المقاومة في العراق وطوفان الأقصى.. من التضامن والإسناد إلى التحرير
تاريخ النشر: 16th, November 2023 GMT
يمانيون – متابعات
لم تنقضِ 10 أيام من انطلاق عملية طوفان الأقصى، حتى دخلت المقاومة الإسلامية في العراق على خط المواجهة والإسناد، معلنة المشاركة بعمليات عسكرية ضد القواعد الأمريكية في العراق وسوريا، وصولاً إلى استهداف كيان العدو الصهيوني.
العراق حكومةً وقوى سياسية وحركات مقاومة، باركوا منذ الساعات الأولى هذا الإنجاز للمقاومة الفلسطينية، بالشكل الذي يؤكد على أهمية القضية الفلسطينية لدى الشعب العراقي.
بيان التأييد والدعم والمباركة الصادر عن الحشد الشعبي كان لافتاً بما أوحى به من جهوزية لدعم المقاومين الفلسطينيين ميدانياً، في حال تطورت المعركة.
ففي تغريدة له على منصة (X)، سارع الأمين العام لكتائب سيد الشهداء، أبو آلاء الولائي إلى تلبية نداء قائد كتائب القسام محمد الضيف، حيث خاطب أبو آلاء المقاومة الفلسطينية، قائلاً: (الله أكبر كبيرا.. والحمد لله كثيرا إلى أخوة الدين والدم وشركاء الجهاد والعزم من أبناء المقاومة الفلسطينية البطلة.. لبيكم لبيكم قد بلغنا نداءكم وأدركنا استنصاركم إنها والله ساعة المنى ولحظة الوفاء بالعهد وإنجاز الوعد قد جُهزت إمكاناتنا وعُقدت عزائمنا واستُنهضت هممنا.. فليكن طوفان الأقصى نهاية أكذوبتهم وتحقيق وعد الله بهلاكهم وخلاص الأرض من خبثهم.. واليوم ينجز الله وعده على أيديكم).
انطلاق عمليات المقاومة رسمياً
منذ الـ17 من أكتوبر المنصرم وحتى اليوم، لم تتوقف هجمات المقاومة العراقية على القواعد الأمريكية المتواجدة في العراق وسوريا.
وإذا ما عدنا إلى أول إعلان رسمي يتبنى عمليات المقاومة الإسلامية في العراق، فسنجد توقيته عقب المجزرة الوحشية التي ارتكبها كيان العدو الصهيوني بمستشفى المعمداني في غزة.
فبعد ساعات من مجزرة مستشفى المعمداني، أكد المتحدث العسكري باسم كتائب حزب الله في العراق جعفر الحسيني، أن الأمريكيين شركاء أساسيون في قتل أبناء غزة، وأن عليهم تحمل العواقب، لافتاً إلى أن كتائب حزب الله بدأت عملياً المقاومة في العراق بتوجيه ضرباتها إلى القواعد الأمريكية.
التظاهرات الجماهيرية الواسعة والضخمة التي شهدتها المدن العراقية وعلى وجه الخصوص بغداد، شكَّلت رافعةً شعبية للمقاومة الإسلامية في العراق، لنصرة غزة وأهلها.
إحصائية عمليات المقاومة (حتى نهاية يوم 15 نوفمبر):
دعما لطوفان الأقصى ضد حرب الإبادة التي يرتكبها العدو الصهيوني بحق أبناء غزة، بدعم كامل من الولايات المتحدة الأمريكية، نفذت المقاومة الإسلامية في العراق 60 عملية استهدفت القواعد الأمريكية في العراق وسوريا، كما استهدفت مواقع للعدو الصهيوني في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وبالتزامن مع عملياتها، أعلنت المقاومة في العراق، عن أسلحة جديدة دخلت الخدمة، منها صاروخ (أقصى 1) متوسط المدى، بالإضافة إلى (صارم) وهو صاروخ ذكي قصير المدى.
وقد نفذت المقاومة عمليات بالطائرات المسيّرة والصواريخ والقذائف، بحسب ما يناسب كل عملية وموقعها وطريقة تحصين الهدف المراد، وعدة عوامل أخرى وضعتها المقاومة قبل تحديد السلاح المناسب، حيث توزعت عمليات المقاومة الإسلامية في العراق، كما يلي:
أولاً/ القواعد الأمريكية في العراق (26 هجوم) على النحو التالي:
– قاعدة (عين الأسد)، استُهدفت بـ13 هجوماً.
– قاعدة (حرير)، استُهدفت بـ 7 عمليات هجومية.
– قاعدة (أربيل – المطار)، استُهدفت بـ 5 عمليات هجومية.
– قاعدة (فكتوريا)، استُهدفت بهجوم واحد.
ثانياً/ القواعد الأمريكية في سوريا (31 هجوم) على النحو التالي:
– قاعدة (الشدادي)، استُهدفت بـ7 عمليات هجومية.
– قاعدة (التنف)، استُهدفت بـ6 عمليات هجومية.
– قاعدة (حقل كونيكو)، استُهدفت بـ6 عمليات هجومية.
– قاعدة (القرية الخضراء)، استُهدفت بـ 3 عمليات هجومية.
– قاعدة (حقل العمر)، استُهدفت بهجومين اثنين.
– قاعدة (تل البيدر)، استُهدفت بهجومين اثنين.
– قاعدة (خراب الجير)، استُهدفت بهجومين اثنين.
– قاعدة (الركبان)، استُهدفت بهجوم واحد.
– قاعدة (المالكية)، استُهدفت بهجوم واحد.
– قاعدة (رميلان)، استُهدفت بهجوم واحد.
ثالثاً/ مواقع للعدو الصهيوني في الأراضي الفلسطينية المحتلة (3 عمليات) على النحو التالي:
– قصف هدف حيوي للكيان الصهيوني على سواحل البحر الميت (يوم 02 نوفمبر).
– قصف هدف في أم الرشاش “إيلات” المحتلة (يوم 03 نوفمبر).
– قصف هدف في أم الرشراش “إيلات” المحتلة (يوم 12 نوفمبر).
البنتاغون يعترف بإصابة 59 ويخفي عدد قتلاه
في آخر إعلان لوزارة الحرب الأمريكية، قالت سابرينا سينغ، نائبة المتحدث باسم “البنتاغون”، إنه “منذ 17 أكتوبر حتى (الـ 14 من نوفمبر) رصدنا 55 هجوماً على القوات الأمريكية”.
واعترفت بأن حصيلة تلك الهجمات في العراق وسوريا، بلغت 59 مصاباً، دون إيضاح لدرجة الإصابات وخطورتها، في حين تعمدت إخفاء حصيلة القتلى في صفوف القوات الأمريكية المتواجدة في العراق وسوريا، والبالغ عددهم نحو 3400 جندي أمريكي، بحسب مصادر رسمية.
الاعتراف الأمريكي بعدد الهجمات التي تعرضت له قواته خلال 4 أسابيع، هو بمثابة إقرار أمريكي رسمي بأن جميع قواعده في العراق وسوريا لم تعد آمنة بالمطلق.
طوفان الأقصى خطوة نحو تحرير العراق وسوريا
على الرغم من أن الحيثية الأساسية التي انطلقت منها عمليات المقاومة الإسلامية في العراق هي التضامن مع غزة وإسناد مقاومتها، إلا أن بركة تلك العمليات قد تمخض عنها فكرة تحرير العراق وسوريا من بقية قواعد الاحتلال الأمريكي على المدى الاستراتيجي، بحسب ما أوضحه سماحة السيد حسن نصر الله في كلمته الأخيرة في الـ11 من نوفمبر.
يؤكد ذلك تصريح الأمين العام لحركة النجباء في العراق، الشيخ أكرم الكعبي، في الأول من نوفمبر الجاري، والذي أعلن فيه قائلاً: إن “المقاومة الإسلامية العراقية قررت تحرير العراق عسكرياً وحسم الأمر وطوبى للمجاهدين لا توقف لا مهادنة لا تراجع”.
هذه الخطوة الجريئة التي أعلنتها المقاومة الإسلامية في العراق، هي خطوة متقدمة لم يتم اتخاذها منذ اغتيال القوات الأمريكية للقائدين الشهيدين قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس.
ولم يكن لفكرة تحرير العراق وسوريا من بقية قواعد الاحتلال الأمريكي، بأن تتبلور ويتم العمل لتحقيقها، لولا معركة (طوفان الأقصى).
فمعركة (طوفان الأقصى)، نقطة تاريخية مفصلية في تاريخ الأمة ومستقبلها، وستغير وجه المنطقة، بانتصار غزة بمقاومتها وأبناءها – بإذن الله تعالى -، وبالتالي تحرير كافة منطقتنا العربية من الوجود الأمريكي.
المسيرة / حسن المرتضى
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: المقاومة الإسلامیة فی العراق القواعد الأمریکیة فی فی العراق وسوریا عملیات المقاومة عملیات هجومیة تحریر العراق طوفان الأقصى
إقرأ أيضاً:
الجديد في العقوبات الأمريكية على إيران وأثرها على العراق: الضغوط والفرص
مارس 2, 2025آخر تحديث: مارس 2, 2025
أ.م. بسمة خليل نامق الأوقاتي
أستاذ مساعد في العلاقات الدولية
تشكل العقوبات الأمريكية الأخيرة على إيران محطة جديدة في سلسلة طويلة من التوترات الإقليمية ذات الأثر العميق، ليس فقط على إيران نفسها، بل على الدول المجاورة، وفي مقدمتها العراق. إذ جاء القرار الأمريكي الأخير بفرض مزيد من العقوبات على صناعة النفط الإيرانية ليزيد من تعقيد المشهد الاقتصادي والسياسي في المنطقة، ويضع العراق أمام تحديات جسيمة، لكن ربما أيضًا أمام فرص غير متوقعة.
العراق بين المطرقة والسندان: تعمق نقاط الخلاف والتحديات
العلاقات الاقتصادية بين العراق وإيران ليست عادية، فهي تمتد إلى مجالات حيوية كإمدادات الطاقة والتبادل التجاري الذي تجاوز 12 مليار دولار سنويًا. كما يعتمد العراق على الغاز الإيراني لتشغيل محطات الكهرباء، مما يجعل أي اضطراب في تدفق هذه الواردات تحديًا يهدد الاستقرار الداخلي، خاصة في فصل الصيف عندما تصل ذروة الطلب على الكهرباء.
إضافة إلى ذلك، تُستخدم البنوك العراقية كقناة أساسية لتدفق العملات الأجنبية إلى إيران، مما جعل المصارف العراقية تحت رقابة مشددة من قبل وزارة الخزانة الأمريكية. العقوبات الأخيرة لم تقتصر على الشركات الإيرانية فقط، بل شملت عددًا من البنوك العراقية التي وُجهت إليها اتهامات بتسهيل تحويل الأموال إلى طهران. هذا التطور يضع العراق أمام معضلة حقيقية؛ فإما أن يمتثل بالكامل للعقوبات الأمريكية، مما قد يضر بعلاقته مع إيران، أو يحاول التملص، وهو ما قد يعرّضه لعقوبات أمريكية مباشرة.
1- تبعات العقوبات المالية والمصرفية
فرضت الولايات المتحدة عقوبات على خمسة مصارف عراقية في 2025، مما أدى إلى تراجع السيولة المالية في السوق المحلية، وزيادة الضغوط على القطاع المصرفي.
انخفاض تدفقات الدولار إلى العراق أدى إلى تقلبات حادة في سعر صرف الدينار العراقي، حيث ارتفع سعر الصرف في السوق الموازية بنسبة 10% خلال الأسابيع الأولى من فرض العقوبات.
هذه العقوبات أثرت أيضًا على علاقات العراق التجارية، حيث باتت الشركات الأجنبية أكثر ترددًا في التعامل مع المصارف العراقية خشية العقوبات الثانوية.
2- تداعيات على قطاع الطاقة
العراق يعتمد على الغاز الإيراني لتشغيل 40% من محطاته الكهربائية، مما يعني أن أي عرقلة في الإمدادات ستؤدي إلى انقطاعات واسعة في الكهرباء.
العقوبات دفعت العراق إلى تراكم الديون لإيران، حيث بلغت المستحقات غير المسددة عن استيراد الغاز والكهرباء أكثر من 11 مليار دولار.
الخيارات البديلة كشراء الغاز من قطر أو استيراد الكهرباء من تركيا تتطلب بنية تحتية جديدة وتأخذ وقتًا طويلًا لتنفيذها، مما يعقّد الموقف.
3- التأثيرات الاقتصادية الأوسع
التبادل التجاري بين العراق وإيران يتركز في المنتجات الغذائية ومواد البناء، مما يعني أن فرض قيود جديدة على هذه القطاعات سيؤدي إلى ارتفاع الأسعار داخل العراق.
قطاع الزراعة العراقي قد يتأثر بسبب العقوبات على الأسمدة والمبيدات القادمة من إيران، مما يزيد من صعوبة تحقيق الأمن الغذائي.
ارتفاع أسعار النفط الناتج عن خفض الإنتاج الإيراني يمثل سيفًا ذا حدين، فمن جهة يوفر للعراق إيرادات إضافية، لكنه أيضًا يزيد من تكلفة استيراد المنتجات النفطية المكررة.
فرص العراق في ظل الأزمة: حلول ومعالجات استراتيجية
رغم أن العقوبات تبدو كعائق خطير، إلا أنها قد تشكل فرصة للعراق للتحرر جزئيًا من الاعتماد على إيران وبناء اقتصاد أكثر استقلالية. ارتفاع أسعار النفط، الناجم عن انخفاض المعروض الإيراني، يمكن أن يمنح بغداد هامشًا ماليًا يسمح لها بإعادة هيكلة اقتصادها وتعزيز استثماراتها في قطاعات مثل الزراعة والصناعة.
1- تعزيز استقلالية قطاع الطاقة
الإسراع في استثمارات الغاز المحلي، حيث تمتلك حقول غاز ضخمة يمكن أن تساعد في تقليل الاعتماد على إيران، خاصة مع مشاريع تطوير حقل عكاز.
إعادة تأهيل البنية التحتية للطاقة وتحسين أداء محطات الكهرباء للحد من الهدر في التوزيع.
التوسع في الطاقة المتجددة، حيث يمكن أن توفر مشاريع الطاقة الشمسية والرياح بدائل مستدامة للكهرباء دون الحاجة إلى استيراد الغاز.
عقد اتفاقيات جديدة مع دول الخليج لاستيراد الغاز الطبيعي المسال (LNG)، وهو حل أكثر استدامة مقارنة باستيراد الغاز عبر الأنابيب من إيران.
2- تحصين النظام المصرفي والاقتصاد المحلي
تعزيز الرقابة على تحويلات العملات الأجنبية، ليس فقط لتجنب العقوبات الأمريكية، ولكن أيضًا لمنع تسرب العملة الصعبة خارج البلاد.
التفاوض مع الولايات المتحدة للحصول على استثناءات لبعض القطاعات الحساسة، مثل الغذاء والطاقة، لتجنب التأثيرات السلبية على الاقتصاد العراقي.
تشجيع الإنتاج المحلي للحد من الاعتماد على البضائع الإيرانية، خاصة في قطاعات الزراعة والصناعات التحويلية.
3- تبني سياسة خارجية متوازنة
العراق بحاجة إلى إدارة علاقاته مع الولايات المتحدة وإيران بحكمة وحذر، بحيث لا يكون مجرد تابع لأي طرف بل لاعبًا رئيسيًا في المعادلة الإقليمية، لتجنب التصعيد السياسي أو الاقتصادي.
يمكن لبغداد تبني نهج الحياد الإيجابي والعمل كوسيط دبلوماسي في تخفيف التوترات بين الطرفين، خاصة وأنها تتمتع بعلاقات قوية مع كليهما.
البحث عن تحالفات اقتصادية جديدة مع الدول العربية والخليجية يمكن أن يوفر للعراق بدائل استراتيجية بعيدًا عن الاعتماد
المفرط على إيران، عبر الانضمام إلى المبادرات الاقتصادية الإقليمية التي لا تتعارض مع العقوبات الأمريكية، مثل مشاريع التعاون العربي أو الاستثمارات الصينية ضمن “الحزام والطريق”.
4- الاستفادة من ارتفاع أسعار النفط
إدارة الإيرادات النفطية بحكمة: العقوبات على إيران قد تؤدي إلى ارتفاع أسعار النفط، مما يوفر للعراق إيرادات إضافية. ينبغي استثمارها في مشاريع البنية التحتية والإصلاح الاقتصادي بدلاً من الإنفاق العشوائي. توسيع الاستثمارات في قطاع الطاقة: تعزيز الإنتاج النفطي والغازي لتصدير المزيد للأسواق العالمية، مما قد يعوض أي خسائر اقتصادية بسبب العقوبات على إيران.الخلاصة:
إذا تمكنت الحكومة العراقية من تطبيق هذه الإجراءات بفعالية، يمكنها تحويل الأزمة إلى فرصة لتعزيز استقلالها الاقتصادي وتخفيف التأثيرات السلبية للعقوبات الأمريكية على إيران. الاستراتيجية الناجحة تعتمد على تنويع مصادر الطاقة، تحصين القطاع المصرفي، دعم الاقتصاد المحلي، وإدارة علاقاتها الخارجية بذكاء. العراق أمام مفترق طرق، فإما أن يكون ضحية للصراع الأمريكي-الإيراني، أو أن يستخدم هذه التحديات كدافع لبناء مستقبل اقتصادي أكثر استقرارًا واستقلالية.
bassma.col@copolicy.uobaghdad.edu.iq