الشارقة (الاتحاد)
انطلق، أمس الأربعاء، معرض «تأملات وإلهامات من التراث الإماراتي»، الذي تنظمه هيئة الشارقة للمتاحف، بالتعاون مع كلية الفنون الجميلة والتصميم في جامعة الشارقة، خلال الفترة من 15 نوفمبر 2023 وحتى 15 أبريل 2024، وذلك في متحف الشارقة للتراث.
وشهد الافتتاح عدد من المسؤولين تضمن عائشة ديماس، مدير عام هيئة الشارقة للمتاحف، ونادية الحسني، أستاذة وعميد كلية الفنون الجميلة والتصميم بجامعة الشارقة، إلى جانب عدد من أعضاء الهيئة التدريسية في عدد من الجامعات وشخصيات ثقافية بارزة.


ويأتي المعرض في سياق التفاعل مع الأهمية الاستثنائية للتراث الإماراتي الذي يتم استعراضه عبر مجموعة متميزة من الأعمال الفنية التي توثق ذاكرة المجتمع، وتقدم تصوراً عميقاً للتراث الإماراتي من منظور طلبة الفن والتصميم الذين يستعرضون إبداعاتهم في باقة متنوعة من الأعمال الفنية.

ويقدم المعرض من خلال الأعمال الفنية المشاركة التي أبدعتها أنامل الطلبة رواية بصرية فريدة من نوعها أشرف عليها ثمانية من أعضاء الهيئة التدريسية من مختلف التخصصات الفنية داخل كلية الفنون الجميلة والتصميم بجامعة الشارقة، حيث استفاد الطلبة مما تعلموه ضمن تخصصاتهم، من الفنون وتصميم الأزياء والمنسوجات، والتصميم الداخلي، والاتصال المرئي، لجهة إبراز التراث الإماراتي المادي والمعنوي، عبر إبداعات فنية تجسد بشكل جميل جوهر التراث الإماراتي، مما يضمن الحفاظ عليه للأجيال القادمة.
وأشارت عائشة راشد ديماس، مدير عام هيئة الشارقة للمتاحف، إلى أن أهمية المعرض لا تكمن في قدرته على تحفيز الإبداع فحسب بل أيضاً على دوره كأداة تعليمية قيّمة من خلال مساعدة الطلاب على فهم المفاهيم التراثية وتشجيعهم على تشكيلها، مؤكدة أن ترجمة الطلبة الإبداعية لتصوراتهم الفريدة لعناصر التراث الإماراتي المادي وغير المادي هي شهادة على النسيج الثقافي الغني للمنطقة.

وأضافت: «في عالم سريع التغير، يعد تنظيم مثل هذه المعارض أمراً حيوياً لأنها لا تحتفي بالماضي فحسب، بل تلهم المستقبل أيضاً»، موجهة امتنانها للطلبة المشاركين على تفانيهم في تعزيز الثقافة والتراث من خلال أعمالهم الإبداعية، ومؤكدة أن دعم هيئة الشارقة للمتاحف للفنانين الناشئين إنما هو جزء من رؤيتها والتزامها بالإثراء الثقافي لدولة الإمارات العربية المتحدة.
وقالت نادية الحسني، أستاذة وعميد كلية الفنون الجميلة والتصميم بجامعة الشارقة، إن الكلية ملتزمة بتعزيز مفهوم «تجديد التراث» للمساهمة في حفظ التراث الإماراتي وتمكين الطلاب من استكشاف ودراسة وتحليل التقاليد والممارسات التراثية بعمق وربطها بتفاصيل الحياة المعاصرة من خلال إنتاج تحفة بصرية متنوعة ومتجذرة في التراث الإماراتي.
وأكدت الحسني أن معرض «تأملات وإلهامات من التراث الإماراتي» ليس مجرد تجربة فنية، بل يمثل أيضاً شهادة تعاونية تبرز التزام إمارة الشارقة ومؤسساتها بما فيها كل من كلية الفنون الجميلة والتصميم ومتحف الشارقة للتراث، بإبراز المشهد الثقافي الإماراتي الثري وتشجيع الأجيال القادمة على المشاركة الفعّالة في المحافظة على هويتهم التراثية.

أخبار ذات صلة «الشارقة للمتاحف» تشارك في «سوق السفر العالمي 2023» بلندن «الشارقة للمتاحف» تنظم معرض «زينة البلاط الملكي الهندي»

وتشمل الأعمال المعروضة وسائط وأعمال مجردة ثلاثية الأبعاد، ومنتجات يومية، ولوحات، ومنحوتات، وملابس، بهدف تسليط الضوء على الإمكانيات التي يتيحها التراث في عالم الإبداع.
وتحتل «الطاسة» مركز الصدارة بين الأعمال المميزة، وهي عبارة عن قطعة من المجوهرات التقليدية التي يتزين بها رأس المرأة الإماراتية حيث تحظى «الطاسة» بأهمية ثقافية إذ ترمز إلى جمال المرأة الإماراتية، بما يجسد القيم التقليدية المتأصلة في الأزياء، بالإضافة إلى فن حرفة النسيج اليدوي المعروفة ب«التلي» وهي تعد من الحرف الإماراتية التقليدية التي تتطلب المهارة والدقة في صنعها.
كما يستعرض الحدث فن «الرواح» وهو نوع من الموسيقى المتعارف عليها في المناطق الجبلية لدولة الإمارات، ويتم عزفها في التجمعات الخاصة مثل حفلات الزفاف والمناسبات الرسمية، حيث يعزف الرجال في مجموعات على طبولهم منتجين إيقاعاً تراثياً مميزاً.

ولضمان استمرارية الحفاظ على التراث، تعمد كلية الفنون الجميلة والتصميم بجامعة الشارقة إلى ممارسة مفهوم «تجديد التراث»، الذي تتطرق من خلاله الدراسات المتعمقة لمختلف جوانب التراث الإماراتي وللعوامل التي من الممكن أن تشكل تحدياً أمام تطبيق هذه الجوانب التراثية المتنوعة بشكل منطقي ومنهجي في التراث المعاصر.
يشار إلى أن متحف الشارقة للتراث التابع لهيئة الشارقة للمتاحف، أقام العديد من المعارض المؤقتة على مدار الأعوام السابقة، وقد سلطت الضوء على التراث الإماراتي، مثل معرض الخناجر في دولة الإمارات، ومعرض البرقع شاهد على تاريخ وثقافة الإمارات، ومعرض القهوة في الخليج العربي وغيرها.

المصدر: صحيفة الاتحاد

كلمات دلالية: هيئة الشارقة للمتاحف التراث الإماراتی من خلال

إقرأ أيضاً:

نقد التراث أم نقضه؟

 

فوزي عمار

أغلبنا ينتقد التراث ويكيل له التهم، وهو أصلا لم يطلع على الكثير منه؛ فالتراث الإسلامي والعربي تقريبا كتب في مواضيع كثيرة من علم الاجتماع والجغرافيا والزراعة والرياضيات، وغيرها من مختلف العلوم.

ابن خلدون مؤسس علم الاجتماع والعمران الذي نُطلق عليه اليوم بالتنمية، والإدريسي الذي رسم خريطة لملك صقلية تعتبر الأكثر تقدما من خرائط العالم القديم، وابن بيطار إمام العشابين العرب والذي أدخل النبات في علوم الصيدلة.

وفي الرياضيات، اخترع المسلمون علم الجَبر وسُمي باسمهم واخترعوا الخوارزميات (نسبة إلى الخوارزمي) حديث الساعة الآن لما له أساس في وسائط التواصل الاجتماعي.

وغير بعيد عن هؤلاء، الجاحظ يكتب أدبًا وفلسفة نقلت عنه إلى عصرنا هذا بإعادة صياغة لطرحه؛ ففي كتابه "المحاسن والأضداد" يقول الجاحظ بأسلوبه البلاغي والفكاهي: "ومن العجائب أن ترى الرجل يمدح الصبر، ويذم الجزع، وهو إذا مسه الشر جزع، وإذا ناله الخير فرح. وتراه يمدح القناعة، ويذم الطمع، وهو لا يزال يجمع المال، ويحرص على الادخار. وتراه يمدح التواضع، ويذم الكبر، وهو لا يزال يحب أن يُعظم ويُكرم. فكأنما مدح هذه الخصال لغير نفسه، وذم أضدادها لغيره".

وهو من نقل عنه المفكر العراقي علي الوردي في كتابه "وُعَّاظ السلاطين"؛ إذ ينتقد الوردي دور الوُعَّاظ الذين يُروِّجون لقيم مثالية، بينما يعيشون هم أنفسهم في تناقض مع هذه القيم. ويضيف الوردي: "الواعظ يدعو الناس إلى الزهد في الدنيا، وهو يحرص على جمع المال والجاه، وكأنما الزهد للعامة والثراء للخاصة".

ولو بحثنا أكثر لوجدنا تشابهًا بين الجاحظ والفيلسوف الفرنسي إيمانويل كانط يصل لدرجة التناص في مواضيع عدة، ويبدو أن كانط قرأ الجاحظ جيدًا، فقد سبق الجاحظ كانط بتسعمائة عام.

أحد أبرز جوانب التراث الذي يتعرض للنقد هو الفقه الإسلامي، خاصة في ما يتعلق بالقضايا الاجتماعية مثل حقوق المرأة والعبودية والعقوبات الجنائية؛ فبعض الأحكام الفقهية التي كانت مناسبة لعصرها قد لا تكون ملائمة لعصرنا الحالي.

لذا نحن في حاجة لقراءة التراث العربي والإسلامي قراءة جيدة قبل نقده والطعن فيه بخبط عشواء، ونقضه بدلا من نقده، تحبط أجيالنا القادمة وتقوض ثقتهم في تاريخهم وبالتالي في أنفسهم.

إنَّ التراث العربي والإسلامي ثروة كبيرة، لكنه ليس معصومًا من النقد؛ فالنقد الموضوعي يساعدنا على فهم هذا التراث بشكل أفضل، واستخلاص الدروس منه لبناء حاضر ومستقبل أفضل. ويجب أن نتعامل مع التراث بوعي نقدي، ونفهم أنه جزء من مسيرة الإنسان الطويلة في البحث عن المعرفة والحقيقة.

رابط مختصر

مقالات مشابهة

  • تنشيط السياحة بدمياط تطلق مسابقات التراث الدمياطي
  • تعادل الشارقة وشباب الأهلي سلبيا في قمة الدوري الإماراتي
  • فرشاة ولون… معرضٌ لخريجي مركز الفنون التشكيلية في ثقافي شهبا
  • إبادة فلسطين والمقاومة الثقافية والأكاديمية
  • نقد التراث أم نقضه؟
  • المسرح في دبي.. حكايات إبداع يرويها «أبو الفنون»
  • كلية الهندسة بجامعة بورسعيد تحتفل بيوم اليتيم
  • حبس وكيل كلية التجارة بجامعة عين شمس بتهمة الاعتداء على زوجته
  • أندرو مارش حول الديمقراطية المسلمة.. تأملات في فكر راشد الغنوشي
  • رئيس جامعة دمنهور يتفقد الأعمال الإنشائية لمبنى كلية طب الأسنان