ملتقى الإمارات للتنوع البيولوجي يناقش جهود مواجهة التغير المناخي
تاريخ النشر: 16th, November 2023 GMT
أبوظبي: عدنان نجم
انطلقت أمس فعاليات ملتقى الإمارات للتنوع البيولوجي، الذي استضافته شركة أدنوك بالشراكة مع هيئة البيئة - أبوظبي ووزارة التغير المناخي والبيئة، وذلك في مركز أبوظبي للطاقة.
وقالت الدكتورة شيخة سالم الظاهري الأمين العام لهيئة البيئة – أبوظبي في الكلمة الافتتاحية للملتقى: يتزامن هذا الملتقى مع استضافة دولة الإمارات مؤتمر الأطراف COP28، الذي يُعد أكبر حدث يُعنى بجهود مواجهة التغير المناخي في العالم، والذي يؤكد على اهتمام قيادتنا الرشيدة بتعزيز الدور الريادي لدولة الإمارات في هذا المجال الذي يعزز أهمية الحلول القائمة على الطبيعة، بصفتها حلاً أساسيًا للتغير المناخي.
وأضافت: استمراراً لجهود الهيئة في مجال المحافظة على التنوع البيولوجي التي بدأت منذ إنشائها، أدرجت الهيئة عدداً من البرامج التي ترتكز على الحلول القائمة على الطبيعة في تحقيق أهداف التكيف والتخفيف مع آثار التغير المناخي، ضمن استراتيجية التغير المناخي لإمارة أبوظبي، التي أطلقناها مؤخراً وتعد الأولى من نوعها في المنطقة، وتعبر عن طموح الإمارة في العمل المناخي الفعال على المستويات المختلفة بالتعاون مع شركائنا الاستراتيجيين ومن أبرزهم شركة أدنوك التي تتولى بشكل رئيسي خفض كثافة الانبعاثات الناجمة عن عملياتها بما يوازي 10 ملايين طن بحلول 2030.
كما أضافت: «وضعنا مستهدفاً لتخزين الانبعاثات يوازي 3 في المئة من انبعاثات الإمارة بالاستناد إلى الحلول القائمة على الطبيعة والحلول المتوفرة الأخرى، أي ما يوازي نحو 4 ملايين طن من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون سنوياً، وتقوم الهيئة بتنفيذ 11 مبادرة مستندة إلى الحلول القائمة على الطبيعة تستمر خلال الخمس سنوات القادمة في مجالات التنوع البيولوجي».
وذكرت أن من أبرز برامج إعادة تأهيل النظم البيئية الساحلية والبحرية في أبوظبي، والمدرج ضمن قائمة برنامج الأمم المتحدة للبيئة لأفضل عشر مبادرات عالمية لتأهيل النظم البيئية، مبادرة القرم – أبوظبي، التي تهدف لتوفير منصة دولية لتطوير حلول مبتكرة لزراعة أشجار القرم والمساهمة في تخفيف آثار التغير المناخي والتوعية بأهميتها، وتعزيز مكانة الإمارة بصفتها مركزاً عالمياً رائداً للأبحاث والابتكار في مجال الحفاظ على أشجار القرم.
وأوضحت أن أبوظبي التي تحتضن 85% من مساحة القرم في دولة الإمارات، قد شهدت زيادة مساحتها بنسبة أكثر من 90% على مدى العقود الماضية، فاليوم تؤوي أبوظبي حوالي 176 كم² من أشجار القرم الطبيعية والمزروعة، وأظهرت دراسات الهيئة قدرة أشجار القرم في أبوظبي على تخزين الكربون بمعدل نصف طن لكل هكتار سنويًا.
وقالت: نجحت الهيئة في تحسين حالة المخزون السمكي المتدهور مع تنفيذ القرارات والإجراءات المتعلقة بصيد الأسماك التي اتخذتها الهيئة لحماية المخزون وأظهرت النتائج والمخرجات أن أبوظبي تسير على الطريق الصحيح، لتحقيق هدفها المتمثل في مصايد أسماك مستدامة بحلول عام 2030، فقد تم تحقيق تحسن في «مؤشر الصيد المستدام» للعام الرابع على التوالي حيث ارتفعت نسبة المؤشر من 8.9% في عام 2018 إلى 69.1% في نهاية عام 2022.
وأضافت شيخة الظاهري: أدت جهود الهيئة إلى المحافظة على سلامة مروج الأعشاب البحرية الأمر الذي ساهم في استقرار أعداد أبقار البحر في موائلها الطبيعية في الإمارة التي تعتبر موطناً لثاني أكبر تجمع لأبقار البحر تصل أعداده إلى أكثر من 3 آلاف بقرة بحر، والتي تعتبر الأعلى كثافة للمتر المربع بمنطقة الخليج العربي.
وأوضحت أن نتائج الدراسات أظهرت تحسناً في أعداد السلاحف واستقرارها في الإمارة خلال السنوات الماضية، والتي تقدر أعدادها بنحو 5000 سلحفاة من سلاحف «منقار الصقر» والسلاحف «الخضراء» والسلاحف ضخمة الرأس.
وأشارت إلى أن جهود الهيئة وفرت الحماية لثلاثة أنواع من الدلافين ونوع واحد من خنازير البحر، حيث تحتضن مياه الإمارة ما يزيد على 700 دولفين تعيش معظمها في مناطق المحميات البحرية، بما فيها أكبر مجموعة من دلافين المحيط الهندي الحدباء في العالم.
وذكرت أن إمارة أبوظبي ودولة الإمارات تتميز بإرث طبيعي غني، فعلى سبيل المثال لا الحصر، تحتوي بيئاتنا على أكثر من 500 نوع من النباتات البرية، وما يزيد على 3500 نوع من فصائل الحيوانات المختلفة، ويمر بها ما يزيد على ثلاثة ملايين طائر مهاجر سنوياً خلال هجرتها.
وقالت: «ولحماية هذا الإرث الطبيعي الفريد، حرصت هيئة البيئة على وضع وتنفيذ خطط وبرامج متكاملة ساهمت في إنشاء شبكة زايد للمحميات الطبيعية التي تضم 20 محمية طبيعية برية وبحرية وهي شبكة متكاملة وشاملة تؤوي أفضل وأهم الموائل الطبيعية الغنية بالتنوع البيولوجي، وتمثل حجر الزاوية لحماية التنوع البيولوجي والتراث الطبيعي والثقافي.
وتابعت: إمارة ابوظبي تضم 14 محمية برية، تمثل 17% من مساحة أراضي الإمارة، وست محميات بحرية تمثل 14% من إجمالي مساحة البيئة البحرية في الإمارة، ونستهدف زيادتها إلى 21% تحقيقاً لأهداف التنوع البيولوجي لعام 2030، كذلك نجحت الهيئة في اكتشاف وتسجيل 27 نوعاً جديداً تم تسجيلها لأول مرة على مستوى العالم من فصائل اللافقاريات.
استثمار في مبادراتومن جهته قال مصبح الكعبي الرئيس التنفيذي لدائرة الحلول منخفضة الكربون والنمو الدولي في أدنوك: على مدى عقود، استثمرت «أدنوك» في مبادرات لحماية الطبيعة واستعادة حالتها الأصلية، وشمل ذلك جهود الشركة للمحافظة على الموائل الطبيعية، ومشاريع الحفاظ على البيئة البحرية، وبرامج حماية أنواع الحيوانات المهددة بالانقراض، وتؤكد هذه المبادرات إيمان الشركة الراسخ بأن المحافظة على بيئة طبيعية وصحية تعد عاملاً محورياً لبناء مستقبل مستدام.
وأضاف: نحن في «أدنوك» ندرك جيداً أن إزالة ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي تمثل خطوة رئيسية في مسيرة العالم نحو تحقيق الحياد المناخي، لذلك قامت الشركة بتسريع تنفيذ برنامجها لزراعة 10 ملايين شجرة قرم بحلول عام 2030، وذلك لدعم طموح دولة الإمارات بزراعة 100 مليون شجرة قرم بنهاية العقد الحالي.
وتابع بالقول: «ولتلبية الحاجة الملحة لاستخدام كافة الحلول القائمة على الطبيعة لخفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي، تستثمر أدنوك في تقنية الطائرات بدون طيار المبتكرة لتمكين جهودها لزراعة أكثر من 2.5 مليون شجرة قرم خلال فترة ثلاث سنوات فقط».
وقال مصبح الكعبي: «بمناسبة مرور 52 عاماً على التزام دولة الإمارات بالمحافظة على التنوع البيولوجي، أعلن أن أدنوك، بالشراكة مع هيئة البيئة - أبوظبي، ستُصدر تقريراً يرصد 52 مبادرة مؤثرة لحماية التنوع البيولوجي في دولة الإمارات، وسيعكس هذا التقرير الجهود الدؤوبة والمخلصة لدولة الإمارات التي تهدف لتحقيق رفاهية المجتمع وحماية البيئة التي نعيش فيها جميعاً».
تجارب عالميةبدوره قال الدكتور محمد سلمان الحمادي، الوكيل المساعد لقطاع التنوع البيولوجي والأحياء المائية في وزارة التغير المناخي والبيئة، في كلمة ألقتها نيابة عنه هبة الشحي مديرة إدارة التنوع البيولوجي في الوزارة: «نلتقي في توقيت مهم قبيل انعقاد مؤتمر الأطراف COP28 في دولة الإمارات نهاية الشهر الجاري، حيث نستقبل مئات الوفود من قادة العالم وكبار المسؤولين الحكوميين، وممثلي المنظمات العالمية المعنية بتغير المناخ والحفاظ على البيئة والطبيعة، والقطاع الخاص وكافة الجهات المعنية العالمية.
وأضاف: تمتلك دولة الإمارات تجارب عالمية فريدة في تعزيز تنوعها البيولوجي ومشاركتها مع العالم، لعل أبرزها «تحالف القرم من أجل المناخ» الذي أطلقته الإمارات بالتعاون مع جمهورية إندونيسيا من أجل التوسع في زراعة أشجار القرم لما تمتلكه من مقومات طبيعية تجعلها مخزناًً طبيعياً للكربون ومسهماً حيوياً في الحفاظ على الحياة الساحلية.
واختتم بالقول: «سنسعى من خلال هذا الملتقى - الذي يضم نخبة من خبراء التنوع البيولوجي والمسؤولين – إلى مناقشة وتبادل الأفكار البناءة وإثراء الحوار وتقديم دراسات الحالة والمبادرات والخبرات والحلول التكنولوجية المتقدمة المتعلقة بحماية التنوع البيولوجي وتعزيزه».
المصدر: صحيفة الخليج
كلمات دلالية: فيديوهات الإمارات الحلول القائمة على الطبیعة التنوع البیولوجی التغیر المناخی دولة الإمارات أشجار القرم أکثر من
إقرأ أيضاً:
ملتقى الجامع الأزهر: الإسراء والمعراج رحلة تكريم من الله وتثبيت للرسول في مواجهة الشدائد
عقد الجامع الأزهر، اليوم الأربعاء، ملتقى السيرة النبوية الثاني عشر، بعنوان «مسرى إمام المرسلين والمقام المعلوم»، بمشاركة الدكتور السيد بلاط، أستاذ ورئيس قسم التاريخ والحضارة الإسلامية بكلية اللغة العربية بجامعة الأزهر سابقاً، والدكتور حسن القصبي، أستاذ الحديث وعلومه بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بالقاهرة، وأدار الملتقى الشيخ إبراهيم السيد حلس، مدير إدارة الشئون الدينية بالجامع الأزهر الشريف.
وأكد الدكتور السيد بلاط أن الإسراء والمعراج جاء تثبيتًا للنبي ﷺ بعد ما لاقاه من شدائد في سبيل الدعوة، فقد واجه عزلة معنوية من قومه الذين اتهموه بالسحر والكهانة والكذب، وعُذب جسديًّا بالاعتداء عليه، حتى إنهم وضعوا الشوك والأذى في طريقه وألقوا عليه أحشاء الذبائح وهو ساجد، فضلًا عن محاصرة أصحابه وتعذيبهم، كما حدث مع سيدنا بلال وسيدنا عمار وغيرهم. وبلغت الشدائد ذروتها بحصار النبي ﷺ والمسلمين في شعب أبي طالب لثلاث سنوات، حتى اضطروا لأكل أوراق الشجر، كما ذكر ابن هشام في السيرة.
وأضاف الدكتور بلاط أن هذه الابتلاءات الشديدة بلغت أوجها في العام العاشر للبعثة، فكانت معجزة الإسراء والمعراج رحمة إلهية بنبينا ﷺ، فأسرى الله به إلى المسجد الأقصى، ثم عُرج به إلى السماوات العلى تكريمًا له وتعزيزًا لمكانته، حتى لا يحزن إذا تخلّى عنه أهل الأرض، فله ربٌّ في السماء لن يخذله.
من جانبه، أوضح الدكتور حسن القصبي أن العقل البشري بقوانينه المحدودة لا يمكنه إدراك معجزة الإسراء والمعراج، ولهذا بدأ الله سبحانه وتعالى سورة الإسراء بقوله: «سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ»، وهي إشارة إلى أن هذه الحادثة من شأنها أن تعلو على قدرات العقول البشرية. فالنبي ﷺ لم يقل «أسريتُ»، وإنما قال «أُسري بي»، لأن الفاعل الحقيقي لهذه المعجزة هو الله جل وعلا، الذي لا تحدّه قوانين الزمان والمكان.
وأكد القصبي أن الله سبحانه وتعالى، بقدرته المطلقة، قد أجرى من قبل معجزات خالفت القوانين الطبيعية، فجعل النار بردًا وسلامًا على إبراهيم، وحفظ موسى في الماء، وخلق عيسى من غير أب، ورزق زكريا بيحيى رغم عقم زوجته وكِبر سنّه. وهكذا فإن الإسراء والمعراج لم يكن أمرًا مستحيلًا، بل هو فيض من قدرة الله الذي إذا أراد شيئًا قال له: «كن فيكون».
وفي ختام الملتقى، أشار الشيخ إبراهيم حلس إلى أن رحلة الإسراء والمعراج جاءت تكريمًا للنبي ﷺ وتسرية عنه بعد ما لاقاه من شدائد، كما حدث في غزوة الخندق، حين اجتمعت الأحزاب على المسلمين، وكان النبي ﷺ يعمل بنفسه في حفر الخندق حتى غطى الغبار بطنه الشريف، وربط حجرين من شدة الجوع. فكان من رحمة الله أن أكرمه برحلة إلى السماوات العلى، ليرى من آيات الله الكبرى، ويثبَّت فؤاده أمام تحديات الأرض ومكائد الأعداء.