نشرت صحيفة "الغارديان" البريطانية، مقالا، للكاتبة ديبورا فيلدمان التي تحمل الجنسية الأمريكية والألمانية، قالت فيه إنه بالرغم من أنها عاشت في ألمانيا منذ ما يقرب من عقد من الزمان، ولكن الأشخاص الوحيدين الذين تمكنّت معهم من مناقشة الصراع في الشرق الأوسط هم الإسرائيليون والفلسطينيون. 

وأوضحت الكاتبة، في مقالها، بأن: "الألمان يميلون إلى قطع أي محاولة لإجراء محادثة بناءة باستخدام العبارة المفضلة التي تقول: إن الموضوع معقد للغاية.

ونتيجة لذلك، فإن التفاهمات التي توصلّت إليها بشأن التطورات الجيوسياسية في العقود الثلاثة الماضية، هي نتيجة حوارات خاصة، بعيدة عن أعين المجتمع الألماني الحريص على إصدار الأحكام".

وتابعت الكاتبة التي تتوق إلى إلقاء محاضرة حول "كيف يُعتبر انتقاد إسرائيل معاداة للسامية؟"؛ أن "ألمانيا، تحجب آراء أغلبية غير مرئية من اليهود الذين لا ينتمون إلى المجتمعات التي تدعمها الدولة الألمانية ماليا، والذين لا يؤكدون باستمرار على الأهمية الفريدة للولاء غير المشروط لإسرائيل".

وأضافت: "بسبب القوة الهائلة التي تمارسها المؤسسات والمجتمعات الرسمية، كثيرا ما يتم إسكات الأصوات غير المنتسبة أو تشويه سمعتها، وتحل محلها الأصوات الأعلى من الألمان الذين تدفعهم عقدة الشعور بالذنب المتعلقة بالهولوكوست إلى تقديس اليهودية إلى درجة التجسيد القهري".

وأشارت فيلدمان إلى أنه "عندما نشرت مؤخرا كتابا عن هذا التهجير الواسع النطاق للشعب اليهودي في ألمانيا من قبل الانتهازيين ذوي التوجهات الفردية، كان رد الفعل مؤشرا: صحافي يكتب لصحيفة يهودية ألمانية أرجع الأمر كله إلى كراهية إسرائيل والتوتر الذي أصابها بعد الصدمة التي حدثت لها كامرأة تركت المجتمع الأرثودوكسي". 

وأردفت بأن "شبح التراث اليهودي يتم استغلاله باستمرار من أجل النفوذ، لأن اليهودية نفسها مقدسة ولا يمكن المساس بها" مضيفة أنها "مثل معظم اليهود العلمانيين في ألمانيا، اعتادت على العدوان الموجه نحوهم من قبل كيان "اليهودية الرسمية" القوي المدعوم من الدولة.

وأوضحت: "يتم إلغاء العروض المسرحية التي تحظى بحفاوة بالغة في نيويورك وتل أبيب في ألمانيا بناء على طلب تلك الجهات، ويتم إلغاء دعوة المؤلفين، ويتم سحب الجوائز أو تأجيلها، ويتم الضغط على شركات الإعلام لاستبعاد أصواتنا من منصاتها"، مشيرة إلى أنه "منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر، يتعرض أي شخص ينتقد الرد الألماني على الهجمات المروعة التي شنتها منظمة حماس إلى تهميش أكثر من المعتاد".


وتابعت بأنها "عندما لاحظت كيف يتم تحميل الفلسطينيين، والمسلمين بشكل عام، في ألمانيا المسؤولية الجماعية عن هجمات حماس، وقعت على رسالة مفتوحة مع أكثر من 100 من الأكاديميين والكتاب والفنانين والمفكرين اليهود، طلبنا فيها من السياسيين الألمان عدم القيام بإزالة آخر المساحات الآمنة المتبقية للناس للتعبير عن حزنهم ويأسهم. فكان هناك رد فعل عنيف فوري من المجتمع اليهودي الألماني الرسمي". 

وأضافت أنه "في الأول من تشرين الثاني/ نوفمبر، بينما كانت تستعد للظهور في برنامج حواري تلفزيوني، مع نائب المستشار، روبرت هابيك، تلقت صورة شاشة لمنشور يناقش فيه نفس الصحفي اليهودي الألماني الذي هاجم كتابها علنا تخيلات عن احتجازها أسيرة في غزة، فأصيبت بالصدمة".

وتوضح أن تلك الرسالة جعلت الأمور فجأة واضحة بالنسبة لها، بالقول إن "نفس الأشخاص الذين كانوا يطالبون كل مسلم في ألمانيا بإدانة هجمات حماس، من أجل الحصول على الإذن لقول أي شيء آخر على الإطلاق، يقبلون قتل المدنيين طالما أن الضحايا أشخاص لديهم آراء معارضة". 

وتابعت "إن دعم الحكومة الألمانية غير المشروط لإسرائيل لا يمنعها من إدانة مقتل المدنيين في غزة فحسب، بل إنه يسمح لها أيضا بتجاهل الطريقة التي يُزج بها اليهود المعارضون في ألمانيا تحت نفس الحافلة كما يُفعل بهم في إسرائيل".

وأكدت الكاتبة نفسها، أن "الأشخاص الذين قُتلوا ودنسوا بشكل مروع في 7 تشرين الأول/ أكتوبر ينتمون إلى الشريحة العلمانية ذات الميول اليسارية في المجتمع الإسرائيلي. وأن العديد منهم كانوا من الناشطين من أجل التعايش السلمي. وقد تم مصادرة الحماية العسكرية لهم لصالح المستوطنين المتطرفين في الضفة الغربية، وأغلبهم من الأصوليين المتشددين". 


وأردفت "بالنسبة للعديد من الإسرائيليين الليبراليين، تم الكشف الان عن وعد الدولة بالأمن لجميع اليهود باعتباره انتقائيا ومشروطا. وبالمثل في ألمانيا، تم تفسير حماية اليهود بشكل انتقائي بحيث تنطبق فقط على الموالين للحكومة القومية اليمينية في إسرائيل".

إلى ذلك، أشارت الكاتبة إلى أنه "في إسرائيل ينظر كثيرون إلى الأسرى الذين تحتجزهم حماس وكأنهم قد رحلوا بالفعل، وهي تضحية ضرورية لا أهمية لها إلا بقدر ما يمكن استخدامها لتبرير الحرب العنيفة التي ينتظرها اليمين الديني. بالنسبة للقوميين الإسرائيليين، كان يوم 7 تشرين الأول/ أكتوبر، بمثابة بداية تحقيق نبوءة الكتاب المقدس الأخروية ليأجوج ومأجوج، ووصول الحرب لإنهاء كل الحروب، وإنهاء جميع الشعوب الأجنبية". 

وتابعت "العديد من عائلات ضحايا 7 تشرين الأول/ أكتوبر، الذين دعوا إلى وضع حد لدائرة الرعب والكراهية والعنف هذه، والذين يتوسلون إلى الحكومة الإسرائيلية ألا تسعى للانتقام باسمهم، لم يسمعوا صوتهم في إسرائيل. وبما أن ألمانيا ترى نفسها متحالفة بشكل غير مشروط مع إسرائيل نتيجة للمحرقة، فإن أصحاب السلطة والنفوذ في مجتمعها يسعون إلى تهيئة ظروف مماثلة لخطابها العام في الوطن".

وأضافت أن "بعض الأسرى الذين تحتجزهم حماس يحملون الجنسية الألمانية، وأنه عندما سألَت أحد السياسيين من الائتلاف الحاكم في ألمانيا عن موقف الحكومة من هؤلاء الأشخاص، صُدمَت عندما كان رده على انفراد: حسنا، هؤلاء ليسوا ألمانا خالصين. لم يختر من بين مجموعة من المصطلحات المقبولة تماما للإشارة إلى الألمان ذوي الجنسية المزدوجة، ولم يستخدم حتى صفات مثل richtige أو echte للإشارة إلى أنهم ليسوا ألمانا كاملين - بدلا من ذلك، استخدم مصطلحات النازية القديمة للتمييز بين الآريين وغير الآريين".

وتفسر ذلك بأنه "بينما يتباهى نفس السياسي من يسار الوسط بموقف ألمانيا المؤيد لإسرائيل في وسائل الإعلام في كل فرصة، ولكن في الوقت نفسه يبدو أنه يرسل رسالات مشفرة لليمين المتطرف المعادي للسامية، من خلال تصوير ألمانيا على أنها عاجزة عن فعل شيء سوى قبول مطالب إسرائيل، حتى لو تسبب القصف في خسائر فادحة في أرواح المدنيين في غزة".

واستفسرت: "هل من المفاجئ أن يشعر اليهود في ألمانيا بالقلق من أن هوس البلاد بإسرائيل له علاقة بالنفسية الألمانية أكثر من ارتباطه بإحساسهم بالأمان والانتماء؟".


وقالت إن "نائب المستشار، روبرت هابيك سجل في وقت سابق من هذا الشهر، مقطع فيديو أشبه برجل دولة حول معاداة السامية، أكد فيه للألمان أنه يدرك أن حماية الحياة اليهودية لها أهمية قصوى. وقد فسرها كثيرون على أنها محاولة لتعزيز مؤهلاته القيادية. فمن المؤكد أنها كانت محاولة واضحة لسد مساحة خطابية تركها المستشار، أولاف شولتز، وغيره من الوزراء، مثل أنالينا بيربوك".

وأشارت إلى أنها "لم تخطط للخطاب الذي مدته 10 دقائق والذي وجهته إلى هابيك خلال ظهورها التلفزيوني، لكن حدث شيء ما نتيجة تلك الصورة الرهيبة". مضيفة: "لذلك أهملَت النص وقلت كل شيء، وقلبي ينبض بسرعة كبيرة .. اليأس من هذه الحرب التي لا تنتهي، وعجزنا أمام أهوالها. الخوف من انهيار حضارتنا بسبب الضعف المتزايد لمنظومة القيم التي تربطها ببعضها البعض".

واسترسلت: "الحزن على الانقسام الناجم عن الخطاب الذي يمزق الروابط بين الأصدقاء والعائلة والجيران. والإحباط من النفاق الصارخ المستخدم لإسكات الأصوات الناقدة. ونعم، خيبة أملي في هابيك نفسه، الذي كان بمثابة منارة الأمل للناخبين مثلي في طريقه غير التقليدي نحو النجاح السياسي".

وتذكر أنها فكرت في الناجين من المحرقة الذين ربوها وفي الدروس التي تعلمتها من أدب الناجين مثل بريمو ليفي، وجان أميري، وخورخي سيمبرون وغيرهم الكثير، وأنها ناشدت نائب المستشار، أن يفهم السبب وراء الدرس المشروع الوحيد الذي يجب تعلمه. وأن ما يمكن تعلمه من أهوال المحرقة هو الدفاع غير المشروط عن حقوق الإنسان للجميع، وأنه ببساطة من خلال تطبيق القيم بشكل مشروط يتم نزع الشرعية عنها.

وتقول إنه في مرحلة ما، قالت له: "عليك أن تقرر بين إسرائيل واليهود". لأنهما أمرين مختلفين، بل ومتناقضين في بعض الأحيان، حيث أن العديد من جوانب الحياة اليهودية مهددة بالولاء غير المشروط لدولة ترى أن بعض اليهود فقط هم الذين يستحقون الحماية.

وذكرت في مقالها أنها لا تعتقد أنه كان يتوقع خطابها. ولكنه بذل قصارى جهده، فأجاب قائلا "إنه على الرغم من إدراكه أن وجهة نظرها تتسم بالوضوح الأخلاقي المثير للإعجاب، إلا أنه يشعر أنه ليس من حقه كسياسي في ألمانيا، في الدولة التي ارتكبت المحرقة، أن يتبنى هذا الموقف. وهكذا، في تلك اللحظة، وصلنا إلى نقطة في الخطاب الألماني حيث نعترف الآن صراحة بأن المحرقة تستخدم كمبرر للتخلي عن الوضوح الأخلاقي".

وتقول: "كان العديد من الألمان، وأنا منهم، يعلقون آمالهم على هابيك. لقد رأيناه كشخص عادي، واحد منا، حالم وراوي قصص، شخص دخل السياسة لأنه اعتقد أنه قادر على تغييرها؛ ولكن بدلا من ذلك، يبدو أن ذلك قد غيره. ويبدو أنه تبنى نفس النهج القائم على الصفقات الذي تبناه كل الساسة الألمان الذين سبقوه. وإذا لم يتحدث معنا فمن سيفعل؟".


وتختم الكاتبة، مقالها، بالقول إن: "تصريحات حزب البديل من أجل ألمانيا اليميني المتطرف وحكومة يسار الوسط، في مناقشة البرلمان الألماني، الأسبوع الماضي، حول المسؤولية التاريخية للبلاد تجاه اليهود، كاتت متشابهة للغاية، لدرجة أنني لم أتمكن مهما حاولت من التمييز بينهما".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة الفلسطينيين غزة فلسطين غزة طوفان الاقصي صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تشرین الأول غیر المشروط فی ألمانیا فی إسرائیل العدید من إلى أنه من أجل

إقرأ أيضاً:

العودة الي منصة التأسيس: آراء عبدالخالق محجوب حول الحرب والسلام والحزب

الدكتور حامد بشري

نُشر هذا المقال في العدد الأول من مجلة " قضايا فكرية " الصادر في يناير من هذا العام .
تعتبر وثيقة حول البرنامج (1971)، آخر الانجازات الفكرية للشهيد عبد الخالق محجوب لتطوير برنامج الحزب، والتي كتبها من معتقله في معسكر الشجرة في يونيو 1971م، وكانت الوثيقة في الأصل مساهمة من عبد الخالق في التحضير للمؤتمر الخامس للحزب الشيوعي السوداني والذي قرره المؤتمر التداولي لكادر الحزب المنعقد في اغسطس 1970م، وكان من ضمن اجندة المؤتمر أدخال تعديلات في برنامج الحزب حتى يواكب المتغيرات التي حدثت بعد انقلاب 25/مايو/1969م في السودان.
رغم أن وثيقة حول البرنامج كانت بنت وقتها وصدرت في سياق تاريخي معين كان فيه وجود المعسكر الاشتراكي قوياً وفاعلاً ومؤثراً، كما كان نموذجاً يحتذي به في بلدان العالم الثالث، آنذاك . ولكن رغم ذلك، فإن الوثيقة لامست قضايا لا تزال حية ومرتبطة بالتجربة السودانية الراهنة .
أما وثيقة "أصلاح الخطأ في العمل بين الجماهير" التي كتبها المفكر عبدالخالق محجوب وقدمها للجنة المركزية في دورتها المنعقدة في عام 1963 فقد صدرت الوثيقة في فترة أشتد فيها الصراع الفكري داخل الحزب ضد أفكار وممارسات العزلة اليسارية الطفولية. ودعا عبدالخالق في هذه الوثيقة الي ضرورة وأهمية تبادل الرأي والتشاور بين الكوادر الحزبية والجماهير حول القضايا التي تهم الناس بدلاً عن فرض الشكل الذي يراه الحزب مناسباً .
وعلي الرغم من التحولات التي حدثت منذ صدور هذه الوثائق التي مضي عليها أكثر من نصف قرن ، الا انه لاغني عن إعادة قرأتها ودراستها حيث تعتبر مرجعاً هاماً في سياسات الحزب وضرورة ربطها بالمتغيرات المحلية والعالمية التي حدثت . كما يجب تطويرها بما يجري في الساحة السياسية السودانية ، وتحديداً بالمبادرة التي خرجت مؤخراً من الحزب الشيوعي لوقف الحرب . وسياسات الحزب الراهنة وأهمية مراجعة مواقفه الحالية فيما يخص التحالفات البناءة لتطبيق شعار وقف الحرب.
سأحاول في هذا العجالة أن أجري مقارنة مقتضبة بين بعض ما أشار اليه عبدالخالق في الوثيقتين بتصرف وواقع الحزب اليوم والموقف من الحرب الدائرة.
ورد في وثيقة حول البرنامج :" لهذا فان العملية التي نحن بصددها تمثل عصارة تفكيرنا وتجاربنا الثورية، كما انها أمتحان لقدراتنا في تطبيق النهج الماركسي على واقع الثورة السودانية. نبدأ بتحديد القضية الاساسية في الثورة الديمقراطية، والتي تتفرع منها كل القضايا الأخرى لتلك الثورة. أعتقد ان قضية الثورة الاقتصادية (التنمية) هي تلك الحلقة الأساسية. فاذا كان العدو الاستراتيجي الأساسي لثورتنا الوطنية الديمقراطية هو الأستعمار الحديث والحلف البرجوازي شبه الإقطاعي في الداخل، فأن الهدف الاول للثورة الوطنية الديمقراطية هو دعم وتطور السيادة الوطنية "
بنظرة لواقع الحال، أري أن قضية التنمية التي شغلت جزءً كبيراً من كتابات عبد الخالق السياسية، لا يمكن مخاطبتها في ظروف الحرب الدائرة، كما لا يمكن أن يتم لها النجاح الأ في ظروف الأمن والسلام. وبما أن العدو الأستراتيجي للثورة الوطنية الديمقراطية هو الأستعمار الحديث كما عبر عنه عبد الخالق فأن العدو الأساسي لثورة ديسمبر هو الحرب الدائرة التي أشعلها أعداء الثورة المسلحين وليس المدنيين. وعليه نتوقع أن تكون نقطة البداية للسير في طريق التنمية هي وقف الحرب وتحقيق السلام، ووحدة كل القوى الوطنية والديمقراطية، الحزبية منها والنقابية والمهنية، في جبهة حقيقية لوقف الحرب وتحقيق السلام لتسير في طريق التنمية الأقتصادية، والأجتماعية، وإعادة البناء، والتأهيل . هنا يجب مراعاة التغيرات السياسية والأجتماعية التي حصلت في عالم اليوم والتي لا ينكرها الأ مكابر، على سبيل المثال أختفاء الأتحاد السوفيتي من خريطة العالم الجغرافية، وظهور دول أخري فيما كان يعرف بالمعسكر الأشتراكي. كما أن دعم السيادة الوطنية الذي نبه له عبد الخالق لا يتم بدون تكوين جبهة عريضة من مختلف القوي المدنية التي تؤمن بمصلحة الوطن والقضية الوطنية وتضع الوطن في حدقات عيونها، فوق كل هذه الأهداف والشعارات الحزبية ذات المواعين الضيقة. مصلحة الوطن والمواطن تفرض علينا العودة الي فترة التحالفات التي هزمنا فيها الدكتاتوريات التي تعاقبت على حكم السودان ونحن الآن في أمس الاحتياج الي هذه التحالفات المجربة لتدارك مآلات الحرب الدائرة. والتي أحدي نتائجها تجزئة الوطن التي تجري أمام أعيننا، إضافة الي تفتت النسيج الاجتماعي وبروز النعرات العنصرية والقبلية البغيضة والإبادة الجماعية والجرائم ضد الأنسانية . كل هذه الكوارث التي نشأت في ظل حكومة الجبهة الأسلامية والمؤتمر الوطني، تتطلب بالضرورة وقوف الجميع تحت راية وقف الحرب، ونبذ الخلافات الحزبية التي أعقبت ثورة ديسمبر العظيمة.
جاء في الوثيقة: "لن تصل الثورة في بلادنا الى أفاق الأشتراكية باستكمال مهام الثورة الوطنية الديمقراطية (الأ عبر الديمقراطية)، على أن القنطرة الوحيدة للعبور للأشتراكية هي الديمقراطية."
يتضح من هذه الجملة أن أنجاز مهام الثورة الوطنية الديمقراطية والوصول للأشتراكية لا يتم الأ عبر الديمقراطية . وفي وضعنا الحالي لن يتم الوصول الي الديمقراطية الا بوقف الحرب وحلول السلام، ولن تقف الحرب بدون الاشتراك الفعلي للشيوعيين في العمل القاعدي وفي التحالفات القيادية التي تدعو لوقف الحرب وفي المباحثات والأتصالات التي تُجري بين طرفي النزاع من قوي وطنية، وإقليمية، ودولية. فالمباحثات التي جرت بين الشمال والجنوب لوقف نزيف الدم كانت عملية سياسية شاقة ومعقدة ومضنية بدأت بكوكا دام وانتهت بنيفاشا وأستغرقت عقداً من الزمان. الحزب الشيوعي آنذاك لم يقف موقف المتفرج منها وأنما أشترك فيها وساهم فيها مساهمة فعالة الي أن تم عزل القوي الشمالية منها حينما أقتصرت على نظام الجبهة الأسلاموي وقوات الحركة الشعبية . ومن المفارقات أن الحزب الشيوعي في السابق حينما دارت المفاوضات بين الشمال والجنوب لوقف الحرب كان موقفه إيجابياً حيث نادي وطالب بأشراكه في كل المفاوضات التي تخص الشأن السوداني. أما اليوم فسجل عزوفاً عن هذه المشاركة الإيجابية منذ أيام فولكر بيرتس. لم يطالب بالاشتراك في المفاوضات وأنما رفض الدعوة للمشاركة. وفي أحسن الأحوال أرسل رداً مكتوباً ومشروطاً معللاً أسباب المقاطعة والرفض غير المبرر. رغم أن عبدالخالق حذر من ذلك في وثيقة أصلاح الخطأ التي طرحها عام 1963 حيث أورد :( علينا في مخاطبة الناس ان نتمسك بالديمقراطية ونرعاها دائما. يجب الأستماع الي أراء الناس مهما اختلفنا معهم ومهما كانت خاطئة وان يتسع صدرنا لذلك، ان أفكارنا ودعوتنا ونظريتنا لاترضي بالكبت ولا بالثرثرة واللجاجة واسكات صوت الآخرين، بل بالمناقشة الهادئة وبالاستماع الي آراء الآخرين وبمحاولة اكتشاف النقاط التي نتفق معهم فيها وكشف ما نختلف في أمره، كل ذلك عن هدوء ودون اثارة. أن التغاضي عن الديمقراطية خلال مخاطبة الناس تفكير خاطئ يفرض الصواب في رأينا الخطأ كل الخطأ في رأي غيرنا، انه لايحتمل وجود الخلاف في الراي) . وفي أكثر من مناسبة نبه عبدالخالق الي أن ثمة من أعضاء حزبه يقولون ، ( من ليس معنا فهو ضدنا ، ومن أختلف معنا مرة ليس منا ) . ويعتبر مثل هذا التفكير تفكيراً مثالياً خاطئاً، إضاف إليه: ثمة من يطلقون الأحكام الجزافية على المختلفين فكرياً وسياسياً مع حزبه من نحو: جاسوس خائن انتهازي. الى آخر التوصيفات التي أعدها القيادي الشيوعي سخفاً ينم عن فقر معرفي مدقع داعياً الى أعتماد الحوار آلية راتبة ليس من أجل إقناع الآخرين، ولكن لإثراء العقل والعلم والمعرفة.
الآن الوضع أصبح أكثر خطورةً مما كان عليه وقت كتابة الوثيقتين، نحن أمام خيارين أما بقاء السودان أو إندثاره. القطر مستهدف من قوي داخلية وخارجية. وحدة كل القوي المدنية والتوجه بخطاب واحد الي المجتمع الدولي والإقليمي يشكل بادرة إنقاذ للخروج من هذا النفق المؤدي الي الإنشطار. عزوف الحزب وبعض القوي الديمقراطية والوطنية عن المبادرات التي دعت لوقف الحرب يُعتبر بمثابة جريمة وتفريط في الوطن . وقف الحرب لن يتأتى بنقد المبادرات السابقة من على البعد أو بكتابة مبادرات جديدة لا تختلف في جوهرها عن سابقاتها وأنما بالإشتراك الفعلي لإكمال النواقص في المبادرات السابقة ولا منقصة في ذلك أذا تم وضع مصلحة الوطن فوق مصلحة الحزب . أضافة الي أن بقاء أي حزب في الساحة السياسية يتوقف على مساعيه الجادة للوقوف والسعي للتحالفات العريضة لوقف الحرب وأنقاذ الوطن وفي هذا حماية ودرع للوطن من الانقسام والتلاشي.
ورد في وثيقة حول البرنامج :"ونحن أيضا ننطلق من فهمنا للثورة – بوصفها أعلي مستويات الإنجاز والخلق الشعبي والتلقائية الدافقة، ولا تقبل مفهوم الوصاية على حركة الجماهير".
وبالرجوع الي ثورة ديسمبر لن تخطئ العين أذا أشرنا الي عدم التزام الشيوعيين التحلي بوصية (عدم الوصاية على الحركة الجماهيرية) سواء في النقابات أو اتحادات المهنيين أو لجان المقاومة . أتمنى أن أكون مخطئاً في رأي أن أحدي أسباب الانقضاض على ثورة ديسمبر هي الوصاية على المنظمات الجماهيرية وخاصة تجمع المهنيين وهذا المسلك سار في الأتجاه المعاكس لما ذكره عبدالخالق في وثيقة أصلاح الخطأ حيث ورد : (تعلموا أنه من المستحيل فرض أشكال تنظيمية علي جماهير بلادنا الثورية منقولة من الكتب، واذا فُرضت مثل هذه التنظيمات فسرعان ما تركبها العزلة ويذهب شأنها، والذي يبقي من تنظيم هو ماترتضيه الجماهير، ماينفعها في نضالها السياسي وفي حياتها اليومية، مايتناسب مع الظروف الموضوعية ويتلاءم مع الأستعداد الذاتي بين الجماهير.) أما في مخطوطة حول البرنامج فجاء وصف حركة الجماهير بما يلي :" ولكن الجماهير، وهي تنفض عن نفسها غبار سني الإهمال، تنتفض وتبدع تلقائيا أشكالاً من التنظيم أغني آلاف المرات مما يتصور أي برنامج سياسي أيا كانت مرتبته. ولهذا فإن للجماهير الكادحة حقها في التعبير السياسي النابع من مصالحها، حقها في أبتداع التنظيمات الأقتصادية والسياسية التي تعبر عن مشاعرها وتركن اليها، وذلك دعم وحماية للثورة الوطنية الديمقراطية في بلادنا".
جاء في وثيقة أصلاح الخطأ ما يلي: (فالشيوعيون لايعملون في أي تنظيم جماهيري(للسيطرة عليه وأستغلاله لأغراض حزبية) كما يدعي البورجوازيون. الشيوعيون يكسبون ثقة جماهير أي منظمة يعملون فيها بتفانيهم ونكران ذاتهم في خدمة الجماهير . وبهذا تقترب طلائع الجماهير في كل مجال من الحزب الشيوعي والفكر الشيوعي . فنحن لاندعي أننا أحسن وأقدر الناس علي حل كل مشكلة وتولي كل مسئولية، نعترف لغيرنا أيضا بقدرات القيادة وحل المشاكل وتولي المسئولية ونتعاون معهم في أطار أهداف وأغراض المؤسسة الجماهيرية المعينة ونتعلم منهم ) .
نلاحظ أن فرض أجندة ووصايا ثقافية وفكرية على المجتمع وخاصة الذي عانى من الأنقسامات وويلات الحرب لن يقود الأ لمزيد من الأحتقان والتشرذم. الفقر والجوع والمسغبة والموت الجماعي الذي أرتقي الي مستوي التطهير العرقي وفُرض على الناس أثناء الحرب لا يتيح لجهة سياسية بمفردها أو متحالفة مهما أحتوي طرحها من إيجابيات أن تقرر مصير الأمة. الحرب الدائرة الآن ضربت بعمق أمن واستقرار المجتمع . لا يمكن مع الجوع والفقر الذي خلفته الحرب أن تطلب من الناس في استفتاء عام هل هم مع التغيير الجذري أو مع الأطاري. الشعب مع أيقاف الحرب التي تتطلب الوحدة الجادة وتنازلات من الجميع ونقد ذاتي لما تم بعد أنتصار الثورة، هذا هو الطريق الوحيد للأنتصار على قوي الظلام والبطش والسير في بناء دولة الحرية والمساواة.
" إن أتحاد كل هذه التنظيمات بالإضافة الي الشخصيات الديمقراطية الوطنية شكل في مجموعه، وبالأستقلال لتلك التنظيمات، ما عرف في الحياة السياسية السودانية بأسم الجبهة الوطنية الديمقراطية. أنها التنظيم الشعبي للجماهير المشيد فوق أرض الديمقراطية، والذي تغذيه جذورها فيظل يانعاً وارفاً أمام مصاعب التغيير والبناء."
لاحظ الكلمات المفتاحية (كل هذه التنظيمات) و(الجبهة الوطنية الديمقراطية). فالوثيقة نادت بأتحاد التنظيمات مع الشخصيات الديمقراطية الوطنية لإنجاز الجبهة الوطنية الديمقراطية في زمن الحكم المدني الديمقراطي، فما بالك في زمن الحرب التي أوشكت أن تمزق القطر كله. هذه الحرب الشعواء التي خرجت عن كل الأعراف الإنسانية تستدعي وحدة كل القوي السياسية للوقوف في خندقٍ واحد ضد الذين أشعلوها، بغض النظر عن مستوي الخلافات السابقة وسط هذه القوي . حذر عبدالخالق من المسلك اليساري حينما كتب ( يجب علي القوي الثورية الأ تسلك مسلكا يساريا من الجماهير المؤمنة بالتنظيمات الحزبية القديمة التي قعدت عن النضال، وهذا المسلك اليساري يتمثل في الأستفزاز وفي إصدار أحكام تسئ الي قادة هذه الجماهير. ان هذه الجماهير في صفنا وهي مؤمنة بالديمقراطية وبوجوب النضال من أجل الحصول عليها ولكن قادتها متقاعسون وفي نفس الوقت مازالت هذه الجماهير مؤمنة بهم. يجب ان نقترب من هذه الجماهير ونعرض عليها برنامجنا الديمقراطي ونطلب التعاون معها علي هديه. اما أتخاذ موقف من الجماهير لأن قادتها تراجعوا او رجعوا عن النضال من أجل الديمقراطية فتفكير يساري خاطئ ، وكل مسلك او عبارات نتفوه بها تؤدئ الي اقامة حاجز بيننا وبين الجماهير ، أمر خاطئ .
وفي وثيقة أصلاح الخطأ في العمل الجماهيري شدد عبدالخالق الي أهمية العمل المشترك مع التنظيمات التي لا تنتمي للشيوعي حيث كتب (الوقوف بثبات الي جانب مبدأ الديمقراطية الواسعة في تنظيم الجماهير ان هذا يعني قدرة الشيوعيين علي التعاون مع العناصر التي لاتنتمي للحزب الشيوعي وربما لاتقبله وترفض ايديولوجيته. لقد احرزنا قدرا لابأس به في هذا الحيز وخاصة في العمل النقابي ولكن مازالت هناك مسالك يسارية قائمة علي فرض أرائنا في بعض الأحوال لإستغلال المناصب التنظيمية في بعض المؤسسات لسيادة آرائنا ولغير أغراض تلك المؤسسات. وهذا مايجب ان نكافح ضده .)
أحدي شعارات الحزب : من الجماهير واليها ، نعلم الجماهير ونتعلم منها (الشيوعي العدد 116) . بكل أسف صارت قيادة الحزب لا تسمع صوت أعضاء الحزب ناهيك عن صوت الجماهير، أصبحت تسمع صدي اجتماعاتها. الآراء التي تختلف مع رأي اللجنة المركزية لا تجد مساحة للتداول والنظر في محتواها. رغم أن المفكر عبدالخالق كأنما كان يقرأ الفنجان حينما نبه الي أهمية كتابة الرأي المعارض في صحيفة الحزب : (ان الناس لهم رأي فيما نكتب فيجب أن نستمع اليهم باهتمام وان نسجل آراءهم، وبعضهم يستطيع ان يكتب لنا رأيه وهؤلاء يجب أن نشجعهم علي ذلك ونوضح لهم فيما بعد اثر آرائهم في كتاباتنا – والأغلبية محرومة من وسائل الكتابة وتحجم عن التعبير ولكن يجب علينا أن نقنعهم ونصر علي ان يعبروا عن رأيهم بغض النظر ان كان في صالحنا او غير ذلك. وسائل الدعاية بين الجماهير ليست ملكاً لنا بل هي ملك للجماهير).
بكل أسف لم تعد صحيفة الميدان ذات مفعول سحري على الجماهير كما كانت في السابق . أختفت من الجريدة تصريحات ومقابلات السكرتير العام وحقيقة أختفي هو شخصياً من الساحة السياسية. كان المطلوب منه علي الأقل المحافظة على ما كانت عليه المؤسسة. وبرغم الطفرة التكنلوجية تراجع النشاط الحزبي على الرغم من ظروف العلنية مقارنة بظروف السرية . قبل الحرب كانت هنالك مناداة من أكثر من جهة لعقد مؤتمر تداولي للنظر في سياسة الحزب والتحالفات وشعار التغيير الجذري الذي أتت به القيادة من دون دراسة للواقع وخلاصته رفض حتى الجلوس مع قوي سياسية أخري وبغض النظر عن نفوذها السياسي شاركت هذه القوي بنفس القدر في ثورة ديسمبر. بكل أسف الدعوة للمؤتمر دُثرت في مهدها حتى قبل أن تأتي مستجدات الحرب.
تعرضت وثيقة أصلاح الخطأ في العمل الجماهيري الي قضية هامه ما زال الحزب الشيوعي الي يومنا هذا يعاني منها وهي قضية الصراع الفكري وحسمه تنطيمياً . جاء في الوثيقة : بعض الرفاق يضعون السلطة التنظيمية محل الصراع الفكري والاقناع ، انهم لايحترمون رأي الأقلية ، انهم لايناقشون سياسة الحزب بقدرما يصدرون الأوامر العسكرية . ساعد علي نمو هذا الاتجاه انعدام الديمقراطية في بلادنا وظروف الضغط والأضطهاد التي يعيش فيها الحزب الشيوعي . لكن هذا الإتجاه خطير جداً وهو صادر عن عقلية فوضوية ، عقلية مغامرة لاعلاقة لها بالعقل الماركسي. والأضرار الجمة تلحق بالحزب نتيجة لهذا الجو الخانق كما حدث بالفعل في مديرية الخرطوم نتيجة مسلك سكرتيرها التنظيمي الزميل جبارة . لقد أنعزل الحزب في دوائر هامة بهذه المديرية وتساقطت عضويته وأنفض الروح الثوري عند بعض الذين بقوا في صفوفه. ان أساليب الزميل جبارة في القيادة وازاء الأعضاء خير مثال للأساليب الضارة: فالرقابة علي القرارات تعني التحقيقات المستمرة، وتعبئة الأعضاء حول خط بعينه تعني التبليغات العسكرية، والأختلاف في الرأي يعني العداوة والأحقاد والطرد من العضوية. فاذا كان هذا هو المسلك من الأعضاء فما أملنا في خلق صلات بالجماهير؟
عزا عبدالخالق عدم أحترام رأي الأقلية وصدور الأوامر العسكرية نتيجة لإنعدام الديمقراطية في بلادنا وظروف الضغظ والأضطهاد التي يعيش فيها الحزب الشيوعي . الا أنه وبعد مضي أكثر من ستين عاماً يتضح أن أنعدام الديمقراطية ما زالا عالقاً بالحزب الشيوعي والمؤتمر السادس يقف شاهداً علي ذلك .
إذا كان عبد الخالق حياً بيننا، الآن، لواصل تجديد كتابة حول البرنامج لأغناء النظرية الماركسية بتجارب شعبنا الثورية وبمعارفه السليمة التي أكتنزها أبان ثورة ديسمبر، والحرب التي اندلعت في أبريل 2023، والتغييرات العميقة العالمية والمحلية.
أبتدعت حركة الجماهير أشكالاً جديدة من النضال السلمي. ظهرت مع ثورة ديسمبر كلجان المقاومة التي عمت كل القطر وشكلت ظاهرة نوعية من المعارضة السلمية ، أمتد أثرها الي داخل القارة وخارجها. هذه ظاهرة سودانية يجب أن نشهد لها ببراءة أختراع في العمل السياسي . جمعت في باطنها تجمع قاعدي تفوق في رؤياه وشعاراته على التنظيمات والأحزاب السياسية . نحن مطالبين بدراستها بعمق. من الضرورة دراسة مسبباتها في ظل وجود أحزاب وتنظيمات سياسية عريقة. أُطروحاتها تختلف من الأساليب التقليدية التي كانت متبعة في السابق على سبيل المثال في التنظيمات الشبابية والنسائية . الوصاية عليها من اليسار أو اليمين يفقدها تفردها وبريقها الذي نبع من الواقع السوداني الثوري.
السودانيون مشهود لهم بالتكافل وتقديم المساعدة للمحتاجين الأ أن ظاهرة التكايا التي أطعمت وآوت النازحين رغم الحصار والقصف بالمدافع والطائرات ومساعدات الجرحى والمصابين في ظروف حرب لم يشهدها الوطن من قبل تكسرت فيها الحواجز وعلت فيها روح التضامن الطبقي والوطني واستمرت رغم الأمكانيات الضعيفة هي كذلك جديرة بالدراسة والتطوير بعد أن تضع الحرب أوزارها .
الحرب خلفت مآسي والآم وضغائن يصعب محوها عن الذاكرة. يجب أن نستصحب في معالجتنا لهذه المسألة مفهوم العدالة الانتقالية لنتفادى الدخول في حرب أهلية أخري. تجربة العدالة الانتقالية مارستها عدة دول منها دول أفريقية قريبة منا من حيث التكوين العرقي والأجتماعي وكذلك دول خارج القارة أضافة الي ما خلفه لنا أسلافنا من القانونين السودانيين الذين رفدوا المكتبة السودانية بتجاربهم وعلمهم كما لا يفوتنا أن نذكر تجارب أسهام الأدارة الأهلية في فض النزاعات القبلية.
دراسة أدبيات الحزب الشيوعي ووثائقه تكتسب أهمية قصوي في هذا الظرف وخاصة لأعضاء الحزب لكي تساعدهم في توضيح الرؤيا السياسية السليمة والأدوات التي يجب أتخاذها والعمل بها لوقف الحرب .
يناير 2025
مراجع:
1-أضواء على وثيقة (حول البرنامج) مجلة الحوار المتمدن – العدد 2596 تاج السر عثمان– 25-03- 2009م
2-أصلاح الخظأ في العمل بين الجماهير – الطبعة الثالثة – أبريل 2009م
3-أصلاح الخطأ في العمل بين الجماهير وثيقة كتبها المفكر عبدالخالق محجوب – سودانيز ون لاين - محمد الإسباط 2002-04-02

 

hamedbushra6@gmail.com  

مقالات مشابهة

  • ناشطة يهودية: إسرائيل أكذوبة صهيونية والعلم الفلسطيني يمثلني (فيديو)
  • «ترامب» يستقبل «نتنياهو».. ماهي «إسرائيل الصغيرة» التي تحدّث عنها؟
  • استطلاع رأي: الغالبية العظمى من اليهود في إسرائيل يؤيدون تهجير سكان غزة
  • فرانشيكا ألبانيز: الأوضاع في غزة كارثية بسبب الإبادة الجماعية التي ارتكبتها إسرائيل
  • مقررة أممية : تصرفات “إسرائيل” في الضفة الغربية إجرامية
  • ‏حماس تطالب الوسطاء بإلزام إسرائيل بإدخال مواد الإغاثة التي نص عليها اتفاق غزة ووقف الانتهاكات
  • العودة الي منصة التأسيس: آراء عبدالخالق محجوب حول الحرب والسلام والحزب
  • مظاهرات في ألمانيا تطالب الحكومة بوقف تمويل إسرائيل بالسلاح
  • حازم عمر: صفقة الهدنة الحالية بغزة تطبيق حرفي لوثيقة مايو 2024 التي رفضتها إسرائيل
  • “قبور للأحياء”: الحالة الصحية التي يخرج بها المعتقلون الفلسطينيون من سجون إسرائيل تعكس تعذيبًا وتجويعًا ممنهجًا