عملية «طوفان الأقصى» عرّت الكيان وأحيت القضية الفلسطينية في وجدان الأمة
تاريخ النشر: 17th, November 2023 GMT
شكلت عملية طوفان الأقصى صدمة بل زلزالا كبيرا للكيان الصهيوني والدول الغربية الراعية له، وتلقى الصهاينة ضربة قاسية على أيدي المجاهدين الفلسطينيين، وكشفت بل عرت الكيان المدجج بأحدث الأسلحة الغربية والمدعوم إعلاميا من مختلف الوسائل الإعلامية الغربية ولأكثر من نصف قرن وهم يرسمون هالة عملاقة عن قدرات الكيان العسكرية و الأمنية والمخابراتية لدرجة ان دول المنطقة لم تعد تجسر حتى اصدار بيان إدانة للكيان حيال جرائمه التي يقترفها بحق الشعب الفلسطيني المستمرة منذ زرع الكيان على أيدي الانجليز، بل وصلت الجرأة الصهيونية بمهاجمة دول عربية وتقابل ذلك ببيان إدانة هزيل، ولم يتوقف الأمر عند ذلك بل أصبحت دول عربية بعينها تهرول نحو “تل أبيب” بحثا عن دعمها أمنيا وعسكريا انطلاقا من اعتقاد ساذج ان الكيان بات بمقدوره حمايتهم وأنها لا توجد دولة يمكن أن تقف في وجه التفوق الصهيوني.
وسيبقى السؤال عالقا في أذهان قادة الكيان وداعميهم وانظمة التطبيع والخيانة عن كيف استطاعت فئة قليلة من مجاهدي فلسطين اختراق التحصينات والقلاع العسكرية الصهيونية وقتل المئات من جنود الكيان في مواقعهم العسكرية وأسر المئات وتطهير عدد من المستوطنات التي شيدت على أرض فلسطين وبمواصفات هندسية عسكرية محصنة ويتوفر فيها كل مقومات الدفاع العسكري حتى ما يسمى القبة الحديدية فشلت في صد الهجوم الصاروخي الفلسطيني؟
المقاومة الفلسطينية تعيد كشف حقيقة الكيان
لقد كان يوم السابع من أكتوبر يوما من أيام الله أعاد للعالم اكتشاف حقيقة الجيش الذي “لا يقهر” وساعات قليلة من الهجوم الفلسطيني المباغت فضحت دعاية نصف قرن وأكثر وسقطت أسطورة الآلة الحربية الإسرائيلية، وفخر صناعتها “الميركافا”، بعد تمكن مجاهدو غزة من اقتحام مستعمرات “غلاف غزة” والسيطرة على مواقع عسكرية صهيونية، في سابقة تاريخية منذ إعلان الكيان مستعمرته.
مشاهد الهروب الجماعي والهلع لدى المستوطنين أفرحت قلوب الملايين من المسلمين، وعرت أنظمة التطبيع والخيانة الذين سارعوا إلى أحضان الصهاينة على حساب المقدسات والدم الفلسطيني..
“طوفان الأقصى” عملية تاريخية بالتأكيد، وستشهد انعكاساً على الوضع الإسرائيلي الداخلي، بالإضافة إلى الانعكاس على الوضع الفلسطيني – الفلسطيني، مع استمرار الخلاف حول السلطة الفلسطينية بين حركتي “حماس” و”فتح”.
حقيقة الصدمة
كثير من القنوات الفضائية والمحللين العسكريين من داخل الكيان وخارجه تساءلوا عن كيف استطاعت حماس خداع جهاز المخابرات الإسرائيلي ووحدته 8200 التجسسية التي تتجسس على مكالمات غزة والتي تتفاخر بأنها تعرف ادق التفاصيل عن سكان غزة تلك الأرض الضيقة التي مساحتها 365 كم وطورت نظام اتصالات لا أحد يعلم سره، ومما أصاب الكيان بالذهول هو كيف استطاعت حماس من نشر 5000 صاروخ في موقعها قبل الهجوم.
ونشرت قوات برية ودخلت بهجوم مظلي دون أن تعلم “إسرائيل” المداومة بأحدث التقنيات التكنولوجية العسكرية المتعلقة بهذا الأمر.
لقد استطاعت حماس تخطي نظام الدفاع متعدد الطبقات والذي صرفت عليه “إسرائيل” مليارات الدولارات بتكلنوجيا من الحرب العالمية الثانية، وكيف موهوا على نظام الدفاع الإسرائيلي بالصواريخ التي ظل يلاحقها في حين بقيت قوات المظلات التابعة لحماس تظهر على الرادار كطيور .
ما حقيقة التكنولوجيا التي تملكها حماس واستطاعت ان تعطل بها نظام الإنذار والأنظمة الإلكترونية على الحدود، والتي استثمرت فيها “إسرائيل” مليارات الدولارات، ففي بضعة دقائق فقط أصبحت خرده غير صالحة للاستعمال.
” كيف لم يساعد العدد الكبير من الكاميرات وأجهزة الاستشعار في كشف الهجوم الفلسطيني وإيقافه، فضلاً عن الدوريات القتالية التي لم تكن قريبة لسبب ما.
وكانت الطائرات الفلسطينية بدون طيار قادرة بسهولة على ضرب المدافع الرشاشة وأبراج الاستشعار، وعبرت فرق حماس الهجومية الحدود بهدوء، وفجرت الأسوار. وقتل مئات الجنود الإسرائيليين في المعسكرات والثكنات وأثناء نومهم.
لقد فاجأت المقاومة الفلسطينية بقدرتها على ابتكار تكتيكات جديده للهجوم والاختراق في الحروب واستطاعت بكل سهولة تجاوز التحصينات العسكرية للقواعد الإسرائيلية والتي تضم مركبات مدرعة ودبابات.
وتفاجأ العالم كله بتدمير دبابات Merkava Mk.4 الإسرائيلية والتي تملك طبقات حماية متعددة ضد القذائف واسر قادتها.
في بضعة دقائق حولت حماس مناطق غلاف غزه والمستوطنات بداخلها الى مكان للرعب في درجة أظهرت هشاشة الحماية الأمنية للمستوطنات.. وهكذا استطاعت المقاومة الفلسطينية من صنع زلزال عسكري هز الكيان وصدم العالم كله وفاجأ الصديق والعدو على حد سواء بل الأهم انها كشفت إن إسرائيل بيت اوهن من بيت العنكبوت وأثبت المجاهدون الفلسطينيون حقيقة الصهاينة (ضربت عليهم الذلة)..
عملية طوفان الأقصى.. تعيد إحياء القضية الفلسطينية في وجدان الأمة
على الرغم من وحشية الصهاينة ومحاولاتهم مسح غزة من على وجه الأرض وعلى الرغم من خذلان الانظمة العربية المهين والصمت الفاضح ورغم هول المجازر والفظائع التي ترتكبها [إسرائيل] بحق شعبنا الفلسطيني في غزة، لم تفكّر أي دولة عربية وإسلامية مُطبّعة بقطع العلاقات معها! بالرغم من إعلان الدول الغربية دعمها للكيان الصهيوني بدون أي تحفظ، وأرسلت أمريكا حاملة طائرات لإسناد الصهاينة ووصل حتى وزير الخارجية الأمريكي إلى تل أبيب متحديا ٢٤٠ مليون عربي ومليار مسلم معلناً أنه لم يأت “تل أبيب” بصفته وزير خارجية أمريكا وحسب بل أيضا بصفته يهوديا.. بينما لم نسمع حتى بيان عربي مشرف من قبل الأنظمة العربية، لأنهم للأسف اصبحوا صهاينة و خرجوا من حُلّة الإسلام والعروبة بجدارة، وارتدوا ثياب الصهينة والنفاق بلا خجل..
إلا أن الشعوب العربية والإسلامية مسكت زمام المبادرة وخرج الملايين إلى الشوارع دعماً للمقاومة الفلسطينية وتنديداً بجرائم الصهاينة، وإعلان استعدادهم لنصرة إخوانهم في فلسطين مطالبين فتح الحدود للدخول إلى فلسطين ومشاركة أهلها مواجهة آلة القتل الصهيونية.. حيث خرجت مظاهرات في مختلف الدول العربية والإسلامية إلا في السعودية والإمارات فقط..
اليمن في مقدمة الشعوب العربية نصرة لفلسطين
كان الشعب اليمني وما يزال في مقدمة شعوب الأمة في نصرة القضية الفلسطينية وفي ظل قيادة السيد عبد الملك أعلن اليمن وعلى لسان السيد القائد نفسه استعداده للمشاركة العسكرية إلى جانب الشعب الفلسطيني وضمن محور المقاومة مؤكدا أن دخول أمريكا المباشر إلى جانب الصهاينة بمثابة خط أحمر لن يتردد اليمن في استخدام كل إمكاناته في دعم الشعب الفلسطيني وسيوجه ضربات عسكرية بالصواريخ والطائرات المسيرة لقصف أهداف صهيونية وأمريكية في أي مكان في المنطقة ولن تكون هناك حواجز تمنع اليمنيين من دعم اخوة الجهاد والدم..
وعلى المستوى الشعبي خرج الملايين من أبناء اليمن الأحرار في مختلف المحافظات معلنين استعدادهم للمشاركة في نصرة أبناء فلسطين، داعين لفتح الحدود والحواجز الجغرافية للوصول إلى فلسطين .. محملين الانظمة الخائنة مسؤوليتها إزاء استمرار الجرائم الصهيونية بحق أبناء فلسطين ومحاولات الصهاينة تهجير أبناء غزة وابادتهم..
وخلال المسيرات المليونية التي خرجت في المدن والمديريات هتف اليمنيون لفلسطين مؤكدين أنها قلبهم النابض وأنهم لن يسمحوا للصهاينة بالاستفراد بغزة معلنين الجهاد ضد الصهاينة ومناشدين الدول العربية التي تدثرت ثوب الذل والعار أن تفتح لهم فقط مسارات للوصول إلى فلسطين..
لقد أحيت “عملية طوفان الأقصى” القضية الفلسطينية في وجدان الأمة من جديد رغم المليارات التي بذلها الصهاينة وبذلتها أمريكا وأدواتها في المنطقة من أجل تصفية القضية الفلسطينية وتهيئة الأمة لتقبل الكيان الصهيوني كشريك لهم، بل قائد للمنطقة برمتها بعد أن أوجدوا عدوا وهمياً هو إيران، وأثبتت العملية أن القضية الفلسطينية لم تمت في وجدان الأمة وانها باقية حتى زوال الكيان الذي بات زواله أقرب من أي وقت مضى..
كما نسفت العملية مؤامرة التطبيع وأعادت البوصلة إلى مكانها الصحيح والانهيار المعنوي الاسرائيلي لن يترمم، فقد شكلت “طوفان الأقصى” زلزالا غير من موازين القوى التي سادت منذ بدء الصراع في المنطقة، واثبت ان المقاومة ومحورها لديهم العقول والإرادات التي تدرس وتحلل وتخطط، ولديهم القدرات الهائلة التي تنفذ تقتحم تطهر، والنتيجة انهيار بنية العدو المعنوية والمادية العسكرية والمدنية..
وما تزال العملية مستمرة، ومحور المقاومة يتوثب لأي تطورات، فمن المؤكد انهم لن يسمحوا بهزيمة غزة لأنها هزيمة المحور، وكما يقول قادة الغرب انهم أصبحوا إسرائيليين، فإن احرار الأمة هم اليوم فلسطينيون أكثر من أي وقت مضى..
إن حتمية زوال الكيان الصهيوني قد بدأت وأن فلسطين ستنتصر وأن ثقتنا بالله أكبر من الغرب وقدراته العسكرية وهو خير الناصرين…
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
"طوفان الأقصى" تعصف باستقرار المستوطنين وتدفعهم للهجرة
الضفة الغربية - خاص صفا
عقب عملية "طوفان الأقصى" في السابع من أكتوبر/ تشرين أول 2023، دخلت "إسرائيل" منعطفاً لم تسلكه منذ عام 1948، وباتت الدولة التي كان يروج ساستها أنها المكان الأكثر أماناً، تحت نار صواريخ المقاومة وضغط الحرب.
وأفادت تقارير بمغادرة نحو نصف مليون "إسرائيلي" بعد بدء الحرب على قطاع غزة، وتجاوز عدد "الإسرائيليين" الذين قرروا العيش خارج حدود دولة الاحتلال أعداد العائدين بنسبة 44%.
وأظهرت البيانات انخفاضاً بنسبة 7% في عدد العائدين إلى "إسرائيل" بعد العيش في الخارج، حيث عاد 11 ألفاً و300 إسرائيلي فقط خلال عام 2023، مقارنة بمتوسط 12 ألفاً و214 في العقد الماضي.
وتتصاعد الهجرة العكسية في "إسرائيل" لأسباب أمنية واقتصادية، ما يضع الاحتلال أمام انعطافة ديموغرافية تهدد مستقل الدولة اليهودية.
وأفاد المختص في الشأن الإسرائيلي نهاد أبو غوش، بأن اتجاهات الهجرة بدأت ترتفع مع وجود حكومة اليمين ومحاولات تغيير النظام السياسي "الإسرائيلي" من خلال مشروع الانقلاب القضائي.
وقال في حديثه لوكالة "صفا"، إن ارتفاع مؤشرات الهجرة بشكل ملحوظ بعد طوفان الأقصى، يأتي بسبب زعزعت فكرة الوطن القومي الآمن لليهود، التي كان يروج لها الاحتلال على مدار عقود لاستقطاب يهود العالم.
أن صواريخ ومسيرات المقاومة وصلت كافة الأراضي المحتلة، وخلقت واقعاً يتنافى مع العقيدة الأمنية للاحتلال، التي ترتكز على تحقيق الأمن والاستقرار للمستوطنين.
وأشار أبو غوش إلى أن الأزمة الاقتصادية والخسائر التي يتكبدها الاحتلال في انفاقه على الحرب، والضغط على جنود الاحتياط واستمرار خدمتهم لفترات طويلة، فضلاً عن تغلغل اليمين المتطرف في مفاصل الحكومة، عوامل ساهمت مجتمعة في تشجيع الهجرة العكسية لليهود.
وبيّن أن الهجرة الداخلية من القدس إلى تل أبيب، كانت دائماً موجودة من قبل الفئات الليبرالية بسبب القيود التي يفرضها اليهود المتدينين "الحريديم" على الحياة اليومية.
وتتركز الهجرة في أوساط الليبراليين العلمانيين، والمهنيين الذين يديرون عجلة اقتصاد الاحتلال، بحسب أبو غوش، مرجحاً الأسباب إلى اتساع سيطرة اليمين المتطرف على الحكومة، وكلفة الحرب وتبيعاتها الاقتصادية التي يدفع فاتورتها المستوطنين.
وأكد على أن الهجرة العكسية هي الكابوس الأكبر الذي من شأنه أن ينهي حلم الدولة للكيان الصهيوني، إذ تتحول "إسرائيل" تدريجياً إلى دولة متطرفة لا ديموقراطية فيها، بعدما كان نظامها الليبرالي الديموقراطي أبرز عناصر قوتها وجذبها ليهود العالم.
وأضاف "إن هيمنة اليهود المتدينين وتغلغلهم في الحكم، وهم فئة غير منتجة ومساهمتها صفرية في الاقتصاد، إلى جانب رفضها الانضمام إلى الجيش، ستحول إسرائيل إلى دولة عالم ثالث تعتمد على المساعدات".
وهدمت الحرب أسطورة الجيش الذي لا يقهر، وأظهرت ضعف "إسرائيل" واعتمادها التام على الدعم الأمريكي، وكشفت حقيقة الاحتلال المجرم للعالم، وفق أبو غوش، مبيّناً أن كل هذه العوامل أسقطت ثقة المستوطنين في حكومتهم ودفعتهم إلى الهجرة إلى أماكن أكثر أماناً واستقراراً.
ويتكتم الاحتلال على حقيقة الأرقام المتعلقة بالهجرة العكسية أو عودة اليهود إلى أوطانهم الحقيقية، إلا أن الأرقام التي تتضح في مفاصل أخرى للدولة مثل مؤسسات التأمين الصحي تظهر عزوفاً وتراجعاً في الرغبة بالعيش داخل "إسرائيل".
وتشير التقديرات إلى أن أكثر من 10 آلاف "إسرائيلي" هاجروا إلى كندا هذا العام، في حين حصل حوالي 8 آلاف إسرائيلي على تأشيرات عمل، وهي زيادة كبيرة عن أعداد العام الماضي، كما تقدم أكثر من 18000 "إسرائيلي" بطلب جنسية ألمانية في الأشهر التسعة الأولى من عام 2024.
وأفاد تقرير لـ "هآرتس" بأن من يغادرون هم رأس مال بشري نوعي، ومغادرتهم تعرض استمرار النمو الاقتصادي في "إسرائيل" للخطر، إذ بلغت الزيادة في نسبة الأثرياء الباحثين عن الهجرة نحو 250%، ليتراجع أعداد أصحاب الملايين في "إسرائيل" من 11 ألف إلى 200 مليونير فقط.