بدأ عرض فيلم "المُبتكِر" (The Creator) بدور السينما حول العالم نهاية سبتمبر/أيلول 2023، وهو عمل ينتمي لنوع الخيال العلمي، وهو من بطولة جون ديفيد واشنطن وأليسون جاني وجيما تشان، وإخراج غاريث إدواردز الذي شارك في التأليف أيضاً.

حقق الفيلم إيرادات بلغت 101 مليون دولار مقابل ميزانية 80 مليون، وترشحت موسيقاه التصويرية التي ألفها الموسيقي الشهير هانز زيمر لجائزتين حتى الآن، ومن المنتظر بدء عرضه على المنصات الإلكترونية قريبًا، وسط آمال بأن يمثل ذلك دخلًا إضافيًا للأفلام السينمائية، التي يعول عليها في بعض الأحيان أكثر من دخل العرض السينمائي.

في محبة الذكاء الاصطناعي

في ظل الموجة العالية من المخاوف والهجوم على الذكاء الاصطناعي، التي كانت أحد أهم الأسباب وراء إضراب الكتاب والممثلين في هوليود هذا العام، يأتي فيلم "المُبتكِر" ليقدم رؤية بديلة لهذه التكنولوجيا، وهي رؤية جلبت له تقييمات سلبية في بعض المقالات النقدية، مثل التي كتبتها الناقدة الأميركية كريستي لومير في موقع "روجر إيبرت"، وهاجمت فيه الفيلم، لأنه منافٍ لكل ما تحارب من أجله نقابة ممثلي الشاشة والاتحاد الأميركي لفناني الراديو والتلفزيون.

تدور أحداث فيلم "المُبتكِر" في المستقبل، وتحديداً في العام 2070، وفيه تقوم حرب بين البشر والذكاء الاصطناعي. فبعد سنوات من تطوير هذا الذكاء واستخدامه لتسهيل حياة البشر، تم اتهامه بإلقاء قنبلة نووية على مدينة لوس أنجلوس الأميركية تسببت في مقتل مليون إنسان. تنقسم الكرة الأرضية إلى معسكرٍ معادٍ للرقميين يتمثل في الغرب وعلى رأسه الولايات المتحدة الأميركية، وآخر في صفهم ويمتزج معهم مكونًا مجتمعًا لا يفرق بين آلي وبشري، ويقع فيما يسمى "آسيا الجديدة".

بطل الفيلم جوشوا (جون ديفيد واشنطن) مقاتل أميركي، يتعرف عليه المشاهد في البداية وهو مقيم في جزيرة نائية مع زوجته الآسيوية الحامل في شهورها الاخيرة، يعيشان في سلام ومحبة حتى تظهر الطائرة العملاقة الأميركية "نوماد" التي تهاجم الجزيرة وأهلها، وتكتشف الزوجة أن زوجها ينتمي إلى المعسكر الكاره للرقميين، فتهرب منه إلى حتفها.

تمر 5 سنوات على جوشوا الحزين، الذي يرفض التعاون مع الإدارة الأميركية بعدما تسبب في قتل زوجته وابنه المنتظر، حتى تأتيه السلطات بدليل على بقاء زوجته على قيد الحياة، وتساومه في تسهيل الوصول إليها بشرط مساعدتها في تدمير أحدث أسلحة الرقميين، السلاح الغامض القادر على إنهاء هذه الحرب.

ينتقل جوشوا إلى آسيا الجديدة، وهناك يبدأ في رحلة تبدو في ظاهرها حربية، لكنها في باطنها روحانية، يتعرف خلالها على الجانب الآخر، ويبدأ في تغيير مبادئه بالتدريج.

يعرض فيلم "المُبتكِر" وجهة نظر غير شائعة عن الذكاء الاصطناعي، فبدلًا من رؤيته النمطية كعدو يجب القضاء عليه لأنه بديل للبشر على الأرض يصبح صورة أخرى من صور الحياة، يندمج مع البشر فيكون مجتمعا مختلطا، بعض أفراده من الآليين، وآخرون من السايبورغ -أي نصف بشري نصف آلي- وفي هذا المجتمع لا يعلو جانب على الآخر، بل تسود قيم التعاون والمحبة والتآخي.

أميركا ضد ثقافة المحبة

بعد العديد من الأفلام التي تعظم مكانة الجيش الأميركي وبطولاته، بدأت في السنوات الأخيرة موجة من الأفلام التي تنتقد المؤسسة العسكرية التي تستخدم القوة الغاشمة في غير محلها، وتنظر بعين الشك إلى الحكومات الأميركية المتعاقبة وقراراتها السياسية.

فيلم "المُبتكِر" ينتمي إلى الفئة الأخيرة من الأفلام، فمنذ الثلث الأول منه، يتضح إنه يقسم العالم إلى خير وشر، ويضع الجيش الأميركي ضمن القسم الثاني، فهم المغيرون الذين يرون في الذكاء الاصطناعي "آخر" يستحق القتل والعنف.

بينما يتمثل جانب الخير في آسيا الجديدة، برؤيتها المنفتحة على الآخر، وكما تم تصوير الفيلم في تايلند لجأ المخرج إلى الثقافات الآسيوية لتصبح الأساس الذي يعتمد عليه في تصور آسيا الجديدة، بداية من الملابس التي تشبه ملابس الرهبان البوذيين، وحتى العبارات المسجوعة المليئة بالحكم الروحانية على لسان الشخصيات، وهو ما أعطى للفيلم طابعا مميزا ومختلفا عن أفلام الخيال العلمي المعتادة التي ترى المستقبل متمثلا في آليين وأشخاص مرتدين ملابس موحدة بألوان باردة وأصوات ميكانيكية.

الإطار العام لفيلم "المُبتكِر" مختلف عن أفلام الخيال العلمي السائدة، لكن على العكس من ذلك جاء السيناريو مُحبِطا، خصوصًا في تطور الحبكة التي تصبح متوقعة للغاية بعد نصف الساعة الأولى من الفيلم، فحتى انقلاب جوشوا من كراهية الذكاء الاصطناعي إلى حمايته لم يعكس تطورًا في الشخصية قدر ما كان تحولا مفاجئا يبرز سطحيته في اختيار الجانب الذي ينحاز له.

تم إهمال باقي الشخصيات بفجاجة، فظهرت مجرد قوالب نمطية مأخوذة من أفلام أخرى، على رأسها شخصية ضابطة الجيش هويل (أليسون جاني) الحائزة من قبل على جائزة أوسكار، ولم يقدم لها هذا الدور أي مساحة للإبداع، بل وقعت في دائرة ضباط الجيش العنيفين الذين لا يفهمون سوى لغة الأوامر، وكذلك شخصية الزوجة مايا (جيما تشان) التي رغم كونها محركة الأحداث والدافع وراء المغامرة التي قام بها جوشوا وتحولاته الدرامية فإن مساحتها على الشاشة جاءت محدودة، وليست أكثر من صورة تقليدية للمرأة الآسيوية الجميلة التي تمثل الأمومة والسلام والمحبة في مقابل عنف الجيش.

قدم فيلم "المُبتكِر" رؤية مخالفة لما هو سائد عن الذكاء الاصطناعي -الموضوع الشائك بالوقت الحالي في هوليود- لكن رغم هذا المدخل المختلف فإن السيناريو الخاص به خذله، فظهر كفيلم خيال علمي تقليدي في النهاية.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الذکاء الاصطناعی آسیا الجدیدة

إقرأ أيضاً:

"الصحة" تناقش خارطة طريق لإعداد الشباب المصري للذكاء الاصطناعي

ترأس الدكتور خالد عبدالغفار، نائب رئيس مجلس الوزراء للتنمية البشرية وزير الصحة والسكان، الاجتماع الدوري للجنة الاستشارية العليا للتنمية البشرية، بحضور الدكتور أحمد فؤاد هنو وزير الثقافة، ومشاركة الدكتورة هالة السعيد مستشارة رئيس الجمهورية للتنمية الاقتصادية عبر تقنية الفيديو كونفرانس.


ناقش الاجتماع عددًا من أوراق العمل والمقترحات المتعلقة بإعداد الشباب المصري لعصر الذكاء الاصطناعي، إلى جانب خطط نشر مراكز الابتكار في المؤسسات التعليمية، ومقترحات لتنظيم ممارسة التخصصات المهنية، وتطوير آليات التدريب المؤهل للتشغيل في الجهات الحكومية،


واستعرض المجتمعون مسرعات تعظيم عائد التنمية البشرية، مؤكدين ضرورة الالتزام بالجدول الزمني المحدد لتنفيذ المحاور الرئيسية، والتي تشمل الارتقاء بجودة التعليم، وتحسين مستوى الصحة والتغذية، ورفع معدلات التشغيل، وتمكين النساء والفتيات، ودعم الابتكار وتكنولوجيا المعلومات، وجرى استعراض دورة العمل المقترحة التي تبدأ بعرض المبادرات على اللجنة الاستشارية، مرورًا بمناقشتها في مجموعات العمل المختصة، وصياغة وثائق المشروعات، ثم عرضها على أعضاء اللجنة، وانتهاءً بتقديمها للمجموعة الوزارية للتنمية البشرية.


كما تناول الاجتماع أهمية دمج الذكاء الاصطناعي كمحرك رئيسي في جهود التنمية البشرية، بما يسهم في تحسين جودة الحياة، وتقديم حلول مبتكرة للتحديات التنموية، وإعداد قوى عاملة قادرة على التكيف مع متغيرات المستقبل، من خلال دعم برامج التدريب المهني وإعادة التأهيل المستمر.


وشدد الدكتور خالد عبدالغفار نائب رئيس الوزراء للتنمية البشرية وزير الصحة والسكان، على ضرورة تحقيق تنسيق فعال بين الأنشطة المشتركة في مختلف قطاعات الدولة، لتعظيم أثر جهود التنمية البشرية وضمان شموليتها واستدامتها، بما يعزز قدرة مصر على بناء رأس مال بشري قادر على المنافسة محليًا وعالميًا.


من جانبه، دعا الدكتور أحمد فؤاد هنو وزير الثقافة، إلى دراسة أهمية نشر مراكز الابتكار في المؤسسات الثقافية  منذ المراحل المبكرة وعدم قصرها على الجامعات، مشيرًا إلى أن هذه الخطوة تعد استراتيجية لتعزيز التنمية الثقافية وبناء جيل يمتلك مهارات التفكير النقدي والإبداعي، وقادر على ابتكار حلول للمشكلات بطريقة عملية خلاقة.


حضر الاجتماع، الدكتورة عبلة الألفي نائب وزير الصحة والسكان، والدكتور ماجد عثمان رئيس المركز المصري لبحوث الرأي العام، والدكتور أحمد درويش، الرئيس الأسبق للهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس ووزير التنمية الإدارية السابق، والدكتور سعيد المصري أمين عام المجلس الأعلى للثقافة، والدكتورة هدى رشاد مدير مركز البحوث الاجتماعية بالجامعة الأمريكية، والنائب أحمد فتحي عضو مجلس النواب، والدكتور سامح السحرتي مدير برنامج التنمية البشرية بدول مجلس التعاون الخليجي في البنك الدولي، والدكتور عادل عبداللطيف مستشار تقرير الأمم المتحدة للتنمية البشرية في مصر لعام 2021، والدكتور علي صادق رئيس المجلس المصري لبحوث الفضاء، والدكتورة أميرة كاظم الخبيرة في مجال التعليم.

مقالات مشابهة

  • قريباً.. مؤتمر للذكاء الاصطناعي في 5 مدن لبنانية
  • الجيش: توقيف 24 شخصًا في مناطق مختلفة ضمن إطار التدابير الأمنية
  • استشارية التنمية البشرية تناقش خارطة طريق لإعداد الشباب للذكاء الاصطناعي
  • عبدالله آل حامد يحضر فعاليات مؤتمر «مومنتوم للذكاء الاصطناعي» في نيويورك
  • إنجاز لبناني لافت في الأولمبياد العربي للذكاء الاصطناعي 2025
  • عبدالله آل حامد يحضر فعاليات مؤتمر مومنتوم للذكاء الاصطناعي في نيويورك
  • لجنة التنمية البشرية: خارطة طريق لإعداد الشباب المصري للذكاء الاصطناعي
  • "الصحة" تناقش خارطة طريق لإعداد الشباب المصري للذكاء الاصطناعي
  • هذه أبرز وظائف المستقبل التي تنبأ بها الذكاء الاصطناعي
  • مراكز البيانات الأميركية في مرمى التجسس الصيني.. ثغرات تهدد الذكاء الاصطناعي