اعتبرت أنشال فوهرا الكتابة المتخصصة في شؤون الشرق الأوسط، أن الحرب المتواصلة منذ 7 أكتوبر/ تشرين أول المنصرم بين إسرائيل وحركة حماس في غزة منحت الرئيس الفلسطيني محمد عباس فرصة أخيرة للدفع باتجاه حل الدولتين.

وأضافت فوهرا في مقال نشرته مجلة فورين بوليسي الأمريكية، أن حرب غزة دفعت الولايات المتحدة؛ للتودد مجددا إلي عباس من أجل تولي السلطة في غزة في مرحلة ما بعد الحرب المتواصلة منذ 41 يوما بين إسرائيل وحماس.

واستشهدت المجلة بزيارة وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن إلى رام الله الأسبوع الماضي، وتأكيده أن السلطة الفلسطينية يجب أن تلعب دورًا محوريًا في مستقبل غزة، متطلعا في الوقت ذاته إلى رئيسها محمود عباس لإضفاء الشرعية على أي خطة مستقبلية.

لكن في المقابل، قال عباس (87 عاما) إن السلطة الفلسطينية مستعدة للتدخل، ولكن فقط "في إطار حل سياسي شامل"، وهو الحل الذي يرى أنه سيتطلب إنشاء دولة فلسطينية مستقلة تشمل كامل الضفة الغربية المحتلة، وقطاع غزة، والقدس الشرقية برمتها.

ووفق الكاتبة فإن المشكلة الحالية التي تواجه ارتداء عباس ثوب المنقذ محتمل أنه لا يحظى بشعبية كبيرة في غزة أو الضفة كما لا يحظى بثقة الإسرائيليين.

فاقد للشعبية

وذكرت أن الغرب يعرف عباس ويعتقد أنه يستطيع الاعتماد عليه باعتباره رجل سلام، لكن الرجل احترقت أوراق اعتماده الشعبية في خضم الانتفاضة الثانية، عندما حذر رئيسيه ياسر عرفات من التحريض على العنف (كان لديه مخاوف من فقدان السيطرة على الشارع).

وذكرت الكاتبة أنه على مدى ما يقرب من ثلاثة عقود كرئيس للسلطة الفلسطينية، عارض باستمرار التمرد المسلح كوسيلة للضغط على إسرائيل والغرب للحصول على الدولة، لكنه فشل أيضًا في تأمين السلام الدائم، بما في ذلك في الأراضي التي يشرف عليها.

وتتعرض العديد من المناطق بالضفة الغربية لمداهمات من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي، وتعد أمرا شائع الحدوث خاصة في جنين التي تعد موطنا لبعض المسلحين حسبما (قالت الكاتبة) - بما في ذلك أعضاء حماس والجهاد الإسلامي، الجماعتان اللتان نفذتا هجوم طوفان الأقصى في 7 أكتوبر/ تشرين أول المنصرم على جنوب إسرائيل.

وبينما ينظر الفلسطينيون إلى مثل هذه المداهمات باعتبارها علامة على تواطؤ عباس مع إسرائيل، فإن أجهزة الأمن الإسرائيلية تعتبرها تعويضاً ضرورياً عن عجزه عن احتواء التطرف في المناطق التي يتولى مسؤوليتها.

ورغم هذا فإن إسرائيل ما زالت تأمل أن تتمكن من الاعتماد على عباس والسلطة الفلسطينية في تهدئة مخاوف العالم العربي والإسلامي الأوسع من أن تظل غزة أرضاً فلسطينية.

اقرأ أيضاً

سفير فلسطيني: لقاء عباس وبلينكن كان متوترا والوضع بالضفة متقلب وخطير للغاية

وأشارت الكاتبة إلى أنه بالنظر إلى تلك المعطيات، فربما تعاونت حركة حماس (عبر طوفان الأقصى) واليمين المتطرف في إسرائيل، الذي يقود حكومتها (عبر انتهاكاتها المتواصلة)، في إعطاء عباس موعداً مع القدر وفرصة أخيرة للدفع باتجاه حل الدولتين.

ونقلت الكاتبة عن حسن جبارين، مدير عام مركز عدالة" إنه من وجهة نظر عباس، وربما يعتقد أنه قد يكون آخر رجل صامد.. وأنه الورقة الحقيقة في المفاوضات، وأنه السياسي الذي يمكن للمجتمع الدولي أن يتحدث معه”.

وعقب: "لقد أضعفه (عباس) كل من حزب الليكود بزعامة نتنياهو وحماس، لكن الشخص الضعيف أصبح ذا أهمية الآن".

لكن في مقابل القبول الأمريكي والإسرائيل، فإن الشعب الفلسطيني لا يحظى بشعبية أو رضاء الفلسطينيين، إذ يتهمه البعض بأنه يجب أن يرحل ويتهمونه بالمشاركة في قتل آلاف في غزة، وعدم القدرة على مواجهة إسرائيل والتنسيق معها (في إشارة إلى التنسيق الأمني ​​بين السلطة الفلسطينية وجيش الدفاع الإسرائيلي في أجزاء من الضفة الغربية.

كما يشعر بعض الفلسطينيون في الضفة الغربية بأن عباس خذلهم، وأنه ترك المستوطنات الإسرائيلية غير القانونية تتوسع في الضفة تحت سمعه وبصره.

ونتيجة لذلك، يرى فلسطينيون أن حقهم في التنقل وجمع شمل الأسرة لا يزال محدودا، في حين أن محادثات السلام - التي روج لها عباس باعتبارها الدواء الشافي لجميع مشاكلهم - قد باءت بالفشل لم تسفر عن شيء.

وفي مقابل الغضب من عباس يشعر أخرون بمشاعر إيجابية تجاه حركة حماس وهجوم طوفان الأقصى الذي نفذته كتائب القسام الجناح العسكري للحركة في 7 أكتوبر/ تشرين أول.

وعبر البعض عن عدم حبهم للسلطة الفلسطينية أو عباس بسبب أنهم يرون أنفسهم مقاتلين من أجل نيل حريتهم بينما يريد عباس التفاوض فقط".

وذكرت الكاتبة أن ما يقرب من نصف الفلسطينيين يعتقدون أنهم قادرين على تحقيق أهدافهم السياسية من خلال فوهة البندقية وليس من خلال المفاوضات.

كما يخشى الفلسطينيون أن يتنازل عباس عن أكثر مما هم مستعدون له، مثل حق العودة، وهو الذي أعلن في وقت سابق أنه لن يطالب بحق العودة إلى منزل أجداده في صفد في الجليل بعدما غادره في عام 1948.

كما يتعرض عباس لانتقادات بسبب تشبثه بالسلطة (انتخب عام 2005 لفترة من المقرر أن تنتهي في عام 2009) وعدم السماح لمجموعة ثانية من القادة الفلسطينيين باكتساب الخبرة والشرعية.

ورأت الكاتبة أن إخفاقات عباس العديدة جعلت منه رئيساً فلسطينياً لا يحظى بشعبية كبيرة، حيث يريد ما يصل إلى 80% منه أن يستقيل، وفقاً لاستطلاع للرأي أجراه مؤخراً المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية ومقره رام الله.

ثقة إسرائيل

وإضافة إلى الرفض الشعبي الفلسطيني فإن عباس لا يحظى أيضا بثقة إسرائيل.

واستشهدفت المجلة برفض عيران ليرمان، نائب مستشار الأمن القومي الإسرائيلي بين عامي 2006 و2015، تعليق بلينكن بأن السلطة الفلسطينية “الفعالة والمنشطة” يجب أن تدير القطاع في نهاية المطاف.

وقال ليرمان في مقابلة مع مجلة فورين بوليسي إنه “إذا كان بلينكن يريد سلطة فلسطينية فعالة، فقد يتعين عليه اختراعها”.

وأضاف: "الطريقة التي يتم بها تشكيل السلطة الفلسطينية حاليا هي ببساطة غير مناسبة للمهمة. لا يمكنهم البقاء تحت السيطرة لمدة أسبوع. إنهم غير قادرين على إدارة الأمن حتى في المنطقة (أ) [من الضفة الغربية] دون عمليات مستمرة من قبل الجيش الإسرائيلي ضد إرهابيي حماس والجهاد الإسلامي"، في إشارة إلى التطرف في الجزء من الضفة الغربية الذي يقع تحت السيطرة المدنية والأمنية الكاملة للسلطة الفلسطينية بموجب اتفاق أوسلو.

وربما أخذ بلينكن ذلك في الاعتبار، ومن هنا جاءت توصيته بأن تتدخل المؤسسات الدولية لتوفير الخدمات الأساسية والأمن في الجيوب الفلسطينية.

لكن الإسرائيليين ليسوا حريصين على تسليم المسؤولية الأمنية إلى قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة.

وقال نتنياهو إن إسرائيل ستتولى مسؤولية الأمن في غزة “لأجل غير مسمى”. ويشكك العديد من الإسرائيليين الآخرين في جدوى قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة.

وقال ليرمان: "إنهم في لبنان، لكنهم لم يتمكنوا من منع حزب الله من إطلاق النار على إسرائيل".

 وأضاف أن إحدى الأفكار هي بدلاً من ذلك تجنيد قوة مختلفة لإنفاذ القانون متعددة الجنسيات للحفاظ على الأمن، على غرار المجموعة العاملة في منطقة سيناء المصرية لضمان تنفيذ معاهدة 1979 مع إسرائيل.

لكن الخبراء والسياسيين الفلسطينيين يرفضون كل هذا التخطيط ويعتبرونه مجرد تفكير بالتمني.

ورد على الجرباوي، الوزير السابق في السلطة الفلسطينية وأستاذ العلوم السياسية، بسخرية على احتمال وجود قوات أمن دولية بقوله "أهلاً وسهلاً".

وبدلاً من ذلك، تصور جبارين أن مصالحة بين حماس والسلطة الفلسطينية في النهاية، باسم الصداقة الحميمة القومية.

وقال “أعتقد أن القرار سيكون أن تكون السلطة الفلسطينية في غزة والضفة الغربية، سلطة واحدة لشعب واحد، وأن حماس ستفسح المجال للسلطة الفلسطينية لإعطائها الشرعية مقابل البقاء”.

اقرأ أيضاً

عباس: مستعدون لتسلم السلطة في غزة ضمن حل سياسي شامل

المصدر | أنشال فوهرا/ فورين بوليسي- ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: محمود عباس الرئيس الفلسطيني حماس قطاع غزة العداون الإسرائيلي على غزة السلطة الفلسطینیة للسلطة الفلسطینیة الضفة الغربیة فورین بولیسی لا یحظى فی غزة

إقرأ أيضاً:

السلطة الفلسطينية ترفض استقدام قوات أجنبية لغزة

أعربت الرئاسة الفلسطينية، مساء الأحد، عن رفضها تكريس الاحتلال عبر استقدام قوات أجنبية لتحل محل المحتل الإسرائيلي في قطاع غزة.

وأكدت الرئاسة أن الشعب الفلسطيني مَن سيحكم القطاع ويدير شؤونه.

وفي وقت سابق الأحد، نقلت هيئة البث الإسرائيلية (رسمية) عن مسؤول أمني لم تسمه إن الجيش الإسرائيلي "سيبقى في قطاع غزة حتى يتم العثور على قوة دولية لتحل محله، وقد يستغرق هذا عدة أشهر".

وقال متحدث الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة: "لا شرعية لأي وجود أجنبي على الأراضي الفلسطينية"، و"الشعب الفلسطيني وحده مَن يقرر من يحكمه ويدير شؤونه"، وفق وكالة الأنباء الرسمية (وفا).


على ذات الصعيد قال مصدران مصريان، الأحد، إن القاهرة ترفض دخول أي قوات مصرية إلى قطاع غزة، وتؤكد أن ترتيب أوضاعه بعد الحرب الإسرائيلية هو شأن فلسطيني، مع نفي أي موافقة على نقل معبر رفح أو بناء منفذ جديد.

وأضاف المصدر أن "مصر ترفض دخول أي قوات مصرية إلى داخل قطاع غزة"، وتؤكد أن "ترتيب الأوضاع داخل القطاع بعد العملية العسكرية الجارية هو شأن فلسطيني".

وفي 25 حزيران/ يونيو الماضي، أعلن مستشار مجلس الأمن القومي الإسرائيلي تساحي هنغبي أن بديلا لحكم حركة حماس في غزة ستظهر سياسته للنور خلال أيام، في ظل عدم إمكانية القضاء على الحركة كفكرة.

وتابع هنغبي أن "إسرائيل تناقش مع الولايات المتحدة كيف يمكن للأمم المتحدة والدول الأوروبية والدول العربية المعتدلة إيجاد بديل لحكم حماس في غزة"، وفق تعبيره.


وبدعم أمريكي، تشن إسرائيل منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، حربا مدمرة على غزة أسفرت عن نحو 125 ألف قتيل وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد عن 10 آلاف مفقود.

وقال أبو ردينة: "حكومة الاحتلال ورئيسها (بنيامين نتنياهو) سيكونون واهمين إذا اعتقدوا أنهم قادرون على تقرير مصير الشعب الفلسطيني وتكريس الاحتلال عبر استقدام قوات أجنبية تحل محل المحتل في قطاع غزة".

وأردف: "لن نقبل أو نسمح بوجود أجنبي على أرضنا، سواء في الضفة الغربية أو قطاع غزة، ومنظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني".

وشدد على أن المنظمة هي "صاحبة الولاية القانونية على كامل أراضي دولة فلسطين في قطاع غزة والضفة الغربية، بما فيها القدس".

التوسع الاستيطاني
أبو ردينة، انتقد كذلك "التوسع الاستيطاني الذي يقوده المتطرف (وزير المالية الإسرائيلي) بتسلئيل سموتريتش، في أراضي الضفة الغربية، بما فيها القدس المحتلة"، وفق الوكالة.

وقال إن هذا التوسع "غير شرعي وجزء من الحرب الشاملة على الشعب الفلسطيني وأرضه ومقدساته".

وتؤكد الأمم المتحدة عدم قانونية الاستيطان في الأراضي المحتلة، وتدعو "إسرائيل" منذ عقود دون جدوى إلى وقفه، وتحذر من أنه يقوض فرص معالجة الصراع وفق مبدأ حل الدولتين.

وزاد أبو ردينة بأن "مؤامرة تهجير شعبنا رفضناها بالمطلق، ولن نسمح بحدوثها مهما كان الثمن، وشعبنا الفلسطيني ضرب أروع الأمثال بتمسّكه بأرضه ومقدساته وصموده على ثوابته الوطنية التي لن نحيد عنها".


وشدد أن "السلام لن يمر إلا من خلال فلسطين والقدس وقيادة منظمة التحرير"، و"قضية فلسطين قضية أرض ودولة وليست مسألة إغاثة إنسانية، وهي قضية مقدسة وقضية العرب المركزية".

والجمعة، قالت هيئة البث إن مجلس الوزراء الإسرائيلي المصغر للشؤون السياسية والأمنية (الكابنيت) صادق الخميس على خطة سموتريتش، من أجل التصدي لاعترافات دول رسميا بدولة فلسطينية والإجراءات المتخذة ضد "إسرائيل" بالمحاكم الدولية".

ووفق خطة سموتريتش، سيتم اتخاذ إجراءات ضد السلطة الفلسطينية، وتقنين خمس بؤر استيطانية في الضفة الغربية، ونشر عطاءات (قرارات) لبناء آلاف الوحدات السكنية في المستوطنات، حسب الهيئة.

والبؤر الاستيطانية مستوطنات صغيرة أقامها مستوطنون على أراض فلسطينية خاصة دون موافقة الحكومة الإسرائيلية.

وبالتزامن مع حربه على غزة، صعَّد الجيش ومستوطنون اعتداءاتهم في الضفة، بما فيها القدس المحتلة؛ ما أدى إلى مقتل 554 فلسطينيا وإصابة نحو 5 آلاف و300 واعتقال حوالي 9 آلاف و450، وفق جهات فلسطينية رسمية.

وتواصل "إسرائيل" هذه الحرب متجاهلة قراري مجلس الأمن الدولي بوقفها فورا، وأوامر محكمة العدل الدولية بإنهاء اجتياح رفح (جنوب)، واتخاذ تدابير لمنع وقوع أعمال إبادة جماعية، وتحسين الوضع الإنساني المزري بغزة.

مقالات مشابهة

  • فورين بوليسي : الحوثيين أثبتوا أنهم قوة هائلة
  • فورين بوليسي: الحوثيون أثبتوا أنهم قوة هائلة والبحرية الأمريكية وحلفائها عجزت عن ايقافهم (ترجمة خاصة)
  • “فورين بوليسي”: اليمنيون أثبتوا أنهم قوة هائلة وكشفوا عدم كفاءة القوى البحرية الغربية
  • فورين بوليسي: البحرية الأمريكية فشلت في البحر الأحمر
  • انتخابات فرنسا: فرصة أخيرة أمام ماكرون والتيار اليساري للحيلولة دون حكم اليمين المتطرف
  • حرب غزة.. إسرائيل تنتقل للمرحلة الثالثة ونتنياهو يوافق على مشاركة السلطة في إدارة القطاع
  • صراع اليوم التالي في غزة ورهان الغرب المرتعش
  • تفاصيل خطة إسرائيلية لإدارة قطاع غزة
  • السلطة الفلسطينية ترفض استقدام قوات أجنبية إلى غزة
  • السلطة الفلسطينية ترفض استقدام قوات أجنبية لغزة