لديهما وجهات نظر متباينة بشأن الحرب في غزة، ومواقف متضاربة تجاه موسكو منذ غزوها لأوكرانيا، لكن عندما يجتمع زعيما ألمانيا وتركيا في برلين، الجمعة، ستكون لديهما حسابات ودوافع اقتصادية وانتخابية قوية لتنحية الخلافات جانبا والانخراط في محادثات، بحسب تقرير لوكالة "رويترز".

وتأتي الزيارة الأولى التي يجريها الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، لألمانيا منذ عام 2020 قبل الانتخابات البلدية التي يأمل أن يفوز فيها بمدينتي أنقرة وإسطنبول.

حسابات سياسية واقتصادية

وقد تمثل آفاق الوصول بشكل أفضل إلى أسواق الاتحاد الأوروبي وتحرير التأشيرات هدية كبيرة للناخبين الذين يعانون في ظل ارتفاع معدلات التضخم والضغوط الاقتصادية.

كما سيحتاج إردوغان لدعم من المستشار الألماني، أولاف شولتس، إذا ما أراد المضي في شراء 40 طائرة مقاتلة من طراز "يوروفايتر تايفون"، قالت تركيا، الخميس، إنها تريدها. 

وألمانيا، عبر شركة إيرباص، شريك في "الكونسورتيوم" الذي يقوم ببنائها.

أما بالنسبة لشولتس، الذي يرأس ائتلافا ثلاثيا منقسما بشأن الاقتصاد الألماني وتأثير ارتفاع الهجرة على الخدمات العامة، فإن دور أنقرة في وقف الهجرة إلى الاتحاد الأوروبي يجعلها شريكا لا غنى عنه.

انضمام السويد للناتو

وتأتي الزيارة أيضا بعد يوم من تأجيل لجنة الشؤون الخارجية بالبرلمان التركي التصويت على طلب عضوية السويد في حلف شمال الأطلسي، بما يؤدي إلى تأجيل توسيع الحلف الغربي بعد انتظار دام 18 شهرا طالبت أنقرة خلالها ستوكهولم بتنازلات تتعلق بـ"الإرهاب"، حسبما تشير "رويترز".

وانتهت الجلسة من دون التوصل إلى اتفاق، ومن المتوقع أن يستأنف النقاش الأسبوع المقبل.

وأحال إردوغان بروتوكول انضمام الدولة الاسكندنافية على النواب الأتراك في نهاية أكتوبر الماضي بعد سبعة عشر شهرا من العرقلة، حسب وكالة "فرانس برس".

وتركيا، إلى جانب المجر، هما آخر دولتين من بين 31 عضوا في حلف الأطلسي لم تصادقا بعد على انضمام ستوكهولم، بعد موافقتهما على انضمام فنلندا في 31 مارس.

وتخلى إردوغان عن معارضته لهذه الخطوة في يوليو، محيلا الأمر على البرلمان التركي بعدما ضغط لأشهر على السويد منددا بتساهلها تجاه بعض اللاجئين الأتراك والأكراد الذين تتهمهم أنقرة بـ"الإرهاب". 

الحرب في غزة

وفي مؤشر على أهمية الزيارة، تكبد شولتس العناء حتى لا يعلق بشكل مباشر على إدانة إردوغان القاطعة للحرب في غزة، حسبما تقول "رويترز".

وبعدما وصف الرئيس التركي، الأربعاء، حركة حماس بأنها "منظمة تحرير"، رفض شولتس عدة مطالبات بانتقاد إردوغان، وأشار فقط بعبارات عامة إلى أن "التهم الموجهة ضد إسرائيل سخيفة".

ويعد هذا الرد مخففا بالتأكيد بالنظر للإدانة الشديدة التي عادة ما تصدر عن ألمانيا في حال توجيه انتقادات أقل حدة بكثير لإسرائيل.

لكن أردوغان ضاعف الهجوم، ووصف إسرائيل بأنها "دولة إرهابية" تحظى "بدعم غير محدود" من الغرب، وهو ما يعني أنه قد يكون من المستحيل تنحية الخلاف المرتبط بغزة عن الزيارة.

ومساء الأربعاء، رد رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، على تصريحات إردوغان.

وقال:" إردوغان يصف إسرائيل بأنها دولة إرهابية، لكنه في الواقع يدعم دولة حماس الإرهابية. لقد قام بنفسه بقصف قرى تركية، داخل الحدود التركية. لن نقبل دروسا منه"، وفق وكالة "فرانس برس".

واستدعت تركيا هذا الشهر سفيرها لدى إسرائيل وقطعت الاتصالات الرسمية مع نتانياهو، وعلقت المحاولات الأخيرة التي بذلها الجانبان لإصلاح علاقاتهما المتوترة.

وقالت إسرائيل أيضا إنها "تعيد تقييم" العلاقات مع أنقرة، بعد استدعاء موظفيها الدبلوماسيين من تركيا ودول أخرى في المنطقة في إجراء أمني.

وعبرت ألمانيا عن تضامنها القوي مع إسرائيل، بينما حثت على التركيز على الحد من تأثير الحرب على المدنيين في غزة.

وقال المتخصص في الشؤون التركية بالمعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية، أيدن يسار، إن التخطيط للزيارة بدأ في الصيف "عندما لم يكن اندلاع الصراع في غزة متوقعا".

واندلعت الحرب بين إسرائيل وحماس بعد هجوم مباغت شنته الحركة على مواقع عسكرية ومناطق سكنية محاذية لقطاع غزة في السابع من أكتوبر، أدى إلى مقتل 1200 شخص، معظمهم مدنيون وبينهم نساء وأطفال، وتم اختطاف 239 شخصا، وفق السلطات الإسرائيلية.

ومنذ ذلك الحين، ترد إسرائيل بقصف جوي وبحري وبري مكثف على القطاع المحاصر، أتبعته بعملية برية لا تزال متواصلة، وبلغت حصيلة القتلى في غزة أكثر من 11500 شخص، غالبيتهم من النساء والأطفال، فضلا عن إصابة نحو 29 ألف شخص، إضافة إلى أكثر من 2700 مفقود تحت الأنقاض، بحسب ما أعلنت وزارة الصحة التابعة لحركة حماس، الأربعاء.

غياب عن المباراة

ربما يأمل أردوغان، الذي وصف ألمانيا مؤخرا في تصريح للصحفيين بأنها "أقوى دولة في أوروبا"، في الحصول على دعم شولتس لإحياء المحادثات المتوقفة بشأن تحديث الاتحاد الجمركي بين تركيا والاتحاد الأوروبي، رغم أنه لن تحدث تغيرات كبيرة إلا بعد فترة طويلة من انتخابات مارس.

ورغم جهود الجانبين، فقد كان لغزة تأثيرها بالفعل، إذ كان من المقرر في الأصل أن يبقى إردوغان يوما آخر، وهو ما كان سيسمح له ولشولتس باستضافة مباراة كرة قدم ودية بين البلدين، السبت.

وبالنظر لوجود حوالي ثلاثة ملايين شخص من ذوي الأصول التركية في ألمانيا، فإن مثل هذه المواجهات ينظر إليها دائما على أنها محفوفة بالمخاطر، لكن التقييم هذه المرة أشار إلى أن المخاطر كبيرة للغاية.

وقال يسار "كان هناك خوف من أن تكون هناك هتافات مناهضة لإسرائيل... من غير المرجح أن شولتس يرغب في مشاهدتها معه".

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: فی غزة

إقرأ أيضاً:

أردوغان معلقا على الاعتداءات بحق السوريين: النظام العام خط أحمر ولن نسمح بتجاوزه (شاهد)

أكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الثلاثاء، أن النظام العام خط أحمر بالنسبة للدولة ولا تسامح مع من يتجاوز هذا الخط أو ينتهكه، وذلك بعد يومين من التوتر والاعتداء على لاجئين سوريين في تركيا، من قبل من وصفوا بـ"العنصريين".
Erdogan:

“Just as we know how to break the corrupt hands that reach out to our flag, we also know how to break the hands that reach out to the oppressed who take refuge in our country."

pic.twitter.com/sLEG5ztb1F — Ragıp Soylu (@ragipsoylu) July 2, 2024
جاء ذلك في خطاب له عقب الاجتماع الأسبوعي للحكومة في أنقرة، تطرق خلاله إلى أعمال الشغب التي طالت أملاك سوريين في ولاية قيصري وسط الأناضول٬ عقب ادعاءات بتحرش سوري بطفلة تركية، تبين لاحقا أنها سورية من أقاربه.

وقال أردوغان "النظام العام خط أحمر بالنسبة للدولة ولن نتسامح مع من يتجاوز هذا الخط أو ينتهكه تحت أي ذريعة".

وأضاف "نعرف جيدا من حاك المؤامرة التي تم ترتيبها مع فلول التنظيم الإرهابي الانفصالي، لا نحن ولا شعبنا ولا أشقاؤنا السوريون سيقعون في هذا الفخ الخبيث".

وأردف: "نعلم كيف نكسر الأيادي القذرة التي تطال علمنا، ونعرف أيضا كيف نكسر تلك التي تمتد إلى المظلومين اللاجئين في بلادنا".

وتابع: "سنحل قضية اللاجئين في إطار عقلاني ووجداني يستند إلى حقائق بلدنا واقتصادنا وليس بناءً على الأحكام المسبقة والمخاوف".

وأشار أردوغان إلى أن 670 ألف شخص عادوا إلى الشمال السوري عقب تطهيره من الإرهاب الانفصالي٬ في إشارة إلى مناطق عمليات درع الفرات وغصن الزيتون ونبع السلام ودرع الربيع.

لن نتخلى عن أصدقائنا
وقال أردوغان "نعتقد أنه من المفيد في السياسة الخارجية بسط اليد، لذلك لا نمتنع عن اللقاء مع أي كان"، مؤكدا أن "تركيا ليست ولن تكون دولة تتخلى عن أصدقائها وسط الطريق".


وأكد على "مواصلة أنقرة ضمان أمنها وأمن شعبها، طالما أن هناك في سوريا مجرمون متعطشون للدماء يوجهون أسلحتهم نحو تركيا".

وأضاف "لا نطمع في أرض أحد ولا نستهدف سيادة أي كان، نحمي وطننا من النوايا الانفصالية فحسب".

مقالات مشابهة

  • أردوغان معلقا على الاعتداءات بحق السوريين: النظام العام خط أحمر ولن نسمح بتجاوزه (شاهد)
  • إيقاف 474 شخصا بعد أعمال عنف طالت السوريين في تركيا
  • وزير الدفاع السعودي يصل أنقرة في زيارة رسمية
  • شولتس يعد بدعم البولنديين المتضررين من الاحتلال النازي الألماني
  • وزير الدفاع يصل العاصمة التركية أنقرة في زيارة رسمية
  • بتوجيه من القيادة.. وزير الدفاع يصل أنقرة في زيارة رسمية /عاجل
  • بتوجيه من القيادة.. وزير الدفاع يصل العاصمة التركية أنقرة في زيارة رسمية
  • بالفيديو.. عبدالله الرويشد يظهر على كرسي متحرك في ألمانيا
  • بيربوك: ليس لألمانيا مصلحة أعظم من دعم أوكرانيا
  • انتقادات لألمانيا ومقارنتها بقطر..بعد توقف مباراة ببطولة يورو 2024 بسبب الأمطار