القدس المحتلة – مع تواصل عدوان الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة، تتزايد أزمات الاقتصاد الإسرائيلي وأحدثها تحفظ بنك إسرائيل (البنك المركزي) على التعديلات المقترحة من قبل وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، على ميزانية 2023، بمقدار 31 مليار شيكل (8.3 مليارات دولار)، منها 22 مليار شيكل لوزارة الدفاع و9 مليارات للنفقات المدنية، إلى جانب خفض الإنفاق بمقدار 4 مليارات شيكل.

وحظي مشروع الميزانية بدعم رئيس الوزراءبنيامين نتنياهو، وتقضي التعديلات بتوسيع إطار الميزانية وزيادة العجر بنسبة 9%، وهو ما يعارضه بنك إسرائيل، الذي برر تحفظاته بأن وزير المالية يمتنع عن تقليص المخصصات لأحزاب الائتلاف الحكومي.

وكذلك يعارض سموتريتش تحويل ميزانيات اتفاقيات الائتلاف الحكومي للعام 2024، لتغطية نفقات الحرب على غزة التي قد تتجاوز 250 مليار شيكل (66.77 مليار دولار) حتى نهاية العام، بحسب أحدث تقديرات لبنك إسرائيل.


سياسات وخلافات

وسجلت الموازنة في إسرائيل خلال أكتوبر/تشرين الأول الماضي عجزا بقيمة 23 مليار شيكل (6.14 مليارات دولار)، في ظل ارتفاع نفقات الحرب، ويتوقع أن يرتفع العجز مع نهاية نوفمبر/ تشرين الثاني الحالي، في وقت أعلنت فيه إسرائيل أنها استدانت نحو 30 مليار شيكل (8 مليارات دولار) منذ بدء الحرب.

ووفقا لبنك إسرائيل، فإن وزير المالية يقترح نقل الميزانيات وتحويلها من وزارة إلى أخرى وتوسيع إطار الميزانية وتعميق العجز بالموازنة، وهو ما ينذر بضربة أخرى للاقتصاد الإسرائيلي، في حين يطالب البنك الحكومة الإسرائيلية بمناقشة ميزانية 2024 الآن، وفحص أموال الائتلاف والإعلان عن التخفيض.

ويؤكد الطاقم المهني في بنك إسرائيل أن فحص بنود الميزانية يشير إلى تخفيضات محتملة تصل إلى ما بين 8 و10 مليارات شيكل في عام 2024، بحسب صحيفة "غلوبس" الاقتصادية.

وسط الخلافات والضبابية في السياسات الاقتصادية، كشف صحيفة "كلكليست" الاقتصادية، أن وزير المالية سيقدم قريبا قانون موازنة جديدة لعام 2023 لعرضه على الكنيست (البرلمان)، رغم أن الميزانية تنتهي بعد أسابيع قليلة في 31 ديسمبر/ كانون الأول المقبل.


انخفاض وتباطؤ

وانخفض الناتج المحلي الإجمالي في الربع الثالث من العام الماضي بنسبة 2.8%، مقارنة بالربع السابق، بينما انخفض نصيب الفرد من الاستهلاك بنسبة 0.1%، وذلك بحسب التقديرات الأولية لدائرة الإحصاء المركزية الإسرائيلية، الصادرة اليوم الخميس.

ويستدل من البيانات (حتى نهاية شهر سبتمبر/أيلول)، أن نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي توقف عند 0.9% على أساس سنوي، وهو معدل منخفض للغاية ويشير إلى استمرار التباطؤ في الاقتصاد الإسرائيلي حتى قبل الحرب على غزة، بحسب مراسل الشؤون الاقتصادية لصحيفة "يديعوت أحرونوت" غاد ليئور.

ووفقا لهذه الإحصاءات سيتواصل التباطؤ وتراجع النمو الاقتصادي خلال العام القادم، بسبب تداعيات الحرب، وذلك رغم أن إسرائيل تتمتع بنسبة نمو أفضل مقارنة بالعديد من الدول، في حين يقول ليئور "من المتوقع أن تغير الحرب المشهد الاقتصادي بشكل كلي".

وعزا ليئور في حديثه للجزيرة نت هذه المخاوف إلى موقف شركة التصنيف الائتماني الدولية "ستاندرد آند بورز"، بعد أن خفضت قبل نحو أسبوعين توقعاتها لتصنيف إسرائيل من مستقر إلى سلبي، وذلك فقط اعتمادا على معطيات السوق والاقتصاد الإسرائيلي في الشهر الأول للحرب.

وأوضح ليئور أن توقعات شركة الائتمان الدولي للاقتصاد الإسرائيلي تنذر بوضع أسوأ من توقعات وزارة المالية وبنك إسرائيل، حيث -ولأول مرة منذ بداية أزمة كورونا- تشهد إسرائيل نموا سلبيا للفرد في عام 2023، ومن المتوقع أن تشهد إسرائيل انخفاضا في مستوى المعيشة بالمستقبل القريب.

وبحسب شركة التصنيف الائتماني الدولية، فمن المتوقع أن ينكمش الناتج المحلي الإجمالي لإسرائيل في الربع الرابع من عام 2023 بنسبة 5% بسبب الحرب على غزة، وتتوقع الشركة أن يبلغ نمو إسرائيل 1.5% فقط في عام 2023.

ويعتبر هذا النمو سلبيا للفرد 0.5% بسبب زيادة السكان في إسرائيل هذا العام بنحو 2%، بينما في العام القادم يتوقع النمو السلبي للفرد بنسبة 1.5%، بسبب آثار وتداعيات الحرب على الاقتصاد.


ضعف وتراجع

في هذا السياق، قال مراسل صحيفة "كلكليست" الاقتصادية أدريان فيلوت، إن أرقام النمو للربع الثالث، أقل أهمية وليست ذات قيمة، وذلك بعد الفشل والإخفاق في منع عملية  "طوفان الأقصى" في السابع من أكتوبر/تشرين الأول، الذي من المتوقع بعد ذلك حدوث تراجع بالاقتصاد وانخفاض حاد في نمو نصيب الفرد.

وأضاف أن معدلات النمو عن الربع الثالث لعام 2023 تعطي إشارة مهمة، تؤكد بأن الاقتصاد الإسرائيلي دخل هذا الحدث الكبير والحرب على غزة ليس من نقطة قوة ومتانة، بل من نقطة ضعف وبعد عملية طويلة من إضعاف وتراجع النمو والنشاط الاقتصادي، وهذا بسبب السياسات الاقتصادية لوزارة المالية.

وأوضح أن سياسات وزارة المالية التي تأتي لاعتبارات حزبية وائتلافية والحفاظ على الائتلاف الحكومي، تتواصل خلال فترة الحرب، وذلك رغم الضربة الموجعة التي تلقاها الاقتصاد الإسرائيلي، حيث يستمر الجدل حول استخدام أموال التحالف لتمويل نفقات الحرب، في وقت تتأخر فيه تحويلات الأموال الضرورية لإعادة إعمار الجبهة الداخلية وبلدات "غلاف غزة".

ويعتقد أدريان فيلوت أن القلق الكبير هو أن وزير المالية يريد وضع نفقات الحرب في خانة النفقات غير المتعلقة بالحرب، مثل أموال وميزانيات التحالف والائتلاف الحكومي، وذلك لتضليل شركات التصنيف والمستثمرين الأجانب، وهو ما قد يسبب كارثة اقتصادية، بعد الكارثة الأمنية التي تسببت بها حكومة نتنياهو.

ومقابل صعوبة تحويل الأموال للأغراض المدنية، حيث تأتي هذه الصعوبة لأسباب سياسية وليست مهنية واقتصادية، يقول فيلوت "صادقت لجنة المالية في الكنيست على تحويل ملياري شيكل لوزارة الأمن لمختلف النفقات والمشاريع الدفاعية، بمعزل عن السجال حول العجز وإطار الميزانية.


الحرب والاقتصاد

بدوره، يعتقد المختص في الاقتصاد السياسي إمطانس شحادة، أن بنك إسرائيل يهدف إلى الحفاظ على إطار الموازنة قدر الإمكان وعدم توسيع العجز، لأنه من الواضح -بسبب الحرب وتداعياتها الاقتصادية- سيكون هناك تراجع ملحوظ بمدخولات إسرائيل.

وأوضح شحادة للجزيرة نت أن بنك إسرائيل كما الطاقم المهني في وزارة المالية -وخلافا لموقف الوزير- لديهم مخاوف من أن الحرب على غزة ستسهم بالمزيد من الضغوطات على الشيكل، ولربما استمرار تراجعه في الأسواق العالمية، وكذلك تراجع المدخولات مع مؤشر لاستمرار ارتفاع التضخم المالي خلال 2024.

ويرى أن بنك إسرائيل يهدف إلى احتواء الضرر الاقتصادي وعدم توسعه، وبالتالي هو يتوجه إلى خطة الضبط الاقتصادي خلال الحرب من خلال تقليص الميزانيات والمصاريف بالموازنة، وتحويل كافة الميزانيات المرصودة للأحزاب المشاركة في الائتلاف الحكومي إلى أغراض الحرب، وذلك في ظل الزيادة في النفقات الحربية.

وحول إصرار بنك إسرائيل على ضرورة تحويل الميزانيات الحكومية إلى المجهود الحربي، يقول شحادة "على اعتبار أن هذه الميزانيات متوفرة وسهلة المنال ولا تكلف إطار الموازنة شيئا، وهي خطوة سريعة وأولية لكنها لن تكون الأخيرة، وهي البديل عن التمادي في الاقتراض من الخارج".


صدام وتحديات

وأكد الخبير في الاقتصاد السياسي أن التباين بالمواقف يعود بالأساس إلى اعتبارات سياسية من قبل الوزير سموتريتش، حيث تعود قراراته لاعتبارات سياسية حزبية، وذلك حفاظا على متانة الائتلاف الحكومي وعدم الصدام مع الأحزاب الحريدية التي لن تترد بتفكيك الحكومة في حال قلصت منها ميزانيات.

وبالمقابل، فإن بنك إسرائيل لديه اعتباراته المهنية، وهو يرى الصورة القاتمة لمستقبل الاقتصاد الإسرائيلي خلال العام المقبل، وليس مستعبدا أن تكون الأوضاع الاقتصادية أكثر صعوبة خاصة مع استمرار الحرب.

ولفت إلى أن موقف البنك لا يعود فقط لتحذيرات وكالات التصنيف الائتماني، بل أيضا للتحديات التي سترافق الاقتصاد الإسرائيلي العام القادم، مثل ضعف ترتيب الاقتصاد الإسرائيلي عالميا، وزيادة تكلفة قروض إسرائيل الخارجية، وتراجع الاستثمارات الأجنبية وتباطؤ الاقتصاد وارتفاع البطالة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الاقتصاد الإسرائیلی الائتلاف الحکومی الحرب على غزة وزیر المالیة بنک إسرائیل ملیار شیکل

إقرأ أيضاً:

لجنة الشؤون الاقتصادية بـ الشيوخ تقر الحساب الختامي للمجلس للسنة المالية 2023-2024

وافقت لجنة الشؤون المالية والاقتصادية والاستثمار بمجلس الشيوخ علي الحساب الختامي للمجلس عن السنة المالية 2023/2024.

وبحسب التقرير الصادر عن اللجنة، أحال رئيس المجلس الحساب الختامي إلى اللجنة المختصة بتاريخ 24 ديسمبر 2024، حيث عقدت اللجنة اجتماعًا في 22 أبريل 2025 لمراجعته. واطلعت اللجنة على المذكرة التفصيلية من قطاع الشؤون المالية والوثائق ذات الصلة.

وأظهرت الدراسة المتعمقة للجنة أن المجلس انتهج سياسة لترشيد الإنفاق خلال السنة المالية المذكورة، حيث بلغت الموازنة العامة للمجلس 680،951،654 مليون جنيه، بينما بلغ إجمالي المصروفات 651،911،851 مليون جنيه.

ونتيجة لذلك، تحقق وفر مالي قدره 65،042،799.62 جنيهًا، أي بنسبة تقريبية 10%، وقد تم سحب هذا المبلغ من قبل وزارة المالية وفقًا للإجراءات المعتمدة.

 

وشهدت الجلسة العامة لمجلس الشيوخ برئاسة المستشار عبد الوهاب عبد الرازق، الموافقة على إحالة تقرير لجنة الزراعة والري عن الدراسة المقدمة من النائب إيهاب وهبة، بشأن “الأمن الغذائي في مصر.. التحديات والفرص في 2025”، إلى الحكومة، مطالبا بتنفيذ ما ورد به من توصيات.

من جانبه أكد النائب محمد السباعي، وكيل لجنة الزراعة بمجلس الشيوخ، أثناء عرض تقرير اللجنة أمام الجلسة العامة، أنه انطلاقا من أهمية الأمن الغذائي في تحقيق الاستقرار ومكانته في خطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وتزامنًا مع تنفيذ الدولة المصرية لاستراتيجية التنمية المستدامة رؤية مصر 2030، وفي ضوء التحديات والأزمات العالمية والإقليمية التي يمر بها العالم أجمع، يأتي قطاع الزراعة على رأس القطاعات التي تمثل أولوية للدولة.

وأشار السباعي إلى التوجه نحو توفير أقصى درجات الدعم لقطاع الزراعة والمزارعين ومواصلة تطوير منظومة الزراعات التعاقدية لتشجيع التوسع في زراعة المحاصيل الاستراتيجية بهدف زيادة الإنتاج، بما يُحد من الفاتورة الاستيرادية، ويُسهم في ضبط الأسعار، وتكثيف استخدام التقنيات الحديثة في الزراعة والهندسة الوراثية، وتعظيم الاستفادة من الأبحاث العلمية من أجل زيادة الإنتاج وخفض التكلفة، فضلًا عن تلبية احتياجات المواطنين من الإنتاج المحلي للحوم والألبان، فضلا عن إقامة عدد من المشروعات القومية في مجالات استصلاح الأراضي من خلال البحوث التطبيقية والابتكار الزراعي والتكنولوجيا المرتبطة بزيادة إنتاجية الفدان والانتاج الحيواني والداجني والسمكي.

وقال إنه تم التوصل لعدد من التوصيات، بينها إعادة النظر في السياسات الزراعية بما يضمن وضع خطط قصيرة ومتوسطة الأجل تظهر نتائجها علي المدى القريب والعمل على تحديثها، ووضع سياسات حديثة ومرنة لها القدرة على زيادة الإنتاج الزراعي، والتوسع في زراعة المحاصيل الاستراتيجية الرئيسية وتوفير مستلزمات الإنتاج لها كافة، وزيادة حجم المعروض من السلع والمحاصيل على منصة البورصة المصرية للسلع، والعمل على توفير خطة قومية للزراعة تسعى لتوفير الغذاء على أن تكون هذه الخطة واضحة يشترك في وضعها جميع الوزارات المعنية بتوفير الغذاء.

وأشار إلى أهمية العمل على توفير المحاصيل الاستراتيجية، وتحقيق أهداف خطط التنمية المستدامة 2030، والتوسع الرأسي والأفقي للوصول للاكتفاء الذاتي من المحاصيل، والحد من الاستيراد ووضع خطط بديلة وحلولًا جذرية يمكن تطبيقها وقت حدوث الأزمات.

وأضاف أن لجنة الزراعة أوصت في تقريرها بتفعيل دور مركز الزراعات التعاقدية وتزويده بالإمكانيات المالية واللوجستية والكوادر البشرية الفنية المدربة، وتفعيل دور الجمعيات التعاونية الزراعية ومراكز البحوث، وتفعيل دور التعاونيات في القيام بالخدمات الإشرافية والتسويقية للمحاصيل المتعاقد عليها.

وطالب بتشجيع المزارعين على الزراعات التعاقدية من خلال قيام الهيئة العامة للسلع التموينية بالتعاقد معهم على التوريد والشراء مع تحديد السعر العادل، ومراجعة أسعار الضمان السابق إعلانها قبل زراعة المحصول لحين التوافق مع الأسعار العالمية.

مقالات مشابهة

  • سلاح الجو الإسرائيلي يتسلّم 3 مقاتلات جديدة من طراز F-35
  • الجيش الإسرائيلي يقصف نازحين.. ويوسع العدوان على غزة
  • خبير: اقتصاد المملكة محصن من تداعيات الحرب الاقتصادية … فيديو
  • لجنة الشؤون الاقتصادية بـ الشيوخ تقر الحساب الختامي للمجلس للسنة المالية 2023-2024
  • الصليب الأحمر: الحياة شبه مستحيلة في غزة بسبب العدوان الإسرائيلي
  • وزير المالية: متمسكون بمواصلة الإصلاحات الاقتصادية والهيكلية لضمان تنافسية الاقتصاد المصري
  • تصاعد العدوان الإسرائيلي على غزة وارتفاع حصيلة الشهداء إلى 30 منذ فجر اليوم
  • ارتفاع حصيلة العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة إلى 51305 شهداء
  • المجلس المركزي الفلسطيني يناقش أولويات المرحلة في ظل تصاعد العدوان الإسرائيلي
  • مجلس الشيوخ يحيل خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية إلى لجنة الشؤون المالية