إشادة بدور الفن في تشكيل المجتمع بندوة التربية النوعية فى جامعة القاهرة
تاريخ النشر: 17th, November 2023 GMT
استضافت كلية التربية النوعية برعاية طارق سمير عميد الكلية، الاثنين الماضى، ندوة بعنوان "دور الفن كقوة ناعمة في مواجهة التحديات"، وذلك بحضور الدكتور الفنان هاني كمال رئيس الإدارة المركزية للشئون الثقافية بهيئة قصور الثقافة، وذلك بإشراف الأستاذ الدكتور احمد عويس وكيل الكلية لشئون خدمة المجتمع وتنمية البيئة، وادارت الندوة الدكتورة داليا كمال مدرس الصحافة بقسم الإعلام التربوي، وبحضور كل من الأستاذ الدكتور محمد اسماعيل استاذ الدراما بجامعة سيناء الدكتورة شيرين شعبان مدرس المسرح بقسم الإعلام التربوي، وحضور لفيف من اعضاء هيئة التدريس بالكلية.
وافتتحت الندوة بعرض شمل ابرز محطات الفنان "هاني كمال" الفنية ودراسته وكيف بدأ حياته الفنية، كما تطرق لوالده الشاعر "كمال اسماعيل" وكيف كانت نشأته الفنية وكيف أثر ذلك علي دراسته الجامعية والمهنية، وما أضافه والده لحياته منذ نعومة اظفاره.
واضاف "كمال" ان خلال الفترة الأخيرة قلت أعماله الفنية وذلك لما حمل على عاتقه من مهام إدارية عديدة، كما اردف "ان أكون متفرغ للإبداع وفي نفس الوقت أصبحت وكيل لأنشطة الوزارة بوزارة التربية والتعليم ثم اصبحت المتحدث الرسمي باسم الوزارة مع ٣ من الوزراء من عام ٢٠١٤ الي عام ٢٠١٧ إلي أن اصبحت غير متفرغ تماما للفن مما جعل شركات الإنتاج تحجم عن ارسال اي اعمال فنية بحجة اني اصبحت غير متفرغ".
كما وصف "كمال" مبنى التليفزيون عندما دخله اول مره انه السحر في حد ذاته، وعن بداية رحلته في التليفزيون من مسلسل "أوراق الورد" و "طيور بلا أجنحة، "الا انه توقف عن العمل الفني في الصف الثالث الإعدادي من قبل أسرته وذلك للتركيز في مستقبله الأكاديمي .
و تابع "كمال" ان جميع الأعمال الفنية التي قام بها خلال مسيرته اضافت للمجتمع قيم اخرى وهذه رسالة سامية يسعى الإنسان لها، وهكذا أسس أطفاله، " منذ صغرهم "
السوشيال ميديا
وصف "كمال" السوشيال انها ساحة حرب، وان الحرب الحديثة أصبحت بـ"الزراير"، وأننا يوميًا نتعرض لكمية من المعلومات وهذا في حد ذاته حرب ومجال واسع لتداول الشائعات، فالحرب النفسية عبر السوشيال ميديا أصبحت من اصعب الجروب، وانها صارت موجهة لشباب هذا الجيل الجديد.
واضاف ان السوشيال ميديا والهاتف مهم ولكن احيانا استخداماتنا نحن قد تكون خاطئة، لذلك لابد من ان نتصدى للحرب تلك بالتحقق والتأكد من المعلومات.
توجه الإعلام والصحافة بشكل عام إلى منحدر غير مسارة الطبيعي، وبدأ لا يركز سوى على برامج التوك شو وما تحتويه من مادة لا تدفع المجتمع للأمام، وهذه ليست مهمة الصحافة والإعلام، وان لكل منهم مهمة سامية لا بد من ان تُحقق، هكذا اعرب الدكتور "هاني كمال" عن دور الإعلام والصحافة خلال السنوات الأخيرة.
بينما قال المنازل اصبحت "مكشوفة" بحسب ما اطلق عليه "كمال" وذلك عندما توجه الناس لجلب العديد من المشاهدات، وذلك نتيجة لغياب القيم والمعاير المجتمعية، التي لابد من ان نبنيها من جديد.
وفي الختام الندوة تقدمت إدارة الكلية بتقديم درع وشهادة تقديرا لضيفها الكريم على الندوة المتميزة وعلي ما قام به من أعمال اضافت لنا الكثير ورحلة إدارية حافلة بالنجاحات.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: كلية التربية النوعية هاني كمال هيئة قصور الثقافة هيئة التدريس
إقرأ أيضاً:
ردّ الاعتبار للمعلم العربي
في الفيلم المصري الشهير الناظر (إنتاج 2000)، يقول البلطجي «اللمبي» الذي أدى دوره باقتدار الممثل الكوميدي الصاعد وقتها محمد سعد، للناظر الشاب صلاح الدين عاشور (الراحل علاء ولي الدين)، بعد أن أنهى تعليمه قواعد «البلطجة» حتى يستطيع مواجهة عنف طلاب المدرسة الخاصة: «أنا كده بقى اطمنت عليك يا أبو صلاح وسلمتك العلم اللي تقدر تنتفع به في الحياة» «هذه العبارة التي أصبحت من أهم العبارات أو «الأفيهات» بلغة أهل السينما»، قلبت الآية رأسا على عقب، ونسفت تماما رسالة الفيلم التي كان محورها إمكانية إصلاح الأوضاع التعليمية المتردية في بعض المدارس، من خلال المبادرات البناءة التي يقدمها المعلمون الأمناء.
تواردت في ذهني هذه العبارة، وغيرها الكثير من العبارات التي امتلأت بها أفلام ومسرحيات ومسلسلات عربية تحط من قدر المعلم ومكانته في المجتمع، وأنا أتابع احتفالات سلطنة عُمان بيوم المعلم والتي لم تؤثر هذه الأفلام- بحمد الله- على صورة المعلم فيها، إذ ما زال المعلمون ينالون التقدير الكبير سواء من الحكومة أو من المجتمع العماني المتمسك بثقافته وتقاليده، التي دأبت على توقير المعلم ووضعه في المكانة الرفيعة المناسبة لأصحاب مهنة الأنبياء والرسل، كما قال أمير الشعراء الراحل أحمد شوقي «كاد المعلم أن يكون رسولا»، وهو تعبير مجازي، يريد الشاعر منه أن يقول: إن كل معلم هو رسول يحمل رسالة العلم، وينقلها بأمانة إلى الأجيال المتعاقبة.
واقع الحال أن السينما والمسرح والدراما التليفزيونية والإعلام بشكل عام لم ينصف المعلم إلا فيما ندر، ولا يتذكر الناس في بعض الدول العربية عندما يأتي ذكر المعلمين سوى سخرية الباشا والد ليلى من الأستاذ حمام مدرس اللغة العربية الفقير (نجيب الريحاني) الذي تم انتدابه لإعطاء دروس لابنة الباشا (ليلى مراد) في فيلم «غزل البنات (إنتاج 1949)، وسخرية ناظر المدرسة (حسن عابدين) من الأستاذ داود (فؤاد المهندس) المعلم في مدرسة خاصة، في مسلسل «الدنيا لما تلف»، وما حدث في المسرحية الأشهر «مدرسة المشاغبين» لعادل إمام وسعيد صالح وسهير البابلي التي حطت من قدر المعلم والمتعلمين، وأصبح يضرب بها المثل في قدرة الإعلام على التأثير في ثقافة المجتمع وإفساد الذوق العام. وأذكر أنه بعد أن عرضت هذه المسرحية لأول مرة على شاشة التلفزيون المصري في أكتوبر 1973 كان بعض طلبة المرحلة الثانوية تحديدا يقلدون أقوال وأفعال الممثلين داخل المدارس، كما كان بعض المعلمين الجدد يفعلون نفس الأمر داخل فصول المدارس الإعدادية.
ولا شك أن التأثير التراكمي طويل المدى للصورة الذهنية السلبية التي قدمها الإعلام للمعلم قد أثر بشكل كبير ليس فقط في نظرة المجتمع للمعلم والانتقاص من قدره، ولكن أيضا في اهتمام الدول العربية بالمعلمين، الذين لا يزالون يعانون في غالبية تلك الدول من التنمر والتهميش وضعف الرواتب والحوافز المادية والمعنوية، وهو ما دفع قطاعات منهم إما إلى هجر المهنة المقدسة، أو الانخراط في جريمة الدروس الخصوصية، وتفريغ المدارس من دورها الأساسي في التعليم، وهو ما أدى في النهاية إلى تراجع واضح في مستوى التعليم قبل الجامعي في دول عربية كبيرة كانت حتى وقت قريب رائدة في هذا المجال.
أثناء كتابة هذا المقال الذي أريد من خلاله دق ناقوس الخطر من تسرب المواد الإعلامية المسيئة للمعلمين إلى أطفالنا وأبنائنا عبر وسائل ومنصات الإعلام التقليدية والجديدة، التي تشهد معدلات استخدام مرتفعة من جانب الفئات التي لا تزال في مراحل التعليم، عثرت على مقال علمي مهم لأستاذ الإعلام السعودي الدكتور على بن شوين القرني، وتلميذه عبدالله بن صالح الحسني حول الصورة الذهنية للمعلم في الصحافة السعودية، وهي دراسة تحليلية مقارنة. استخدمت الدراسة ستة أبعاد رئيسية تشكل الصورة الذهنية للمعلم في ثلاث صحف سعودية (عكاظ، والرياض، واليوم)، شملت ثلاثة واجبات، هي: واجبات المعلم تجاه الطالب، وتجاه النظام التعليمي، وتجاه المجتمع، في مقابل ثلاثة حقوق، هي حقوق المعلم المهنية، والمادية، والمعنوية. وخلصت الدراسة إلى أن كتاب الرأي في الصحف السعودية الثلاث ركزوا بشكل أكبر على واجب المعلم تجاه الطالب، فيما ركز المعلمون والمعلمات على حقوق المعلم المادية وكان اتجاههم سلبيا بشكل عام. وانتهت الدراسة إلى تأكيد ما هو مؤكد في عالمنا العربي، وهو أنه رغم الاهتمام الواضح بالمعلم من جانب وزارة التعليم فإن صورته الذهنية في الصحافة تبدو -على حد تعبير الدراسة- سلبية في بعض الجوانب المهمة. وفي دراسة للصورة الذهنية للمعلم لدى الجمهور الأردني أشار الباحث عيسى المراعبة إلى أن صورة المعلم لدى الجمهور جيدة جدا، وتتعارض مع الصورة السلبية التي تقدمها وسائل الإعلام للمعلم بوجه عام.
ما أريد أن أقوله هنا إن الإعلام العربي كان عاملا مؤثرا مهما وفاعلا ضمن عوامل أخرى تتصل بالمجتمع العربي نفسه في تشكيل الصورة الذهنية السلبية عن المعلم. ولذلك لا يمكن لنا أن نتحدث عن تقدم ملموس في مستوى جودة التعليم دون إعادة الاعتبار للمعلم، والإعلاء من قيمة دوره في صناعة الأجيال ونقل التراث العلمي والاجتماعي بينها. يتطلب الأمر أولا أن نبدأ ببحث واقع صورة المعلم في المنصات الإعلامية العربية ولدى الجمهور وصناع القرار في المجال التربوي والتعليمي، لمعرفة موقع أقدامنا، ومن ثم التقدم على طريق تقديم صورة إيجابية للمعلم، ليس فقط في وسائل الإعلام التقليدية مثل السينما والتلفزيون والصحافة، ولكن أيضا في المنصات الإعلامية الجديدة التي تخاطب الطلبة بشكل كبير.
إن الاحتفاء بيوم المعلم لا يجب أن ينسينا أن دور المعلم لا يقل أهمية عن دور الطبيب والمهندس وضابط الشرطة والقاضي والمحامي وكل المهن الأخرى؛ لأنه ببساطة المسؤول الأول عن تعليم كل هؤلاء ووضعهم على بداية الطريق الصحيح لخدمة الأوطان، ومع ذلك ما زال المعلم في غالبية الدول العربية الأقل تقديرا ماديا ومعنويا من تلاميذه الذين عملوا في مهن أخرى غير تعليمية. علينا أن ندرك قبل فوات الأوان أن الدول التي تقود العالم حاليا هي تلك التي وضعت المعلم في مكانة تفوق مكانة نظرائه في المهن والوظائف الأخرى، وأن الإصلاح يبدأ من إصلاح أحوال التعليم والمعلمين. ولنا في العبارة الشهيرة التي قالتها المستشارة الألمانية السابقة أنجيلا ميركل لمئات من الأطباء والمهندسين والقضاة عندما طالبوا بزيادة رواتبهم لتكون مماثلة لرواتب المعلمين في المدارس الحكومية «كيف أساويكم بمن علموكم؟» هذه العبارة لخصت الكثير وأصبحت مضربا للمثل في ضرورة إعادة الاعتبار للمعلم ليس في ألمانيا وحدها، ولكن في العالم كله. دول كثيرة في العالم قفزت إلى المراكز الأولى في سلم التعليم الأكثر جودة وكفاءة مثل فنلندا وسنغافورة واليابان وكوريا الجنوبية بفضل اهتمامها بصناع الأجيال من المعلمين، ودول كثيرة تدهورت على جميع المستويات عندما فعلت العكس.
إن أفضل احتفال بيوم المعلم أن نجعل وقوفنا وتبجيلنا له -كما طالبنا أمير الشعراء- تبجيلا عمليا وليس كلاميا فقط، وذلك بتحسين أوضاعه المادية ومنحه التقدير المعنوي المناسب.