“ذهبت مع الماء”… تصحيح مسار للدراما الخليجية محمد دحام فكك النص وقدم رؤية تجاوزت فكرة تعنيف المرأة المنوعة
تاريخ النشر: 10th, July 2023 GMT
المنوعة، “ذهبت مع الماء”… تصحيح مسار للدراما الخليجية محمد دحام فكك النص وقدم رؤية تجاوزت فكرة تعنيف المرأة،فالح العنزيأثارت الدراما الاجتماعية 8220;ذهبت مع الماء 8221; للكاتبة منى .،عبر صحافة الكويت، حيث يهتم الكثير من الناس بمشاهدة ومتابعه الاخبار، وتصدر خبر “ذهبت مع الماء”… تصحيح مسار للدراما الخليجية محمد دحام فكك النص وقدم رؤية تجاوزت فكرة تعنيف المرأة، محركات البحث العالمية و نتابع معكم تفاصيل ومعلوماته كما وردت الينا والان إلى التفاصيل.
فالح العنزي
أثارت الدراما الاجتماعية “ذهبت مع الماء” للكاتبة منى الشمري والمخرج محمد دحام الشمري ردود فعل متباينة بعدما اصبحت متاحة للمشاهدة من خلال منصة “نتفليكس”، وعلى الرغم من ان العمل سبق عرضه على منصة “شاشا” الا أن الضجة الايجابية التي لا تزال تصاحب حلقاته تعزز انتشار “نتفليكس” عربيا وعالميا، كما ان المتابع للدراما المحلية خلال السنوات الأخيرة يشعر بمواجهتها الكثير من الانتقادات واتهامات بتراجع مستواها رغم مشاركة كبار النجوم. اعتمد نجاح “ذهبت مع الماء” على ثلاث ركائز، الأولى وجود نص يحمل فكرة جيدة والثانية مخرج يجيد قراءة النص ويتولى مسؤولية الحصول على ذروة الأداء من الممثل، والركيزة الثالثة والأخيرة اختيار ممثل ناضج فكريا يعرف كيفية التعامل مع الشخصية المكتوبة على الورق وتجسيدها أمام الكاميرا، وهذه الركائز توفرت بل أكثر منها في هذا العمل، الذي لم يتجاوز ست حلقات وبمشاركة مجموعة من الممثلين غالبيتهم من الصف الثاني وليسوا نجوم صف أول مما يعزز من نجاح العمل باعتماده على “الشغل الداخلي” بغض النظر عن الأسماء، فالمسلسل لم يشهد مشاركة أي ممثل من الرواد، وكان فيصل العميري وحمد العماني خريجا المعهد العالي للفنون المسرحية هما الأكثر شهرة ونجومية، وحاول المخرج دحام الاشتغال على ثلاثة نماذج نسائية وجعلها شرارة الانطلاق في ثلاث قصص كان يتنقل بينها في خط سير مرتبط برباط وثيق متمكنا من تقديم رؤيته الاخراجية واثقا من قبضته بإحكام على كل عنصر. التنقل الذي سار عليه المخرج كان مرسوما وكأنه خارطة طريق واضحة المعالم مفاتيحها بيده فقط، ونجح باقتدار في الولوج الى بادية الكويت في الماضي والخروج من المدينة والعكس، لم نشعر باختلاف الزمن أو التعصرن حتى تنوع الأزياء والزمان واختلاف المكان لم يفقدنا تركيزنا في القصة على الرغم من “شطارة” المؤلفة في التنويع بين اللهجات البدوية والحاضرة كل بحسب بيئته، ومخطئ من يدعي ان القصة ارتكزت على تأريخ اضطهاد المرأة بل احتوى النص على مجموعة من الرسائل يأتي في مقدمتها بأن المجتمع الشرق اوسطي عموما والخليجي خصوصا لا يمكن ان يسلخ جلده مهما تطور الزمن وتحضرت المدينة ونضج العقل، فالعادات والتقاليد والأعراف استولت على دفة السفينة وقامت بدور “النوخذة”، أما العلم والمال والسلطة، فسقطت جميعها امام العادات والتقاليد مثلما يتحطم “حب” على صخرة المذاهب. من الرسائل الجميلة التي قدمها دحام، في مسلسله وجود رجال حقيقيون “مطر” و”فهد” هما ليسا مجرد ذكور، بل رجال عشقوا واخلصوا فكانت عاطفتهم حقيقية وليست مزيفة، هكذا أظهرها دحام مثلما أظهر بأن “المرجلة” تنبع من التربية والغرس الطيب ولا تكتسب مع الوقت، فالجبان لن يصبح فارسا حتى لو استبدلوا قلبه بآخر اصطناعي، “مطر” العبد الخادم لم يمنعه لونه الأسود من أن يكون فارسا مغوارا بل قادته رجولته للحفاظ على من يحب وينال حبيبته وحريته، هكذا ظل المخرج يسير في منتصف الطريق لم يخرج عن السكة يمينا أو يسارا. في هذا العمل كان التحدي كبيرا ومن دون مجاملة لو استمرت تغذية الدراما المحلية بهذه النوعية من النصوص والاخراج سوف يتعدل مسار الدراما وتركب السكة الصحيحة.
المرأة والرجل “غيمة” نور الشيخ” و”عالية” روان بن حسين، “وسمية” رهف العنزي، ثلاث نساء كل واحدة منهن تنتمي إلى زمنها، مثلما ينتمي معهن الى تلك الأزمنة “مطر” و”فهد” حمد العماني و”عبدالله” احمد السعيد، زمن عندما كانت المرأة مستعبدة تنجب من الرجل الذي تملكها ملك يمين، وزمن الاربعينيات الذي فرض على الرجل البسيط ان لا يفكر في بنات أسياده، وزمننا الحالي زمن المذهب والتعصب الاعمى، زمن اضطهاد الطفل وتعنيفه، والجميل ان نهايات “غيمة ووسمية وعالية” جميعها جاءت متشابهة اختلط فيها الدم بالماء، فالبئر احتوت “غيمة”، والبحر التهم “وسمية”، وغرقت “عالية” في البانيو، والعامل المشترك هنا ان الأم تجردت من مشاعرها، “غيمة” قتلت بتدبير من والدتها، و”وسمية” جاءت أمها بزوج، أما “عالية” فيكفي ان والدتها هيأتها للغرق في بانيو. بالنسبة لأداء الممثلين، هناك تميز مستحق للفنان فيصل العميري وهذه الشخصيات التي يستمتع بتقديمها، “فهد” أو حمد العماني وزهرة الخرجي وحتى فيّ الشرقاوي قاموا بالمطلوب منهم، لأن الشخصية لا تتطلب أداء مغايرا بل هي شخصيات عادية، كما يحسب للمخرج محمد دحام والجهة المنتجة اختيار المشهورة روان بن حسين لأول تجربة تمثيلية صريحة وتكليفها بدور بطولة مطلقة، نجحت في أدائه على أكمل وجه، وظهرت بعفوية وتجسيد حقيقي لمشاهد الفرح والحزن والألم، كما ساعد جمالها في منح المخرج مساحة لاظهار هذا الجمال على طريقته الخاصة، في حين نجحت رهف في تجسيد شخصية “وسمية” وهي شابة عشرينية، لكن رهف صاحبة وجه طفولي وقوام نحيل جدا لن يتقبل المشاهد وجودها كفتاة حالمة وعاشقة، فهي لا تزال طفلة وحتى اختيار الممثل أحمد السعيد لم يكن متناغما معها فكانا الحلقة الأضعف بين ممثلي المخرج محمد دحام.
المصدر: صحافة العرب
كلمات دلالية: موعد عاجل الدولار الامريكي اليوم اسعار الذهب اسعار النفط مباريات اليوم حالة الطقس
إقرأ أيضاً:
بين بارت والذكاء الاصطناعي.. رحلة النص من نبض القلب إلى نبض الآلة
حين أعلن رولان بارت عام 1967 أن «ولادة القارئ تُبنى على موت المؤلف»، لم يتخيّل أن قاتل الكاتب الحقيقي سيكون خوارزمية بلا قلب ولا ذاكرة. ما أراده بارت، في جوهره، لم يكن اغتيالا لفعل الكتابة، بل إزاحة مركز الثقل من المؤلف إلى القارئ، من السلطة إلى التلقي كما فهمناه من دراستنا للنقد البنيوي على مقاعد الدراسة. وبعد أكثر من نصف قرن، تُعاود أطروحة بارت الظهور في سياق مغاير تماما: لقد مات المؤلف مرة ثانية، لكن القاتل هذه المرة ليس النقد البنيوي، بل الذكاء الاصطناعي، الذي يكتب دون تجارب حياتية، ودون عذابات، وينتج نصوصا دون توقيع أو إمضاء.
***
كانت الكتابة على امتداد التاريخ محاطة بأثر إنساني لا يخطئه القارئ، بدءا من رعشة اليد إلى توتر اكتشاف المعنى ودهشته، ذلك الذي تسميه الناقدة الأمريكية كيثرين هايلز بـ«الحمض النووي للخبرة»؛ فهو ما يفصل بين رواية ودفتر إحصاءات، وبين قصيدة ووصفة طعام على حد تعبيرها. لكن خوارزميّات التوليد اللغوي تُنتج اليوم قصصا تكاد تكتمل فيها الحبكة، وتحكم الاستعارة وأساليب البلاغة الأخرى، من دون أن يجرحها قلق وجودي أو يُرهقها سؤال التجربة الإنسانية.. فهل يكفي الإتقان ليولد الأدب أم أن الأدب يولد من عذابات الإنسان وتجاربه وانكساراته؟
لكن المشكلة لا تبدو تقنية فقط، فحين يقرأ القارئ نصّا جميلا لا يعرف صاحبه، يتضاءل فضول نسبته إلى كاتبه ويعلو فضول الاستخدام: «أمتعني إذا هو جيّد»!. هنا نستعيد تحذير الفيلسوف الألماني فالتر بنيامين من أن تَغلُّب التقنية على العمل الفني يُحوّل المتلقي من شريك في التجربة إلى مُستهلك سريع للسلعة. النصّ المولد قد يُشبع جوع السرد، لكنه يُفرغ الكتابة من دورها الأعمق: أن تكون انعكاسا للوجود لا ترفا لحظيا يولد دون معاناة.
وإذا وسعنا الدائرة النقدية من بارت وبنيامين إلى ميشيل فوكو، فإن صدى محاضراته «ما المؤلِّف؟» يعود إلينا اليوم مضاعفا: إذا كان دور المؤلف، عند فوكو، وظيفة خطابية تنظم النص وتضبطه، فإن الذكاء الاصطناعي يُجرد هذه الوظيفة من لحمها وذاكرتها تاركا جملة بلا «سلطة اسم».. نحن إذا أمام خوارزمية تكتب خارج التجربة الشخصية وخارج الصمت الفلسفي معا، فهل يكون المؤلف الأخير هو القادر على أن يزرع شقا إنسانيا في هذه اللغة المحسوبة؟
***
تتحدث الكثير من الصحف والمجلات والكثير من الجامعات أنها استعملت الذكاء الاصطناعي بطريقة أو بأخرى سواء في توليد النصوص أو في تحريرها أو في إعداد الملخصات البحثية. وتلقت جريدة عمان، على سبيل المثال، خلال الأشهر الماضية عشرات المقالات إن لم يزد، بدا واضحا أنها مولدة بالذكاء الاصطناعي دون أدنى تدخل أو تحرير بشري، ونشرت مجلة Clarkesworld بيانا يشرح كيف اضطرّت إلى إغلاق باب استلام النصوص السردية مؤقتا بعد أن تلقت 700 قصة مولدة بالذكاء الاصطناعي خلال 48 ساعة فقط. هذه الوقائع تُشير إلى أننا نُغادر زمن السؤال الفلسفي الذي يمكن البحث عنه في النصوص الإبداعية إلى زمن الإجراءات التي تجعلنا نطور أدواتنا للتحقق من نسبة النص، هل نفرض وسما «كتبَته خوارزمية» كما نوسِم الصور المُعدَّلة أم نُسلم، كما يقترح البعض بأن «المؤلّف الجديد هو شبكة بشرية ـ خوارزمية»؟
إنه تحوّل يخلخل وظيفة المحرر الثقافي كما يخلخل وظيفة المتلقي. لم يعد المحرر الذي يفرز الغثّ من السمين؛ بل بات، حارس الحدود بين البشر والذكاءات اللاعضوية. عليه أن يختبر النص لا بجمالياته وحدها، بل بحقيقة التجربة فيه: هل هذه تراكيب بشرية أم تراكيب ذكاء اصطناعي تخلو من الحياة؟ هل تتعثر الاستعارة لأن الذاكرة خانت الكاتب الحقيقي؟ هل نسمع تأوها خافتا خلف بناء سردي متماسك؟ تلك الهفوات قد تُصبح توقيع الكاتب الأخير.
***
غير أنّ ذعر «سرقة الحكاية» قد يحجب فرصة أخرى: لعل الذكاء الاصطناعي هو المرآة التي تُرينا سطحية كثير مما نُنشره بأيدينا. فالآلة تستطيع محاكاة البلاغة المألوفة، لكنها، حتى اللحظة على الأقل، تفشل في توليد النبرة الخاصة بكل مبدع التي معها لا يحتاج القارئ إلى كثير عناء ليعرف نسبة النص إلى كاتبه حتى لو توارى اسمه. ولا بد هنا من الإشارة إلى أن النصوص عندما تتحول إلى نصوص نمطية متشابهة في الأسلوب وتغيب عنها النبرة الخاصة يزداد الطلب في الصحف والمجلات والملاحق الثقافية على الكتابة التي لا تُشبه إلا صاحبها. ما يعني أن التكنولوجيا التي تهمش المؤلف قد تعيدنا، بطريقة أو بأخرى، إلى الاحتفاء بالفرادة، بالأسلوب الذي لا يُشبه إلا نفسه. ولذلك يجادل بعض النقاد بأن المهنة الإبداعية المقبلة ليست إنتاج النص، بل منح النص قيمة الاختلاف، ونبرته الخاصة التي تشبه كاتبا محددا.
***
يبقى أن نسأل: هل نُسلم بنهاية المؤلّف لأن الآلة قادرة على تركيب الحكاية، أم لأننا ـ نحن القرّاء ـ استبدلنا اللذة الغامرة للدهشة بلذّة النقر السريع؟ إذا كان موت المؤلّف حدثا نقديا تسبب فيه البنيويون، فإن «نهاية المؤلّف» الآن حدث اجتماعي واقتصادي يشارك فيه الجميع: القارئ الذي يكتفي بالتلخيصات، والناشر الذي يطارد التكاليف الأقل، والجامعة التي تُقايض أصالة الفكرة بسرعة التخرج.
ومع ذلك، لا تزال هناك مسافة يقف عندها الذكاء الاصطناعي مدهوشا: تلك المنطقة الرمادية التي يسميها الروائي خوسيه ساراماجو «حيرة اليد قبل أن تجرؤ على النقطة الأخيرة»، فالآلة لا تعرف التردّد، ولا تشك في ضرورتها، ولا تعاني تناقض الرغبة والواجب ولا تقف حائرة بين الخوف والرجاء، وما دام هذا الصراع قائما في نفس الكاتب، سيبقى هناك نص ينتظر أن يُكتَب تحت بصيص ضوء، وأن يُوقع باسم قابل للخطأ والنسيان.
***
حين نُطلق هذا الملف بعنوان «الكاتب الأخير.. أو زمن النصوص بلا ذاكرة»، لا نفعل ذلك لنشيّع الكتابة إلى قبر مفتوح، بل لنحاول مراجعة شروط وجودها. نحن لا نواجه ذكاء غريبا فقط، بل نواجه هشاشتنا: اكتشفنا أن كثيرا من «أدبنا» يمكن استنساخه؛ وأن كثيرا من استطراداتنا يمكن ضغطها في محركات توليد ملخصات. ما يتبقى هو ما لا يُلخص: التأتأة، الرائحة، التردد، والدمع الخفي بين السطور الذي يولد هُوية كل كاتب.
قد يأتي يوم لا نستطيع فيه تمييز القصيدة الأصيلة من القصيدة المصطنعة.. قد يكون ذلك قريبا، بل إنه حدث مع البعض في هذا الملف، لكن حتى في ذلك اليوم سيظل شيء واحد عصيا على الخوارزمية: أن تعرف لماذا احتاج الإنسان، منذ الكهوف الأولى، إلى أن يحكي حكاية لا ضرورة لها سوى أنه سيبات خاوي القلب إن لم يحكها أو أنه قد يفقد حياته فجرا إذا لم يختر الوقت المناسب للسكوت عن الكلام المباح كما كان حال شهرزاد.
وقبل أن نطوي هذه الصفحة، لعلّنا نسأل سؤال رولان بارت على نحو مغاير: إذا كان النص بلا مؤلّف، فهل يظل قارئه إنسانا؟
ربما يكون الجواب في الصفحات التالية، حين يقرأ النقاد قصصا كتبتها الآلة ثم يختلفون: من أين يأتي هذا النبض إن لم يكن ثمة قلب؟
إنه، باختصار، رثاء للمؤلّف.. ومحاولة إنعاش أخيرة للنص.
عاصم الشيدي كاتب ورئيس تحرير جريدة عمان