الضغوط الدولية.. تنقذ القضية وتوقف الحرب
تاريخ النشر: 16th, November 2023 GMT
يمكن للضغوط الدولية سواء كانت رسمية أو شعبية على إسرائيل وحليفتها أمريكا أن تثمر، خاصة أن الغطاء الذى يوفره العالم الغربى وأمريكا للعدوان الإسرائيلى على غزة قد سقط، والعملية العسكرية فى غزة بعد اكثر من أربعين يوما من القتل والتدمير والإبادة للشعب الفلسطينى، لم تحقق ما كانت مخططة لأجله، وهو استعادة الأسرى لدى حماس والتخلص من حماس نهائيا، مما أوقع العالم الغربى وأمريكا الداعمين لاسرائيل فى مأزق حقيقى.
نتنياهو مستمر فى الإبادة الجماعية للشعب الفلسطينى، لأنه يعجز عن مواجهة شعبه، خاصة وأن الضغوط تأتى أيضا من داخل إسرائيل ومن عائلات الأسرى والتيارات المعتدلة فى إسرائيل المعارضة لحكومة نتنياهو اليمينية المتطرفة، وظهور بوادر أزمة فى العلاقات الأمريكية الإسرائيلية بسبب تعطيل نتنياهو صفقات تبادل الأسرى مع حماس والتوجه إلى المناوشات مع حزب الله فى لبنان.
وقع العالم فى فخ ما قالته إسرائيل من دعاية كاذبة شوهت صورة المقاومة الفلسطينية وصورتها كحركة إرهابية تقتل الأطفال وتحرق وتغتصب النساء بعد خروج المسئولين فى إسرائيل ونشرهم لهذه الأكاذيب دون أدلة.
وبدأ الوعى العالمى يعود تدريجيا إلى قطاعات واسعة فى الدول الغربية، وبدأ الأمر ينتقل من الشعوب إلى أوساط رسمية فى المجتمعات الغربية، غير أن الحسابات السياسية والمصالح هى التى تحكم مواقف وسياسات الحكومات الغربية تجاه ما يحدث فى الأراضى الفلسطينية المحتلة، وحتى الآن لم تتحرر الأنظمة الغربية من الارتباط بإسرائيل واستخدامها كأداة فى الاستيراتيجية الغربية ومنحها الضوء الأخضر لتفعل ما تشاء طالما أن ذلك يقوى من موقفها.
وفى أمريكا اتسع الانقسام داخل الإدارة الأمريكية وخاصة الخارجية الأمريكية وتزايد الضغوط الشعبية بعد أن بعث أكثر من 400 مسئول أمريكى يعملون فى مؤسسات أمريكية مختلفة وشخصيات أخرى من مجلسى الشيوخ والنواب رسالة إلى بايدن احتجاجا على سياسته المتعلقة بإسرائيل، وعلى دعم الإدارة الأمريكية للهجمات الإسرائيلية ضد قطاع غزة.
وعلى المستوى الشعبى الأمريكى تزداد الضغوط على الإدارة، فالشعب الأمريكى يرفض العدوان على غزة والاشتراك فيه، منددا بالموقف الرسمى الداعم لإسرائيل وعدم وقف إطلاق النار، وقام بعمل وقفة احتجاجية أمام البيت الأبيض فى واشنطن إثر اقتحام القوات الإسرائيلية لمجمع الشفاء الطبى بغزة بحجة وجود أنفاق وأسلحة داخل المجمع.
أما بايدن الذى مازال يدعم إسرائيل، فقد تغير حديثه ولو شكليا لمحاولة ضبط سياسته داخليا مع الشعب الأمريكى لأنه إذا لم يفعل شيئا سيخسر الانتخابات القادمة، وخارجيا سيتراجع النفوذ الأمريكى فى منطقة الشرق الأوسط وستزداد كراهية المجتمع العربى والإسلامى ضد أمريكا، ولن تعود العلاقات العربية الأمريكية بعد هذه الأزمة إلى ما كانت عليه، لاسيما بعد الانحياز الأمريكى لإسرائيل فى مشاريع تصفية القضية الفلسطينية، وتوطين الفلسطينيين فى دول الجوار.
أما فى فرنسا فقد ظهر التوتر لدى الدبلوماسيين رفيعى المستوى من موقف الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون بتوقيع مذكرة استنكار لانحياز ماكرون لإسرائيل، معلنين انتقادهم الشديد لسياسة فرنسا الخارجية وطالبوه بالعودة للطريق الصحيح لتأثير ذلك على المصالح الفرنسية فى المنطقة، الأمر الذى دعا ماكرون للتراجع عن موقفه ويطالب بوقف إطلاق النار، معللا ذلك بأنه يدافع عن موقف متوازن ولم يتبدل أو يتراجع أبدا.
وعلى مستوى الاتحاد الاوروبى فقد ظهرت تصريحات جوزيف بوريل منسق السياسات الخارجية للاتحاد، والذى عارض بشدة فكرة تهجير الفلسطينيين، داعية لعدم مواصلة العمليات العسكرية بكل هذا العنف والقتل ، والدعوة لوقف اطلاق النار وإلى الحذر من خطورة تهجير الفلسطينيين والتخلص نهائيا من القضية الفلسطينية.
أما المواقف العربية فقد ظهرت منذ البداية، فقامت بعض الدول بسحب سفرائها وطرد سفراء الكيان الصهيونى، وقامت السعودية بتجميد مفاوضات التطبيع مع إسرائيل، ومنعت سلطنة عمان استخدام مجالها الجوى للطيران المدنى الإسرائيلى، وأعلن مجلس النواب الأردنى مراجعة كافة الاتفاقيات مع الكيان الصهيونى، بما فيها اتفاقية السلام واعتبار أن تهجير الفلسطينيين من الضفة الغربية إلى الأردن إعلان حرب، ورفضت مصر كل المشاريع الأمريكية الإسرائيلية لتوطين الفلسطينيين فى سيناء، وإن كانت إسرائيل تفكر فيه حتى الآن، ولكن بطرق مختلفة، ورفض فتح معبر رفح لإخراج مزدوجى الجنسية دون تقديم المساعدات، ورفضت الضغط على المقاومة الفلسطينية لتقديم تنازلات بدون مقابل للكيان الصهيونى.
[email protected]
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: تصحيح مسار محمد على محمد للضغوط الدولية إسرائيل أمريكا غزة
إقرأ أيضاً:
بغداد أمام تحدٍ كبير: قرارات حاسمة أو عقوبات.. كيف ستتعامل الحكومة مع الضغوط الأمريكية
بغداد اليوم - بغداد
يشهد العراق تطورات متسارعة في ملف تصدير نفط إقليم كردستان، وذلك في ظل ضغوط أمريكية متزايدة تدفع باتجاه إعادة تشغيل صادرات النفط من الإقليم عبر منافذ مستقلة عن الحكومة الاتحادية. هذه التحركات تأتي في سياق أوسع من التنافس السياسي والاقتصادي بين مختلف القوى الفاعلة في المنطقة، وسط تباين في المصالح بين بغداد وواشنطن من جهة، وأربيل وأنقرة من جهة أخرى.
لوبيات تعمل لمصالحها
وفي هذا الإطار، أشار مختصون إلى أن التدخل الأمريكي في هذا الملف يعكس تأثيرات عميقة للوبيات اقتصادية وسياسية تسعى لحماية مصالحها في العراق، وهو ما يضع حكومة بغداد أمام تحديات جديدة تتعلق بالسيادة الاقتصادية والتوازنات الإقليمية. ومع استمرار الخلافات بين أربيل وبغداد، وتعقيد العلاقات مع تركيا بسبب الأحكام القضائية المتعلقة بتصدير النفط، يظل مستقبل هذا الملف محاطًا بالغموض، في وقت يحتاج فيه العراق إلى استراتيجية متكاملة لإدارة موارده النفطية وضمان استقرار صادراته وفق معايير تراعي مصالحه الوطنية والدولية.
الملف السياسي وأهمية التوازن
أوضح المختص بالشأن الاقتصادي والسياسي نبيل جبار التميمي في تصريح لـ"بغداد اليوم" أن "ضغوط ترامب على العراق بشأن تصدير النفط من كردستان تعكس مدى تأثير اللوبي المرتبط بأطراف عراقية وشركات نفطية مقربة من دائرة القرار في البيت الأبيض"، مشيرًا إلى أن هذه التحركات قد تهدف إلى تحقيق عدة أهداف سياسية واقتصادية، من بينها إعادة الشركات النفطية الأمريكية للعمل في الإقليم.
وفي السياق، أشار الخبير في العلاقات الدولية، علي السعدي، في حديث صحفي، إلى أن "الموقف الأمريكي من تصدير النفط من كردستان يعكس صراعًا أوسع بين مراكز النفوذ في المنطقة، حيث تحاول واشنطن فرض واقع جديد يخدم مصالحها الاستراتيجية والاقتصادية في العراق"، مبينًا أن بغداد تواجه معضلة في الموازنة بين الضغط الأمريكي والمصالح الوطنية.
الأبعاد الاقتصادية وعراقيل تجارية
وأضاف التميمي أن "الشركات النفطية الأمريكية دفعت إدارة البيت الأبيض مؤخرًا للضغط على بغداد لتضمين مستحقاتها المتأخرة في موازنة العراق الاتحادية لعام 2025، وهي الآن تسعى لاستئناف أنشطتها في الحقول النفطية من خلال تدخل سياسي أمريكي ضاغط". وأشار إلى أن أزمة توقف صادرات النفط من كردستان لا تقتصر فقط على بغداد وأربيل، بل تلعب أنقرة دورًا رئيسيًا في تعطيل تدفق النفط عبر خط الأنابيب المؤدي إلى ميناء جيهان التركي، وذلك على خلفية قرار التحكيم الدولي الذي ألزم تركيا بدفع تعويضات للعراق.
من جانبه، صرح الخبير الاقتصادي، محمد العزاوي، في وقت سابق لـ"بغداد اليوم" بأن "إعادة تصدير النفط الكردي وفق الشروط الأمريكية قد تضر بمصالح بغداد على المدى البعيد، إذ قد تجد الحكومة الاتحادية نفسها أمام مطالبات مماثلة من شركات أخرى ودول ترغب في تقاسم النفوذ في قطاع الطاقة العراقي".
الأبعاد الأمنية وتأثيرات محتملة
بيّن التميمي في حديثه لـ"بغداد اليوم" أن استمرار الضغط الأمريكي على بغداد لإعادة تصدير النفط الكردي قد يثير توترات داخلية بين الحكومة الاتحادية وحكومة الإقليم، كما قد يؤدي إلى تصعيد في العلاقات العراقية-التركية إذا ما استمرت العراقيل التجارية والسياسية التي تفرضها أنقرة.
أما المحلل الأمني، فؤاد الكرخي، فقد أوضح في تصريح صحفي، أن "إعادة تصدير النفط قد تؤدي إلى استقطاب داخلي بين الفصائل السياسية العراقية، حيث ترى بعض الأطراف أن الخضوع للضغوط الأمريكية قد يؤدي إلى فقدان بغداد سيادتها الاقتصادية على المدى الطويل".
الملف الدبلوماسي وموقف العراق دوليًا
أكد التميمي لـ"بغداد اليوم" أن "إعادة تصدير النفط من كردستان قد لا يكون في مصلحة العراق على المستوى الدولي، حيث أن حصة العراق في أوبك ستظل كما هي، مما قد يضطره إلى خفض إنتاجه في الحقول الجنوبية للحفاظ على توازن الصادرات ضمن حصته المحددة". وأشار إلى أن هذا التوازن ضروري لضمان استقرار العلاقات مع منظمة أوبك والحفاظ على مكانة العراق كمنتج رئيسي.
وقال المحلل السياسي، كمال الربيعي، في حديث صحفي، إن "إصرار واشنطن على إعادة تصدير النفط الكردي يعكس محاولاتها للتأثير على سياسة الطاقة العراقية بشكل عام، مما قد يدفع بغداد إلى البحث عن تحالفات جديدة تضمن استقلال قرارها الاقتصادي، مثل تعميق العلاقات مع الصين وروسيا في مجال الطاقة".
خطوة ضرورية لمصلحة العراق
أوضح التميمي أن "الافتراض القائل بأن ضغوط ترامب تهدف إلى زيادة المعروض النفطي أو تعويض النقص الناتج عن العقوبات المفروضة على إيران قد لا يكون دقيقًا، نظرًا لالتزامات العراق في أوبك"، مما يشير إلى أن الضغوط الأمريكية قد تكون ذات أبعاد تجارية وسياسية أكثر من كونها استراتيجية نفطية عالمية.
أما العزاوي فيرى أن "الحكومة العراقية قد تحتاج إلى تبني استراتيجية واضحة لمواجهة الضغوط الخارجية، من خلال تعزيز التنسيق مع أوبك والعمل على تنويع الشراكات الاقتصادية، لتجنب الاعتماد على طرف واحد في مجال تصدير النفط".
تحدٍ كبير وقرارات حاسمة
في ظل هذه التطورات، تبقى حكومة بغداد أمام تحدٍ كبير في تحقيق التوازن بين التزاماتها الدولية ومصالحها الوطنية، وسط تصاعد الضغوط السياسية والاقتصادية من أطراف خارجية متعددة، مما يتطلب رؤية استراتيجية واضحة لإدارة الملف النفطي بحكمة. ومع استمرار التوترات السياسية والاقتصادية، فإن اتخاذ قرارات حاسمة ومتوازنة سيشكل مفتاحًا لضمان استقرار العراق في المرحلة المقبلة.