صحيفة التغيير السودانية:
2025-02-01@20:49:08 GMT

تحولات في حرب السودان

تاريخ النشر: 17th, November 2023 GMT

تحولات في حرب السودان

 

تحولات في حرب السودان

عثمان ميرغني 

يشهد السودان، منذ الشهر الماضي، تطورات دراماتيكية متسارعة تنبئ بتحولات في مسار الحرب التي دخلت شهرها الثامن. فبعد المكاسب التي حققتها قوات الدعم السريع في دارفور بسيطرتها على حاميات الجيش في 3 من مدنها المهمة؛ هي نيالا وزالنجي والجنينة، والحديث عن أنها تخطط حالياً للهجوم على مدينة الفاشر، ظهرت بوادر على أن الجيش قرر تغيير استراتيجيته من الدفاع إلى الهجوم، لا في الجبهة العسكرية وحدها، بل في الجبهة الدبلوماسية أيضاً.

 

على الصعيد العسكري، بدا الأمر واضحاً في الانتشار الكثيف لقوات الجيش في عدد من أحياء العاصمة القومية وبشكل خاص في مدينة أمدرمان، وإبعاد قوات الدعم السريع عن بعض مواقعها، ومحاصرتها في مواقع أخرى. تزامن ذلك مع عمليات تهدف لقطع شريان وخطوط إمداد قوات الدعم السريع في العاصمة بعد التفجير الجزئي الذي استهدف واحدة من الدعامات الرافعة لكوبري شمبات الرابط بين أمدرمان في غرب النيل والخرطوم بحري في شرقه. وبغض النظر عن الجدل الواسع الذي أعقب هذا التفجير، وتبادل الاتهامات حول الجهة التي نفذته، فإن الطرف المستفيد كان الجيش لأن النتيجة تمثّلت في قطع طريق إمداد رئيسي لقوات الدعم السريع وعزلها بين ضفتي النيل. وقد تزامن ذلك مع توسيع الجيش عملياته وسط مؤشرات على أن فرض سيطرته على أمدرمان بات متوقعاً في المنظور القريب، علماً بأن أعداداً من المواطنين الذين غادروا مساكنهم في بعض أحيائها بدأوا يعودون إليها، بعد إجلاء قوات الدعم السريع منها، وكذلك بعد أن ضاقت بهم سبل العيش في الأماكن التي نزحوا إليها.

 

تصعيد الجيش عملياته في العاصمة رافقته أيضاً «هجمة» دبلوماسية تمثلت في زيارتين أثارتا اهتماماً واسعاً قام بهما الفريق عبد الفتاح البرهان إلى كينيا وإثيوبيا هذا الأسبوع. فليس سراً أن علاقة السودان مع الدولتين شهدت توتراً بسبب الحرب، بسبب ما تراه الخرطوم انحيازاً منهما إلى جانب قوات الدعم السريع. وظهر هذا التوتر على الملأ في يوليو (تموز) الماضي عندما ردت الحكومة السودانية بغضب على تصريحات الرئيس الكيني ويليام روتو، التي قال فيها إن الوضع في السودان يحتاج إلى قيادة جديدة تكون قادرة على إخراجه من الكارثة التي يواجهها، وشككت في أهليته للمشاركة في جهود وقف الحرب بسبب ما عدته دعماً لقوات الدعم السريع ووجود مصالح قالت إنها تربطه مع قيادة هذه القوات.

 

في الوقت ذاته، هاجمت الحكومة السودانية رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، بعد تصريحاته عن «فراغ في القيادة» في السودان، ودعوته لفرض حظر جوي ونزع المدفعية الثقيلة، وهو ما بدا موقفاً صريحاً يستهدف الجيش السوداني ومحاولة تجريده من أقوى أسلحته في الحرب الدائرة. ولم تكتفِ الحكومة السودانية بالهجوم على موقفي روتو وآبي أحمد، بل رفضت المبادرة التي قدمتها آنذاك الآلية الرباعية التي شكلتها الهيئة الحكومية للتنمية بشرق أفريقيا (إيقاد) لبحث الأزمة السودانية، وهددت بالانسحاب من الهيئة.

 

في ضوء هذه الخلفية، كانت زيارة الفريق البرهان لكينيا هذا الأسبوع بدعوة من رئيسها، مثيرة للاهتمام لا سيما أنه أتبعها بزيارة إثيوبيا، وفي المحطتين اتفق على الحاجة الملحة لإيجاد حل للحرب في السودان، وعُقد اجتماع عاجل لقادة «إيقاد» لبحث سبل تسريع مفاوضات جدة لوقف الأعمال العدائية وتسهيل المساعدات الإنسانية، والعمل على وضع إطار لحوار سوداني شامل بمشاركة كل الأطراف لمعالجة الأزمة السياسية في البلاد.أهمية هاتين الزيارتين لا تخطئها العين في هذا التوقيت، وأقصد بذلك أنهما جاءتا بعد تطورات دارفور، وتغيير الجيش استراتيجيته من الدفاع إلى الهجوم في العاصمة وتوقع عمليات واسعة في هذا الإطار. تطورات دارفور بالذات كانت نقطة تحول كبيرة في هذه الحرب بكل مآسيها، إذ إن الفظائع التي ارتكبت هناك ووثقتها جهات محلية ودولية عدة ستكون لها تبعاتها، لأنها أعادت إلى الأذهان ما حدث في الإقليم سابقاً من مذابح وإبادة عرقية، ما استدعى تدخلاً دولياً وقتها. لذلك شهدنا بيانات وتصريحات قوية خلال الأيام الماضية صادرة من الاتحاد الأوروبي وأميركا ومنظمات دولية تدين ما يرتكب في دارفور من فظائع، وتحمل قوات الدعم السريع مسؤوليتها، ما يعد تطوراً لافتاً في موقف المجتمع الدولي تجاه الحرب في السودان.

 

وكان لافتاً أن الفريق البرهان رافقه في زيارتيه لكينيا وإثيوبيا مني أركو مناوي حاكم إقليم دارفور ورئيس حركة تحرير السودان، ما يعني أن الأحداث في الإقليم كانت حاضرة في المباحثات وفي الإحاطة التي قدمت للدولتين عن التطورات الجارية والاتهامات الموجهة للدعم السريع. كما أن وجود مناوي في الجولتين قد يكون مؤشراً على تغير في مواقف حركات دارفور المسلحة التي كانت قد أعلنت أنها تقف على الحياد في الحرب، لكنها وجدت نفسها في موقف لم يعد يحتمل الحياد في الوقت الذي يتعرض فيه أهلهم لمذابح وعمليات تطهير عرقي وإبادة.

 

الواضح أن الحكومة السودانية تعمل الآن، وبالتزامن مع تصعيد عملياتها العسكرية في العاصمة، على قلب الطاولة على قوات الدعم السريع دبلوماسياً من خلال التحرك على جبهة «إيقاد»، وذلك لتحييدها بدلاً من العداء. فزيارتا البرهان لكينيا وإثيوبيا ليستا معزولتين عن زيارتيه قبل ذلك لجنوب السودان وإريتريا واجتماعه مع رئيسيهما على هامش القمة السعودية – الأفريقية في الرياض، الجمعة الماضي.

 

الأمر الآخر هو أن هذه التحركات تناولت أيضاً موضوع حوار سوداني شامل لمعالجة الأزمة السياسية في البلاد، وهي الأزمة التي قادت إلى تفجير الحرب، وأي جهد لإنهائها لا بد أن يمر عبر معالجتها أيضاً.

 

العبارة المحورية التي وردت في هذا الإطار هي أن يكون الحوار «شاملاً لكل الأطراف»، بمعنى عدم إقصاء أي طرف، وهو ما يضع كرة ساخنة في ملعب القوى السياسية والمدنية ويختبر ما إذا كانت قادرة على التراجع عن المعادلة الصفرية والخطاب الإقصائي الذي جر البلد إلى أتون هذه الحرب المدمرة، ويسهم في استمرارها.

الوسوماشتباكات الجيش والدعم السريع الحرب السودان عثمان ميرغني

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: اشتباكات الجيش والدعم السريع الحرب السودان عثمان ميرغني

إقرأ أيضاً:

من قتل جلحة الجنرال المشاغب في الدعم السريع ولماذا يصمت الجيش السوداني؟

الخرطوم- لا يزال السودانيون يتداولون الحكايات والسيناريوهات المختلفة عن مقتل القائد الميداني البارز في قوات الدعم السريع، رحمة الله المهدي، الشهير باسم "جلحة"، الذي لقى مصرعه بالخرطوم يوم الثلاثاء الماضي.

ويُعتبر "جلحة" واحدا من أشهر قادة الدعم السريع، بحيث كان يتنقل بقواته من مختلف المحاور بين الخرطوم والجزيرة وكردفان، وينشط بشكل لافت على وسائط التواصل الاجتماعي.

في هذا التحقيق، تحاول الجزيرة نت الوقوف على الروايات المختلفة عن مقتل "جلحة" المثير للجدل، حيث يقول مراقبون إن العملية تمت بأسلوب المافيا في تصفية المنافسين. وثمة من تحدث عن خفايا اتصالات بين "جلحة" والجيش ومن قام بدور الوسيط في هذه الاتصالات.

وثمة تفاصيل كثيرة عن الخلاف بين جلحة والرجل الثاني في قوات الدعم السريع وهو الجنرال عبد الرحيم دقلو شقيق قائدها محمد حمدان دقلو الشهير بـ"حميدتي".

#جلحة
28 يناير 2025م

أعلنت عناصر من #مليشيا_الجنجويد خبر وفاة رئيس حركة شجعان #كردفان والمنضم ل المليشيا جلحة رحمة الله في إحدى المعارك مع الجيش.

وحقيقة الأمر أن جلحة إنسحب من محاور الجزيرة مع عدد من قواته إلى مدينة #بارا وظل يتردد بين بارا و #أم_روابه إلى قبل أيام قليلة
(1\2) pic.twitter.com/z0sHLkMGkV

— أخبار شرق كردفان (@EastKordofan) January 28, 2025

تساؤلات عن قتله

يوم الثلاثاء الماضي، نعى بعض قادة قوات الدعم السريع الجنرال رحمة المهدي "جلحة". لكن لم تكن الكلمات كافية لإزالة اللبس حول غياب الجنرال المثير للجدل حيث قفزت تساؤلات عن كيف وأين أدرك الموت "جلحة"؟

إعلان

وقبل أن يجد الناس إجابات عن أسئلتهم، كانت رواية أخرى تقول إن جلحة تعرض للتصفية على أيدي رفاقه في الدعم السريع إثر خلافات لم تكن مخفية بين الرجل الذي يعشق الظهور في السوشيال ميديا والحركة المسلحة التي يتحرك قادتها بحذر وفي صمت حتى تحسبهم أمواتا.

بدايات مشاغب

من فراغ البادية العريض، برز الشاب النحيل رحمة المهدي المعروف بـ"الجنرال جلحة". ويحاول الكاتب الصحفي محمد حامد جمعة فك شفرة البدايات للقائد المشاغب ويقول للجزيرة نت، إن جلحة لم يتلقَّ تعليما نظاميا، لكنه ظهر مع المناخ الذي أعقب اتفاقية السلام الشامل الموقعة بين الحكومة السودانية وقت ذاك والحركة الشعبية بقيادة دكتور جون قرنق في عام 2005، والتي شجعت بما جلبته من منافع لجنوب السودان من تنامي تيارات مطلبية خاصة في المناطق المنتجة للبترول في جنوب وغرب كردفان.

هنا يقدم "جلحة" نفسه باعتباره قائدا لحركة أسماها "شجعان كردفان"، وفي روايات أخرى يقدم نفسه قائدا لقوات "التدخل السريع"، والتي تملك جيشا جرارا يمكن أن يخوض حروبا عابرة للدول والقارات.

وهذا الزعم يصفه مصدر أمني بـ"الوهم". ويقول المصدر للجزيرة نت إن جلحة لم يكن يملك قوات ضخمة بل قوته لم تتجاوز الـ200 فرد في أفضل الأحوال.

بندقية للإيجار

من بوادي كردفان، مضى الشاب جلحة إلى ليبيا يبتغي فرص العيش الكريم، لكن ليبيا تجتاحها ثورة شعبية تقلب الأوضاع رأسا على عقب في عام 2011. وباتت القوى العسكرية الليبية تستقوي على بعضها ببنادق رجال من دول الجوار. وظاهرة البنادق الأجيرة في ليبيا عُقدت لها المؤتمرات الدولية لتفكيكها وتسريحها وإعادتها لبلاد المنشأ.

ومن بين حمَلة هذه البنادق الأجيرة كان الشاب رحمة المهدي والذي بات في صفوف قوات الجنرال خليفة حفتر، ولم ينتبه كثير من الناس لهذا الشاب والذي كثيرا ما يعتلي المنابر الإسفيرية ليقول حديثا بعضه يغضب والآخر يضحك.

إعلان

بعد اندلاع الحرب في منتصف أبريل/نيسان 2023 بين قوات الدعم السريع والجيش السوداني ومقتل عدد من قيادات الدعم السريع جاب قائد ثاني قوات الدعم السريع عبد الرحيم دقلو ميادين الدول المجاورة ليعيد استيراد البندقية المغتربة. وفي سبتمبر/أيلول من نفس العام عاد جلحة للسودان منضما لقوات الدعم السريع.

وهنا، يقول الصحفي محمد حامد نوار، إن "جلحة" لم يكن على توافق كبير من شقيق حميدتي ونائبه، عبد الرحيم دقلو. كما أظهر نبرة استعلائية واستقلالية عن الدعم السريع حيث كان يقدم نفسه باعتباره قائدا لقوات "التدخل السريع" وأحيانا يبرز على الهواء عضلاته القبلية في إطار الصراع القبلي المسكوت عنه داخل "الدعم السريع"، خاصة بين قبيلتي "الرزيقات" و"حميدتي"، و"المسيرية" التي ينتمي إليها "جلحة".

شبيه القذافي

يعتقد مصدر أمني تحدث للجزيرة نت، أن "جلحة" كان يتجنب خوض المعارك الكبيرة بجانب الدعم السريع، وهو ما يتفق معه الصحفي محمد حامد جمعة، ويضيف أن "جلحة" اعتمد على "الحلقوم" وتخصص في الخطب الحماسية من خلال وسائل التواصل الاجتماعي.

يعتقد جمعة أن جلحة كان ذكيا في تعامله مع الميدان الحربي فقد كان أيضا يبرز وجها رحيما حينما يتجنب مهاجمة المدن أو ينتقد علانية الذين يقومون بذلك كما حدث مع ضابط الدعم السريع عمر شارون الذي عنف شيخا كبيرا في ولاية الجزيرة فتصدى له جلحة على الملأ موبخا.

يرى محمد حامد جمعة أن جلحة كان متأثرا في أدائه السياسي المسرحي  بشخصية العقيد القذافي المتقلبة المزاج والمشاغبة، وتمنح اللكنة الليبية التي يتحدث بها "جلحة" المقاربة وجها آخر. وكذلك يتقمص شخصية "حميدتي"؛ فتجري على لسانه اللغة البسيطة والعميقة في الوقت ذاته.

واستخدم "جلحة" كثيرا الأمثلة الشعبية وفي مرات أخرى آيات القرآن الكريم. وبين هذا وذاك قدم خطابا شعبويا غير متماسك، وجد آذانا تستمع له ربما لفرط غرابته أو لبساطته. لكن المصدر الأمني وهو لواء متقاعد من المخابرات السودانية يلخص شخصية جلحة للجزيرة نت ويصفه بالمسرحي المهرج.

إعلان خلافات معلنة وخفية

خلافات الجنرال "جلحة" كانت كثيرة حيث عبّر عن بعضها علانية؛ إذ قال في إحدى خطبه إنه قائد "قوات التدخل السريع" وفي تغريدة أخرى منح نفسه رتبة فريق، وفي ثالثة تحدى قائد قوات الدعم السريع، بشكل غير مباشر حينما قال إن كان هنالك من يرى أنه رضع لبن الإبل في إشارة للقبائل البدوية التي ينتمى لها الجنرال حميدتي، فإنه من أبناء القبائل التي ترعى الأبقار.

وهنا يشير الصحفي جمعة إلى أن الخلاف الأبرز كان بين "جلحة" والرجل الثاني في قوات الدعم السريع عبد الرحيم دقلو، وسبب هذا الصراع "المنافسة على مقعد الرجل الثاني في قوات الدعم السريع، وتغذيه أحاسيس بالتعالي القبلي بين الرجلين".

لكن الخلاف الأشهر وقع حينما وصف عمران عبد الله، مستشار حميدتي، "جلحة" بأنه "مجرد جندي"، فكاد ذاك التصريح يشق قوات الدعم السريع المكونة في غالبها من قبيلة الرزيقات، فيما يعتبر "جلحة" من أبرز وجوه قبيلة "المسيرية". وفي وجه ضغوط كثيرة اضطرّ مستشار حميدتي للاعتذار علنا عن تصريحاته التي أغضبت "جلحة".

اتصالات مع الجيش

بعد أن سيطر الجيش السوداني والقوات المساندة له على مدينة ود مدني حاضرة ولاية الجزيرة، لم ينسحب جلحة إلى خطوط دفاع الدعم السريع في شمال الولاية قريبا من العاصمة الخرطوم.

ويرسم محمد حامد جمعة طريق خروج "جلحة" من الجزيرة، وهو قرار يشير إلى ذكاء الرجل وربما اقترابه من الجيش السوداني، لكن بحسب جمعة فإنه كان يخطط للعودة لكردفان ليكون قريبا من أهله "المسيرية"، وفي الوقت ذاته يتفادى الميدان الساخن.

لكن فيما يعتقد جمعة، فإن الرجل المتطلع بات تحت الرقابة في الآونة الأخيرة فلم يجد مناصا أن يبقى في المنطقة الرمادية قريبا من الجيش السوداني بشرق النيل شرقي ولاية الخرطوم.

يقول مصدرنا الأمني الرفيع إن الجيش السوداني أجرى اتصالات مع الجنرال "جلحة" بعد أن رأى تباعد المسافة بينه وبين قادة الدعم السريع. وهو أمر يفصّل فيه محمد حامد جمعة ويقول إن الاتصالات بدأت عبر بعض القيادات في تنسيقية أبناء قبيلة المسيرية.

إعلان

وحسب جمعة، فإن أعيان القبيلة وجدوا ضوءا أخضر في مساعيهم من قبل الجيش السوداني، وأن قيادات في الجيش كانت ترغب بالاستثمار في شخصية جلحة المستقلة وكذلك انتسابه لقبيلة كبيرة ومؤثرة.

ما رواية الدعم السريع؟

جاءت رواية الدعم السريع حول مقتل الجنرال "جلحة" على لسان عمر جبريل، الذي نعاه في تغريدة على منصة "إكس"، مشيرا إلى مقتله دون تقديم إيضاحات سوى إبراز بطولته.

وتواصلت الجزيرة نت مع القيادي بقوات الدعم السريع حسبو أبو الفقراء، والذي أكد مقتل جلحة في كردفان مع عدد من القادة الميدانيين بعد أن استهدفته طائرة مسيّرة تتبع للجيش السوداني.

لكن آخرين في قوات الدعم السريع أكدوا أن مقتله كان منطقة شرق النيل ومن بين هؤلاء من قدم نفسه بأنه سائقه الشخصي وآخر من كان معه حيث يفيد، في رسالة مصورة، أن قائده قتل في منطقة "الكدرو" شمالي الخرطوم بحري يوم الثلاثاء 28 يناير/كانون الثاني الجاري، حيث تم استهدافه بمسيّرة للجيش السوداني، ويقسم السائق على تبرئة الدعم السريع من دم "جلحة".

أما أسرته، فحسب بيان نشره الباشا طبيق مستشار قائد الدعم السريع، فإن ابنها مات إثر غارة بمسيرات الجيش السوداني استهدفته وشقيقه موسى.

رئيس مجلس السيادة القائد العام البرهان يتفقد الخطوط الأمامية بمنطقة الجَيلي (وكالة الأنباء السودانية) هل ثمة رواية للجيش؟

لم يتحدث الجيش رسميا عن واقعة مقتل "جلحة"، لكن هنالك قطاعات ترى أنه تمت تصفيته على يد رفاقه في قوات الدعم السريع، ومن بين هؤلاء الناشط أحمد سليمان قور، والذي يرى في تصريحات لصحيفة الكرامة، أن "جلحة" تمت تصفيته بشكل دموي من قبل قوات الدعم السريع. ويقر قور بأنه كان أحد الذين ناشدوا "جلحة" بالانسحاب من قوات الدعم السريع والانضمام لصفوف الجيش السوداني.

ويضيف الصحفي حامد جمعة، المزيد من الغموض لحكاية مقتل "جلحة"، حيث يتساءل لماذا جاء مقتله في الوقت نفسه مع مقتل عدد من القادة الآخرين في الدعم السريع؟، والذين يجمع بينهم أنهم من إثنيات أخرى غير قبيلة الرزيقات، وأن الشكوك تدور حول ولائهم للدعم السريع مثل القائد الطاهر جاه الله، القادم من بادية الشكرية في وسط السودان، واثنين من أبناء قبيلة الرشايدة في شرق السودان.

إعلان

ويرى جمعة أن الدعم السريع بات مؤخرا "قوة عمياء" تعمل بأسلوب المافيا في تصفية الشهود والقادة المنافسين.

وعن صمت الجيش، يقول جمعة إنه ليس من مصلحة الأخير منح خصمه صك براءة من دماء قائد بارز ومعروف في صفوف الدعم السريع خاصة أن غياب "جلحة" أو تغييبه تزامن مع زخم انتصارات الجيش وانكسارات الدعم السريع.

وهنا يقدم اللواء المتقاعد في المخابرات السودانية معتصم الحسن رواية أكثر تفصيلا؛ حيث يقول إن جزءا من خلافات "جلحة" مع قيادات الدعم السريع كانت حول الحقوق المادية لجنوده، وكذلك اعتذاره عن المشاركة في العمليات العسكرية التي تلت تحرير ولاية الجزيرة على يد الجيش السوداني في 11 يناير/كانون الثاني.

ويضيف اللواء الحسن أنه تم استدراج "جلحة" من قبل الدعم السريع لمنطقة شرق النيل بالخرطوم حيث تمت تصفيته هناك. وهو اتجاه يمضي فيه القيادي بالقوة المشتركة التي تقاتل بجانب الجيش السوداني عثمان ذو النون، والذي طلب في تسجيل على منصة "إكس" من عشيرة "جلحة" عدم أخذ ثأرهم من قتلة ابنهم بمفهوم قبلي بل عبر الانخراط في صفوف الجيش السوداني، وذلك درءا للفتنة القبلية.

لكن حسبو الفقراء؛ القيادي البارز في قوات الدعم السريع، يرى في رواية تصفية جلحة "دعاية سمجة تستهدف الفتنة بين منسوبي الدعم السريع". بيد أن غياب الجنرال "جلحة" في هذا التوقيت يمكن أن يحسب كخسارة فادحة لقوات الدعم السريع التي تتعرض لضغوط في ميادين القتال.

مقالات مشابهة

  • الجيش السوداني يتقدم لاستعادة مناطق حيوية من الدعم السريع
  • مجلس الأمن يدين الهجمات المستمرة التي تشنها قوات الدعم السريع على الفاشر
  • مجلس الأمن يدين هجمات الدعم السريع في دارفور
  • من قتل جلحة الجنرال المشاغب في الدعم السريع ولماذا يصمت الجيش السوداني؟
  • حميدتي يعترف بخسارة قوات الدعم السريع مناطق لصالح الجيش (شاهد)
  • حميدتي يعترف بخسارة قوات الدعم السريع مناطق لصالح الجيش
  • الدعم السريع يعترف بالانتكاسات ويتعهد بطرد الجيش من الخرطوم  
  • السودان.. حميدتي يقر بخسارة "الدعم السريع" مناطق لصالح الجيش
  • شبكة أطباء السودان: مقتل طبيب في نيالا بعد اختطافه من قبل الدعم السريع 
  • وضعية قوات الدعم السريع على الأرض في السودان وما التوقعات