أعلن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات عن صدور الترجمة العربية لكتاب المستعرب الألماني وعالم اللاهوت والآثار واللغات القديمة غوستاف دالمان الموسوم، بعنوان “العمل والعادات والتقاليد في فلسطين” في عشرة مجلّدات، تمّ الاشتغال عليها لمدّة خمس سنوات بين الدوحة وبيروت.

ويُعدّ هذا الإصدار حدثا معرفيا استثنائيا؛ فالكتاب وثيقة فريدة تاريخية وأنثروبولوجية، تسجيلية وتحليلية، يتناول فلسطين بحضارتها وتاريخها وتراثها ومعالمها وأرضها وشعبها، ويدرس مدينة القدس ومحيطها الطبيعي والبشري بمنهجية علمية رفيعة.

والكتاب هو في الأساس ثمانية أجزاء في تسعة مجلّدات، وقد ارتأى المركز العربي للأبحاث أن يرفدها بمجلّد عاشر كتبه دالمان عن القدس، فأصبح مجموع المجلّدات عشرة، وفق بيان المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات.

حدث معرفي استثنائي عن الكتاب يقول مهدي مبروك مدير فرع تونس للمركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات: “استغرق تأليف الكتاب نحو أربع عشرة سنة، فيما صرف المؤلف غوستاف دالمان نحو عشرين سنة في جمع المعلومات وتدوينها ومطابقتها على الواقع الجغرافي حتى تمكّن من تأليف كتابه “القدس ومحيطها الطبيعي”، وكان المجلد الأول من هذا الكتاب قد صدر في سنة 1928، ثم صدر الجزء الثامن الأخير في سنة 1942، أي بعد وفاة دالمان بسنة واحدة”.

وتكمن أهمية هذا العمل في أنّ المؤلف الذي عاش في فلسطين بين عامي 1899 و1917 لم يكن على غرار المستشرقين والرحالة واللاهوتيين والمستكشفين الآثاريين الذي كانوا يتردّدون على فلسطين لفترات محدودة، ثم يعودون إلى بلادهم لإلقاء محاضرات أو لكتابة مقالات وصفية عن رحلاتهم، أو لتقديم تقارير إلى المؤسّسات العسكرية أو الاستخبارية. ويسترسل مبروك في ورقته التقديمية للكتاب: “فدالمان شُغف، أيّما شغف، بالقرى الفلسطينية وحياة البدو وطرائق العيش التي أتقنها الفلسطينيون في مدائنهم وقراهم وبواديهم، فكان يجول في الأمكنة، وينام في بيوت الفلاحين وخيام البدو”.

ويُضيف: “وتمكّن من جمع معلومات ثرية جدا عن الحياة في فلسطين، واستطاع أن يعقد صلة متينة بين الماضي والحاضر، وبين الجغرافيا والآثار والإثنولوجيا والحياة اليومية للسكان”.

ويتضمّن الكتاب كل ما تلحظه عين الباحث المراقب في فلسطين في تلك الفترة، بدءًا من فصول السنة وما يرافق ذلك من رياح وأمطار وحرث وغرس وزراعة وحصاد، علاوة على التقاويم والمواسم والأعياد والاحتفالات والترفيه والأغاني والموسيقى وطقوس العبادة والموت والأعراس.

وتزدحم في هذا السفر بمجلداته العشرة مئات الصور التي تُعدّ اليوم وثائق بصرية تكاد تنطق بأحوال الزمان الماضي القريب. وتولّى ترجمة المجلدات العشرة عدد من المترجمين الذين أتقنوا الألمانية واعتنوا بمراجعتها وتدقيقها، وهم: محمد أبو زيد (المترجم الرئيسي) وعمر الغول وفيوليت الراهب ومتري الراهب وجوزف حرب.

أما عملية التحرير وضبط المصطلحات وتدقيق أسماء الأماكن والمواقع واللهجات المحلية فتولاها صقر أبوفخر، فيما أنجز قسم التحرير في المركز العربي للأبحاث الفهارس العامة (الأماكن والأعلام والجماعات)، فضلا عن التوثيق. غوستاف دالمان في أسطر غوستاف دالمان (1855-1941) لاهوتي لوثري ألماني وعالم آثار ومستعرب وخبير باللغات القديمة كالعربية والآرامية والعبرية واليونانية.

ولد سنة 1855، وجاء إلى القدس، للمرّة الأولى عام 1899، ليتسلّم عام 1902 إدارة المعهد الإنجيلي الألماني للآثار القديمة في الأراضي المقدّسة. واستطاع خلال وجوده في القدس الذي امتد من 1899 إلى 1917، أن يجمع نحو خمسة آلاف كتاب عن فلسطين وسوريا، علاوة على خرائط كثيرة، ونحو 15 ألف صورة تاريخية عن فلسطين. ومع عودته إلى ألمانيا، تولّى إدارة معهد أبحاث فلسطين في جامعة غرايفسفالد.

نشر دالمان عددا من الكتب المرجعية عن فلسطين منها “الديوان الفلسطيني” (1901)، و”مئة صورة جوية ألمانية من فلسطين” (1925)، وكتاب “العمل والعادات والتقاليد في فلسطين” (عشرة مجلّدات)، فضلا عن كتب أخرى عن الآرامية وعن اللهجات العربية في فلسطين.

المصدر: مأرب برس

كلمات دلالية: فی فلسطین عن فلسطین

إقرأ أيضاً:

واشنطن بوست: لماذا الدول العربية تقاوم الضغوط الأميركية لإدانة الحوثيين؟ (ترجمة خاصة)

قالت صحيفة "واشنطن بوست" إن الدول العربية تقاوم الضغوط الأمريكية لإدانة جماعة الحوثي التي تشن هجمات على سفن الشحن في البحر الأحمر وخليج عدن.

 

وذكرت الصحيفة في تقرير ترجم أبرز مضمونه "الموقع بوست" إن الهجمات التي شنتها الجماعة اليمنية في البحر الأحمر تلحق الضرر بالاقتصادات في مختلف أنحاء الشرق الأوسط، لكن القادة العرب يكرهون أن يُنظر إليهم على أنهم يقفون إلى جانب الولايات المتحدة وإسرائيل.

 

وقالت إن تيموثي ليندركينج، المبعوث الخاص للرئيس جو بايدن إلى اليمن، قد وجه عدة نداءات إلى المصريين في الأشهر الأخيرة. وقد فعل الشيء نفسه مع السعوديين وغيرهم من الشركاء العرب، وفي كل مرة تكون رسالته هي نفسها إلى حد كبير.

 

وقال ليندركينج في مقابلة أجريت معه مؤخرًا عن الحوثيين، إن الجماعة المسلحة المدعومة من إيران والتي شنت خلال العام الماضي حملة عدوانية ضد الولايات المتحدة وإسرائيل والسفن التجارية التي تعبر البحر الأحمر - كل ذلك باسم الدفاع عن الفلسطينيين وسط حرب إسرائيل المدمرة في غزة: "لقد أخبرتهم جميعًا أنهم بحاجة إلى بذل المزيد من الجهد".

 

حسب التقرير فإن ما يعنيه ليندركينج هو أن شركاء واشنطن العرب بحاجة إلى بذل المزيد من الجهد لمواجهة رواية البطل الحوثي في ​​الشرق الأوسط.

 

 تقول الصحيفة "لكن قادة الجماعة لم يثنهم عن ذلك الجهد الذي بذلته الولايات المتحدة في التحالف لصد هجماتهم وتأمين طرق الشحن الحيوية، كما شجعتهم شعبيتهم المتزايدة بين المسلمين الآخرين الذين بلغ غضبهم من أزمة غزة حداً عميقاً".

 

ونقلت الصحيفة عن مسؤولون وخبراء قولهم إن هناك جاذبية قوية في فكرة أن هذه الحكومة شبه المتهربة تطعن في الدولة اليهودية.

 

ويزعم ليندركينج أن الحوثيين لا يساعدون الفلسطينيين وأنهم فظيعون بالنسبة لليمن، البلد الفقير الذي عانى سكانه كثيراً وسط سنوات من الحرب.

 

ويقول إن القوى الإقليمية "يمكن أن تساعد في فك الارتباط بين هذه الفكرة القائلة بأن ما يفعله الحوثيون مشروع بحقيقة وجود صراع في غزة. ومن الصعب علينا كثيراً أن نكسر هذا الارتباط".

 

وتابع ليندركينج: "إنهم يرون أنفسهم يركبون على قمة الشعبية". ولهذا السبب تعتقد واشنطن أن الرفض الواضح من الدول العربية قد يكون فعالاً.

 

وطبقا للتقرير فإن الهجمات المستمرة التي تشنها الجماعة في أحد أكثر ممرات الشحن أهمية في العالم ألحقت أضراراً جسيمة باقتصادات العديد من البلدان وساهمت في التضخم في جميع أنحاء العالم. لقد انخفضت حركة المرور التجارية عبر قناة السويس إلى البحر الأحمر - وهو مصدر رئيسي للعملة الأجنبية للحكومة المصرية - بشكل كبير في العام الماضي لدرجة أنها كلفت القاهرة ما لا يقل عن 2 مليار دولار من العائدات المفقودة، مما أدى إلى تفاقم ضغوط الأسعار على فقراء مصر.

 

كما أدت حملة الحوثيين إلى إبطاء تدفق المساعدات الإنسانية إلى اليمن، حيث تقدر البنك الدولي والمنظمات الدولية الأخرى أن ملايين الأشخاص يواجهون سوء تغذية حادًا.

 

تضيف "كل هذا، في نظر إدارة بايدن، يجب أن يوفر سببًا كافيًا لحلفاء أمريكا وشركائها العرب في الشرق الأوسط للانضمام إلى الولايات المتحدة - إن لم يكن عسكريًا، فعلى الأقل بصوت عالٍ - في مواجهة الحوثيين".

 

وذكرت أن المصريين والسعوديين والدول العربية الأخرى، في الغالب، يقاومون توسلات واشنطن.

 

وقال حسين إيبش، الباحث في معهد دول الخليج العربية: "إنهم لا يرون أن رفع الرهانات الخطابية مع الحوثيين سيساعدهم. المصريون، على وجه الخصوص، خائفون مما قد يفعله الحوثيون بعد ذلك". وأثار احتمال أن تحاول الجماعة زرع ألغام في مضيق باب المندب الذي يربط البحر الأحمر بخليج عدن. وأضاف إبيش أن هذا من شأنه أن يخلف عواقب وخيمة على الجنيه المصري، وقال عن الحكومة في القاهرة: "إنهم خائفون للغاية".

 

لقد خاض السعوديون والإماراتيون حربًا استمرت لسنوات ضد الحوثيين وليس لديهم أي مصلحة في التورط في صراع جديد مع المجموعة، كما قال الخبراء. وفي بيئة حيث إيران قريبة جغرافيًا، وتركت الولايات المتحدة بعض الدول العربية تشعر بأنها شريك غير موثوق به، وسع زعماء تلك البلدان بشكل متزايد من تواصلهم مع طهران ولا يرون سوى القليل من المزايا في استفزاز وكلائها.

 

تشير الصحيفة إلى أن مصداقية أمريكا في المنطقة انخفضت بشكل أكبر مع دعم واشنطن الثابت لإسرائيل على مدار العام الماضي، حيث مات عشرات الآلاف من الفلسطينيين في غزة وتنتشر لقطات الأطفال الملطخين بالدماء يوميًا على الأخبار ووسائل التواصل الاجتماعي.

 

وقال النائب رو خانا (ديمقراطي من كاليفورنيا)، الذي عاد مؤخرًا من رحلة إلى المملكة العربية السعودية: "تشغل التلفزيون، إنها الحرب. مستمرة. كل القنوات. التفجيرات والحرب والمعاناة".

 

وأضاف "على الرغم من عدم اعتراف أي دولة كبرى بحكومة الحوثيين في صنعاء، ووضع إدارة بايدن المسلحين مرة أخرى على قائمة الإرهاب العالمية، فقد استفادت الجماعة من عملية إعلامية متطورة لتضخيم حملتها في البحر الأحمر وإطلاق الصواريخ على إسرائيل لتصوير نفسها كمدافع عن القضية الفلسطينية".

 

وأردف "يحظى كل من زعيم الحوثيين والمتحدث باسمه بأكثر من مليون متابع على منصة التواصل الاجتماعي X، وفي غضون عام، أصدرت الجماعة مئات مقاطع الفيديو والأغاني والتراتيل الدينية التي وصلت إلى الملايين في جميع أنحاء العالم، وفقًا للمحللين في معهد أبحاث الشرق الأوسط".

 

وقال إبيش: "لقد أقنعوا الكثير من الناس بأن ما يفعلونه مفيد. أسأل الناس، كيف تعتقد أن هذا يفيد الفلسطينيين؟ أو حتى حماس؟"

 

وقال أحد كبار الدبلوماسيين العرب، الذي تحدث بشرط عدم الكشف عن هويته ليكون صريحًا بشأن التفكير داخل حكومته وحكومات أخرى، "عليك أن تفهم مستوى التعقيد الذي خلقه هذا الوضع للحكومات "العربية" في التعامل مع شعوبها، ومع المجتمعات داخل بلدانها".

 

واضاف الدبلوماسي: "يعتقد الناس في المنطقة اليوم أكثر من أي وقت مضى أن الدولة الفلسطينية ضرورية للسلام الدائم في الشرق الأوسط بأكمله". قبل هجوم حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر 2023، والذي أشعل فتيل الحرب في غزة ولبنان، قال الدبلوماسي: "إذا سألت الناس، ما هي القضية الجيوسياسية الإقليمية الأولى التي تشغل بالهم، فستكون إجاباتهم متباينة". "اليوم، إذا أردت التحدث عن أي قضية سياسية في المنطقة، في أي منزل، فإن الفلسطينيين سيكونون القضية الأولى".

 

من بين أكثر من 20 دولة تشارك في عملية حارس الرخاء التي تقودها الولايات المتحدة، وهو تحالف بحري أطلق في ديسمبر للدفاع عن ممر الشحن قبالة سواحل اليمن، هناك دولة عربية واحدة فقط، وهي البحرين، تفعل ذلك علنًا. يعتقد الخبراء الإقليميون أن دولًا عربية أخرى تحتل أيضًا مرتبة بين أعضاء التحالف العشرة الذين أبقوا دعمهم سراً.

 


مقالات مشابهة

  • تحليل غربي: الصراع في اليمن نتاج تنافسات إقليمية طويلة الأمد وتحالفات متغيرة (ترجمة خاصة)
  • رئيس جامعة الأزهر: نتحرك في مشروع ترجمة الألف كتاب من منطلق ميراث علمي مشرف
  • المستقبل للأبحاث يستشرف سيناريوهات الانتخابات الأمريكية وتأثيرها على الشرق الأوسط
  • سفير إيران في موسكو: روسيا ستطلق قمرين صناعيين إيرانيين إلى المدار
  • "المستقبل للأبحاث" يستشرف سيناريوهات الانتخابات الأمريكية وتأثيرها على الشرق الأوسط
  • خليل الخالدي قاضي فلسطين والرحالة الباحث عن كنوز المكتبات
  • جنرال أمريكي: لدينا القدرة على إيقاف الحوثيين ونحتاج قرار سياسي (ترجمة خاصة)
  • واشنطن بوست: لماذا الدول العربية تقاوم الضغوط الأميركية لإدانة الحوثيين؟ (ترجمة خاصة)
  • روسيا تنسحب من مركز "سيرن" للأبحاث النووية
  • خرافات دافينشي في عدد نوفمبر من مجلة الثقافة الجديدة