ما التحيز التأكيدي؟ وكيف تتجنّب الوقوع فيه؟
تاريخ النشر: 16th, November 2023 GMT
عمان- من منا لم يسبق له مواجهة شخص انتقائي، يميل لتفسير الأحداث بما يتطابق مع آرائه، ويصر في الوقت ذاته على تجاهل كل ما يناقضها؟ يُعرف هذا السلوك بـ "التحيز التأكيدي"، الذي يتمثل بميل معرفي للمعلومات التي تؤكد معتقداتك أو تحيزاتك الموجودة مسبقا على حساب ما دونها.
على سبيل المثال، تخيل أن شخصا ما يعتقد أن من يستخدمون اليد اليسرى أكثر إبداعا ممن يستخدمون اليد اليمنى.
يعرف أخصائي الطب النفسي الدكتور وائل المومني، التحيز التأكيدي كـ "ظاهرة معرفية تعكس تفضيل الأفراد للمعلومات التي تؤكد معتقداتهم السابقة أو تحيزاتهم الشخصية. ويتمثل هذا التحيز في اتجاه الفرد لاختيار المعلومات التي تتفق مع رؤيته الشخصية، متجاهلا المعلومات التي قد تتعارض مع تلك الرؤية".
الأسباب والأنواع والعلاماتيرى المومني أن أسباب التحيز التأكيدي قد تكون متنوعة، "بما في ذلك الرغبة في الحفاظ على الاستقرار العقائدي أو تأكيد الصورة الذاتية. وقد يعكس أيضا خوفا من التغيير أو حاجة إلى الأمان نحو المعتقدات السائدة".
وعن أنواع التحيز التأكيدي، يقول أخصائي الطب النفسي إنه "يشمل طيفا واسعا، منها التحيز الديني، والسياسي، والثقافي. وكل نوع يؤثر على كيفية تفاعل الفرد مع المعلومات والآراء الأخرى".
يلجأ البعض إلى التحيز التأكيدي رغبة في الحفاظ على استقرارهم العقائدي أو تأكيد صورتهم الذاتية. (غيتي)ويوضح "تظهر علامات التحيز التأكيدي في تجاهل الآراء المتناقضة، ورفض البحث عن معلومات تتعارض مع الاعتقادات الشخصية، والتمسك بالمواقف القائمة دون تقبل التنوع. ومثال على ذلك، يمكن أن يكون شخص يتجاهل التقارير التي تتعارض مع وجهة نظره حول قضايا بيئية أو سياسية، ويفضل فقط مصادر تؤكد على آرائه".
الأثر النفسي للتحيز التأكيديويلفت المومني إلى أن هذا السلوك يمكن أن يؤدي إلى زيادة مستويات التوتر والقلق، "حيث يمكن أن يشعر الفرد بالتهديد عند مواجهته بآراء مختلفة. ويعيق هذا التحيز القدرة على التفاعل الإيجابي مع التنوع وقد يسهم في انعزال الفرد عن المجتمع".
ويختم "يتطلب فهم التحيز التأكيدي توعية شخصية، واستعدادا لتحليل المعلومات بشكل موضوعي، لتعزيز التفاعل الإيجابي مع الآخرين وتحقيق تواصل فعال".
توظيف المعلوماتمن جانبه، يؤكد المستشار الأسري والاجتماعي مفيد سرحان، أن التعامل بموضوعية مع المعلومات يساهم في إيجاد تصورات منطقية للأحداث التي يمر بها الشخص أو المجتمع أو العالم.
ويضيف، "إلا أن البعض ولأسباب متعددة منها طبيعة التربية، والبيئة، والتنشئة، ودرجة الوعي، أو تعصبه لفكرة معينة، فإنه يميل دائما للبحث عن المعلومات التي تخدم وجهة نظره، ويسعى لتوظيفها لدعم وجهة نظره أمام الآخرين. هو لا يريد أن يستمع إلى أية معلومات أو آراء مخالفة دون التمحيص في درجة مصداقيتها أو توافقها مع الوقائع والأحداث والأدلة، بل إنه يتجاهل الأدلة المخالفة ويسعى إلى تسخيفها والتقليل من شأنها، ويختار ما يريده بطريقة انتقائية".
قد يعكس اللجوء إلى التحيز التأكيدي خوفا من التغيير أو حاجة إلى الأمان نحو المعتقدات السائدة. (شترستوك)وينوه إلى أن "مثل هذا السلوك قد يوقع الشخص في أخطاء كثيرة ويجعله يتخذ قرارات خاطئة، سواء على مستوى الأسرة أو الأصدقاء أو العمل، وربما يجعله يخسر علاقاته الاجتماعية لأنه يشعر أنه دائما على حق والآخرين على خطأ. وقد يكون مثل هذا الشعور عن حسن نية".
ويدعو سرحان لأهمية اعتماد منهج الحوار، "ويبدأ ذلك من الأسرة بإتاحة المجال لإبداء الرأي منذ الصغر ومناقشة الآراء والأدلة، وعدم فرض الأبوين لرأي معين على الأبناء، بل إشراكهم في اتخاذ القرارات، خصوصا فيما يتعلق بهم وبما لا يؤدي إلى الإضرار بمصالحهم أو مصالح غيرهم".
كما يشدد على ضرورة "اعتماد معايير واضحة لاتخاذ القرارات وتبني الآراء دون المساس بالحقائق العلمية الثابتة أو مخالفة النصوص الشرعية قطعية الدلالة".
كيف تتغلب على التحيز التأكيدي؟بحسب موقع "فيري ويل مايند"، فإن هناك عدة طرق يمكن من خلالها محاولة التغلب على الانحياز التأكيدي، ومنها:
كن على دراية بالعلامات التي قد تكون ضحية لها، يتضمن ذلك أن تكون على دراية بتحيزاتك الشخصية، وكيف يمكن أن تؤثر على صنع قرارك. فكر في جميع الأدلة المتاحة، وليس فقط الأدلة التي تؤكد وجهات نظرك. ابحث عن وجهات نظر مختلفة، وخاصة من أولئك الذين لديهم آراء متعارضة. كن على استعداد لتغيير رأيك في ضوء الأدلة الجديدة، حتى لو كان ذلك يعني تحديث أو حتى تغيير معتقداتك الحالية.المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: یمکن أن
إقرأ أيضاً:
إلى أي مدى يمكن أن يرتفع سعر بتكوين في عهد ترامب؟
يتواصل ارتفاع قيمة العملات المشفرة وعملة البتكوين خلال الأسبوعين الماضيين، وذلك بسبب فوز دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية للولايات المتحدة، وهو الذي شجع على الاستثمار في هذا المجال.
وجاء في تقرير لصحيفة "ازفيستيا" الروسية أنه على مدار العشرين يومًا الماضية، شهدت عملة البتكوين ارتفاعًا حادًا؛ حيث ارتفعت قيمتها بمقدار 1.5 مرة بعد أن كانت قيمتها تتراوح بين 66 و67 ألف دولار.
خلال التداولات في 22 تشرين الثاني/ نوفمبر، تجاوزت قيمة العملة حاجز 99 ألف دولار، لكنها لم تصل بعد إلى مستوى 100 ألف، ومع ذلك؛ بالنظر إلى الدعم السياسي الكبير الذي حظيت به عملة البتكوين، فإن هذا الارتفاع لا يبدو مفاجئًا.
وخلال حملته الانتخابية أشار دونالد ترامب في العديد من المناسبات إلى اعتزامه تعزيز العملات المشفرة على الصعيدين الوطني والدولي، وفي أحد خطاباته؛ وعد بجعل الولايات المتحدة "قوة عظمى في مجال البتكوين" و"عاصمة العملات المشفرة في العالم".
وأكد ترامب وعده من خلال الإعلان عن إنشاء عائلته لمشروع خاص في مجال العملات الرقمية فضلًا عن ضم فريق إدارته عددًا من الداعمين للأصول الرقمية، من بينهم إيلون ماسك.
علاوة على ذلك؛ توعد ترامب بإقالة رئيس لجنة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية، غاري غينسلر، بمجرد انتهاء حفل تنصيبه، لأن غينسلر من أبرز معارضي العملات المشفرة ويشكل عائقًا أمام تطور هذه الصناعة في أكبر سوق مالية في العالم.
وأثبت حجم التبرعات لحملة ترامب الانتخابية بوضوح دعم قطاع العملات المشفرة لترامب على حساب منافسته كامالا هاريس، رغم أنها حاولت بدورها تقديم بعض الإشارات الإيجابية لهذا القطاع الناشئ، وإلى جانب ذلك، أعلن الرئيس المنتخب عن رغبته في إنشاء احتياطي استراتيجي من البيتكوين، مشابه لاحتياطي الذهب.
إلى جانب فوز ترامب؛ لعبت عوامل أخرى دورًا في ارتفاع قيمة العملات المشفرة، فقد قامت صناديق استثمارية كبرى، مثل "فانغارد للاستثمار" و"بلاك روك"، بشراء كميات كبيرة من البتكوين طوال السنة، مع عمليات شراء ناهزت قيمتها مليارات الدولارات في الأشهر الأخيرة، مما ساهم بشكل طبيعي في زيادة الضغط التصاعدي على سعر البتكوين.
والجدير بالذكر أن قيمة عملة الإيثيريوم شهدت نموًا ضئيلًا، مما يشير إلى أن النشاط الاستثماري يتركز بشكل أكبر على البيتكوين.
وأورد التقرير أن ارتفاع قيمة عملة البتكوين يعزى إلى فقدان الثقة التدريجي في العملات الورقية، ورغم أن وتيرة التغيير بطيئة؛ إلا أنها تشجع الكثيرين على التفكير في التحول إلى بدائل أخرى، فعلى سبيل المثال، سجل الذهب أرقامًا قياسية متتالية في الأشهر الماضية، ومع تحول الدولار واليورو إلى أدوات تستخدم في النزاعات السياسية وارتفاع الديون الحكومية في أكبر الاقتصادات بوتيرة سريعة، قد تصبح الأصول المحايدة مثل البتكوين والذهب بمثابة "ملاذ آمن" للعديد من المستثمرين.
مليون بتكوين من احتياطي النقد الأجنبي
ومع ذلك، لا تزال المشاكل الأساسية المتعلقة بالبيتكوين قائمة، ورغم الحديث المستمر عن الأمان والشفافية، فإن المشكلة الرئيسية تتعلق بالنفعية لأن النظام الحالي غير قادر على معالجة أكثر من 6 أو 8 معاملات في الثانية، وهو رقم يُعتبر ضئيلًا جدًا بالنسبة لعملة ذات طموح عالمي، في المقابل؛ يمكن لأنظمة الدفع مثل فيزا وماستركارد التعامل مع عشرات الآلاف من المعاملات في الثانية.
وبحسب المحلل في مجموعة "فينام" المالية، نيكولاي دودشينكو فإن الارتفاعات الأخيرة التي شهدها سوق العملات المشفرة غير كافية للحديث عن إضفاء طابع مؤسسي على العملات الرقمية بشكل كامل.
ويضيف دودشينكو أنه لا يمكن استخلاص هكذا استنتاجات استنادًا إلى الزيادة الكبيرة في أسعار البتكوين أو العملات المشفرة الأخرى. في الوقت الحالي؛ يعود ارتفاع الأسعار إلى الظرف الخارجي الإيجابي.
وأوضح أنه بموجب مشروع القانون الذي يتضمن إنشاء احتياطي إستراتيجي من البتكوين، يُفترض أن تقوم وزارة المالية الأمريكية بشراء 200 ألف بتكوين سنويًّا لمدة خمس سنوات، ليصل الإجمالي إلى حوالي مليون بتكوين.
ويشير دودشينكو إلى أنه افتراضًا بأن سعر البتكوين الحالي يبلغ حوالي 100 ألف دولار، فإن المبلغ الإجمالي سيصل إلى 100 مليار دولار، وسيتعين على وزارة المالية الأمريكية الاحتفاظ بالعملات المشفرة لمدة 20 سنة واستخدامها لتقليص الديون الحكومية، وعليه، سيزيد اعتماد خطة من هذا النوع من الطلب على العملات المشفرة.
وبحسب دودشينكو فإن السعر الذي ستشتري به وزارة المالية الأمريكية البيتكوين والفترات الزمنية التي ينبغي فيها شراء العملة المشفرة والشروط المتعلقة بكيفية استخدام البتكوين في تقليص الدين العام، جميعها ظروف حاسمة.
ويرجح دودشينكو إمكانية بقاء مشروع القانون "حبرًا على ورق"، مما سيولد خيبة أمل وسط المشاركين في السوق.
من جانبه؛ يرى خبير العملات الرقمية أليكسي كريتشيفسكي، أنه من المبكر الحديث عن إضفاء طابع مؤسسي على العملات المشفرة بعد، رغم تزايد استخدام العملات المشفرة والأصول الرقمية.
وبحسب كريتشيفسكي فإن قائمة الدول، التي اعترفت بالعملات المشفرة كوسيلة دفع رسمية وبدأت في إضافة هذه العملات إلى احتياطياتها محدودة، متوقعًا تسجيلها نمو في حال بدأت الولايات المتحدة في تخفيف الضغط على هذا القطاع كما كان الحال في عهد غينسلر وبايدن.
مضاعفة سنوية
ويعتقد كريتشيفسكي أن قيمة البتكوين ستبلغ 100 ألف دولار في هذا الشهر، مشيرًا إلى أنه لم يتبقَّ سوى القليل لبلوغ هذه القيمة، مشيرا إلى اختلاف توقعات مؤسسات الاستثمار بشكل كبير حول القيمة المستقبلية للبتكوين، واتفاقها جميعها على أن العملة ستسجل نموًّا ضخمًا. وفي حال لم تطرأ أحداث استثنائية على هذا السوق أو تسجيل صدمات عالمية، قد تتضاعف قيمة البتكوين سنويًّا خلال فترة رئاسة ترامب والأمر سيان بالنسبة لعملات الكبرى الأخرى مثل الإيثريوم و إكس آر بي.
من جانبه؛ يشير نيكولاي دودشينكو إلى الغموض المحيط بآفاق سوق العملات المشفرة في الوقت الحالي.
ووفقا لدودشينكو فإن قيمة البتكوين في السوق تعتمد على التوقعات، التي تعتبر إيجابية في الوقت الحالي، وفي الوقت نفسه؛ لا يمكن استبعاد انخفاض قيمتها بعد تنصيب ترامب العامل الذي يستوجب إدراك حقيقة أن الاستثمارات في البتكوين لا تزال عالية المخاطر.
وأكد تقرير الصحيفة الروسية أن العملات المشفرة؛ التي أنشئت في الأصل كنظام مالي فوضوي وتحرري بعيدًا عن المؤسسات الحكومية، أصبحت حظوظها وفيرة بفضل السياسات الحكومية أو وعودها مثل تقنين روسيا في الفترة الأخيرة استخدام العملات المشفرة.
وفي ختام التقرير نوهت الصحيفة إلى أن بعض القادة راهنوا على البتكوين، بما في ذلك رئيس السلفادور ناييب بوكيلي، الذي مكن خزينة دولته من جني مئات الملايين من الدولارات من خلال استثمارات في احتياطي النقد الأجنبي.