التدفئة تؤرق اللبنانيين: الشتوية مش مأمنة!
تاريخ النشر: 17th, November 2023 GMT
ككل سنة يتحضّر اللبنانيون لموسم شتاء قاس على الصعد كافة سواء السياسية أو الاقتصادية وحتى الأمنية، إذ إن شتاء عام 2024 سيكون بمثابة تحد كبير أمام معظم اللبنانيين، والأرقام هي خير دليل على ذلك. فبالرغم من استقرار الدولار الذي أعطى الفرصة للبنانيين لأخذ قسط من الراحة بدل المحاربة لمواءمة المدخول الهشّ مع الواقع، إلا أن القسم الأكبر منهم لم يستطع بعد تأمين "الشتوية" إذ إن احتدام الأوضاع الأمنية، وما يرافقها من تردّ وتراجع مستمر للأحوال الاقتصادية، كله ساهم بوضع اللبناني بمواجهة موسمٍ شتوي أقل ما يقال عنه أنه صعب.
معضلة الغاز والمازوت بلغة الأرقام يبدأ التحدي الأول بتأمين التدفئة، المشكلة الأساسية التي بات اللبنانيون يعانون منها منذ بدء الأزمة الاقتصادية عام 2019، وذلك باستعمال مختلف المصادر، سواء الكهرباء، أو المازوت أو الحطب. فخيار اللجوء إلى استعمال مادة المازوت مثلا هو من الخيارات الصعبة، باعتبار أن الطبقة الوسطى الإقتصادية هي شبه منعدمة حيث أن المنزل الواحد يحتاج ما بين 5 إلى 7 براميل من المازوت في حال اقتصد الشخص باستعماله، وهذا ما يعادل قرابة 800 دولار كحدٍ أدنى على مدى قرابة 5 أشهر أو ما يعادلها بالليرة اللبنانية حيث تصل تكلفتها إلى حدود 75 مليون ليرة طالما أن الدولار لا يزال ثابتًا. والأمر نفسه ينطبق على الغاز، إذ وبحال اقتصد أيضًا المواطن باستعماله، فإنّه يحتاج إلى ما يقارب الـ9 قوارير شهريًا وهو ما يعادل تقريبًا 10 ملايين ليرة، بوقت ستكون هذه الأسعار مرجحة للارتفاع بحدود 15% خلال موسم الشتاء، إذ يؤكّد خبير اقتصادي ل"لبنان 24"على أن البلاد الأوروبية التي يواجه سكّانها أزمة دفع رسوم التدفئة ستكون مستعدةً لفرض رسوم أعلى على البلاد المستوردة لموارد الطاقة منها، ومن ضمنها لبنان، خاصة في خضم الحرب الروسية الأوكرانية التي سيكون اللبنانيون على استعدادٍ لدفع جزءٍ من آثارها خلال موسم الشتاء.
وعلى خطّ تأمين التدفئة يبرز إلى الواجهة وضع المؤسسات والمدارس التي تعاني من كلفة تأمين مصادر الطاقة والتدفئة سواء الغاز أو المازوت وحتى الكهرباء. فعلى صعيد المدارس كان الأهالي هذا العام على موعدٍ مع زيادة جديدة قرّرت الإدارات فرضها لأجل تأمين التدفئة، وهذا ما انسحب على معظم المدارس الخاصة والمعاهد والحضانات والجامعات، تمامًا كالعديد من مؤسسات العمل التي قرّرت اقتطاع جزء من الراتب الشهري خلال موسم الشتاء لتأمين التدفئة لموظفيها خلال ساعات العمل. وعلى المقلب المقابل تؤكّد العديد من إدارات المدارس الرسمية أنها في السنة الفائتة حاولت تأمين المازوت من خلال الحصول على مساعدات من قبل الأهالي، إلا أنّها لا تعتبر أن هذا الحل عمليّ خاصةً وأن هذه السنة امتنع العديد من الأهالي عن تسجيل أولادهم في المدارس بسبب الكلفة المرتفعة، فمن أين ستُحصّل الأموال لتأمين التدفئة؟
الإعتداء على الطبيعة للبقاء بالتوازي، وتهرّبًا من تأمين المازوت أو الغاز، قرّر الآلاف من المواطنين الاعتماد على الأحراج خاصةً في المناطق الجبلية، حيث تم القضاء على الآلاف من الأشجار المعمّرة والتي تعتبر مصدر دفءٍ "رخيص" لهؤلاء. وبجولة لـ"لبنان 24" على مختلف القرى الجبلية لوحظ أن العديد من البلديات تعمل على تأمين الحطب لأكبر عدد من العائلات ببدل رمزي من خلال القيام بتشحيل الأشجار في الاحراج الواقعة ضمن سلطتها، وتوزيعها على العائلات. إلا أن العديد من رؤساء هذه البلديات أكدوا لـ"لبنان 24" أن عملية ضبط الأهالي ومنعهم من قطع الأشجار بأنفسهم هي عملية صعبة بظل عدم تعيين حرّاس للأحراج، وعدم قدرة البلديات المادية على تعيينهم على نفقتها الخاصة. وعليه أكّدت مصادر بلدية لـ"لبنان 24" على أن عملية قطع الأشجار داخل الأحراج الكبيرة في مختلف المناطق اللبنانية لم تعد تقتصر فقط على تأمين التدفئة، لا بل بات لها أهدافًأ تجارية، حيث يعمد الأهالي إلى بيع الحطب محليًا بأسعارٍ مُنافسة من دون الإكتراث إلى المجزرة البيئية الحاصلة!
المؤسسات المتوقفة تعاني بعيدًا عن تأمين موارد التدفئة، وُضع الآلاف من المواطنين اللبنانيين أمام مصيرهم مع اشتعال الجبهة الجنوبية، إذ إن المئات من المؤسسات تأثرت بشكل مباشر بتحذيرات الدول العربية والأجنبية التي عملت على سحب رعاياها، وحذّرت مواطنيها من التوجه إلى لبنان. فالأرقام توضح هول المصيبة، إذ إن مؤسسات السفر والسياحة دقّت ناقوس الخطر مع إلغاء ما يقارب 80% من الرحلات، وهذا ما انعكس سلبًا على عطلة الأعياد أولاً، وعلى عمل المؤسسات السياحية كالفنادق التي قلّصت فريق عملها بحدود 85% بظل نسبة شغور لا تتجاوز الـ 5% عند بعضها، وصولاً إلى المؤسسات التجارية التي أقفلت البعض منها أبوابها بعد عدم القدرة على تأمين بدل الإيجار، بعد ضياع الموسم السياحي الشتوي. وتتخوف مصادر اقتصادية في حديث مع "لبنان24 "من امتداد هذا الأمر إلى ما بعد رأس السنة، وتحديدًا خلال موسم التزلج، الذي يعتبر مصدرًا أساسيًا للمؤسسات خلال الشتاء، هذا عدا عن القدرة التشغيلية الذي يؤمّنها، سواء من فرص عمل تعدّ بالآلاف، وصولاً إلى تأمين استمرارية عمل هذه المؤسسات التي تبقى عادةً صامدة حتى الموسم الصيفي بالاعتماد على إيرادات الموسم الشتوي السياحي، خاصةً وأن هذا الموسم يمتدُّ إلى ما يقارب الشهرين ونصف الشهر. المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: خلال موسم العدید من لبنان 24
إقرأ أيضاً:
إشادة كبيرة بالحملة الشعبية اليمنية “ويؤثرون على أنفسهم” المساندة للنازحين اللبنانيين
يمانيون../ ثمن الكثير من المسؤولين والمواطنين والناشطين اللبنانيين عطاء اليمنيين المساند للشعب اللبناني على كافة الأصعدة بما فيها دعم النازحين بالمال عبر حملة “ويؤثرون على أنفسهم”.
وقدم مسؤول العلاقات الخارجية في حزب الله الشيخ خليل رزق كل التحايا للشعب اليمني، وللسيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي -يحفظه الله- وإلى كل من قدم وأهدى الشعب اللبناني هذه الهدايا الثمينة”، مؤكداً أن “قيمة هذا العطاء ليس فقط في الجانب المادي، وإنما في هذا الحصار الذي يعيشه شعب اليمن وفي ظل الظروف الصعبة التي يعيشها الشعب اليمني تجد أنه شعبٌ يقدم الخير والعطاء ولا ينسَ ولا يبخل كما أعطى الدم ها هو اليوم يعطي هذه المساعدات لإخوانه في لبنان”.
من جانبه قال مدير عام جمعية الإمداد الخيرية في لبنان محمد البرجاوي: “اليوم بمعونتكم أيها الإخوة اليمنيون ومعونة أصحاب اليد المعطاة انطلقنا في لجنة الإمداد نكسوا العريان ونطعم الجائع خدمةً لأهلنا الصامدين والنازحين الأعزاء”.
بدوره أشاد رئيس بلدية الغبيري في لبنان معن الخليل بالشعب اليمني قائلاً: “هذا الشعب المحاصر منذ عشر سنوات يعطي من رغيفه اليومي لإسناد النازحين في لبنان”، باعثاً شكره “باسم البلدية اللبنانية باسم النازحين نتقدم لهذا الشعب الأبي والقيادة الحكيمة ونشكرهم جميعاً جزيل الشكر على ما قدموه من إسنادٍ في المقاومة إضافةً إلى الإسناد على صعيد المواد الغذائية والتموينية”.
وفي السياق أكدت الناشطة زهراء قبيسي من وسط المستودع الذي احتوى الدعم اليماني الذي وصل أنه وصل إليهم في لبنان ملابس شتوية ومواد تموينية ومواد طبية، مؤكدة أن الموضوع ليس موضوع مادي وإنما موضوع وفاء يشفي الروح، قائلة: “نفس الرحمن دائماً يأتي من اليمن ومن شعب الحكمة والإيمان”.
أما صالح أبو عزة وهو باحث سياسي فلسطيني فقد قال أيضاً -من المخزن الذي وصلت إليه الحملة الشعبية اليمنية-: “تعودنا على اليمن الذي له اسهام واضح في جبهة الإسناد العسكرية، وفي جبهة الإسناد الشعبية لفلسطين ولبنان والآن يأبى إلا أن يكون له اسهام واضح في جبهة الإسناد الإنسانية للشعب اللبناني”.
وكانت لجنة نصرة الأقصى في صنعاء قد أعلنت الأسبوع المنصرم عن تمديد الحملة الشعبية “ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة” لدعم نازحي لبنان أسبوعاً آخر، مؤكدة أنها قامت بإرسال المبالغ التي تم جمعها تباعاً خلال الأيام الماضية، وقد وصل الجزء الأكبر منها إلى إخواننا النازحين، وتم شراء المساعدات العينية والمادية للنازحين في عدة مناطق في لبنان.