادة القانون.
ويعتبر منصب المستشارة القضائية، الذي تتولاه غالي بهاراف ميارا، أعلى سلطة قانونية تقدم المشورة للحكومة، وتُمثل الدولة قانونيًا في المحاكم. واتخذت بهاراف ميارا مواقف معارضة لبعض سياسات الحكومة، خاصة الإصلاحات القضائية.
انتقدت ميارا في مناسبات عدة محاولات الحكومة للتدخل في القضاء، وحذرت من أن الإصلاحات القضائية قد تُضعف الديمقراطية في إسرائيل، ولعبت دورًا مهمًا في قضايا الفساد التي يواجهها نتنياهو، حيث أصدرت قرارات تتعلق بإجراءات قانونية ضده.
وعلى خلاف موقف الحكومة الإسرائيلية ورئيسها، طالبت ميارا أكثر من مرة بتشكيل لجنة تحقيق رسمية في إخفاق 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، وهو ما أثار غضب نتنياهو وحزبه الذين يطالبون بتشكيل لجنة "سياسية" محدودة الصلاحيات.
يعزو الكاتب والخبير القانوني، سائد كراجة، هذا الهجوم على المستشارة بهاراف ميارا إلى سعي التحالف الحكومي لتحييد المعارضة القانونية، معتبرا أن الهجوم على المستشارة القانونية للحكومة يثبت أنها تشكل عقبة في طريقهم للتعديل المنشود في السلطة، حيث رفضت المستشارة عدة مرات في السابق تمثيل الحكومة أمام المحكمة العليا في التماسات قدمت حول قضايا عديدة، بل دعمت أحيانا مواقف مقدمي الالتماسات.
إعلانويقول كراجة إن الادعاء ضد المستشارة بأنها تسعى لإسقاط "حكومة اليمين" بشكل مدروس، يعمل في الواقع كوسيلة لتعبئة أنصار التحالف ضد المؤسسات القانونية، مرجحا أن تستمر محاولات التحالف الحكومي لإقالتها في المستقبل القريب، خصوصا على ضوء التقدم في جلسات محاكمة نتنياهو بتهم الفساد وشهادته القادمة، مع خشية رئيس الحكومة وطاقمه من أن تُقدِم المستشارة القانونية على محاولة الإعلان عن تعذر قيام نتنياهو بمهامه رئيسًا للوزراء في ضوء محاكمته.
القضية الفلسطينيةويتفق الخبراء أن الخطة التي تروج لها الحكومة الإسرائيلية تحمل في طياتها تداعيات خطيرة على مستقبل الفلسطينيين في الداخل، فمن خلال تقليص الرقابة القضائية، ستتمتع الحكومة الإسرائيلية بحرية أكبر لتمرير سياسات استيطانية توسعية في الضفة الغربية والقدس، مما يهدد بتكريس الاحتلال وتعميق المعاناة الفلسطينية.
ويرى المحلل السياسي المختص في الشأن الفلسطيني أحمد فهيم أن اسرائيل لم تعد معنية أن تبدو دولة ديمقراطية تحترم حقوق الإنسان وتَفصِل بين السلطات، وخاصة أنها مقبلة على مشروع استيطاني توسعي ضخم قد يقضم المزيد من التراب الوطني الفلسطيني وتحديدا في الضفة الغربية المحتلة.
ويضيف في حديثه للجزيرة نت أن التقييد قد يطلق يد الاحتلال الإسرائيلي دون حسيب أو رقيب في تعديل تشريعات بموجبها يطبق حكم الإعدام تجاه الفدائيين والمناضلين الفلسطينيين في سجون الاحتلال الإسرائيلي.
ويرى الأستاذ في العلوم السياسية، بدر الماضي، أن هذه التعديلات سيتم استخدامها ضد الفلسطينيين، لممارسة المزيد من الانتهاكات وخاصة أن المحكمة العليا كانت تمثل أحد المسارات القانونية التي يلجأ إليها الفلسطينيون للاعتراض على مصادرة أراضيهم أو هدم منازلهم، وكانت تحقق لهم الحد الأدنى من الإنصاف. ومع تقييد دور القضاء، ستصبح هذه المسارات أقل فعالية، مما يُعمق شعور الفلسطينيين بالظلم ويزيد من معاناتهم اليومية.
بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع تصعيد السياسات القمعية من خلال تبني إجراءات أقسى ضد الفلسطينيين دون خوف من مراجعة، وهذا يشمل قوانين تقييد الحركة، وفرض عقوبات جماعية، وتوسيع استخدام القوة العسكرية في الأراضي المحتلة، على حد تعبير الماضي.
وفي ظل استمرار الاحتلال وممارساته القمعية بحق الشعب الفلسطيني، فإن الأزمات الداخلية الإسرائيلية قد تضيف من حيث النتيجة بعدا مأساويا جديدا إلى واقعهم المرّ.
إعلان