يعتقد الصهاينة أن فلسطين هى أرض الميعاد التى سيعود إليها اليهود ويجتمعون فيها، وذلك حسب ما جاء فى كتبهم المحرفة، كذلك حرصوا على استيطان فلسطين لأنهم يرون أنها نقطة الارتكاز الحقيقية لكل قوى العالم، والمركز الاستراتيجى العسكرى للسيطرة على العالم.
ومن هذا المنطلق جدَّ اليهود فى الحصول على فلسطين، ومنذ أن سقط السلطان عبدالحميد فتحت فلسطين أبوابها للهجرة اليهودية، وجرى المخطط فى طريقه إلى غايته عن طريق «هرتزل» وحلفائه.
وتمت مؤمراة إنجليزية كانت الدعامة الأولى لإسرائيل، وهى التى منحت اليهود وعد بلفور عام 1917، وتم تهجير حوالى 300 ألف يهودى ما بين عامى 1922 - 1939 وفى أغسطس عام 1923، تم تهجير اليهود الألمان لأرض فلسطين «أرض الميعاد» كما يزعمون، وقاموا بتحريك الصناعة اليهودية، وأزدهرت على أيديهم الصناعة.
وكشفت وثيقة خطيرة ثم الكشف عنها مؤخرًا بعد العثور عليها أثناء الحرب العالمية الثانية، أن بريطانيا ومن بعدها أمريكا القوى العالمية الصاعدة بعد الحرب العالمية الثانية آنذاك، ستساعد إسرائيل فى مخططها الرامى لاحتلال دول عربية، ارتكازا من فلسطين، وهى: سوريا، لبنان، وأجزاء من العراق، وشرق الأردن، بالاضافة للأطماع فى سيناء المصرية.
وذكرت إحدى المجلات التى نشرت الوثيقة، أن هذا الموضوع ليس فيه أثر من المزاح ولو يسيرا، وإنما هو موضوع خطير، يقوم على أساس الحقائق والمعلومات، ويكشف عن مؤامرة الوطن الوطن القومى فى فلسطين، للسيطرة على الشرق الأوسط كله.
وتعتبر إسرائيل أن احتلالها لفلسطين هو نقطة ارتكاز صالحة للوثوب على البلاد العربية واخضاعها جميعا للنفوذ الصهيونى ومن ثم النفوذ البريطانى.
وتناولت المجلة «مسامرات الجيب» كيفية اكتشاف وثيقة الأطماع الصهيونية فى الوطن العربى قبل قيام دولة إسرائيل، وتؤكد أنه فى خلال الحرب العالمية الثانية «1939 - 1945»، ووقت قيام النازيين بمذابح اليهود فى ألمانيا تمكنت الحكومة الألمانية من ضبط خريطة سرية، فى المركز العام للصهيونية فى ألمانيا، تبين هذه الخريطة بالتفصيل الدقيق مشروع الامبراطورية الصهيونية، كما يتخيله ويحلم به زعماء «آل صهيون» وهو الخيال الأسود الذى سيطر على سماء الشرق العربى.
وظهر فى الخريطة السرية المنشورة، أسماء سوريا، ولبنان، وشرق الأردن وفلسطين كلها، كما ظهر جزء كبير من أراضى العراق المتاخمة لشرق الأردن، وكذلك ظهر شبه جزيرة سيناء المصرية.
وعلقت المجلة بأنه يتضح جليا أن الصهاينة يريدون اخراج الخريطة من حيز الخيال إلى حيز التنفيذ، حيث يطمحون الى أن البلاد العربية ستذوب ذوبانا داخل أتون هذه الامبراطورية الجديدة، وخاصة حين يكتمل نموها وتبلغ أشدها، حيث ستكون سيطرتها على ما يجاورها من البلاد العربية أمرا يسيرا، خاصة أنهم يملكون السيطرة الاقتصادية التى برعوا فيها.
الحكومة الألمانية أيضا ضبطت مع الخريطة السرية وثائق أخرى ومكاتبات، تثبت أن الحكومة البريطانية تعضد سر انشاء الامبراطورية الصهيونية، ولا ترفض قيام إسرائيل، وأن المؤامرة ترتكز على دعامتين أساسيتين، أولاهما التعضيد والمساندة البريطانية، والثانية التعضيد والمساندة الأمريكية، حيث بعد انشاء هذه الامبراطورية، يمكن القضاء على العرب والمسلمين معا، وقد اتضح أن نقطة الخلاف الوحيدة فى تحقيق قيام دولة صهيونية فى فلسطين، أن الصهاينة يريدون الاستيلاء على فلسطين والدول العربية دفعة واحدة، بينما بريطانيا ترى التنفيذ على مراحل، وذلك حتى لا يحدث التعجل استفزازا للعرب، فتحدث الثورة عليهم وتقتلع المشروع من جذوره قبل تحقيقه.
وبعد نشر الوثيقة بعام واحد، وفى 14 مايو 1948 وبعد ساعات من انهاء بريطانيا انتدابها من فلسطين، أعلنت العصابات الصهيونية عن قيام دولة إسرائيل دون الإعلان عن حددوها، حيث تبنت هذه التسمية بديلا عن أرض إسرائيل، وصهيون، ويهودا، لتنشب حرب فلسطين، وتتوسع إسرائيل وتغتصب أرض فلسطين، ثم تمارس أطماعها على البلدان العربية الأخرى.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: حكاية وطن الصهاينة فلسطين أرض الميعاد اليهود
إقرأ أيضاً:
د. محمد سليم شوشة: استخدام الذكاء الاصطناعي في اللغة يُهدد الحضارة العربية
أكد محمد سليم شوشة، الأستاذ بجامعة الفيوم، أن المخاطر والتحديات التى تواجه الثقافة العربية بوضعها الراهن وسُبل تعاملها مع الذكاء الاصطناعى، دفعته لتأليف كتابه الجديد «فخ الحضارة»، للإجابة عن الأسئلة الشائكة التى تتمحور حول هذه الإشكالية المستحدثة، وتناول مدى تأثيرها على اللغة ومستقبلها، فى ظل تغيير كثير من الأنماط التعليمية.
وأشار فى حوار لـ«الوطن»، إلى الأسباب المؤدية إلى عجز الآلة المتوقع عن التعامل مع اللغة العربية التى يتطلب فهمها جهداً عميقاً من الإنسان، وتداعيات كل ذلك على المواطن العربى فى المستقبل القريب، كما طرح عدداً من الحلول المطروحة لحل تلك المعضلة.
ما دوافع تأليف كتابك «فخ الحضارة» عن الذكاء الاصطناعى؟
- تخصّصى الدقيق فى الدراسات الأدبية، ونقطة التلاقى بين الأدب والذكاء الاصطناعى كانت تخصّص الإدراكيات، أى نقطة تلاقى العلوم الإنسانية والتطبيقية، ولما تكرر ذكر الذكاء الاصطناعى فى الإدراكيات بدأت ألتفت إلى هذا الجانب، وكان هو المدخل الذى دفعنى إلى الاهتمام بالذكاء الاصطناعى واللغة العربية، ونقطة التحول فى التكنولوجيا بسبب تحول الذكاء الاصطناعى إلى التعامل مع اللغة الطبيعية، بدلاً من لغة الأرقام القديمة، إذاً التكنولوجيا صارت تتعامل مثل الإنسان بالدرس والاستيعاب والفهم، وهى نقطة تحول خطيرة من المفترض أن تُنبه المشتغلين بالدراسات اللغوية والأدبية إلى هذا التحول فى الحضارة الإنسانية، وأنا تنبّهت إلى هذه الخطورة، لأن الذكاء الاصطناعى أصبح متصلاً بعملى ومجالى، وهو ما غفل عنه المتخصّصون فى دراسات اللغة العربية.
ما القضايا التى يناقشها الكتاب؟
- الكتاب لا يتعامل مع الإشكاليات العامة والآثار الاجتماعية لهذا التطور الهائل المتمثل فى ثورة الذكاء الاصطناعى، فهى أمور مطروحة بكثرة عند كل الأمم، وأنا ركّزت على ما يخصّنا نحن فى الثقافة العربية، لذلك يناقش الكتاب آثار ثورة الذكاء الاصطناعى على اللغة العربية والثقافة العربية، وما يتحتّم علينا فعله فى هذه الحالة لمواجهة هذه المخاطر الناجمة عن الذكاء الاصطناعى، لأن التطور التكنولوجى الأخير أصبح محاكاة لعمل الخلايا العصبية وعقل البشر، أى إن الآلة أصبحت تفهم الجملة وتستوعب المعنى وتجيب عن الأسئلة، وهذا التحول لم يحدث فجأة لكن بدأ العمل عليه منذ سنوات، واكتمل خلال السنوات الأخيرة، فالآلة أصبحت تُفكر وتتعامل مع اللغة، وبإمكانها تأليف نصوص مكتوبة.
وبالتالى لديها القدرة على تعليم اللغات، مثل اللغة الإنجليزية، لكنها فى المقابل تتعامل مع اللغة العربية بصعوبة وبمعالجة غير عميقة، فمن الصعب على الذكاء الاصطناعى أن يتعلم اللغة العربية بشكل عميق، فى الوقت الذى لم يفهم فيه أهل اللغة العربية أنفسهم لغتهم بالشكل الكافى أو كما يجب، وبالتالى فالذكاء الاصطناعى أمامه صعوبات فى التعامل العميق مع لغتنا، مع أنه من المفترض أن يعلم كل اللغات طالما تعلمها أو تم استخلاص أنماطها بدقة وعمق.
حدّثنا عن سبب عجز الآلة عن التعامل مع اللغة العربية.
- المشكلة تكمن فى تأخر فهمنا نحن للغتنا، وهو ما يُصعّب تعامل اللغة العربية مع التكنولوجيا، ويتمثّل هذا العجز ويتجلّى فى المعالجة السطحية للغة حين يتعامل معها الذكاء الاصطناعى، وهناك أيضاً فجوة فى مستوى تعامله مع بعض اللغات الأخرى، والأمر ليس مقصوراً على اللغة العربية، الأمر الذى يُحتم علينا طرح بعض الأسئلة، منها مثلاً: هل النحو القديم بطريقته يصلح أو مناسب للذكاء الاصطناعى وعقل الآلة؟ هل التركيز على فكرة تعليم القاعدة النحوية وتحفيظها فقط، والتعليم بألفية ابن مالك يساعد فى تطوير اللغة العربية؟ هل هو مُجدٍ ويُكسِب المتعلمين الملكة اللغوية التى نحتاجها أكثر ممّا نحتاج تحفيظ القاعدة، فهذه بعض الأفكار والأسئلة التى يطرحها الكتاب.
وأرى أيضاً أن هناك أكثر من مشكلة أخرى فى تعامل الذكاء الاصطناعى مع اللغة العربية، تم طرحها ومناقشتها فى الكتاب وطرح طرق تداركها أو حلها، فهذه هى المشكلات التى تُمثل عقبات من شأنها أن تخلق مشكلة فى تعامل الذكاء الاصطناعى مع اللغة العربية، ومنها ما يخص البلاغة، فهل الباحثون والمتخصّصون فى اللغة مُدركون للمخاطر التى تواجهها اللغة العربية مع الذكاء الاصطناعى، وكيف يمكننا تعليمها للذكاء الاصطناعى.
مَن المنوط به تعليم اللغة العربية للذكاء الاصطناعى؟
- هى مهمة علماء اللغة فى المقام الأول، لأن الذكاء الاصطناعى يتعلم بنظام الأنماط، أى إنه يكتسب هذه الأنماط، ولذلك يجب على الباحثين فى اللغة العربية أن يُفكروا فى فهم جديد للغة العربية يمكنهم من تعليم الذكاء الاصطناعى لغتنا، ليُفكر معنا داخل لغتنا فى قضايانا وشئوننا.
ما الاتجاهات الجديدة التى من الممكن أن ندرس بها اللغة؟
- عقل الآلة يكتسب اللغة على المستوى العميق عبر ما يُعرف (بالنمط)، والأنماط (بنية الجملة) كثيرة، والدراسات اللغوية من المفترض أن تشرح اللغة على كل المستويات، سواء كبنية فيزيائية؛ صوت وموجات وذبذبات، وحتى على مستوى دمجها مع الإشارات الجسدية ولغة اليد، وفى إطار الجانب العصبى والتشريحى، والبلاغى والمجازى، والمطلوب الاهتمام بالدراسات الإدراكية للغة، فهى الأهم الآن، لأنها نقطة الربط والالتقاء بين الذكاء الاصطناعى واللغة، وهى تخصّص بينىّ يربط أكثر من مجال، بينها دراسة اللغة على مستوى التشريح وعلم النفس الإدراكى والعلوم العصبية، وقوانين العقل.
ما مخاطر استخدامنا للذكاء الاصطناعى بلغة أخرى؟
- استخدامنا للذكاء الاصطناعى بلغة أخرى يعنى خروج اللغة العربية من التكنولوجيا، وهو ما أتوقع أن تكون له انعكاسات سلبية كثيرة وعديدة، من بينها أزمات نفسية وشعور بالاغتراب، مما قد يجعل الإنسان العربى أكثر تطرفاً وعنفاً وغير متوائم مع حاضره، حيث سيشعر بالغزو والحصار وأن لغته تحارَب، ويتسبّب ذلك أيضاً فى مزيد من التشتّت للعقل العربى، وجعل الإنسان العربى يعيش بازدواجية، فمثلاً عند تعامل تكنولوجيا الذكاء الاصطناعى بلغة أخرى فإن هذا يعنى أن هذه اللغة ستغزو الحياة العامة، ولن تقتصر على النخبة، فى اعتقادى أن التأثير سيكون خطيراً وسيشمل كل الحياة، ويُهدّد الهُويات الوطنية.
كيف يجرى تطوير الآلة كى تتعامل مع اللغة العربية؟
- نحتاج إلى الربط بين الذكاء الاصطناعى واللغة العربية بصورة أقوى وأعمق، والأمر لا يقتصر على فهم اللغة، ولكنه يمتد إلى تحليل البيانات الكبرى، ويمتد الأمر أيضاً إلى تطوير تكنولوجيا الذكاء الاصطناعى لدينا أيضاً بما لا يجعلنا مجرد مستهلكين ومستخدمين له، وهذا يلزمه بالأساس تطوير العلوم الأساسية التى يقوم عليها، ومن بينها علوم اللغة واللسانيات، واللغة العربية حدث لها مأزق لم نشعر به من قبل، ويتمثّل فى خروجها من دراسة العلوم الطبيعية، مثل الطب والهندسة، وقبل أن يتكرّر الأمر ونخرج من الذكاء الاصطناعى، يجب علينا أن نُسارع فى الاهتمام بالعلم، وهو ما يتطلب عمل علماء اللغة على تطوير اللغة، بالتوازى مع تطوير علماء العلوم التطبيقية وربطها بالعلوم الإنسانية.
ما الجهات المنوط بها الاضطلاع بمهمة تطوير الذكاء الاصطناعى؟
- لا يوجد فرد واحد يمكنه أن يعمل فى الذكاء الاصطناعى، ولا بد أن يكون العمل فى فريق بحثى من تخصّصات علمية مختلفة وليس فرداً واحداً، لدينا ثلاث جهات مسئولة مسئولية مباشرة عن تطوير أبحاث اللغة العربية لتُناسب الذكاء الاصطناعى، وهى الأزهر ووزارة التعليم العالى وزارة الثقافة، والأزهر مهمته تحرير العقل ومنح الإرادة فى العلم، والوحدة والتنوير، فالأزهر دائماً له دور وطنى فى المقاومة وأوقات الخطر، مع ما يجب عليه أيضاً من تحرير العقول وعدم تقييد العلوم أو تحجيمها فى نوع معين من العلم، وهى مسئوليته العامة والروحية تجاه المجتمع بأكمله وليس تجاه الطلاب المنتسبين إليه فقط.
أما وزارة التعليم العالى فمهمتها إصلاح الحياة العلمية وضبط إيقاعها ولا بد أن يكون لديها وعى باللوائح الخاصة بالكليات الجديدة التى تنشئها، بمراعاة البنية الهرمية للمعرفة وأولوياتها والتخصّصات المهمة والجديدة، وإعادة الفلسفة إلى وضعها الطبيعى فى تخصّصاتنا، ففى دول العالم كله نجد أساسيات الفلسفة تدرّس فى كليات الطب وكليات العلوم الطبيعية، أى تدريس الفلسفة (أم العلوم) بمنهجية فى الكليات العملية بهدف انتظام الفكر، أما وزارة الثقافة فدورها مركب ومُعقّد، وهو إصلاح الحياة الفكرية والثقافية، وضبط المنتج المعرفى المقدّم للجمهور، وفقاً للتحولات التى تحدث مع وضع المجتمع فى قلب هذه التحديات، وتبصير المجتمع بها، لمواكبة حساسية الحياة وعليها تكملة دور وزارة التعليم العالى وتحويل الإصلاح العلمى الذى يتم فى الجامعات ليصبح ثقافة عامة عند الناس.