الخليج الجديد:
2025-01-03@01:25:22 GMT

العرب وإفريقيا.. الخيار الاستراتيجي المستقبلي

تاريخ النشر: 17th, November 2023 GMT

العرب وإفريقيا.. الخيار الاستراتيجي المستقبلي

العرب وإفريقيا.. الخيار الاستراتيجي المستقبلي

الدول الإفريقية شكّلت منذ الستينيات الظهير الرئيسي للبلدان العربية في القضايا المصيرية الكبرى.

تحديات أمنية جيوسياسية مستقبلية تفرض الانتقال من مفهوم الشراكة العربية الإفريقية إلى التكامل العضوي الذي يمكن أن يتجسد في مشاريع كبرى.

من الضروري اليوم الوقوف على الوجه الجديد لإفريقيا التي تعرف تحولات سياسية ومجتمعية جوهرية نادراً ما تنال الاهتمام المستحق من النخب العربية.

تفعيل الشراكة العربية الإفريقية شرط إعادة الروح للنظامين العربي والإفريقي، مع توسيع مجال الكتلة العربية الحيوي بينما تخضع العلاقات الدولية لتشكل متسارع وجذري.

* * *

في الوقت الذي نعيش فيه مأساة الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة وما أفضت إليه من إبادة جماعية ضد سكان القطاع المحاصر، تأجل انعقاد القمة العربية الإفريقية التي كانت مقررةً في الرياض وإن عوضتها قمةٌ سعودية إفريقية التأمت قبل القمتين العربية والإسلامية الطارئتين اللتين أوجبتهما الأحداث الفلسطينية الأليمة.

لا مندوحةَ من الإقرار بأن الأفارقة، كما هي عادتهم، شاطروا المجموعة العربية تعاطفَهم العارم مع الشعب الفلسطيني، كما ظهر من التصريحات الإفريقية الرسمية ومن تصويت دول القارة في الجمعية العامة للأمم المتحدة.

ليس التضامن العربي الإفريقي بالجديد، فلا أحد يجهل أن الدول الإفريقية شكّلت منذ الستينيات الظهير الرئيسي للبلدان العربية في القضايا المصيرية الكبرى، إلا أنه من الضروري اليوم الوقوف على الوجه الجديد لإفريقيا التي تعرف تحولات سياسية ومجتمعية جوهرية نادراً ما تنال الاهتمام المستحق من النخب العربية.

ومن التحولات التي أثارت اهتمام الجميع في الآونة الأخيرة الانقلابات العسكرية التي عرفتها العديد من البلدان الإفريقية، من مالي في غرب أفريقيا إلى الغابون في وسط القارة.

وقد تركزت هذه الانقلابات في العالَم الفرانكفوني، وكان من آثارها الجلية القطيعة المتزايدة مع فرنسا ومع الغرب إجمالاً، مع الانفتاح الظاهر على روسيا والاستعانة بها عسكرياً وأمنياً في مواجهة مخاطر الجماعات الراديكالية والحركات المتمردة العنيفة.

ودون الخوض بالتفصيل في سياقات وخلفيات هذه التحولات الهامة، نكتفي بالإشارة إلى رهانين أساسيين في الحركية السياسية والاجتماعية الإفريقية الحالية:

- أولاً: تعثر تجارب الانفتاح الديمقراطي التي انطلقت في القارة مع بداية التسعينيات، وأفضت إجمالاً إلى انتقال السلطة من الأنظمة العسكرية إلى الحكومات المدنية بقيادة وجوه بارزة من المعارضة التقليدية في بعض الأحيان، كما أدت في بعض الساحات إلى تجارب ملموسة في التداول السلمي على السلطة. إلا أن الديمقراطية الإفريقية عانت إجمالاً من خللين بارزين:

فساد النخب السياسية المدنية في بلدان لا يتوفر فيها هامش استقلال فعلي للقوى الاقتصادية والأهلية عن ريع الدولة بما يعزز شبكات الولاء لأنظمة الحكم القائمة فتتفرد بكل مقاليد القرار وتلغي مساحات المعارضة الشرعية ومراكز القوة غير التابعة؛

والعجز المتفاقم عن مواجهة التحديات الأمنية التي عصفت بوحدة واستقرار العديد من البلدان خصوصاً في منطقة الساحل والصحراء.

- ثانياً: تراجع التأثير الغربي (الفرنسي على الأخص) لدى النخب السياسية والفكرية التي أصبحت أكثر ميلا لأدبيات الاستقلال الحضاري والنزعة الشعبوية الإفريقية في إطار المفهوم الجديد للجنوب الشامل الذي دخل بقوة إلى أجندة العلاقات الدولية. إن هذا التحول هو الذي يفسر مواقف المجموعة الإفريقية من الملفات العالمية الراهنة، مثل الحرب الأوكرانية الروسية، كما يفسر التقارب الإفريقي الروسي والدور الصيني المتزايد في القارة.

وإذا كانت النزعة القومية الإفريقية التقليدية التي بلورها في السابق زعماء معروفون مثل نكروما ولوموبا وسيكو توري قد انحسرت، فإن بعض الزعامات الشعبوية الجديدة في القارة بدأت تطرح هذه النزعة من منطلق مغاير يتسم أساساً بالهجوم على الهيمنة الغربية والدعوة إلى استراتيجيات التنمية والحكامة السياسية من منظور مستقل.لكن ما تأثير ذينك الرهانين على طبيعة الشراكة العربية الإفريقية؟

لا بد من التنبيه هنا إلى أن العلاقة بين المجالين، العربي والإفريقي، ليست علاقة ارتباط بين كتلتين منفصلتين، إذ غني عن البيان أن جل المساحة الإجمالية للعالم العربي توجد في أفريقيا، وأن أغلب العرب أفارقة، كما أن اللغة العربية هي إحدى اللغات الأكثر انتشاراً في القارة.

ولا شك في أن التحديات الأمنية الجيوسياسية المستقبلية تفرض الانتقال من مفهوم الشراكة العربية الإفريقية إلى مستوى التكامل العضوي الذي يمكن أن يتجسد في مشاريع كبرى، نكتفي هنا بالإشارة إلى نموذجين منها.

المشروع الأول هو مبادرة تكتل البلدان المطلة على البحر الأحمر، الذي يشمل بالإضافة إلى دول القرن الإفريقي المؤثرة (ولا بد من إضافة إثيوبيا لها) بلداناً عربية من شبه الجزيرة والمشرق العربيين تتداخل جغرافياً واستراتيجياً مع المجموعة الإفريقية.

أما المشروع الثاني فهو تحويل اتحاد المغرب العربي إلى مبادرة استراتيجية جديدة تجمع بلدان الساحل والصحراء التي تتكامل من حيث المقومات الجغرافية والبشرية وتواجه نفس التحديات الأمنية الجيوسياسية.

ما نريد أن نخلص إليه، هو أن تفعيل أو دفع الشراكة العربية الإفريقية قد يكون هو الشرط الضروري لإعادة الروح للنظامين العربي والإفريقي، مع توسيع المجال الحيوي للكتلة العربية في مرحلة تخضع فيها العلاقات الدولية لإعادة بناء متسارعة وجذرية.

*د. السيد ولد أباه كاتب وأكاديمي موريتاني

المصدر | الاتحاد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: العرب أفريقيا الشراكة العربية الإفريقية القومية الإفريقية الحرب الإسرائيلية قطاع غزة الشراکة العربیة الإفریقیة فی القارة

إقرأ أيضاً:

جامعة طنطا تعلن الإطار الاستراتيجي والتنفيذي لخطة عمل عام 2025

استعرض الدكتور محمد حسين إطار خطة العمل المقترحة لجامعة طنطا، وفقا للإطار الاستراتيجي المنهجي والتنفيذي لعام 2025 الذي أعلنته وزارة التعليم العالي والبحث العلمي عبر مواقعها الرسمية وفقا لرؤية مصر 20230 والمبادرة الرئاسية "تحالف وتنمية" ومبادئ الاستراتيجية الوطنية للتعليم العالي والبحث العلمي، وتستهدف دعم مسارات التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار والتعاون الدولي وتحقيق مخرجات تنموية مجتمعية من خلال شراكات محلية ودولية فعالة. 

وأضاف أن الاطار الاستراتيجي المعلن يشمل محاور رئيسية لخطة العمل المقترحة بجامعة طنطا خلال العام المقبل، موضحا أنه تم استعراض 11 محورا رئيسيا مقترحا للخطة شملت المشاركة المجتمعية ودعم المبادرات الرئاسية والمشروعات القومية، والتكامل الإقليمي "تحالف وتنمية"، والشراكة مع المؤسسات والجامعات المرموقة دوليًّا، والاستثمار في التعليم وتطوير البنية الأساسية، تحسين التصنيف الدولي، و جذب الوافدين والتحول الرقمي وتطوير المستشفيات الجامعية وتمكين ذوي الإعاقة وتعزيز الأنشطة الطلابية وتحسين مخرجات البحث العلمي وزيادة عدد المبتعثين.

أشار القائم بعمل رئيس الجامعة، إلى أن صياغة الخطة المقترحة ارتكزت على المبادرة الرئاسية "تحالف وتنمية" في تحقيق التعاون والتكامل والمشاركة الفعالة في إطار تحالف جامعات إقليم الدلتا، ومن خلال اقتراح عدد من الأنشطة للخطط التنفيذية على المستوى المؤسسي بكل محور رئيسي مع تحديد المسئولية في وضع الرؤية الاستراتيجية بين القطاعات الرئيسية والكليات والمراكز والوحدات الرئيسية. 

وشدد على أهمية قياس الأثر وجودة الأداء من خلال مؤشرات قياس محددة شملت الجوانب التنموية من منظور استدامة الأبعاد الاجتماعية والبيئية والاقتصادية وارتباطها بمؤسسات التعليم العالي ومسئولياتها التنفيذية في التعليم والبحث العلمي والخدمة المجتمعية وتنمية البيئة وفقا للأهداف الأممية للتنمية المستدامة SDG’s والمبادئ الرئيسية لرؤية مصر 2030 والاستراتيجية الوطنية للتعليم العالي والبحث العلمي.

جاء ذلك خلال الانعقاد الدوري لمجلس جامعة طنطا عن شهر ديسمبر برئاسة الدكتور محمد حسين القائم بأعمال رئيس جامعة طنطا، بحضور الدكتور محمود سليم نائب رئيس الجامعة لشئون خدمة المجتمع وتنمية البيئة، والدكتور حاتم أمين نائب رئيس الجامعة لشئون الدراسات العليا والبحوث، والمستشار خيري عمارة المستشار القانوني للجامعة، وعمداء الكليات، وأمين عام الجامعة.

مقالات مشابهة

  • لا قيمة لصبر “إسرائيل” الاستراتيجي مع اليمن
  • الهلال «الخيار المغري» لرونالدو!
  • أزمة الكهرباء.. العراقيون عالقون وسط انقطاع الغاز الإيراني وتعثر الخيار التركمانستاني
  • شاهد | النخبة داخل كيان العدو: وقف الحرب على غزة الخيار الوحيد لوقف صواريخ اليمن
  • ماذا الذي يحمله العام الجديد للمنطقة العربية؟
  • القارة الإفريقية تترقب أحداثًا مثيرة في 2025 بمشاركة مصرية
  • العراق بالمجموعة الرابعة.. الاتحاد العربي لكرة القدم يحدد موعد انطلاق بطولة العرب
  • المنجم الذي تنبأ بانفجار مرفأ بيروت يعود مجدداّ ليتوقع : حماس ستوفق برأس إسرائيل ” ضخم ” وهذا ماسيحدث لليمن ولكل الدول العربية
  • دراسة حديثة: التعلم الاستراتيجي يعزز تنافسية قطاع الاتصالات اليمنية
  • جامعة طنطا تعلن الإطار الاستراتيجي والتنفيذي لخطة عمل عام 2025