طوفان حوثي يلتهم موانئ الحديدة.. استحواذ شامل يحرم ملايين اليمنيين (تقرير خاص)
تاريخ النشر: 16th, November 2023 GMT
يمن مونيتور/ وحدة التقارير/ خاص
لا يتوقف الحوثيون عن استثمار الأحداث والمناسبات الدينية والقضايا المصيرية، كـ”القضية الفلسطينية”، في توطيد سلطتهم ومشروعهم السياسي، وكسب المزيد من النفوذ والمال، رغم اتساع رقعة الفقر وتوقف الرواتب وتدهور الخدمات.
ومع اهتمام الشارع اليمني بما يجري من أحداث في فلسطين، (غزة تحديداً)، سارع الحوثيون إلى ركب الموجة بفرقعات صاروخية ليدعي بأنه في حالة حرب مع أمريكا وإسرائيل، ليبدأ (الحوثي) طوفانا خاصا به على قوت ملايين اليمنيين، عبر موانئ الحديدة.
وفي هذا الشأن، قالت مصادر خاصة، لـ”يمن مونيتور”، إن الحوثي عمد خلال الأسابيع التي رافقت إعلان مساندته لطوفان الأقصى في غزة، لتنفيذ أكبر قدر ممكن من القرارات الداخلية التي مكنته من الاستحواذ الشامل على الأنشطة الاقتصادية في موانئ الحديدة، التي كان ينشط فيها القطاع الخاص وقطاع النقل العام من المواطنين.
ووفقا للمصادر، فإن من بين هذه الإجراءات حرمان الآلاف من مالكي شاحنات النقل الثقيلة التي يعمل سائقوها في نقل بضائع التجار من الميناء إلى مختلف المحافظات الخاضعة لسيطرتها، وذلك مقابل منحها لصالح هيئة نقل أنشائها الحوثيون لصالح الجماعة، كما عمدوا على حجز بعض سفن الشحن التجارية، وفتح منافذ متعددة للجمارك، لإغلاق الباب أمام مواصلة نشاط القطاع الخاص في مناطق سيطرتهم.
وخلال الفترة الماضية، تعرَّض النشاط التجاري في مناطق سيطرة الجماعة لعملية تجريف واسعة عبر سلسلة من الممارسات والانتهاكات التي لا تنتهي والتي تؤدي إجمالاً إلى إحلال طبقة طفيلية جديدة من التُجار محل الطبقة القائمة.
حرمان سائقي شاحنات النقل الثقيلة
ويستغل الحوثيون، المؤسسات الرسمية المهمشة الواقعة تحت سلطتهم، بما يخدم مشروعهم السياسي، في حين يتم التنصل من كل الالتزامات التي يفترض أن تقدمها هذه المؤسسات للمواطنين.
في السياق، قالت ثلاثة مصادر خاصة، لـ”يمن مونيتور”، إن الحوثي أصدر قرارا غير معلن يقضي بمنع (شاحنات النقل) من العمل والنقل من ميناء الحديدة الواقع غربي البلاد إلى بقية المحافظات الواقعة تحت نطاق سيطرة الجماعة.
وقال أحد سائقي هذه الشاحنات في تصريح مع “يمن مونيتور”: “اتصل بي تاجر أن أتوجه إلى ميناء الحديدة من صنعاء لنقل بضاعته، وحين توجهت إلى هناك وأكملت المعاملة الروتينية، لتحميل الشاحنة، تفاجأت بأن الحمولة قد ذهبت مني قسرا”.
وأضاف “قال لي مكتب التخليص الجمركي: لم يعد ممكنا لك النقل، وهذه الحمولة ليست لك أيضا، وقد ذهبت إلى شاحنة تتبع المؤسسة الاقتصادية (جهة حديثة أنشأها الحوثيون)”.
وتابع: “حين تواصلت مع التاجر بشأنها رفض الرد علي”، وقد تبين لاحقا أن قادة الحوثيين في موانئ الحديدة هم من يتحكم بكل شيء إلى الحد الذي يجعلهم يحددون من ينقل البضاعة للتجار”.
وأضاف” أتمنى أن يغلق ميناء الحديدة، لقد عطلني عن العمل، وعطل آلاف الناقلين”.
وقال مصدران آخران في قطاع النقل لـ”يمن مونيتور”، في تصريحات خاصة، إن قراراً حوثيا قضى أيضا بحرمان الشاحنات غير المسطحة من نقل البضائع، دون صدور قرار رسمي مكتوب بهذا الأمر لكنه مطبق على أرض الواقع.
خلق صعوبات أمام سائقي الشاحنات
لم يكتفي الحوثيون بسحب البساط من تحت سائقي النقل، بل حاولوا بكل جهد خلق وسائل وقرارات باسم جهات حكومية، لغلق كل المحاولات المتبقية أمام سائقي الشاحنات، لإجبارهم على الاستسلام وترك مصدر رزقهم لصالح نفوذ الجماعة.
ففي مطلع أكتوبر الماضي، قررت جماعة الحوثي عبر الإدارة العامة للمرور حظر مرور الشاحنات المتوجهة إلى موانئ الحديدة من طريق صنعاء مناخة الحديدة الطريق الرسمي والأكثر تأهيلا مقارنة بغيره من خطوط النقل، دون إبداء الأسباب، ثم أصدرت لاحقا بيانا توضيحيا أن القرار جاء لتفادي الازدحام المروري.
القرار الحوثي الذي حصل “يمن مونيتور” على نسخة منه، أشار إلى تحويل طريق النزول إلى الحديدة من صنعاء يمر عبر المحويت، ويمنع عبر طريق صنعاء الحديدة، وهو الطريق الذي يبعد مسافة تزيد عن 40 كيلو مترا، مقارنة بخط مناخة، وليس مصمما لمرور الشاحنات الكبيرة، فضلا عن المنحدرات الشاهقة فيه.
بعد اندلاع طوفان الأقصى بأيام، أصدرت جماعة الحوثي قرارا آخر غير مكتوب يقضي بأن يكون طريق نقل البضائع من الحديدة إلى المحافظات يمر عبر محافظة ذمار أو محافظة حجة، ويتفاوت المسافة بين الطريقين مقارنة بمناخة بين 60 كليو و90 كيلو مترا.
القرارات الحوثية شملت أيضا تحديد وقت قصير لحركة الشاحنات من الساعة 4 عصرا حتى الساعة 12 عند منتصف الليل بتوقيت اليمن، فقط.
وفي غضون أسبوع واحد، وقع أكثر من 13 حادثا مروريا لشاحنات النقل، أحدها أدى إلى وفاة ستة أشخاص في محافظة ذمار جنوبي العاصمة صنعاء.
“صراع الإيرادات”
على الصعيد، أفاد سائقو الشاحنات، بأن أحد أهم الأسباب الرئيسية لقطع خط صنعاء الحديدة عبر مناخة، صراع على الإيرادات بين موازين حوثية، حيث افتتح الحوثي ميزانا جديدا في معبر بذمار، وحجز مئات شاحنات نقل الوقود على الوقوف عدة أيام قبل أسبوعين، لإجبارهم على دفع أموال إضافية.
ونشر ناشطو النقل على وسائل التواصل الاجتماعي مقطعاً مصوراً لإحدى الشاحنات تظهر فيها آثار رصاص مباشر على كابينة السواق لإجباره على الدفع.
ارتفاع أسعار الشحن بالطريق البديلة
وحصل “يمن مونتيور على وثيقة صادرة عن مكتب النقل الثقيل في الحديدة وهي نقابة خاصة، ترفع فيها أسعار النقل نظرا لطول الطرق البديلة، بنسبة مختلفة تتصل إلى 140 ألف ريال للحاويات 40 قدم في الثامن من أكتوبر الجاري.
وقال أحد العاملين بقطاع النقل من الذين لديهم فرصة لاستمرار العمل رغم القرارات الحوثية: “هذا القرار على الورق، لم نستطع أن نرفع أسعار الشحن، لأن الحوثي يمنع ذلك، ويجعل قدرتنا على المنافسة محدودة، ولذا ننقل البضائع عن طريق ذمار أو عن طريق حجة بنفس السعر عن طريق مناخة.”.
“طريق حصري”
في السياق، قالت مصادر عاملة بقطاع النقل، إنها رصدت عدة مرات شاحنات المؤسسة الاقتصادية التابعة للحوثيين، وهي تمارس عدة مهام من الأنشطة الاقتصادية، عبر الطريق الرئيس الخاص بنقل البضائع والشاحنات.
وقال شهود لـ” يمن مونيتور”، إنهم شاهدوا شاحنات نقل تمر ذهابا وإيابا، عبر طريق مناخة صنعاء بينما يمنع بقية السائقين، مشيرين إلى أن هذه الشاحنات تحمل على واجهتها لوحات إعلانية تحمل اسم (هيئة الشهداء وهيئة الجرحى وهي هيئة تابعة للحوثيين).
وقال أحد العاملين بسوق النقل، “لقد انتهى العمل في قطاع النقل عبر موانئ الحديدة، يحتكر الحوثي كل شيء تقريبا”.
“رفع قيمة الضرائب والجمارك”
وبعد طوفان الأقصى بثلاثة أيام فقط، أعادت جماعة الحوثي طرح مشروع قرار يقضي بسلسلة هائلة من ضرائب المبيعات والدخل والأرباح، والجمارك، لعرضها على، مجلس النواب في صنعاء فاقد النصاب القانوني ليتم تمريره.
وينص القانون الذي اطلع “يمن مونيتور” على نصه في وقت سابق على منح وزير المالية في حكومة الحوثي حق اقتراح فرض ضرائب أو رسوم أو رفعها وتصدر بقرار من رئيس الحكومة أو من رئيس المجلس السياسي الأعلى دون الحاجة إلى مجلس النواب، ما يعني فعليا إنهاء ما بقي من سلطة شكلية لمجلس النواب.
وقال مسؤول كبير بإحدى المجموعات التجارية: “لقد استغلوا طوفان الأقصى والمضايقات الأخيرة على التجار، والآن استكملوا بطشهم بحق التجار”.
احتجاز سفن شحن
على صعيد متصل، تواصل الجماعة احكام سيطرتها الاقتصادية الشاملة على ميناء الحديدة، والتحكم بحركة الملاحة فيه، والسماح والاحتجاز للسفن الواصلة الميناء.
وأظهرت بيانات الحركة الملاحية في موانئ الحديدة أن جماعة الحوثي احتجزت مجددا إحدى سفن نقل الحاويات في ميناء الحديدة ومنعتها من المغادرة بعد أن احتجزتها في وقت سابق في يونيو الماضي.
وتشير بيانات حركة الملاحة الصادرة عن مؤسسة موانئ البحر الأحمر أن السفينة (رينا) التي تنقل الحاويات محتجزة في رصيف المغادرة بأمر قضائي دون توضيح نوعية القضية، وتفسير سبب حجزها وإطلاقها.
والسفينة المذكورة، ترابط في موانئ الحديدة منذ الثاني من ثلاثة أشهر، حيث وصلت في الثاني من أغسطس الماضي.
وتتبع السفينة (رينا) شركة عالم البحار السبعة وكانت تحمل على متنها 5800 طنا من النخالة والإسمنت واحتجزها الحوثي بتاريخ مطلع أكتوبر الجاري، وما زالت محتجزة حتى الآن.
المصدر: يمن مونيتور
كلمات دلالية: اليمن تقارير طوفان الحوثي ميناء الحديدة يمن مونيتور فی موانئ الحدیدة میناء الحدیدة شاحنات النقل جماعة الحوثی طوفان الأقصى یمن مونیتور نقل البضائع الحدیدة من
إقرأ أيضاً:
منزل شقيقة محافظ تعز السابق وأرض مغترب.. ضحايا جدد للحارس القضائي الحوثي (تقرير)
في ظل تصاعد الانتهاكات التي تمارسها ميليشيا الحوثي بحق المواطنين والممتلكات الخاصة، تتكشف يوماً بعد آخر جرائم نهب منظم يقودها ما يُسمى بـ"الحارس القضائي" التابع للمليشيا، والذي بات أداة لنهب العقارات ومنازل اليمنيين تحت ذرائع واهية، وبدون أي مسوغ قانوني.
هذه الانتهاكات تمس بشكل مباشر حقوق الإنسان وملكية الأفراد، وتحمل طابعاً انتقامياً تجاه كل من يعارض سلطة الانقلاب، كما تكشف عن نظام موازٍ للعدالة يدار بالقوة والتعسف.
كشفت مصادر مطلعة عن قيام ميليشيا الحوثي الإرهابية، عبر ما يُعرف بـ"الحارس القضائي"، بالسطو على منزل شقيقة محافظ تعز السابق الدكتور أمين محمود، في العاصمة المختطفة صنعاء، ضمن حملة ممنهجة تستهدف منازل وعقارات المسؤولين المناهضين للانقلاب.
وبحسب المصادر، اقتحمت الميليشيا منزل شقيقة المحافظ وطردتها منه، رغم إقامتها فيه منذ سنوات، مستغلة وثيقة ملكية قديمة كذريعة لتبرير جريمتها، في إجراء وصفه مراقبون بأنه انتقامي بامتياز ولا يستند إلى أي مسوغ قانوني.
ولم تكن هذه الحادثة الوحيدة، إذ تحولت قضية المواطن اليمني المغترب "أبو تركي المحقني" إلى قضية رأي عام، بعد كشفه تفاصيل معاناته المستمرة منذ عام 2017، إثر استيلاء ما يسمى بالحارس القضائي الحوثي على أرضه التي اشتراها بملايين الريالات في شارع رئيس بصنعاء، رغم امتلاكه كافة الوثائق القانونية المعتمدة من الجهات الرسمية.
وتعرض المحقني لما وصفه بـ"الظلم الفادح" عقب شرائه أرضًا في العاصمة صنعاء بمساحة تقارب 60 لبنة، تقع على شارع رئيس بعرض 60 مترًا، بموجب مخطط معتمد من أمانة العاصمة ووزارة الأشغال.
ووفقًا لشهادته، فإن الأرض التي اشتراها بملايين الريالات من تعب غربته التي استمرت لعشرين عامًا، تم الحجز عليها من قِبل الحارس القضائي الحوثي في العام 2017، بتهمة أنها تعود لأشخاص متهمين بـ"الخيانة والانتماء لداعش"، وهو ما نفاه المحقني مؤكدًا سلامة جميع الوثائق القانونية التي تثبت ملكيته للأرض.
وأوضح أن القضية تحولت إلى المحكمة الجزائية المتخصصة، حيث حضر ما يزيد عن 14 جلسة، وقدم جميع الأصول القانونية والشهود، بمن فيهم البائع الأصلي.
وقد تم فحص الوثائق عبر المعمل الجنائي الذي أثبت صحتها وعدم وجود أي تزوير، ما دفع المحكمة لإصدار حكم نهائي لصالحه، قضى بتسليمه الأرض وفرض غرامة على الحارس القضائي التابع للمليشيا.
لكن رغم الحكم القضائي، رفض الحارس القضائي الحوثي تنفيذ القرار، وواصل المماطلة بإعادة الفحص مرة أخرى، بحسب المحقني، مؤكدًا أنه اضطر لتسليم الأصول مجددًا في محضر رسمي دون أن يُسمح له حتى بمعرفة مقر اللجنة الحوثية بحجة "الوضع الأمني".
وبعد متابعات طويلة من خارج وداخل اليمن، وبذل جهود كبيرة عبر المحامين والجهات الرسمية، تم تشكيل لجنة من النيابة لرفع الحجز، إلا أن الحارس القضائي تغيب.
كما تعرض المحقني لمنع مباشر من البناء من قبل جهات وصفها بـ"غير الرسمية" ولا تمتلك أي صفة قانونية أو مكاتب حكومية، بينهم مشرفون حوثيون يُعرفون بأسماء مستعارة مثل "أبو حسين" و"أبو ذر الغفاري".
وأفاد بأن قائد الشرطة العسكرية القيادي "جحاف" منعه لاحقًا من دخول أرضه بحجة أن المنطقة "عسكرية ومحظورة"، بينما تُترك حرية الاستثمار للمقربين من الجهات النافذة، على حد تعبيره.
وتساءل أبو تركي: "إذا كانت المنطقة عسكرية، فلماذا لم يتم منعي من الشراء؟ ولماذا تم السماح للأمناء الشرعيين ببيع الأراضي فيها؟". كما عبر عن استغرابه من تصنيفه "خائنًا أو داعشيًا" لمجرد مطالبته بحقه وانتقاده لتصرفات بعض الجهات الرسمية.
واختتم حديثه بالقول: "أنا لم أتلوث بالدم، ولم أشارك في سفك الدماء، ولم أخن وطني، كل ما أريده هو حقي، والعدالة التي نسمع عنها باتت بعيدة المنال".
ويمثّل "الحارس القضائي" إحدى أبرز أذرع مليشيات الحوثي المدعومة من إيران في الاستيلاء ونهب أموال وممتلكات المواطنين والمغتربين والمعارضين السياسيين أو الخصوم الاقتصاديين.
ومنذ مطلع عام 2016، استخدم الحوثيون هذه الذراع لوضع اليد على شركات وعقارات ومصارف ومؤسسات مختلفة، بذريعة "الحجز على أموال المتعاونين مع العدوان"، بحسب زعمهم.