موقع 24:
2024-11-24@19:09:42 GMT

معاداة السامية وتجريم التطبيع.. قاموسان مفخخان في تونس

تاريخ النشر: 17th, November 2023 GMT

معاداة السامية وتجريم التطبيع.. قاموسان مفخخان في تونس

ما يحدث في غزة من انتقام دموي تمثل في القصف والتدمير والتهجير بقصد الانتقام للعملية التي نفذها مقاتلو حماس داخل المستوطنات الإسرائيلية يوم السابع من أكتوبر الماضي، من شأنه أن يلهب المشاعر ويؤججها ضد الدولة العبرية في العالمين العربي والإسلامي، لكن ما الذي على الدولة الوطنية فعله إزاء هذا الغليان الجماهيري الطافح؟

وفي خضم هذا الغضب الشعبي العام، تحدث، بطبيعة الحال، بعض “التجاوزات” التي لها علاقة بمنسوب المشاعر المتفاعلة مع هول ما يحدث، سواء كان على مستوى التحركات الشعبية ذات الطابع العفوي المشحون بالرغبة في الرد والانتقام لضحايا العدوان، أو على مستوى المؤسسات الرسمية للدولة وما يصدر عنها من بيانات وتصريحات، بالإضافة إلى مبادرات القوى الحزبية والنقابية وباقي قوى المجتمع المدني.


يبدو كل هذا طبيعيا ومتوقعا أمام حجم المأساة التي هزت وجدان العالم، فما بالك بالمنطقة العربية التي تمثل فيها القضية الفلسطينية محورا أساسيا لصراع فاق عمره ثلاثة أرباع القرن، لكن ماذا عن “الانزلاقات المقصودة وغير المقصودة”، والتي قد تحدث في أتون ما يستجد من أحداث وتطورات.

وفي هذا الإطار، فإنه يحق للجماهير ما لا يحق للحكومات في التعبير عن مشاعرها.
وإذا كان الشارع يتحرك مدججا بالهتافات والشعارات، وحتى الشتائم والسباب، فإن على حكومة الدولة الوطنية التي تلتصق وتهتم لهموم شعبها، أن تكون ذات رأس باردة، وتنظر بحذر إلى ما يمكن أن ينجر عليه من مواقف وتصريحات "خارج السياق".. وما أكثر وأدق اليوم، ما يحسب تحت يافطة “خارج السياق”، وسط حالة تصيد إعلامي وتأويل سياسي لكل مسؤول في موقع القرار.
الغضب التونسي من ممارسات الاستيطان الإسرائيلي ليس استثناء عربيا، فلقد ولت أزمنة المزايدات القومية التي أضرت بالقضية أكثر مما نفعتها، لكن القضية الفلسطينية ارتبطت تاريخيا، وبصفة عضوية بنضالات سياسية ونقابية منذ فجر دولة الاستقلال التي احتضنت في ما بعد منظمة التحرير، وشكلت إحدى أهم عواصم القرار العربي المشترك.
وبناء على ما تقدم، فإن قوة الاندفاع التونسي حيال المسألة الفلسطينية تتأتى من هذه الخصوصية، والحساسية الفائقة، بالإضافة إلى جانب سيكولوجي نابع من شارع مأزوم ومتخم بالهموم المعيشية والأزمات الاقتصادية والاجتماعية التي من شأنها أن تبحث لها عن متنفس – ولو وهميا – عبر الغضب ولا شيء غير الغضب.
ولأن التوتر سيد الموقف الإقليمي والدولي هذه الأيام، فإن قاموسين اثنين يُفتحان على مصراعيهما في كل من إسرائيل وبعض داعميها الغربيين من جهة، والكثير من الدول العربية ومن بينها تونس، من جهة أخرى، وهما معاداة السامية والتطبيع.
ينظر الطرفان إلى هذين القاموسين ويقرآن منهما بحرص وتأنّ، وحذر شديد، وذلك لكي يتصيد الإسرائيلي خصمه وغريمه العربي في أي تصريح يلمح، ولو من بعيد إلى “معاداة السامية”، وبالمقابل، يتصيد العربي مواطنه العربي في أي عبارة أو سلوك أو تصريح يشي برغبة لديه في ربط علاقة طبيعية مع دولة إسرائيل.
"معاداة السامية" هي مسمار جحا الذي تستخدمه إسرائيل لتعليق ونشر وتسميم كل العلاقات التي تراها معادية لليهود، وعادة ما تأخذ الكثير منها على محمل الشبهة فأنهت مستقبل شخصيات سياسية في العالم لمجرد أنهم انتقدوا سياساتها الاستيطانية أو آزروا الحق الفلسطيني.
هذا على مستوى علاقاتها مع قادة العالم، فما بالك بالمسؤولين العرب الذين لا يمكن لهم أن يخرجوا من جلودهم ويشتغلوا ضد إرادة شعوبهم فيجدفون ضد التاريخ؟

أما الوظيفة الأخطر لتهمة “معاداة السامية” فهي توريط أي شخصية ذات شأن سياسي أو اقتصادي أو حتى فني ورياضي، واستجرارها نحو مواقف تعبر فيها حتى عن مجرد استيائها وامتعاضها من سلوكها الاستفزازي.. ساعتها، “يقع المحظور” وتصبح هذه الشخصية في دائرة الشك والاتهام.
والمشكلة أن معاداة السامية سمعة تلصق ببلد أو شخص وليست حكما لمحكمة يستند إلى إثباتات، إذ يكفي أن تبدأ وسائل إعلام بتداول الأمر على نحو واسع، حتى يصبح الأمر وكأنه حقيقة، مما يقتضي الكثير من التريث في إصدار الأحكام والتصريحات.. وكم من موقف انفعالي غاضب أدى بصاحبه إلى خسارات عديدة يصعب جبرها، خصوصا في البلدان التي يضعف اقتصادها الهش من استقلالية قرارها.
إنها الحقيقة التي لا ينكرها إلا من لا يؤمن بأن السياسة هي فن الممكن، وليس “ما يجب أن يكون”.
ومن نكد الدنيا على المرء في عالمنا العربي أن تتفرغ بعض الجهات الرسمية وشبه الرسمية في تونس إلى ما يشبه محكمة تفتيش جديدة اسمها “محاربة التطبيع”، ويتحمس لها الكثير من أغرار السياسة ظنا منهم أنها شكل من أشكال مقاومة الاحتلال، في حين أنها تزيد من عزلة الشعب الفلسطيني وتقوّي شوكة الاستيطان.
وبصرف النظر إن كان هذا الأمر سيمرر كقانون يصادق عليه البرلمان المرتبك في البلاد، فإن الكثيرين من السياسيين والحقوقيين ينصحون بعدم الانجرار إلى هذا الشطط السياسي حفاظا على مصالح البلاد وعلاقاتها في الخارج كما يرون أن التصعيد اللفظي على شاكلة التهديد بالإبادة، من شأنه أن يزيد الأمور تعقيدا في وقت حرج وحساس.
وفي هذا الصدد، يقول السياسي التونسي محسن مرزوق “السؤال الأساسي هو ماذا نريد؟ دعم القضية الفلسطينية وتحرير الأرض وتحقيق التقدم الذي سيجعل لنا كلمة مسموعة في العالم أو الانغلاق على أنفسنا والغرق في خطاب داخلي هامشي؟”.
الخطاب المتوتر لا يفيد ولا يستفيد، لذلك فمن الأجدر النزوع نحو الاعتدال والعقلانية لأن ما ينبغي أن يخوضه التونسيون واقعا وحقيقة هو صراعهم مع واقع معيشي صعب، أما المسألة الفلسطينية فلقد دعموها بما تستحقه من إمكانيات وعاطفة ومشاعر.. وكذلك شهداء في ساحات كثيرة ومواقف بطولية مشرفة.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان سلطان النيادي مانشستر سيتي غزة وإسرائيل الحرب الأوكرانية عام الاستدامة غزة وإسرائيل معاداة السامیة

إقرأ أيضاً:

نقطة الاتحاد تفجر الغضب داخل الأهلي وكولر يستعجل صفقة المهاجم

فجر تعادل الأهلي مع الاتحاد السكندري بهدف لكل منهما في الجولة الثالثة للدوري الممتاز الغضب داخل أروقة القلعة الحمراء بسبب الأداء الباهت والمستوى الهزيل للفريق.

هشام حنفي: الاتحاد السكندري يستحق ركلة جزاء أمام الأهلي

ويخشى مسؤولو الأهلي تكرار سيناريو المدرب بيتسو موسيماني الذي حقق بطولات عديدة مع الأهلي ولكن الموسم الأخير له شهد أزمات بالجملة.

واعترض مسؤولو الأهلي على تكرار حصول لاعبي الفريق الأحمر على إجازات طويلة خلال فترات التوقف

وتحفظ محمد رمضان المدير الرياضي على عدم تجهيز بعض اللاعبين بالصورة المطلوبة مثل كهربا وأفشة وبيرسي تاو وعدم إشراك عمر الساعي رغم الحاجة إلى خيار هجومي في الشوط الثاني.

كولر يستعجل إتمام صفقة المهاجم 

وفي المقابل، استعجل مارسيل كولر المدير الفني صفقة التعاقد مع مهاجم جديد لتدعيم صفوف الفريق في شهر يناير المقبل.

وأبدى كولر استياءه من مستوى هجوم الأهلي في غياب وسام أبو علي مؤكداً أن الفريق بحاجة إلى مهاجم جديد في شهر يناير المقبل بأقصى سرعة.

وقال كولر بعد لقاء الاتحاد إن فريقه عانى من مشاكل في ترجمة الفرص إلى أهداف رغم وصوله إلى مرمى الاتحاد أكثر من مرة.

وأشار إلى أن الاتحاد استغل فرصة وحيدة أمام مرمى الأهلي وسجل هدف التعادل في المباراة.

وأغلق الأهلي صفحة لقاء الاتحاد للتركيز في مباراة ستاد أبيدجان الإيفواري بعد غد الثلاثاء في الجولة الأولى لدور المجموعات بدوري أبطال أفريقيا.

ويستعيد الفريق جهود عمر كمال بعد تعافيه من نزلة البرد التي تعرض لها كما أن مروان عطية سيعود لقيادة خط الوسط بعد إراحته في مباراة الاتحاد.

مقالات مشابهة

  • تونس.. التراث العثماني تاريخ مشترك في المغرب العربي
  • صنعاء تدين الانتهاكات التي يتعرض لها الصيادون في البحر العربي
  • نقطة الاتحاد تفجر الغضب داخل الأهلي وكولر يستعجل صفقة المهاجم
  • ترودو يندد بأعمال الشغب في مونتريال ويؤطرها ضمن «معاداة السامية»
  • تصريحات ماكرون تشعل الغضب في هايتي وتضع باريس في موقف محرج
  • هآرتس: نتنياهو جلب مذكرة الاعتقال على نفسه والآن يتباكى بدعوى معاداة السامية
  • ائتلاف المالكي:السوداني مشمول بقانون تجريم التطبيع مع إسرائيل
  • حكومة هولندا تكشف خطة لمكافحة معاداة السامية.. هذه ملامحها
  • دبلوماسي أمريكي سابق: إسرائيل تستخدم «معاداة السامية» لكتم صوت معارضيها
  • هل التطبيع السعودي مع الاحتلال ممكن رغم تصريحات ولي العهد الأخيرة؟