غزة- داخل مقبرة "أنصار" القديمة بمدينة دير البلح، يتنقّل عشرات الشبان من شجرة إلى أخرى حاملين فؤوسا ومناشير بغرض قطع أكبر عدد ممكن من أغصان الأشجار المعمرة.

ويعترف الحطّابون "الجدد" بأنهم يحرمون الأهالي من ظل هذه الأشجار القديمة، لكنهم مضطرون لهذا الأمر نظرا لنفاد غاز الطهو وحاجة عائلاتهم للحطب لصنع الخبز والطعام، حسب تعبيرهم.

ومنذ أكثر من 41 يوما، تحظر إسرائيل إدخال أي بضائع إلى قطاع غزة، بالإضافة إلى قطع إمدادات الكهرباء والماء، تزامنا مع شن جيشها غارات متواصلة أسفرت عن مقتل وجرح عشرات الآلاف من الفلسطينيين.

ودفع نفاد غاز الطهي وإغلاق غالبية المخابز أبوابها إلى لجوء الناس لطهي الطعام على نار الخشب، وأدى ذلك إلى إحياء مهنة "الحطّاب".

ومنذ ساعات الصباح الباكر، يجوب الكثير من الغزيين الشوارع بحثا عن الأخشاب وورق الأشجار الجاف بغرض استخدامها لطهي الخبز لعائلاتهم. ويقطع بعضهم الأشجار بغرض الاستفادة من أخشابها.

وفي بعض أسواق قطاع غزة، نشطت تجارة بيع الأخشاب، حيث يتم بيع الكيلوغرام الواحد منها بمبلغ يتراوح ما بين شيكل وشيكلين (الدولار = 3.78 شيكلات).

شجرة معمرة في مقبرة دير البلح فقدت سيقانها بفعل فؤوس الحطابين الجدد (الجزيرة) من منطقة لأخرى

يقول عبد الله أبو خليل، وهو يقوم بحطْب جذع شجرة بواسطة فأسه، إنه يأتي من مخيم النصيرات إلى هذه المقبرة في دير البلح، حيث يقطع مسافة تزيد عن 10 كيلومترات على دراجته الهوائية لجمع الحطب وتقطيع الأشجار.

ويشير أبو خليل، في حديثه للجزيرة نت، إلى أن عمله فيه الكثير من المخاطرة، ويقول في هذا الصدد "سقطت من شجرة وتعرضت لخطر الكسر، عملُنا أيضا متعب جدا، كما أننا معرضون للقصف الإسرائيلي خلال العمل".

ويضيف أبو خليل "نقطع الأشجار كي نشعل النار ونطهو الخبز ونعمل الشاي.. ونأكل ونفطر ونتغدى".

ويتابع المتحدث نفسه "لا يوجد غاز ولا كهرباء ولا بنزين ولا شيء، حتى إن أنبوبة الغاز أصبح ثمنها 400 شيكل (106 دولارات)، لا يوجد سوى الخشب".

وذكر أن إغلاق غالبية المخابز أبوابها، وصعوبة الشراء من المخابز القليلة المفتوحة بسبب ازدحامها بالناس، يدفعان غالبية السكان لتدبّر أمر شراء الطحين وصنع الخبز بواسطة نار الحطب.

ويكمل "إذا لم نأت لإحضار الحطب سنموت جوعا"، وينفي أبو خليل بشكل قاطع أنه يبيع الحطب، ويقول إنه يجمعه لصالح عائلته فقط.

عبد الله أبو خليل يقطع أحد سيقان شجرة بفأس (الجزيرة) نبحث عن إطعام أولادنا

وعلى الجانب الغربي من المقبرة ذاتها، كان الشاب محمد أبو حلاوة، القادم من مخيم المغازي (شرقي مدينة دير البلح)، يعمل على تحطيم إحدى الأشجار.

ويقول أبو حلاوة للجزيرة نت "نبحث عن متطلبات الحياة، وهي الغاز والكهرباء والماء، وهي مفقودة في ظل الحرب".

ويضيف المتحدث ذاته "نأتي للمقابر أو أي مكان فيه خشب، كان الناس يستظلون تحت الأشجار (..) نضحي بالأشجار كي نعيش، ويعيش أولادنا، نبحث عن إطعام أولادنا، لا يوجد لدينا شيء من متطلبات الحياة".

ويكمل "هذه أقل إمكانية، في مراكز الإيواء يحضرون بعض البسكويت للناس لكنه لا يكفي لإطعام الأطفال وإشباعهم".

وختم أبو حلاوة حديثه بدعوة دول العالم إلى مساندة الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، وعدم تركه يموت تحت ضربات الصواريخ الإسرائيلية أو "جوعا" بفعل الحصار الكامل.

محمد أبو حلاوة يقطع شجرة لاستخدامها كوقود بعد نفاده (الجزيرة) جمع الحطب من الشوارع

وداخل حقل عنب، غربي مخيم النصيرات وسط قطاع غزة، كان الشاب عبد الهادي النجري يبحث عن بقايا الأشجار الجافة لتجميعها على عربة يجرها حمار.

وقال النجري للجزيرة نت "وصلنا إلى مرحلة أن نجمع الحطب من الشوارع، وحسبنا الله على من أوصلنا إلى هذه المرحلة، لكن الحمد لله أننا نجد بعض الحطب كي نطبخ ونخبز عليه كي نأكل".

ويضيف "نحن أفضل من غيرنا، غيرنا لا يجدون الحطب ويضطرون إلى شرائه، وهذا أمر صعب جدا، الناس لا تملك المال في ظل هذه الحرب، كما أننا بحاجة إلى كميات كبيرة من الحطب كل يوم".

الشاب عبد الهادي النجري يجمع الحطب في مخيم النصيرات وسط قطاع غزة (الجزيرة) تطوعا لخدمة الناس

وفي الوقت الذي يجمع فيه الحطابون السابقون الخشب لصالح عائلاتهم، يقول الشاب باسم الطويل، من مدينة دير البلح، إنه يجمع الخشب ويقصه إلى قطع صغيرة بغرض مساعدة الناس.

ويضيف باسم أنه يقطع أغصان الشجر برفقة نجله ويضعها أمام منزله تطوعا بهدف توفير الحطب للمواطنين الذين يحتاجون إليه.

ويقول للجزيرة نت "نكسر الحطب ونساعد الناس على تكسيره، ونرسله إلى الناس كي يؤمّنوا حالهم بسبب عدم وجود الغاز والكهرباء".

ويتابع "لا بديل عن الخشب والحطب، وهناك أناس كثيرون محتاجون، ونحن نقف معهم في هذه الظروف الصعبة لتوفير القليل من الحطب، أنا أعمل متطوعا".

باسم الطويل ونجله يقطعان الأشجار تطوعا لخدمة السكان المحتاجين للحطب (الجزيرة)

ويلفت باسم الطويل إلى أن الحرب الإسرائيلية أعادت مهنة الحطاب مجددا، ويقول "هذه مهنة قديمة، كانت موجودة منذ أيام أجدادنا وعادت في ظل فقدان الوقود والغاز الذي لا يدخل.. رجعنا إلى الخشب كي نطبخ للناس".

وفي الوقت الذي يبيع فيه الكثير الحطب، ينتقد باسم ذلك قائلا "البعض يبيع الخشب، لكن أرى أن بيعه حرام في ظل هذه الظروف، وحاليا أعمل فقط لله وللوطن وللناس".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: للجزیرة نت دیر البلح أبو حلاوة قطاع غزة أبو خلیل

إقرأ أيضاً:

بحثاً عن الثأر.. بالميراس يواجه تشيلسي

  
يتطلع فريق بالميراس إلى الثأر من خسارته أمام تشيلسي في نهائي كأس القارات (كأس العالم للأندية بشكله القديم) عندما يلتقيان السبت في دور الثمانية بطولة كأس العالم للأندية لكرة القدم المقامة حالياً في أمريكا.

وتأهل بالميراس لدور الثمانية في بطولة كأس العالم للأندية، التي تقام بشكلها الجديد بمشاركة 32 فريقاً، من التأهل لهذا الدور، بعدما تصدر المجموعة الأولى برصيد 5 نقاط، إثر التعادل مع بورتو البرتغالي سلبياً، ثم الفوز على الأهلي المصري بهدفين نظيفين، والتعادل مع إنتر ميامي الأمريكي 2-2، ثم الفوز في دور الـ16 على مواطنه بوتافوجو بهدف نظيف.
وفي المقابل، صعد تشيلسي لهذا الدور، بعد احتلاله المركز الثاني في المجموعة الرابعة برصيد ست نقاط، حصدها من الفوز على لوس أنجليس الأمريكي بهدفين نظيفين، ثم الخسارة أمام فلامينغو 1-3 ، والفوز على الترجي التونسي بثلاثية نظيفة، ثم الفوز في دور الـ16 على بنفيكا البرتغالي 4-1.
وقبل ثلاثة أعوام، التقى بالميراس وتشيلسي في نهائي كأس القارات، الذي كان يسمى وقتها كأس العالم للأندية ويشارك فيه 7 فرق فقط، وفاز تشيلسي بالمباراة 2-1 ليتوج باللقب.
ومن اللاعبين الذين شاركوا في تلك المباراة، من المتوقع أن يكون حارس مرمى بالميراس، ويفرتون، هو الوحيد من التشكيلة الأساسية الذي سيتواجد في مباراة السبت في فيلادلفيا.
ولا يزال بالميراس يحتفظ بالمدرب البرتغالي أبيل فيريرا، الذي يقود الفريق منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2020، في حين أن تشيلسي، الذي كان يدربه حينها توماس توخيل، أصبح الآن تحت قيادة المدرب الإيطالي إنزو ماريسكا.
ورغم استمرار الجهاز الفني ودورة الانتصارات تحت قيادة مدربهم البرتغالي، قام بالميراس بتجديد تشكيلته باستمرار موسماً بعد آخر. ونتيجة لذلك، لم يتبق في النادي من التشكيلة الأساسية سوى خمسة لاعبين - من بينهم ويفرتون.
واثنان من هؤلاء اللاعبين، قلب الدفاع جوستافو جوميز والظهير الأيسر خواكين بيكيريز، سيغيبان عن المواجهة ضد تشيلسي بسبب تراكم البطاقات الصفراء. أما الآخران، الظهير الأيمن ماركوس روتشا ولاعب الوسط رافاييل فيجا، فقد شاركا أساسيين في مباريات هذه النسخة من كأس العالم للأندية، ولكن ما لم يفاجئ فيريرا الجميع بتشكيلته، فمن المرجح أن يبدأ الثنائي المباراة من على مقاعد البدلاء.
وبالنسبة لتشيلسي، لم يتبق سوى لاعبين اثنين من الفريق الأول هما ريس جيمس، الذي أصبح الآن قائد نادي طفولته، لكنه لم يشارك في نهائي كأس القارات آنذاك بسبب الإصابة. أما تريفوه تشالوباه، فقد كان أيضا على مقاعد البدلاء في المباراة التي أقيمت بأبو ظبي، وشارك مرتين حتى الآن خلال هذه النسخة من كأس العالم للأندية. ومع التغييرات الإضافية على مستوى الجهاز الفني والملكية، أصبح النادي يبدو بشكل مختلف تماما عما كان عليه.
ويأمل الفريقان في تحقيق الفوز بهذه المباراة لاسيما وأن الطريق إلى المباراة النهائية سيكون ممهداً إلى حد ما، لاسيما وأن الفائز منهما سيلتقي في الدور قبل النهائي مع الفائز من مباراة مباراة فلومينينسي والهلال السعودي التي تقام في ذات اليوم.
وستكون هذه هي المباراة الرابعة لفريق تشيلسي أمام فريق برازيلي، علماً بأنه خسر في مباراتين أمام كورينثيانز 0-1 في 2012، وأمام فلامينغو 1-3 في البطولة الحالية، وقاز على بالميراس 2-1 في 2022.

 

مقالات مشابهة

  • كركوك.. مواكب الكورد الفيليين تحيي شعائر عاشوراء (صور)
  • الاحتلال يهدم منشآت ويجرف عشرات الأشجار في القدس
  • الخبر تستبدل النخيل في الشوارع بأكثر من 10,000 شجرة ظل
  • بحثاً عن الثأر.. بالميراس يواجه تشيلسي
  • يعلن جعفر الطيبي عن فقدان ترخيص مزاولة مهنة الطب
  • نصائح عند اختيار ألوان أبواب الخشب الداخلية لغرف المنزل
  • طارق الشخ يتحدث عن وصية أحمد عامر ويعلق على مهنة الغناء
  • رئيس حزب البيئة العالمي يُحذر: الكوكب يحترق والتغير المناخي يخرج عن السيطرة
  • استزراع 100 فسيلة من أشجار الكاذي النادرة بولاية ضلكوت
  • نفاد الحطب واشتعال أسعاره يزيد معاناة سكان غزة