في عشرة مجلّدات.. ترجمة عربية لكتاب غوستاف دالمان عن فلسطين وعاداتها
تاريخ النشر: 17th, November 2023 GMT
أعلن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات عن صدور الترجمة العربية لكتاب المستعرب الألماني وعالم اللاهوت والآثار واللغات القديمة غوستاف دالمان الموسوم، بعنوان “العمل والعادات والتقاليد في فلسطين” في عشرة مجلّدات، تمّ الاشتغال عليها لمدّة خمس سنوات بين الدوحة وبيروت.
ويُعدّ هذا الإصدار حدثا معرفيا استثنائيا؛ فالكتاب وثيقة فريدة تاريخية وأنثروبولوجية، تسجيلية وتحليلية، يتناول فلسطين بحضارتها وتاريخها وتراثها ومعالمها وأرضها وشعبها، ويدرس مدينة القدس ومحيطها الطبيعي والبشري بمنهجية علمية رفيعة.
والكتاب هو في الأساس ثمانية أجزاء في تسعة مجلّدات، وقد ارتأى المركز العربي للأبحاث أن يرفدها بمجلّد عاشر كتبه دالمان عن القدس، فأصبح مجموع المجلّدات عشرة، وفق بيان المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات.
حدث معرفي استثنائي عن الكتاب يقول مهدي مبروك مدير فرع تونس للمركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات: “استغرق تأليف الكتاب نحو أربع عشرة سنة، فيما صرف المؤلف غوستاف دالمان نحو عشرين سنة في جمع المعلومات وتدوينها ومطابقتها على الواقع الجغرافي حتى تمكّن من تأليف كتابه “القدس ومحيطها الطبيعي”، وكان المجلد الأول من هذا الكتاب قد صدر في سنة 1928، ثم صدر الجزء الثامن الأخير في سنة 1942، أي بعد وفاة دالمان بسنة واحدة”.
وتكمن أهمية هذا العمل في أنّ المؤلف الذي عاش في فلسطين بين عامي 1899 و1917 لم يكن على غرار المستشرقين والرحالة واللاهوتيين والمستكشفين الآثاريين الذي كانوا يتردّدون على فلسطين لفترات محدودة، ثم يعودون إلى بلادهم لإلقاء محاضرات أو لكتابة مقالات وصفية عن رحلاتهم، أو لتقديم تقارير إلى المؤسّسات العسكرية أو الاستخبارية. ويسترسل مبروك في ورقته التقديمية للكتاب: “فدالمان شُغف، أيّما شغف، بالقرى الفلسطينية وحياة البدو وطرائق العيش التي أتقنها الفلسطينيون في مدائنهم وقراهم وبواديهم، فكان يجول في الأمكنة، وينام في بيوت الفلاحين وخيام البدو”.
ويُضيف: “وتمكّن من جمع معلومات ثرية جدا عن الحياة في فلسطين، واستطاع أن يعقد صلة متينة بين الماضي والحاضر، وبين الجغرافيا والآثار والإثنولوجيا والحياة اليومية للسكان”.
ويتضمّن الكتاب كل ما تلحظه عين الباحث المراقب في فلسطين في تلك الفترة، بدءًا من فصول السنة وما يرافق ذلك من رياح وأمطار وحرث وغرس وزراعة وحصاد، علاوة على التقاويم والمواسم والأعياد والاحتفالات والترفيه والأغاني والموسيقى وطقوس العبادة والموت والأعراس.
وتزدحم في هذا السفر بمجلداته العشرة مئات الصور التي تُعدّ اليوم وثائق بصرية تكاد تنطق بأحوال الزمان الماضي القريب. وتولّى ترجمة المجلدات العشرة عدد من المترجمين الذين أتقنوا الألمانية واعتنوا بمراجعتها وتدقيقها، وهم: محمد أبو زيد (المترجم الرئيسي) وعمر الغول وفيوليت الراهب ومتري الراهب وجوزف حرب.
أما عملية التحرير وضبط المصطلحات وتدقيق أسماء الأماكن والمواقع واللهجات المحلية فتولاها صقر أبوفخر، فيما أنجز قسم التحرير في المركز العربي للأبحاث الفهارس العامة (الأماكن والأعلام والجماعات)، فضلا عن التوثيق. غوستاف دالمان في أسطر غوستاف دالمان (1855-1941) لاهوتي لوثري ألماني وعالم آثار ومستعرب وخبير باللغات القديمة كالعربية والآرامية والعبرية واليونانية.
ولد سنة 1855، وجاء إلى القدس، للمرّة الأولى عام 1899، ليتسلّم عام 1902 إدارة المعهد الإنجيلي الألماني للآثار القديمة في الأراضي المقدّسة. واستطاع خلال وجوده في القدس الذي امتد من 1899 إلى 1917، أن يجمع نحو خمسة آلاف كتاب عن فلسطين وسوريا، علاوة على خرائط كثيرة، ونحو 15 ألف صورة تاريخية عن فلسطين. ومع عودته إلى ألمانيا، تولّى إدارة معهد أبحاث فلسطين في جامعة غرايفسفالد.
نشر دالمان عددا من الكتب المرجعية عن فلسطين منها “الديوان الفلسطيني” (1901)، و”مئة صورة جوية ألمانية من فلسطين” (1925)، وكتاب “العمل والعادات والتقاليد في فلسطين” (عشرة مجلّدات)، فضلا عن كتب أخرى عن الآرامية وعن اللهجات العربية في فلسطين.
المصدر: مأرب برس
كلمات دلالية: فی فلسطین عن فلسطین
إقرأ أيضاً:
الجارديان تسلط الضوء على المدرجات الزراعية اليمنية.. قُدم البن اليمني "موكا" في أول مقهى بلندن عام 1652 (ترجمة خاصة)
سلطت صحيفة "الجارديان" البريطانية الضوء على البن اليمني وجودته في العالم وعلى المدرجات الزراعية في البلاد الواقعة جنوب غرب الجزيرة العربية.
وقالت الصحيفة في تقرير لها ترجمه للعربية "الموقع بوست" إن التربة التي تم تقديرها لقرون من الزمان، تحول المنحدرات اليمنية الشديدة الانحدار إلى أرض خصبة ومنتجة. حيث تم تقديم القهوة المزروعة هنا في أول مقهى في لندن عام 1652
وتطرق التقرير المعنون "عجائب بديلة.. لماذا تعتبر المدرجات اليمنية القديمة من أرقى إبداعات الإنسان؟ الذي أعده الباحث في الصحيفة "كيفن راشبي" والذي زار اليمن إلى طبيعة التضاريس في اليمن والمنحدرات والمدرجات الزراعية والقرى والجبال الشاهقة وكذلك شجرة البن، الذي تنتج أشهر وأجود قهوة بالعالم.
نص التقرير:
أنت تعلم دائمًا أنك على وشك رؤية شيء مثير للاهتمام عندما يخلع سائق سيارتك حذائه ويمسك بدواسات القدم بقوة بمجموعة قوية من أصابع القدم المتصلبة.
كنت جديدًا في اليمن ولم يكن لدي أي فكرة عما أتوقعه. كل ما يمكنني رؤيته هو أننا كنا على هضبة جبلية حجرية نندفع نحو حافة الجرف في شاحنة بيك آب تويوتا لم يتذكر أحد صيانتها وفحصها.
اتجهت علامات الإطارات المتوازية المزدوجة على قمة الجبل المتربة إلى اليسار بشكل حاد وسقط الأفق بعيدًا في فراغ ضبابي مزرق. بدأ نزولنا: سلسلة من الاهتزازات والاصطدامات المروعة.
توقفنا لندور حول منعطف حاد، وقفزت من السيارة لأستمتع بالمنظر. ثم ألقيت نظرة أولى على أحد أعظم الإبداعات البشرية في العالم: المدرجات اليمنية.
فهي تمتد من القمة إلى قاع الوادي، وتتعرج حول محيطها، وهي إنجاز مذهل من الجهد الجماعي الذي تم تكراره في سلسلة الجبال التي تمتد من الحدود السعودية إلى النقطة الجنوبية من شبه الجزيرة العربية عند عدن.
إن كل جدار من جدران الشرفة هو شهادة على فن البناء بالحجارة، حيث يبلغ ارتفاع بعضها ارتفاع المنزل للحفاظ على بضعة أمتار من التربة. وهذه التربة، التي تم جمعها بعناية واعتبارها كنزًا لقرون، تحول هذه المنحدرات الشديدة إلى أرض خصبة ومنتجة.
كان البن المزروع هنا يُقدم في أول مقهى في لندن عام 1652، على الرغم من أن الأصل الحقيقي في ذلك الوقت كان غامضًا للغاية لدرجة أنه كان يُعرف باسم ميناء البحر الأحمر حيث كان التجار يشترونه: موكا.
في كل مكان ترى الصنعة المعقدة والعناية المبذولة للسيطرة على التربة والاحتفاظ بها، ليس فقط المياه. بعض الصهاريج الحجرية أكبر بالكاد من حوض الاستحمام، والبعض الآخر بحجم حمام السباحة الأوليمبي مع أنظمة معقدة للوصول عبر الدرجات والحواف.
في الربيع، على أحد الجبال، جبل صبر بالقرب من مدينة تعز الجنوبية، مشيت عبر بساتين مظللة من أشجار البن واللوز والقات، مستمعًا إلى المزارعين وهم يتحدثون مع الأصدقاء الذين قد يكونون على بعد 100 متر فقط على شرفة عبر الوادي، لكنهم يقطعون مسافات طويلة سيرًا على الأقدام. تعمل جدران الشرفة كمقبرة أيضًا.
عندما يموت الناس، تتحول القرية بأكملها إلى حملهم عند الفجر وإدخال الجثة المكفنة خلف حجر. وآخر ما يفعله الجميع هو دفع الأقحوان وحبوب البن.
كانت العديد من المصاطب قديمة بالفعل عندما وصفها الباحث العربي في القرن العاشر أبو الحسن الحمداني بأنها أعجوبة العالم. والحقيقة أن المصاطب هي نتاج أجيال من التفاني البشري، حتى يومنا هذا.
صحيح أن بعضها سقط في حالة سيئة، لكن البعض الآخر لا يزال قائمًا، وبفضل إدارتهم للتربة والمياه، تظل رمزًا قويًا للاستدامة والعناية البيئية والحس السليم.