القاهرةـ كرس المفكر المصري "محمد عصمت سيف الدولة" حياته وجهوده للقضية الفلسطينية، ويعد ضمن المفكرين الأكثر إنتاجا من حيث الكتابة والبحث والمحاضرة، بين كتاب جيله، فيما يتعلق بفلسطين وتاريخها وحاضرها، دفاعا عن القضية ونقدا للمصطلحات التي "تميّع" الصراع، بتقديره.

ومع اندلاع العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، نشر سيف الدولة سلسلة فيديوهات ومقالات شدد خلالها على ضرورة اتخاذ السلطات المصرية مواقف وقرارات حازمة تجاه العدوان، ومنها فتح معبر رفح بوصفه معبرا فلسطينيا مصريا، وسحب السفير المصري لدى إسرائيل، وتجميد اتفاقيات السلام بين القاهرة وتل أبيب.

فما الذي يمنع إمكانية تنفيذ تلك المطالب؟ سألناه، فقال "كلها إجراءات في الإمكان الإقدام عليها واتخاذها حتى فى ظل قيود اتفاقيات كامب ديفيد، بل هي في الحقيقة إجراءات حتمية بعد الرصد الدقيق للمخاطر والعواقب الكارثية المترتبة على استمرار جرائم الابادة والتهجير على غزة".

وفي حواره للجزيرة نت، تمنى سيف الدولة أن يكون هناك توجه مصري رسمي قد تبلور الآن فى اتجاه ضرورة التصعيد الدبلوماسي والسياسي بمواجهة إسرائيل.

وإلى تفاصيل الحوار:

#فتح_معبر_رفح_بدون_اذن_اسرائيل pic.twitter.com/osF237BQ53

— محمد سيف الدولة (@seif_eldawla) November 5, 2023

كتبت عن الممكن أمام مصر، مثل تجميد العمل ببعض مواد اتفاقية كامب ديفيد وطرد السفير الإسرائيلي وفتح الأنفاق وحفر المزيد منها والتهديد بإغلاق قناة السويس، وغيرها من الإجراءات، ألا يشكل هذا إعلان حرب من طرف القاهرة؟

العكس هو الصحيح، فهذه فرصة مصر التاريخية للتحرر من سجن اتفاقيات كامب ديفيد وقيودها التي فرضها الأميركيون وإسرائيل منذ عام 1979، فمصر تتعرض الآن لتهديدات ومخاطر جسيمة قد تهدد وجود الدولة نفسها، لو نجح المخطط الإسرائيلي في تهجير ما يزيد على مليون فلسطيني إلى سيناء، وهو ما يعطي أي دولة الحق في تجميد أي اتفاقيات أو معاهدات دولية تقيد قدرتها على الدفاع عن نفسها وحماية أمنها القومي.

إن الفزاعة الشهيرة التي كانت جماعة كامب ديفيد تروج لها دائما بأن أي إخلال من مصر بالتزاماتها فى المعاهدة يعني الحرب، هي كذبة كبرى، فمن حق كل الدول ذات السيادة أن تتراجع وتعيد النظر فى كل معاهداتها، وفقا لمصالحها وتبعا لتغير الظروف وإلا كانت معاهدات بالإكراه.

إن الذريعة التي كانوا يطلقونها على الدوام من أن الإخلال بالمعاهدة سيعرض سيناء لمخاطر الاحتلال الإسرائيلي مجددا، لا مجال للتذرع بها اليوم، لأن سيناء بالفعل تتعرض لخطر شديد وآنٍ، والسبيل الوحيد لصده ورده هو الدفع بأكبر عدد من القوات المسلحة المصرية إلى الحدود الدولية مع فلسطين المحتلة بالمخالفة والتجميد للمادة الرابعة من المعاهدة وملحقها الأمني.

ماذا لو كنت على رأس السلطة حاليا، ماذا تفعل؟

لو كنت على رأس الدولة، فسوف أتخذ نفس القرارات التي أطالب بها الدولة اليوم، فالسلطات فى البلدان العربية بدون شعوبها لا حول لها ولا قوة أمام الأميركيين، وأعتقد أن البديل الوحيد في مثل هذه الظروف هو أن يقوم أصحاب السلطة بالاحتماء بالشعوب فى مواجهة الضغوط الخارجية، بل وتوظيف غضبها في الضغط المضاد لإجبار الولايات المتحدة ومجتمعها الدولي على القبول بما لا يمكن أن تقبل به من المؤسسات الرسمية الحاكمة.

للشعوب قدرات خاصة على الإقناع، كما حدث بالفعل في ثورة 2011، حين طلب المجلس العسكري الحاكم آنذاك من إسرائيل بعد الثورة مباشرة بالتوقف عن العدوان على غزة لأنه لم يعد له سيطرة على المظاهرات فى الشارع، والتي قامت لأول مرة بحصار سفارة إسرائيل في أبريل/نيسان 2011، وهو ما تكرر مع واقعة نشر الفيلم المسيء للرسول صلى الله عليه وسلم وخروج مظاهرات تحاصر السفارات الأميركية فى مصر وليبيا ودول عربية وإسلامية أخرى، مما أجبر الأميركيين على سحب الفيلم والاعتذار.

#بين_الممكن_والواجب_على_الجبهة_المصرية
الممكن هو ما فى مقدور السلطات المصرية من اتخاذه من قرارات لايقاف العدوان حتى فى ظل تمسكها بكامب ديفيد وبعلاقتها بالامريكان
اما الواجب فهو ما يجب ان نفعله فيما لو قررنا التحرر والانعتاق من ذل التبعية وكامب ديفيد????https://t.co/3smriWkQeI pic.twitter.com/MVNSr36huw

— محمد سيف الدولة (@seif_eldawla) November 9, 2023

يحن مصريون لعهد الرئيس الراحل حسني مبارك بعد أن أطاحوا به، وذلك فيما يتعلق بالتعامل مع قطاع غزة، فهل بالفعل كان نظام مبارك يتعامل بأفضل مدى سياسي ممكن وقتها؟

مبارك يُحسب له أنه رفض مطالب إسرائيلية كثيرة، وافقت عليها السلطات المصرية أخيرا، ومنها هدم الأنفاق، التي تركها مبارك متنفسا للقطاع، كما رفض طلب إسرائيل بإخلاء المنطقة الحدودية وإقامة منطقة عازلة.

وفي سنوات حكم مبارك قامت قوى المعارضة السياسية بتنظيم تحركات وفعاليات وأنشطة متميزة ومؤثرة، في دعم وإغاثة فلسطين ومناهضة إسرائيل وكامب ديفيد والغزو الأميركي للعراق.

ماذا عن الموقف العربي؟

الموقف العربي الحالي عموما مختلف مما كان عليه الوضع أيام مبارك، وهو ما يمكن قراءته من البيان الختامي للقمة العربية الإسلامية المشتركة، الذي كان مختلفا عن بيانات كثيرة سابقة، وتفسير ذلك هو جلل الأحداث والجرائم وحرب الإبادة التي يتعرض لها الفلسطينيون، وبسبب التهديدات الإسرائيلية لمصر بتنفيذ مخطط التهجير القسري للفلسطينيين إلى سيناء، وبسبب الغضب الشعبي العربي العارم الذي يمكن أن يهز العروش والجيوش العربية إذا لم تبادر الأنظمة العربية للضغط بكل ما لديها من أوراق لإيقاف العدوان وإنقاذ الفلسطينيين.

والبيان اختلف جذريا مع المواقف الأميركية والأوروبية المتطابقة مع الموقف الصهيوني والتي تعيد وتكرر أن من حق إسرائيل الدفاع عن نفسها، ولكن البيان من ناحية أخرى لم يتخط الخطوط الأميركية الحمراء، فتجنب تماما أي تهديد أو حتى تلويح بتوقيع عقوبات على الولايات المتحدة أو على إسرائيل، إذا لم يتوقف العدوان فورا، وهذه نقطة ضعف قاتلة قد تجعل من وجود البيان وعدمه سواء.

ولكن ذلك الموقف الرسمي العربي المفارق لمواقف أميركا وأوروبا وإسرائيل، ليس مؤشرا على إمكان توقف قطار التطبيع العربي مع إسرائيل، ومن المبكر الحكم على ذلك لأننا لا نعلم ما يدور فى الكواليس الآن.

#سؤال_للحكام_العرب
لماذا كل هذا الخوف من اسرائيل؟ pic.twitter.com/fTCy0wZ3e2

— محمد سيف الدولة (@seif_eldawla) November 7, 2023

بالنسبة للأحزاب والنقابات المصرية، هل موقفها تجاه ما يجري كاف؟

مع الأسف بين موقف النقابات وبين الكفاية فرق شاسع، وهناك بعض التحركات والمحاولات من النقابات المهنية، ولكنها لم تسفر بعد عن أي فاعليات قوية ومؤثرة، وقد يكون ذلك بسبب طول وقسوة سنوات الحظر والحصار، وأتمنى أن تنجح في استرداد زخم سنوات ما قبل الثورة وأثنائها.

أما المصريون العاديون، فهم يتفاعلون بزخم واضح وواسع مع الأحداث، ولا يوجد تغير حدث، فهذا هو الموقف الطبيعي والدائم للمصريين، ومعهم كل الشعوب العربية، إلى أن تعرضت الحياة السياسية كلها لحصار وتقييد شديدين، ليكون السؤال الأصح هو ما الأسباب التي قيدت قدرة المصريين عن التفاعل مع القضية الفلسطينية في السنوات الأخيرة؟

وهذا التفاعل الراهن يبرهن على أن الرهان على الوعي الجمعي المصري تجاه الصراع، يحمل أملا أكبر باتجاه تحول السياسة المصرية لصالح القضية الفلسطينية، ما يجعل أمر زيادة هذا الوعي، داخلا في باب الواجبات وفروض العين، وإذا لم تفعله وتسارع إليه كل النخب الفكرية والسياسية فسيحاسبهم التاريخ.

والمصريون تحديدا، لديهم الكثير مما يمكن أن يقدموه من دعم وإسناد، لو أعيد فتح المجال العام، ورُفع الحظر والحصار المفروض على القوى السياسية المعارضة من كافة التيارات.

#انذار_من_مواطن_عربى pic.twitter.com/Izz5gEKwCS

— محمد سيف الدولة (@seif_eldawla) November 15, 2023

ما تقييمك لحملة المقاطعة الشعبية بين المصريين للشركات الداعمة للاحتلال؟

المقاطعة المنطلقة كالنار في الهشيم ومن كل الفئات والأجيال، نجحت في تحقيق نتائج حقيقية على الأرض، مسببة خسائر كبيرة للشركات التي تم مقاطعتها، وسبب نجاحها الهائل هو أنها نشاط لا يتطلب أي موافقات أمنية، لتكون المقاطعة هي الملاذ الوحيد، بعد عجز المصريين عن الفعل في الشارع عبر التظاهر من أجل فلسطين وغير فلسطين، نتاج حظر حق التظاهر مؤخرا، وتوقيف كل من يتظاهر بأوامر من السلطة.

هل السلطة جادة بالفعل في رفض تهجير الفلسطينيين إلى سيناء؟

السلطة شديدة الجدية فى الرفض، ولا يوجد أي اختراق لهذا الرفض سواء فى السلطة أو في المعارضة، ذلك لأن مخطط التهجير القسري للفلسطينيين إلى سيناء لا يهدد أمن مصر وسيادتها فحسب، بل يهدد وجود الدولة ذاتها كما يهدد شرعية وبقاء الحكم والحكام ذاتهم.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: محمد سیف الدولة کامب دیفید إلى سیناء pic twitter com

إقرأ أيضاً:

مسير حاشد لخريجي “طوفان الأقصى” في الزهرة يؤكد التلاحم والاستعداد للجهاد

يمانيون../
شهدت مديرية الزهرة بمحافظة الحديدة، اليوم، مسيرًا شعبيًا حاشدًا بمشاركة 300 خريج من دورات “طوفان الأقصى” من أبناء عزلة الوسط، في تأكيد على الجهوزية العالية لمواجهة الأعداء ودعم قضايا الأمة.

انطلق المسير من قرية دير الصغير وصولًا إلى قرية دير الصوفي، قاطعًا مسافة أربعة كيلومترات، وسط هتافات قوية تجدد التأكيد على التضامن مع فلسطين والنفير العام ضد قوى العدوان، إلى جانب التلاحم الشعبي في مواجهة التحديات.

وعبّر المشاركون عن فخرهم بالتحاقهم بهذه الدورات التي عززت وعيهم الوطني وعزيمتهم في الدفاع عن الوطن، مؤكدين تفويضهم المطلق لقائد الثورة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي في اتخاذ أي خيارات جهادية نصرة لليمن وقضايا الأمة، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية.

وخلال المسير، أدى المشاركون صلاة الغائب على روحي الشهيدين السيد حسن نصر الله وهاشم صفي الدين، وفاءً لرموز المقاومة وتجديدًا للعهد بالسير على دربهم حتى تحقيق النصر.

مقالات مشابهة

  • مسير حاشد لخريجي “طوفان الأقصى” في الزهرة يؤكد التلاحم والاستعداد للجهاد
  • القسام تبث تسجيلا لعملية تسليم أسيرين إسرائيليين في رفح (شاهد)
  • اختتام بطولة طوفان الأقصى بإب
  • ديفيد هيرست: ترامب تخلى عن أوروبا ويجب عليها أن تتخلى عن استرضاء إسرائيل‏
  • الفتح يحرز بطولة طوفان الأقصى في عبس
  • قياديان في حماس: السنوار رفض لقاء كوشنر وهكذا موه على طوفان الأقصى
  • مصادر للجزيرة: إسرائيل ستفرج عن 151 أسيرا فلسطينيا
  • أخّر “طوفان الأقصى” نصف ساعة.. الضيف تفّوق استخبارياً على إسرائيل
  • صحفي إسرائيلي: الضيف صاحب قرار عملية طوفان الأقصى
  • بالأسماء.. القسام تفرج عن 6 أسرى إسرائيليين ضمن الدفعة السابعة