رغم الحسابات الاقتصادية.. هل تلقى حرب غزة بظلالها على زيارة إردوغان لألمانيا؟
تاريخ النشر: 17th, November 2023 GMT
لديهما وجهات نظر متباينة بشأن الحرب في غزة، ومواقف متضاربة تجاه موسكو منذ غزوها لأوكرانيا، لكن عندما يجتمع زعيما ألمانيا وتركيا في برلين، الجمعة، ستكون لديهما حسابات ودوافع اقتصادية وانتخابية قوية لتنحية الخلافات جانبا والانخراط في محادثات، بحسب تقرير لوكالة "رويترز".
وتأتي الزيارة الأولى التي يجريها الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، لألمانيا منذ عام 2020 قبل الانتخابات البلدية التي يأمل أن يفوز فيها بمدينتي أنقرة وإسطنبول.
وقد تمثل آفاق الوصول بشكل أفضل إلى أسواق الاتحاد الأوروبي وتحرير التأشيرات هدية كبيرة للناخبين الذين يعانون في ظل ارتفاع معدلات التضخم والضغوط الاقتصادية.
كما سيحتاج إردوغان لدعم من المستشار الألماني، أولاف شولتس، إذا ما أراد المضي في شراء 40 طائرة مقاتلة من طراز "يوروفايتر تايفون"، قالت تركيا، الخميس، إنها تريدها.
وألمانيا، عبر شركة إيرباص، شريك في "الكونسورتيوم" الذي يقوم ببنائها.
أما بالنسبة لشولتس، الذي يرأس ائتلافا ثلاثيا منقسما بشأن الاقتصاد الألماني وتأثير ارتفاع الهجرة على الخدمات العامة، فإن دور أنقرة في وقف الهجرة إلى الاتحاد الأوروبي يجعلها شريكا لا غنى عنه.
انضمام السويد للناتووتأتي الزيارة أيضا بعد يوم من تأجيل لجنة الشؤون الخارجية بالبرلمان التركي التصويت على طلب عضوية السويد في حلف شمال الأطلسي، بما يؤدي إلى تأجيل توسيع الحلف الغربي بعد انتظار دام 18 شهرا طالبت أنقرة خلالها ستوكهولم بتنازلات تتعلق بـ"الإرهاب"، حسبما تشير "رويترز".
وانتهت الجلسة من دون التوصل إلى اتفاق، ومن المتوقع أن يستأنف النقاش الأسبوع المقبل.
وأحال إردوغان بروتوكول انضمام الدولة الاسكندنافية على النواب الأتراك في نهاية أكتوبر الماضي بعد سبعة عشر شهرا من العرقلة، حسب وكالة "فرانس برس".
وتركيا، إلى جانب المجر، هما آخر دولتين من بين 31 عضوا في حلف الأطلسي لم تصادقا بعد على انضمام ستوكهولم، بعد موافقتهما على انضمام فنلندا في 31 مارس.
وتخلى إردوغان عن معارضته لهذه الخطوة في يوليو، محيلا الأمر على البرلمان التركي بعدما ضغط لأشهر على السويد منددا بتساهلها تجاه بعض اللاجئين الأتراك والأكراد الذين تتهمهم أنقرة بـ"الإرهاب".
الحرب في غزةوفي مؤشر على أهمية الزيارة، تكبد شولتس العناء حتى لا يعلق بشكل مباشر على إدانة إردوغان القاطعة للحرب في غزة، حسبما تقول "رويترز".
وبعدما وصف الرئيس التركي، الأربعاء، حركة حماس بأنها "منظمة تحرير"، رفض شولتس عدة مطالبات بانتقاد إردوغان، وأشار فقط بعبارات عامة إلى أن "التهم الموجهة ضد إسرائيل سخيفة".
ويعد هذا الرد مخففا بالتأكيد بالنظر للإدانة الشديدة التي عادة ما تصدر عن ألمانيا في حال توجيه انتقادات أقل حدة بكثير لإسرائيل.
لكن أردوغان ضاعف الهجوم، ووصف إسرائيل بأنها "دولة إرهابية" تحظى "بدعم غير محدود" من الغرب، وهو ما يعني أنه قد يكون من المستحيل تنحية الخلاف المرتبط بغزة عن الزيارة.
ومساء الأربعاء، رد رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، على تصريحات إردوغان.
وقال:" إردوغان يصف إسرائيل بأنها دولة إرهابية، لكنه في الواقع يدعم دولة حماس الإرهابية. لقد قام بنفسه بقصف قرى تركية، داخل الحدود التركية. لن نقبل دروسا منه"، وفق وكالة "فرانس برس".
واستدعت تركيا هذا الشهر سفيرها لدى إسرائيل وقطعت الاتصالات الرسمية مع نتانياهو، وعلقت المحاولات الأخيرة التي بذلها الجانبان لإصلاح علاقاتهما المتوترة.
وقالت إسرائيل أيضا إنها "تعيد تقييم" العلاقات مع أنقرة، بعد استدعاء موظفيها الدبلوماسيين من تركيا ودول أخرى في المنطقة في إجراء أمني.
وعبرت ألمانيا عن تضامنها القوي مع إسرائيل، بينما حثت على التركيز على الحد من تأثير الحرب على المدنيين في غزة.
وقال المتخصص في الشؤون التركية بالمعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية، أيدن يسار، إن التخطيط للزيارة بدأ في الصيف "عندما لم يكن اندلاع الصراع في غزة متوقعا".
واندلعت الحرب بين إسرائيل وحماس بعد هجوم مباغت شنته الحركة على مواقع عسكرية ومناطق سكنية محاذية لقطاع غزة في السابع من أكتوبر، أدى إلى مقتل 1200 شخص، معظمهم مدنيون وبينهم نساء وأطفال، وتم اختطاف 239 شخصا، وفق السلطات الإسرائيلية.
ومنذ ذلك الحين، ترد إسرائيل بقصف جوي وبحري وبري مكثف على القطاع المحاصر، أتبعته بعملية برية لا تزال متواصلة، وبلغت حصيلة القتلى في غزة أكثر من 11500 شخص، غالبيتهم من النساء والأطفال، فضلا عن إصابة نحو 29 ألف شخص، إضافة إلى أكثر من 2700 مفقود تحت الأنقاض، بحسب ما أعلنت وزارة الصحة التابعة لحركة حماس، الأربعاء.
غياب عن المباراةربما يأمل أردوغان، الذي وصف ألمانيا مؤخرا في تصريح للصحفيين بأنها "أقوى دولة في أوروبا"، في الحصول على دعم شولتس لإحياء المحادثات المتوقفة بشأن تحديث الاتحاد الجمركي بين تركيا والاتحاد الأوروبي، رغم أنه لن تحدث تغيرات كبيرة إلا بعد فترة طويلة من انتخابات مارس.
ورغم جهود الجانبين، فقد كان لغزة تأثيرها بالفعل، إذ كان من المقرر في الأصل أن يبقى إردوغان يوما آخر، وهو ما كان سيسمح له ولشولتس باستضافة مباراة كرة قدم ودية بين البلدين، السبت.
وبالنظر لوجود حوالي ثلاثة ملايين شخص من ذوي الأصول التركية في ألمانيا، فإن مثل هذه المواجهات ينظر إليها دائما على أنها محفوفة بالمخاطر، لكن التقييم هذه المرة أشار إلى أن المخاطر كبيرة للغاية.
وقال يسار "كان هناك خوف من أن تكون هناك هتافات مناهضة لإسرائيل... من غير المرجح أن شولتس يرغب في مشاهدتها معه".
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: فی غزة
إقرأ أيضاً:
انهيار حكومة الأقلية في ألمانيا والمستشار يتوجه للبرلمان.. ماذا يحصل في أقوى اقتصادات أوروبا؟
أعلن المستشار الألماني أولاف شولتس أنه سيتوجه إلى البرلمان في 15 يناير/ كانون الثاني العام المقبل لعرض حكومته على اختبار الثقة.
ما المهم في الأمر؟
يعني التصويت على الثقة بالحكومة احتمالية الذهاب إلى انتخابات مبكرة في البلاد إذا لم تحظ تشكيلة شولتس بثقة النواب تحت قبة البرلمان، في موعد أقصاه آذار/ مارس المقبل.
مؤخرا
◼ أقال المستشار الألماني وزير المالية الذي ينتمي إلى الحزب الديمقراطي الحر.
◼ انسحب الحزب الديمقراطي الحر من الائتلاف الحكومي الهش في الأصل.
◼ أعلن شولتس التوجه إلى البرلمان لطرح الثقة على الحكومة في كانون الثاني/ يناير المقبل.
جذور الخلاف
قبل عام من الآن، حكمت المحكمة الدستورية الاتحادية بأن أجزاء من سياسة ميزانية الحكومة الاتحادية غير قانونية، بعد أن قرر الائتلاف الحاكم استخدام 60 مليار يورو متبقية من أموال صندوق خصص مكافحة جائحة كورونا في تمويل سياسات متعلقة بالمناخ والطاقة.
وكانت الستون مليارا في الأساس هي ما ساعدت على التئام الائتلاف، لكن لم تلبث الخلافات أن طفت على السطح بسبب اختلاف الإيديولوجيات بين أعضاء الائتلاف حول أولويات الإنفاق، وأشكاله.
الصورة الأوسع
انهار الائتلاف الحكومي الهشّ إثر إقدام المستشار أولاف شولتس، على إقالة الشريك في الائتلاف الحكومي، كريستيان ليندنر، الذي يحمل حقيبة المالية وانسحاب بقية وزراء الحزب الليبرالي من الحكومة.
ويرأس شولتس ائتلافا من ثلاثة أحزاب هي الحزب الاشتراكي الديمقراطي، والحزب الديمقراطي الحر بزعامة ليندنر، وحزب الخضر.
وطرح ليندنر تبنّي إصلاحات اقتصادية شاملة عارضها الحزبان الآخران.
وبرر شولتس قراره بأن وزير المالية خان ثقته مرارا، وأصبح العمل الحكومي في مثل هذه الظروف غير ممكن.
وأشار إلى أنه قدم للتغلب على عجز الميزانية، مقترحا من أربعة عناصر من شأنها تعزيز ألمانيا اقتصاديًا، وتأمين فرص العمل في صناعة السيارات، والسماح للشركات بالاستثمار ودعم أوكرانيا.
وأضاف: "لكن وزير المالية ليندنر غير جاهز لتطبيق هذا المقترح الذي سيعود بالفائدة على البلاد، وأمام هذا الوضع، فإن الشخص الذي يرفض مقترح التسوية تصرف بشكل غير مسؤول".
وبعد ساعات قليلة من الإقالة، أعلن بقية الوزراء الليبراليين انسحابهم من الحكومة التي فقدت بذلك أغلبيتها في مجلس النواب.
ماذا قالوا؟
◼ قال شولتس أنه بصفته المستشار كان عليه إيجاد حلول عملية لصالح البلاد، وإن ليندنر كان يعرقل القوانين، ويلجأ إلى تكتيكات تحزبية غير مهمة وأضر بالثقة في الحكومة.
◼ قال ليندنر إن المستشار حاول إجباره على تعليق نظام كبح الديون الدستوري في البلاد، ويرفض الاعتراف أن البلاد بحاجة إلى نموذج اقتصادي جديد.
◼ قال وزير الاقتصاد روبرت هابيك المنتمي لحزب الخضر إن الحزب سيظل جزءا من الائتلاف على الرغم من انسحاب الحزب الديمقراطي الحر.
◼ قال زعيم الحزب الاشتراكي الديموقراطي لارس كلينغبيل إنه يجب إيجاد تسوية لأن ألمانيا لا تستطيع تحمل أسابيع من المفاوضات داخل الحكومة.
هل هي أول حكومة أٌقلية تنهار؟
كان متوقعا في ألمانيا أن لا تستمر "حكومة الأقلية" طويلا، لأنها أثبتت في السابق أنها إلى انهيار.
وليست انهيار الحكومة سابقة في تاريخ ألمانيا، وإن كانت نادرة الحدوث إلا أنها حدثت في عام 1966 في عهد المستشار لودفيج إيرهارد حيث انهارت الحكومة وترأس الحكومة كورت جورج كيسنجر وشكل ائتلافا حكوميا كبيرا.
السابقة الأخرى كانت في عام 1982 في عهد المستشار هيلموت شميت الذي حجب البرلمان الثقة عن حكومته وخلفه هيلموت كول على رأس حكومة جديدة.