الجزيرة:
2024-08-12@03:14:05 GMT

ماذا تخسر مصر بربط ملف الغاز بإسرائيل؟

تاريخ النشر: 16th, November 2023 GMT

ماذا تخسر مصر بربط ملف الغاز بإسرائيل؟

مع اكتشاف مصر لحقل ظهر للغاز الطبيعي في البحر المتوسط، داعبتها آمال بتحقيق اكتفاء ذاتي من الغاز والتحول إلى مركز لتصدير الطاقة في شرق البحر المتوسط.

وقد تحقق الهدف الأول في عام 2018 مع تدفق الإنتاج من حقل ظهر، بينما لتحقيق الهدف الثاني وُقع اتفاق في العام ذاته بقيمة 15 مليار دولار لمدة 10 سنوات بين 3 شركات مصرية وإسرائيلية وأميركية لشراء الغاز الطبيعي من حقلي تمار وليفياثان الإسرائيليين، وتوريده إلى مصر لإعادة تصديره مرة أخرى بعد إسالته في محطتي إسالة الغاز بدمياط وإدكو.

وهو الاتفاق الذي وصفه رئيس الوزراء نتنياهو بأنه "يوم عيد" لأنه سيدر مليارات الدولارات للخزينة الإسرائيلية.

مخاطر

آنذاك حذرت بعض الأصوات من ربط السوق المحلي في مصر بما فيه من محطات كهرباء ومصانع أسمدة وإسمنت وغيرها من الصناعات الإستراتيجية بواردات الغاز الطبيعي من إسرائيل.

لكن وزير البترول المصري أكد أن الغاز المستورد من إسرائيل سيخصص للتصدير بعد إسالته دون وجود احتياج لاستهلاكه محليا، فيما طمأن الرئيس عبد الفتاح السيسي الشعب بعبارته المشهورة "جبنا جون يا مصريين في موضوع الغاز".

عمليا، صدّرت مصر ما يعادل 270 ألف طن متري من الغاز فقط في عام 2020 الذي شهد انخفاضا في استهلاك الغاز بأوروبا على خلفية الإغلاق والانكماش الاقتصادي المصاحب لانتشار فيروس كورونا، ثم ارتفع حجم الصادرات إلى مليوني طن في عام 2021 مع بدء انتعاش الاقتصاد العالمي، ولكنها ظلت كمية محدودة مقارنة بالمأمول.

وناقشت الحكومة المصرية في عام 2021 عدة إجراءات لزيادة استهلاك الغاز محليا بدلا من المازوت والوقود المستورد، ومن أبرزها منع ترخيص أي سيارة جديدة إلا بعد تحويلها لتكون صالحة لاستخدام الغاز الطبيعي، فضلا عن مشروع لتحويل كافة المخابز التي تعمل بالسولار، والبالغ عددها 30 ألف مخبز، للعمل بالغاز الطبيعي.


حرب أوكرانيا

جاءت الحرب في أوكرانيا لتمثل هدية ذهبية لمصر وإسرائيل في ملف الغاز، حيث قررت الدول الأوروبية البحث عن بدائل للغاز الروسي الذي يمثل 40% من وارداتها الغازية.

سارعت الحكومة المصرية إلى تجميد مبادرة تحويل السيارات للعمل بالغاز، ومشروع تحويل المخابز للعمل بالغاز.

وضمن جهودها لتكثيف تصدير الغاز إلى أوروبا لجلب إيرادات بالعملة الصعبة، قررت في عام 2022 التوسع في استخدام المازوت والسولار لتشغيل محطات الكهرباء بدلا من الغاز بهدف تصدير 15% من الغاز المخصص لمحطات الكهرباء، وبالفعل صدرت مصر إلى أوروبا في عام 2022 ما يعادل 8 ملايين طن غاز، وهو ما جلب لها 8.4 مليارات دولار.

تلك الإيرادات الضخمة دفعت وزير البترول المصري طارق الملا للتصريح في عام 2022 بأن وزارته تعمل على رفع القدرة التصديرية القصوى إلى 12 مليون طن غاز سنويا بحلول عام 2025، وهو ما يتطلب زيادة واردات الغاز الإسرائيلية بهدف إسالته وتصديره.

وبالفعل وقّعت مصر مع إسرائيل والاتحاد الأوروبي في يونيو/حزيران الماضي اتفاقية لتصدير المزيد من الغاز الطبيعي من إسرائيل إلى أوروبا عبر منشآت إسالة الغاز المصرية، فيما تعهد الاتحاد الأوروبي بالمساعدة في تمويل تطوير البنية التحتية للطاقة بالدولتين.

أزمة مركبة

في عام 2022، أنتجت إسرائيل 21.9 مليار متر مكعب من الغاز حيث أنتج حقل ليفياثان 11.4 مليار متر مكعب فيما أنتج حقل تمار 10.2 مليارات متر مكعب، وصدرت إسرائيل 5.8 مليارات متر مكعب إلى مصر.

وقد أعلنت وزارة الطاقة الإسرائيلية في أغسطس/آب الماضي الاتفاق مع القاهرة على زيادة صادراتها إلى مصر بنسبة 31% اعتبارا من شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وهو ما كان مفترضا أن يسد العجز في الغاز بالسوق المحلي المصري، والذي برز في منتصف العام الجاري مع تراجع إنتاج الغاز المصري من نحو 7 مليارات قدم مكعبة يوميا إلى 5 مليارات قدم مكعبة فقط.

وتزامن مع عزوف شركات الغاز الأجنبية عن التوسع في الاستثمار بعمليات تنقيب واستكشاف جديدة في ظل تراكم مستحقاتها لدى مصر بما يتراوح بين 3 إلى 3.5 مليارات دولار.

ومع اندلاع الحرب الحالية على غزة، طلبت وزارة الطاقة الإسرائيلية من شركة شيفرون المشغلة لحقل تمار الواقع على بعد 25 كيلومترا من غزة وقف الإنتاج، كما قررت وقف تدفق الغاز مؤقتًا عبر خط أنابيب غاز شرق المتوسط الذي يربط مدينة عسقلان الواقعة على بعد 13 كيلومترًا من شمال غزة بالعريش في شمال سيناء.

انعكست القرارات الإسرائيلية مباشرة على مصر، حيث أعلن سامح الخشن المتحدث الرسمي باسم رئاسة مجلس الوزراء في 29 أكتوبر/تشرين الأول الماضي انخفاض حجم الغاز المستورد من 800 مليون قدم مكعبة غاز يوميا إلى صفر، مما أدى إلى انقطاع الكهرباء لمدة ساعتين يوميا في كافة محافظات مصر، فيما تصل الانقطاعات لـ4 ساعات في بعض القرى.

وصاحب ذلك تخفيض كميات الغاز الموردة لمصانع الإسمنت بنسبة 30%، وهو ما دفع السلطات المصرية للمرة الأولى لاستيراد شحنة غاز مسال من باكستان.

حقل ليفياثان للغاز الطبيعي (رويترز) أمن الطاقة والماء

ورغم إشارة وكالة بلومبيرغ الشرق في 2 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري إلى ارتفاع واردات الغاز الإسرائيلي إلى مصر لنحو 350 مليون قدم مكعبة يوميا، فإن الكهرباء ما زالت تنقطع لمدة ساعتين يوميا في أنحاء مصر.

إن القرار الإسرائيلي بتصفير صادرات الغاز لمصر في وقت وجود أزمة بالسوق المحلي يوضح خطورة ربط أمن الطاقة المصري بالغاز الوارد من إسرائيل، وهو رهان يتوقع أن تزداد خطورته في حال استمرار نضوب الغاز المصري المنتج محليا، وهو ما تظهر مؤشراته مع تراجع إنتاج حقل ظهر من 2.76 مليار قدم مكعبة يوميا إلى 2.3 مليار قدم مكعبة، مع العلم أنه ينتج 38% من إجمالي إنتاج مصر للغاز.

وسيؤثر هذا سلبا على الصناعات الإستراتيجية كثيفة الاستهلاك للغاز مثل الإسمنت والأسمدة والألمونيوم، كما يؤثر على قدرات توليد الكهرباء، حيث يستهلكان على الترتيب 25% و57% من إجمالي استهلاك الغاز بمصر، فأي نقص في الغاز ينعكس سلبا على القطاع الصناعي وكافة الأنشطة الحياتية للمواطنين، مثلما يحدث حاليا مع انقطاع الكهرباء لساعتين يوميا على الأقل.

وضع حرج

عادة ما تربط الدولة أمنها للطاقة بدول صديقة أو محايدة، لأن الارتباط بدول يوجد معها تاريخ من العداء والخلافات، يتيح لتلك الدول ممارسة ضغوط سياسية واستخدام الإمداد بالطاقة أداة ابتزاز لتلبية مصالحها.

كذلك فإن اعتماد مصر على الغاز المستورد من إسرائيل للإسالة والتصدير للخارج، يربط مخطط مصر للتحول إلى مركز للطاقة بتل أبيب التي تبحث عن مصالحها الخاصة حيث تدرس حاليا مشاريع لبناء سفن لإسالة وتصدير الغاز مباشرة من حقول الاستخراج في البحر المتوسط إلى أوروبا، فضلا عن دراسة مشروع لبناء خط غاز مباشر بين إسرائيل واليونان وقبرص، وهو ما سيمثل حال تنفيذه تهديدا جوهريا للمصالح المصرية عبر إيجاد مسارات بديلة لتصدير الغاز.

إذا أضفنا ملف أمن الطاقة إلى ملف الأمن المائي الذي يتعرض لتهديدات وجودية على خلفية بناء سد النهضة الإثيوبي، فسنجد أن القاهرة في وضع حرج في الملفين، وهو ما يتطلب خطط إنقاذ عاجلة والبحث عن بدائل أكثر استدامة لتأمين احتياجات البلاد من مصادر طاقة ومياه دون الخضوع لابتزاز أو تقلب في المواقف من دول أخرى.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الغاز الطبیعی من إسرائیل إلى أوروبا قدم مکعبة فی عام 2022 من الغاز متر مکعب إلى مصر وهو ما

إقرأ أيضاً:

"زراعة الشيوخ": متابعة مستمرة مع الحكومة لحل أزمة الأسمدة

قال المهندس عبد السلام الجبلي، رئيس لجنة الزراعة والرى بمجلس الشيوخ، أن اللجنة تتابع بشكل مستمر مع وزير الزراعة علاء فاروق، إجراءات مواجهة أزمة الاسمدة.

الرئاسة الفلسطينية: مجزرة مدرسة "التابعين" تؤكد مساعي الاحتلال لإبادة شعبنا


وأوضح الجبلي في تصريحات له اليوم، أن الدولة اتخذت إجراءات لضمان استمرار عمل مصانع الأسمدة، من خلال توفير الغاز الطبيعي اللازم للمصانع، وتلبية الاحتياجات المحلية في المقام الأول.


وتابع رئيس لجنة الزراعة والرى بمجلس الشيوخ، أن اللجنة تقوم بالمتابعة المستمرة مع المزارعين والمسئولين، للتأكد من توافر الأسمدة بالجمعيات والعمل علي تذليل أى معوقات في سلسلة التوزيع علي المزارعين.

وأشار الجبلي، إلي أن مجلس الشيوخ سبق وناقش الدراسة المقدمة منه في دور الانعقاد الماضي، بشأن اقتصاديات صناعة الأسمدة، والتى تضمنت عدد من التوصيات الهامة التى وافق عليها المجلس وأحالها للحكومة، وكان من بينها ترشيد استخدام الأسمدة الكيماوية والتوجه نحو إنتاج واستهلاك الأسمدة المركبة لتقليل الفاقد من الأسمدة وتحقيق إنتاجية أكبر في المحصول بجودة عالية، وكذلك ضرورة التسعير العادل لمُدخلات صناعة الأسمدة من الغاز الطبيعي والكهرباء، ووضع استراتيجية واضحة لكميات الغاز المُستخدمة في صناعة الأسمدة حتى عام 2030، بهدف تطوير صناعة الأسمدة وتعظيم الاستفادة من الغاز الطبيعي، مع دراسة إمكانية تحويل الدعم العيني إلى دعم نقدي، كلٍ فيما يخصه بمساحته بدون تحديد حد أدنى أو أقصى للمساحة المزروعة ولمختلف المحاصيل.
 

وتابع، وأيضا من التوصيات العمل على سرعة الانتهاء من منظومة الحيازة الإلكترونية (كارت الفلاح الذكي) ، وضرورة توفير الأسمدة للمزارعين بالكميات المناسبة في الأوقات المناسبة، وذلك من خلال وضع استراتيجية يتم من خلالها تقدير الاحتياجات السمادية الفعلية للزراعة المصرية للفترة المقبلة.


وأكد الجبلي، أهمية تنفيذ تلك التوصيات، مع  إعادة النظر في تشكيل المجلس الأعلى للأسمدة، في ظل مشروعات التوسع الزراعى التي تشهدها البلاد حاليا ومتوقع زيادتها، مشيرا إلي ذلك المجلس كان يضم الجهات المعنية بمنظومة الأسمدة مثل البنك الزراعى والوزارة والجمعيات وغيرها من الجهات المعنية، وكان يجتمع كل شهر ويعد تقرير وافى فيما يتعلق بكميات الإنتاج والمشكلات.

مقالات مشابهة

  • وزير البترول يبحث مع مجموعة كوبيلوزوس اليونانية التعاون في مجال الغاز الطبيعي
  • «كوبيلوزوس» اليونانية تتابع مشروع الربط الكهربائي بين مصر والاتحاد الأوروبي
  • «البترول»: ننفذ برنامج بحث للغاز وهناك اكتشافات جديدة قريبا
  • إنتاج 27.58 مليار متر مكعب من الغاز في 6 أشهر
  • زراعة الشيوخ: متابعة مستمرة مع الحكومة لحل أزمة الأسمدة
  • استحواذ المشروعات الصناعية على استخدامات الغاز الطبيعي في سلطنة عُمان
  • 5.3 بالمائة نسبة ارتفاع إجمالي الإنتاج المحلي والاستيراد من الغاز الطبيعي
  • الإنتاج المحلي والاستيراد من الغاز الطبيعي يتجاوز 27.5 مليار ريال بنهاية يونيو
  • "زراعة الشيوخ": متابعة مستمرة مع الحكومة لحل أزمة الأسمدة
  • بعد ارتفاع سعر الغاز بسبب الحرب الروسية.. ماذا ينتظر أوروبا الشتاء المقبل؟