أدت الحرب بين الاحتلال الإسرائيلي والمقاومة الفلسطينية في غزة منذ هجوم حركة حماس المباغت عبر الحدود في السابع من أكتوبر إلى سقوط عدد كبير من الشهداء المدنيين في غزة.
وتندرج الحرب تحت نظام عدالة دولي معقد نشأ منذ الحرب العالمية الثانية يهدف في جانب كبير منه إلى حماية المدنيين. وحتى لو زعمت الدول أنها تتصرف دفاعا عن النفس فإن قواعد النزاع المسلح تنطبق على كل المشاركين في الحرب.


انبثقت قواعد الصراع المسلح المتفق عليها دوليا من اتفاقيات جنيف لعام 1949 والتي صادقت عليها جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة وأكملتها أحكام أصدرتها محاكم دولية معنية بجرائم الحرب.
وتحكم سلسلة من المعاهدات معاملة المدنيين والجنود وأسرى الحرب في نظام يعرف إجمالا باسم «قانون النزاعات المسلحة» أو «القانون الدولي الإنساني». وينطبق هذا القانون على القوات الحكومية والجماعات المسلحة المنظمة، ومن بينها حماس.
هل يمكن أن يكون مستشفى
هدفا عسكريا؟
تعرضت إسرائيل لانتقادات بسبب استهداف المنشآت الطبية في غزة، بما في ذلك مستشفى الشفاء الرئيسي في مدينة غزة. ولطالما اتهمت إسرائيل حماس بإقامة مراكز قيادة وسيطرة أسفل المنشآت الطبية في محاولة لتجنب الضربات الجوية. وتنفي حماس ذلك.
وقالت منظمة الصحة العالمية إنه حتى 15 نوفمبر تم التحقق من وقوع 152 هجوما على البنية التحتية الصحية في غزة.
وهناك العديد من الأمثلة على الهجمات على المرافق الصحية في مناطق الصراع في العقود القليلة الماضية، من أوكرانيا وأفغانستان إلى اليمن وسوريا، ولكن أحدث الاجتهادات القضائية تعود إلى محاكمات تناولت حروب البلقان في التسعينيات.
وقالت المحامية الكندية كارولين إدجيرتون، التي عملت في عدة قضايا في المحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة في لاهاي، إنه على الرغم من أنهم لم يدرسوا الهجمات على المستشفيات على وجه التحديد، إلا أن الفقه القانوني أكد على ضرورة الموازنة بين مبادئ الضرورة العسكرية والإنسانية.
وأضافت أن «مهاجمة المستشفيات والوحدات الطبية الأخرى محظور بموجب اتفاقية جنيف الأولى، وتمتد تلك الحماية لتشمل الجرحى والمرضى والعاملين في تلك المؤسسات وسيارات الإسعاف. ولا تنتهي هذه الحماية إلا إذا تم استخدام تلك المنشآت من قبل أحد أطراف الصراع في ارتكاب عمل... يضر بالعدو».
وتعريف ما هو «ضار للعدو» في حد ذاته محور معركة قانونية مستمرة. وقالت إدجيرتون إن تحديد ما إذا كانت حماية المستشفى معرضة للخطر هو ممارسة قائمة على أدلة.
وقالت إنه حتى لو تم تحديد أن المؤسسة الطبية أصبحت هدفا عسكريا فيجب على إسرائيل أن تسأل نفسها ما إذا كانت الأضرار الجانبية المتوقعة ستكون مفرطة مقارنة بالمكسب العسكري.
انتهاكات قانون جرائم الحرب
ساقت منظمة هيومن رايتس ووتش المعنية بحقوق الإنسان ومقرها نيويورك استهداف الجماعات المسلحة الفلسطينية المتعمد للمدنيين والهجمات العشوائية بالصواريخ واتخاذ المدنيين رهائن ضمن أمثلة جرائم الحرب المحتملة، وكذلك الضربات الإسرائيلية في غزة التي أودت بحياة آلاف الفلسطينيين.
واحتجاز الرهائن والقتل والتعذيب محظورة صراحة بموجب اتفاقيات جنيف، كما أن الرد الإسرائيلي قد يكون موضع تحقيق في ارتكاب جرائم الحرب.
وكان مسلحون من حماس قد اقتحموا تجمعات سكنية في جنوب إسرائيل انطلاقا من غزة في السابع من أكتوبر تشرين الأول، فقتلوا نحو 1200 شخص، معظمهم من المدنيين، في يوم واحد. كما احتجزوا زهاء 240 رهينة واقتادوهم إلى القطاع الساحلي الصغير بحسب الإحصاءات الإسرائيلية.
وردا على ذلك، فرضت إسرائيل حصارا مطبقا على غزة التي يقطنها 2.3 مليون نسمة وشنت أقوى حملة قصف في تاريخ الصراع الإسرائيلي الفلسطيني الدائر منذ 75 عاما، فدمرت أحياء بأكملها. ثم اجتاحت قوات برية إسرائيلية القطاع بهدف معلن هو القضاء على حماس التي تدير القطاع.
 ماذا تقول اتفاقيات جنيف؟
الهدف العام لاتفاقيات جنيف هو حماية المدنيين في زمن الحرب.
وبموجب قوانين النزاعات المسلحة، يشمل المقاتلون أفراد القوات المسلحة التابعة للدول والقوات العسكرية والمتطوعة، والجماعات المسلحة غير التابعة للدول.
واستهداف المدنيين أو الأهداف المدنية استهدافا مباشرا محظور تماما. كما أن الهجوم المتعمد على الأفراد والمساعدات الإنسانية يعد جريمة حرب منفصلة إذا كان من يقدمونها من المدنيين.
ويمكن اعتبار الحصار جريمة حرب إذا استهدف مدنيين، وليس وسيلة مشروعة لتقويض القدرات العسكرية لقوة مثل حماس، أو إذا اتضح عدم تناسبه.
وحذر المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان الجيش الإسرائيلي من أنه سيتعين عليه إظهار أن «أي هجوم يؤثر على المدنيين الأبرياء أو الأهداف المحمية» مثل المستشفيات أو الكنائس أو المدارس أو المساجد يتوافق مع قوانين النزاع المسلح.
وبموجب هذه القوانين، توجد حالات يمكن فيها للممتلكات المدنية أن تصبح أهدافا عسكرية مشروعة إذا استُخدمت للمساهمة بشكل فعال في العمل العسكري.
وقال خان «عبء إثبات فقدان حالة الحماية يقع على عاتق من يطلقون النار أو الصاروخ».
وتقول إسرائيل إن مقاتلي حماس يستخدمون الأحياء السكنية غطاء والمباني المدنية لإخفاء مراكز القيادة والأسلحة.
وحتى إذا هاجم مقاتل أهدافا عسكرية مشروعة، يتعين أن يكون أي هجوم متناسبا، أي يتعين ألا يؤدي إلى خسائر فادحة في أرواح المدنيين أو إلحاق أضرار بالممتلكات المدنية.
وتظهر اتفاقيات جنيف والأحكام اللاحقة الصادرة عن المحاكم الدولية أن التناسب ليس لعبة أرقام تقارن فيها عدد الضحايا المدنيين لطرف بالآخر، وإنما يجب أن تكون هذه الخسائر متناسبة مع المكسب العسكري المباشر والملموس المرجو من ذلك الهدف بعينه.
 محاكم جرائم الحرب
أول من يحاكم جرائم الحرب المزعومة هي الولايات القضائية المحلية، وهي تتمثل في هذه الحالة في المحاكم في إسرائيل والأراضي الفلسطينية.
والمحكمة الجنائية الدولية في لاهاي هي الهيئة القانونية الدولية الوحيدة القادرة على توجيه الاتهامات.
ويمنح نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية سلطة قانونية للتحقيق في الجرائم المزعوم ارتكابها على أراضي الدول الأعضاء أو التي يرتكبها مواطنو هذه الدول، في حال «عدم رغبة أو عدم قدرة» السلطات المحلية على الاضطلاع بذلك.

المصدر: العرب القطرية

كلمات دلالية: قطاع غزة حركة حماس جرائم الاحتلال الإسرائيلي اتفاقيات جنيف الجنائیة الدولیة اتفاقیات جنیف جرائم الحرب فی غزة

إقرأ أيضاً:

حماس: هدم منازل المقاومين لن تثني شعبنا ومقاومته

أكد القيادي في حركة حماس عبد الرحمن شديد، أن سياسة الاحتلال في هدم منازل المقاومين والمواطنين في الضفة الغربية، لن تثني شعبنا ومقاومته عن مواصلة طريق المقاومة ومواجهة جرائم الاحتلال.

وذكر شديد في بيان له الخميس أن نهج الاحتلال في العقاب الجماعي بهدم منازل المقاومين ومنفذي العمليات البطولية، لن يكسر إرادة شعبنا وستزيد إصراره على إيلام الاحتلال وتدفيعه ثمن جرائمه.

وقال إن الاحتلال يمعن في تدمير منازل المواطنين وممتلكاتهم في الضفة الغربية والقدس المحتلة، في مساعي تهجير الفلسطينيين وتطبيق مخططات الضم وزيادة التوسع الاستيطاني.

وأردف: شعبنا في الضفة والقدس يواجه جرائم الهدم بمزيد من الصمود والثبات على أرضه وممتلكاته، والتمسك بحقوقه والدفاع عنها بكل ما يملك.

ودعا شديد إلى التكاتف والتعاضد مع أصحاب المنازل والممتلكات المهدمة من قبل الاحتلال، وزيادة الاحتضان الشعبي لأهالي المقاومين والشهداء والأسرى.

مقالات مشابهة

  • حوار مع صديقي ال ChatGPT الحلقة (71)
  • الحوثيون يتجاهلون جثث المدنيين من ضحايا القصف الإسرائيلي على ميناء الحديدة
  • الصراع العربي- الإسرائيلي والاقتصادات العالمية (3-3)
  • 20 ديسمبر خلال 9 أعوام..  30 شهيدًا وجريحًا في جرائم للعدوان على المدنيين والأعيان المدنية باليمن
  • قوى الأمن الفلسطيني: الاحتلال لم يتوقف عن استهداف المدنيين في جنين
  • الهيئة الدولية لدعم فلسطين: نثمن الجهود المصرية لوقف العدوان الإسرائيلي على غزة
  • حماس تدعو لمحاكمة قادة الاحتلال الإسرائيلي على جرائمهم ضد الشعب الفلسطيني
  • فريق بايدن يدفع بقوة نحو تحقيق السلام في السودان
  • رئيس الوزراء البريطاني: حل الدولتين السبيل لوقف الصراع الإسرائيلي الفلسطيني
  • حماس: هدم منازل المقاومين لن تثني شعبنا ومقاومته