احذري ..حالة واحدة يجوز لك لمس المصحف أثناء الحيض
تاريخ النشر: 16th, November 2023 GMT
حكم لمس المصحف أثناء الحيض أو العذر الشهري، سؤال أجاب عنه أجاب الشيخ محمد كمال، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، وذلك ردا على سؤال متصلة تدعى بثينة، إنها لديها مصحف تفسير، وتقوم بالقرءاة منه أثناء العذر الشهري، فما حكم لمس مصحف التفسير أثناء العذر الشهري؟
حكم لمس مصحف التفسير أثناء العذر الشهريوقال أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، اليوم الخميس: "ما لديها كتاب تفسير، به معاني كلمات، فو كان أكثره تفسير فيجوز، لكن لو أكثره قرآن فلا يجوز".
وتابع: "لا يجوز مس المصحف فى فترة العذر الشهرى، حتى لو السيدة ستقول أورده يومية، عليها أن تعوض هذا بقراءة بالأذكار، وفى حالة واحدة يجوز القراءة من المصحف أثناء العذر الشهري، وهو أن تكون طالبة وعليها امتحان".
قالت دار الإفتاء إن الحيض في الشرع هو عبارة عن الدم الذي يخرج من رحم امرأة بالغة صحيحة، ومن منظور طبي: هو عبارة عن نزيف شهري يستمر بين يوم إلى سبعة أيام غالبًا، ويحدث عادة كل ثمانية وعشرين يومًا، ومن الممكن أن تنقص هذه المدة أو أن تزيد، ويُسمى الحيض بالطمث.
ومصدر السائل الطمثي الذي هو دم الحيض هو الرحم؛ ففي سن البلوغ تبدأ الغدة النخامية تحت تأثير مراكز عليا في المخ تنبيه الغدد الصماء، ومنها المبيضان، فيفرزان الهرمونات الأنثوية فينمو الرحم، وفي كل دورة ينمو الغشاء المبطِّن للرحم ويمتلئ بالغدد، وتتركز فيه المواد الغذائية استعدادًا لاستقبال البييضة الملقحة التي تنغرس في جدار الرحم المُعَدِّ لذلك، فإذا لم يحدث حمل تبقى البُيَيْضة بدون تلقيح، وتبدأ في الضمور وتهبط معها الهرمونات، فيتفتت الغشاء المخاطي المبطن للرحم وينزل على هيئة دم الحيض. والسائل الحيضي عبارة عن دم غير متجلط مع مخاط مع بقايا خلايا الغشاء المخاطي الذي تفتت، وتكون كميته قليلة، ومخاطيًّا في أول الحيض، ثم يكون مائلًا للحمرة، ثم بني اللون في نهاية الحيض، هذا في غالب الأحوال.
ويستمر حيض المرأة على عادة مطردة غالبًا حتى تبلغ سنًّا ينقطع فيه الحيض، ويختلف هذا السن من قطر لآخر ومن امرأة لأخرى، ويبدأ غالبًا بعد سن الخمسين، وهذه المرأة التي انقطع عنها المحيض لكبرها تُسمى الآيسة.
وأهم هرمونين مسببين للحيض هما هرمون الإستروجين وهرمون البروجيستيرون؛ فإذا كان أمر نزول دم الحيض متعلقًا بمجموعة من الهرمونات، وقد تقرر في الطب الحديث إمكانية تحويل هذه الهرمونات إلى أدوية؛ كالحبوب ونحوها، فإنه يمكن استجلاب دم الحيض سواء للصغيرة أو للآيسة بواسطة هذه الهرمونات الخارجية.
وقد اختلف الفقهاء في حكم أخذ دواء لاستجلاب الحيض في غير وقته المعتاد بلا حاجة؛ فمقتضى قول الشافعية جواز ذلك، وقال الحنابلة أيضًا بجواز أخذ الأدوية لاستجلاب دم الحيض مطلقًا إن لم يكن للتحايل على الشرع بإفطار رمضان؛ قال العلامة ابن حجر الهيتمي الشافعي في "تحفة المحتاج" (8/ 237، ط. المكتبة التجارية الكبرى) فيمن انقطع عنها دم الحيض لا لعلة: [ولهذه ومن لم تحض أصلًا وإن لم تبلغ خمس عشرة سنة استعجال الحيض بدواء، وزعم أن استعجال التكليف ممنوع ليس في محلّه كما هو ظاهر] اهـ.
وقال العلامة الشرواني في "حاشيته على تحفة المحتاج" (8/ 237، ط. المكتبة التجارية الكبرى): [قوله: (ولهذه ومن لم تحض)... إلخ. أفهم تخصيص جواز الاستعجال بهاتين حرمة استعجال الحيض على غيرهما، كمن تحيض في كل شهرين مثلًا مرة، فأرادت استعجال الحيض بدواء لتنقضي عدتها فيما دون الأقراء المعتادة ولعله غير مراد] اهـ.
وقال العلامة البهوتي الحنبلي في "الروض المربع" (ص: 604، ط. مؤسسة الرسالة): [ويباح للمرأة إلقاء النطفة قبل أربعين يومًا بدواء مباح، وكذا شربه لحصول حيض، لا قرب رمضان لتفطره] اهـ.
وكره المالكية ذلك؛ قال العلامة النفراوي المالكي فيمن استعجلت خروج دم الحيض في "الفواكه الدواني" (1/ 117، ط. دار الفكر): [ويُكره لها الإقدام على ذلك؛ بخلاف ما لو تأخر عن عادته فعالجته ليخرج في زمنه، فلا شك في كونه حيضًا في باب العدة والعبادة وجواز إقدامها على ذلك] اهـ.
ثم إن أخذت المرأة دواءً؛ لاستجلاب دم الحيض بلا حاجة، فهل يعتبر الدم النازل حيضًا أم لا؟ اختلف الفقهاء: فصرح المالكية بأن هذا الدم لا يُعدّ حيضًا؛ قال العلامة الصاوي المالكي في "بلغة السالك لأقرب المسالك" (1/ 207، ط. دار المعارف): [ومن هاهنا قال سيدي عبد الله المنوفي: إن ما خرج بعلاج قبل وقته المعتاد له لا يسمى حيضًا، قائلًا: الظاهر أنها لا تبرأ به من العدة ولا تحلّ، وتوقف في تركها الصلاة والصوم، قال خليل في "توضيحه": والظاهر على بحثه عدم تركهما] اهـ.
وذهب الحنفية والشافعية والحنابلة إلى أن من أخذت دواء لاستجلاب الحيض فنزل الدم فحكمها حكم الحائض؛ قال العلامة ابن عابدين الحنفي في "رد المحتار" (1/ 304، ط. دار الفكر): [وقال في "السراج": سئل بعض المشايخ عن المرضعة إذا لم تر حيضًا فعالجته حتى رأت صفرة في أيام الحيض، قال: هو حيض تنقضي به العدة] اهـ.
وقال الشيخ الجمل الشافعي في "فتوحات الوهاب بتوضيح شرح منهج الطلاب" (1/ 287، ط. دار الفكر) فيمن لا تجب عليه الصلاة: [قوله: (ولا على حائض ونفساء)؛ أي: وإن تسبَّبا في الحيض والنفاس بدواء ونحوه] اهـ.
وقال العلامة شيخ الإسلام زكريا الأنصاري الشافعي في "فتح الوهاب بشرح منهج الطلاب" (2/ 126، ط. دار الفكر): [فعدة حرة تحيض ثلاثة أقراء ولو جلبت الحيض فيها بدواء] اهـ.
وقال العلامة الرحيباني الحنبلي في "مطالب أولي النهى" (1/ 267، ط. المكتب الإسلامي): [(وَلَا) يجوزُ شرب دوَء لإِلقاءِ (عَلَقَةٍ) لِانْعِقادِهَا، (وَ) لها شُربُهُ (لحصول حيضٍ)؛ إذِ الْأَصلُ الحلُّ حتى يرد التَّحريمُ، وَلَمْ يرد، وَتنقضِي عِدَّتُها بالحيضِ الحاصلِ بِشربهَا الدَّوَاءَ، بِشرطِ أَن يَكونَ بين الحيضتين ثَلَاثَةَ عَشَرَ يَوْمًا فَأَكْثَرَ، و (لَا) تَشربُ مُبَاحًا لحصول حيض (قرب رمضان لتفطره)؛ كَالسفرِ للفطر، (ويَتَّجِهُ وَتُفطرُ) إذا حصل الحيضُ (وُجُوبًا)؛ كمن نَفِسَتْ بِتَعَدِّيهَا بضَربِ بطنهَا؛ إذْ لا فَرْقَ بينهُما، وَهُوَ مُتَّجِهٌ] اهـ.
وشددت بناء على ذلك: فإنه يجوز استجلاب دم الحيض لمن تخشى انقطاعه لكبر سنٍّ أو نحوه إن كان لغرض صحيح يقره الشرع الشريف دون نزول ضرر بها، وإلا يكون حرامًا، ويجب على من تفعل ذلك ألَّا تتحرى عند استجلابه شهر رمضان، ويُعَدُّ الدم النازل في هذه الحالة دم حيض تنقطع في مدته -إن كانت أقل من خمسة عشر يومًا- عن الصلاة والصيام.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الحيض حيض المرأة مصحف لمس المصحف دار الفکر الحیض فی غالب ا
إقرأ أيضاً:
ما التناجي الذي نهى عنه الرسول ومتى يجوز؟.. الإفتاء تجيب
أجابت دار الإفتاء ، على سؤال يقول: ما هو التناجي الذي نهى عنه الرسول؟، حيث حث الشرع على مراعاة مشاعر الآخرين وعدم إلحاق الأذى بالغير، مشيرة إلى أنه مِن المقرَّر أن المحافظة على ترك ما يؤذي الإنسان ويُحزِنه مطلوبة شرعًا، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «الْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ النَّاسُ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ وَالْمُؤْمِنُ مَنْ أَمِنَهُ النَّاسُ عَلَى دِمَائِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ» أخرجه الإمام أحمد في "المسند"، والنسائي في "السنن".
ما التناجي الذي نهى عنه الرسول؟
وبينت أن هذا الحديث أصلٌ عامٌّ في تقرير وجوب ابتعاد الإنسان عن الأمور التي قد تؤذي غيره، ويندرج تحتها " التناجي أو النجوى"، وذلك بالكلام الخفيُّ الذي يناجِي به المرء صاحبه كأنه يرفعُه عن غيرِه، كما في "تاج العروس" لمرتضى الزبِيدي (40/ 29-31، ط. دار الهداية)، ويظهر تأذي الغير خاصة إذا كان الحاضرون ثلاثة من قصر الكلام الخاص على اثنين منهم بأحد معنيين: "أحدهما: أنه ربَّما يتوهم أن نجواهما إنما هو لتبييت رأي فيه أو دسيس غائلة له، والمعنى الآخر: أن ذلك من أجل الاختصاص بالكرامة وهو محزِنٌ صاحبه" كما قاله أبو سليمان الخطابي في "معالم السنن" (4/ 117، ط. المطبعة العلمية).
وتابعت: لذا فقد جاء النهي عن هذا الفعل، فيما رواه ابن مسعود رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إذا كنتم ثلاثة، فلا يتناجى اثنان دون صاحبهما، فإن ذلك يُحزِنه» متفقٌ عليه، ووجه الدلالة مِنه: أن هذا النَّهي ظاهِرٌ في التحريم، بدليل ترتُّب التعليل -وهو الإحزان- عليه بالفاء، كما في "دليل الفالحين" لابن علَّان الصدِّيقي (8/ 438، ط. دار المعرفة).
والأصل في التناجي: الكراهة والقُبح، كالمكر والخديعة، إذا لم يُقصد به أمرٌ حسن في الشرع، وقد بيَّن الله عزَّ وجلَّ أن النجوى لا تحسنُ إلا في وجوه مستثناة، فقال تعالى: ﴿لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ﴾ [النساء: 114].
وقال سبحانه: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَنَاجَيْتُمْ فَلَا تَتَنَاجَوْا بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ الرَّسُولِ وَتَنَاجَوْا بِالْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ﴾ [المجادلة: 9].
قال ابنُ عطية الأندلسي في "تفسيره" (5/ 277، ط. دار الكتب العلمية): [وصَّى الله تعالى المؤمنين في هذه الآية بأن لا يكون لهم تناجٍ في مكروه، وذلك عام في جميع الناس إلى يوم القيامة، وخصَّ الإثم بالذكر لعمومه، والعدوان لعظمته في نفسه، إذ هي ظلاماتُ العباد، وكذلك معصية الرسول ذكرها؛ طعنًا على المنافقين؛ إذ كان تناجيهم في ذلك] اهـ.
آداب التناجي
وحول ضابط التناجي المنهي عنه شرعا، قالت الإفتاء: يتحصل من هذه المعاني أن ضابط التناجي المنهي عنه شرعًا -وهو المسؤول عنه- يتحقق بجملةٍ من الأمور:
أولًا: أن يترك المتناجِيان واحِدًا منهم، ولو كانوا جماعة، فلو أبقوا أكثرَ مِن واحدٍ فلا مانِع اتفاقًا، فيجوز تناجي اثنين دون اثنين أو جماعة؛ لأن الثالث قد شاركه الباقون فيما يُستر عنه مِن الحديث، فيزول عنه سوء الظن، والحُكم يدور مع عِلَّته وجودًا وعدمًا، كما أفاده الإمام ابنُ بطال في "شرح صحيح البخاري" (9/ 64، ط. مكتبة الرشد).
فقد جاء في "موطأ الإمام مالك" عن عبد الله بن دينار، قال: كنتُ أنا وعبد الله بن عمر رضي الله عنهما عند دار خالد بن عقبة التي بالسوق، فجاء رجلٌ يريد أن يناجيه، وليس مع عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أحدٌ غيري، وغير الرجل الذي يريد أن يناجيه، فدعا عبد الله بن عمر رضي الله عنهما رجلًا آخر حتى كنا أربعة، فقال لي وللرجل الذي دعاه: استأخِرَا شيئًا، فإني سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «لا يَتَنَاجى اثنان دون واحدٍ».
ثانيًا: أن تقلَّ الجماعة الحاضرة في مكان المحادثة، فإذا كان التناجي بحضرة جماعة كثيرة لم يُمنع؛ لأن ذلك أنفى للتهمة والرِّيبة؛ وذلك لما ورد في حديث جابرٍ رضي الله عنه أنه لما رأى برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم جوعًا شديدًا في غزوة الخندق ذهب إلى زوجته، ثم قال: فجِئتُه فسارَرْتُه، فقلت: يا رسول الله، إنَّا قد ذبحنا بُهَيْمَةً لنا، وطحنَّا صاعًا من شعير كان عندنا، فتعال أنت في نفر معك. متفقٌ عليه.
ثالثًا: أن يكون التناجي بينهما بغير إذنٍ من بقيَّة الحاضرين سواء كان واحدًا منفردًا أو أكثر، فإن أذِن المنفرد أو الباقي في التناجي دونه أو دونهم: زال المانِع؛ لكون الحقِّ له، فإن أسقطه سقط، ولا يكون بذلك من التناجي المنهي عنه، كما في "الفواكه الدواني" للنفراوي (2/ 328، ط. دار الفكر).
والأصلُ فيه: ما أخرجه أحمد في "المسند" عن ابن عمر رضي الله عنهما، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إذا تَنَاجى اثنان فلا تجلِسْ إليهما حتى تستأذِنَهما».
رابعًا: ألَّا يكون الثالثُ هو الداخِل على المتناجَيين في حال حديثهما وكلامهما سِرًّا، فلو تكلم اثنان في السِّر ابتداء، ثم أتى ثالثٌ ليستمع إليهما، فلا يجوز ما لم يُؤذن له، كما لو لم يكن حاضِرًا معهما أصلًا، كما في "فتح الباري" للحافظ ابن حجر العسقلاني (11/ 84، ط. دار المعرفة).
ويدلُّ على هذا: ما أخرجه البخاري في "الأدب المفرد" عن سعيد المقبري، قال: مررت على ابن عمر، ومعه رجل يتحدث، فقمتُ إليهما، فلَطَمَ في صدري فقال: إذا وجدت اثنين يتحدَّثان فلا تقم معهما، ولا تجلس معهما، حتى تستأذنهما، فقلت: أصلحك الله يا أبا عبد الرحمن، إنما رجوتُ أن أسمع منكما خيرًا.
خامسًا: أن يخشى المتناجيان أن يظن ثالثُهما أنهما يتحدثان في أمرٍ يكرهه، أو كان لا يعرِفُهما ولا يثق بهما، فيكون التناجي في هذه الحالة حرامًا، فإن أمِنَا من ظنِّه ذلك كُرِه تناجيهما؛ لأنه يغمُّ المنفرد مِن حيث الجملة، كما في "البيان والتحصيل" للإمام ابن رشد الجد (18/ 227، ط. دار الغرب الإسلامي).
وشددت بناء على ذلك: فلا مانع شرعًا مِن الكلام الخاصِّ مع شخصٍ في حضور ثالث، ولا يُعدُّ هذا من التناجي الممنوع إذا رُوعِيت الضوابط السَّابِقة، بأن يكون هذا الثالث على معرفةٍ وثقة بالمتناجِيَين، وأن يأذن لهما في هذا الحديث الخاص بينهما دونه، وألا يكون هو الداخلَ عليهما حال حديثهما سِرًّا.