الذكاء الاصطناعي في الحروب: أسلحة مستقلة وبرمجيات تكتيكية
تاريخ النشر: 16th, November 2023 GMT
على غرار البارود والقنبلة النووية، يمتلك الذكاء الاصطناعي القدرة على إحداث ثورة في الحروب، حسبما يرى محللون، ما سيولّد نزاعات بشرية مختلفة على نحو لا يمكن تصوّره وأكثر فتكًا.
قبل القمة بين الرئيس الصيني شي جين بينغ ونظيره الأميركي جو بايدن، انتشرت اقتراحات مفادها أن الرجلَين سيتفقان على حظر الأسلحة الفتّاكة ذاتية التحكم.
لم تثمر القمة عن مثل هذا الاتفاق، لكن بعض الخبراء يرون أن الذكاء الاصطناعي موضوع مهم بدأ يُحدث تغييرات في النزاعات المسلحة وفي المنافسة على الهيمنة العالمية.
يقول مراقبون إن بكين تستثمر بشكل هائل في الذكاء الاصطناعي لدرجة أنها قد تتمكّن من تغيير ميزان القوى في منطقة آسيا والمحيط الهادئ وربما أبعد منها.
ولذلك آثار عميقة على النظام العالمي الذي هيمنت عليه لفترة طويلة الولايات المتحدة.
وجاء في تقرير أعدته لجنة من الخبراء بقيادة رئيس غوغل السابق إريك شميت "لا يتعلق الأمر بالقلق من أننا لم نعد القوة المهيمنة في العالم، بل يتعلق بمخاطر العيش في عالم يصبح فيه الحزب الشيوعي الصيني القوة المهيمنة".
في ما يلي بعض استخدامات الذكاء الاصطناعي في فن الحرب.
أسلحة مستقلة ذاتية التحكم
يمكن لجميع أنواع الأسلحة، أكانت روبوتات أو طائرات مسيّرة أو طوربيدات على سبيل المثال، أن تتحول إلى أنظمة ذاتية التشغيل بفضل أجهزة استشعار متطورة تحكمها خوارزميات بالذكاء الاصطناعي تسمح للكمبيوتر "بالرؤية".
ذاتية التشغيل لا تعني أن السلاح "يمكنه أن يستيقظ صباحًا ويقرر أن يشنّ حربًا"، حسبما يؤكد الأستاذ في علوم الحواسيب في جامعة كاليفورنيا بيركلي ستيوارت راسل.
ويوضح "هي أسلحة قادرة على تحديد مواقع الأهداف البشرية واختيارها ومهاجمتها أو الأهداف التي يوجد بداخلها بشر، من دون تدخل بشري".
تُعدّ الروبوتات القاتلة في أفلام الخيال العلمي التي تصور عالمًا قاتمًا مثالًا واضحًا على ذاتية التشغيل، لكنه ربما ليس عمليًا جدًا.
ويضيف راسل "هناك من يعملون على استكشاف ذلك أيضًا، لكن في رأيي إن هذه الروبوتات هي الأقل فائدة".
لا تزال معظم هذه الأسلحة في مراحل إعداد الفكرة أو النماذج الأولية، لكن الحرب بين روسيا وأوكرانيا قدّمت لمحة عن إمكاناتها.
فالطائرات المسيّرة التي يتم التحكم بها عن بعد ليست بجديدة، لكنها باتت مستقلة على نحو متزايد ويستخدمها كلا الجانبين، ما يُضطر للهرب بحثًا عن ملاجئ تحت الأرض.
وقد يكون ذلك واحدًا من أكبر التغييرات الفورية، وفق راسل.
ويقول راسل "إن النتيجة المحتملة لامتلاك أسلحة ذاتية التشغيل هي أن ظهور أي شخص في ساحة المعركة يعني أنه معرض للقتل".
ويمكن للأسلحة ذاتية التحكم أن تتمتع بالعديد من المزايا المحتملة بالنسبة للجيش المهاجم، إذ يمكنها أن تكون أكثر كفاءة ويمكن إنتاجها بتكلفة أقل وتُغني عن المشاعر الإنسانية الصعبة مثل الخوف أو الغضب في ساحة المعركة.
لكن هذه المزايا تثير أسئلة أخلاقية.
يقول راسل إن كون إنتاجها منخفض التكلفة وسهلًا، يعني أنه لن تكون هناك أي حدود لقوة النيران التي يمكن أن يستخدمها المعتدي، "يمكنني ببساطة إطلاق مليون منها دفعة واحدة إذا أردت محو مدينة بكاملها أو مجموعة عرقية بكاملها".
مركبات مستقلة
يمكن للغواصات والقوارب والطائرات القادرة على العمل بشكل مستقل أن تشكّل دفعة كبيرة لأنشطة الاستطلاع والمراقبة والدعم اللوجستي في البيئات النائية أو الخطرة.
وتقع مثل هذه المركبات في قلب برنامج "ريبليكيتور" الذي أطلقته وزارة الدفاع الأميركية لمواجهة التفوق الذي تتمتع به الصين في القدرات البشرية.
والهدف من هذا البرنامج هو التمكن من نشر عدة آلاف من الأنظمة الرخيصة وسهلة الاستبدال في وقت قصير في مختلف المجالات من البحرية وصولًا إلى الفضاء الخارجي، حسبما تقول نائبة وزير الدفاع الأميركي كاثلين هيكس.
وتوضح هيكس أن رمي الكثير من هذه الأنظمة "في الفضاء في وقت واحد (...) يجعل من المستحيل القضاء عليها أو إلحاق أضرار بها كلّها".
تعمل العديد من الشركات على تطوير واختبار مركبات مستقلة، مثل شركة "أندوريل" ومقرها في كاليفورنيا والتي تروج لمركبات مستقلة تعمل تحت الماء "فعّالة لمجموعة متنوعة من أنواع المهام الدفاعية والتجارية" تشمل الاستشعار بعيد المدى في المحيطات والتدابير المضادة للألغام والقتال المضاد للغواصات.
برمجيات تكتيكية
يمكن للبرمجيات التكتيكية أن تساعد إلى حد بعيد المخططين البشريين، خصوصًا أنها مدعومة بالذكاء الاصطناعي وقادرة على تجميع كميات هائلة من البيانات بفضل الأقمار الصناعية والرادارات وأجهزة الاستشعار وأجهزة الاستخبارات.
في وقت سابق هذا العام، قال رئيس شركة "سكيل إيه أي" Scale AI للذكاء الاصطناعي ألكسندر وانغ خلال جلسة استماع في الكونغرس الأميركي "على الجميع في (وزارة الدفاع الأميركية) أن يفهم أن البيانات هي في الواقع الذخيرة في حرب الذكاء الاصطناعي".
وأضاف "نملك أكبر أسطول من الأجهزة العسكرية في العالم. يولّد هذا الأسطول 22 تيرابايت من البيانات يوميًا. لذلك، إذا تمكنّا من إعداد واستخدام هذه البيانات التي تولّدها مجموعات من البيانات الجاهزة للذكاء الاصطناعي، يمكننا امتلاك تفوق في البيانات لا يمكن التغلب عليه عندما يتعلق الأمر بالاستخدام العسكري للذكاء الاصطناعي".
أبرمت شركة "سكيل إيه أي" عقدًا لنشر برمجيات لغوية على شبكة سرية تابعة لوحدة كبيرة في الجيش الأميركي. وسيسمح روبوت الدردشة الخاص بها والذي أُطلق عليه اسم "دونوفان" للقادة بالتخطيط والتصرف في غضون دقائق بدلًا من أسابيع.
المصدر: سكاي نيوز عربية
كلمات دلالية: ملفات ملفات ملفات الرئيس الصيني جو بايدن الذكاء الاصطناعي النظام العالمي غوغل روبوتات طوربيدات كاليفورنيا الروبوتات الأسلحة والطائرات الذكاء الاصطناعي خطر الذكاء الاصطناعي الرئيس الصيني جو بايدن الذكاء الاصطناعي النظام العالمي غوغل روبوتات طوربيدات كاليفورنيا الروبوتات الأسلحة والطائرات تكنولوجيا الذکاء الاصطناعی
إقرأ أيضاً:
الذكاء الاصطناعي جريمة معلوماتية!
مع بداية ثورة الذكاء الاصطناعي، ظهرت مخاوف أن يؤثر على جودة البحث الأكاديمي؛ بأن يستغله الطلاب والباحثون لسهولة الوصول للمعلومة، دون تدقيق أو تمحيص، وأن تفقد الدراسات الأكاديمية رصانتها ومرجعيتها. كان هذا أكبر المخاوف، تبعه الخوف من ظهور مؤلفات وروايات، وحتى مقالات يحل فيها (شات جي بي تي) محل المؤلف، أو الروائي أو الكاتب!.
ولكن مع التسارع المذهل لتطور تقنيات الذكاء الاصطناعي، أصبحت هذه المخاوف صغيرة، أو بسيطة؛ مقارنة بما وصل إليه من قدرة مذهلة على تغيير صور الأشخاص، وإنتاج مقاطع مصورة متحركة وصلت إلى تجسيد شخصيات سياسية لا تكاد تفرقها عن الحقيقة؛ مثل قادة دول وزعماء يرقصون مع بعضهم بشكل مقزز، أو يؤدون حركات مستهجنة؛ مثل ركوع قادة دول أمام قادة آخرين، كما حدث مع الرئيس الأوكراني- على سبيل المثال- أو تمثيل نجوم الفن والرياضة في مقاطع مصطنعة، كما حدث في العيد الماضي قبل أيام من تصوير كريستيانو رونالدو وأم كلثوم وآخرين، وهم يخبزون كعك العيد، الأمر الذي قد يصل إلى استغلال ضعاف النفوس لهذه التقنيات في تصوير أشخاص في أوضاع مخلة وإباحية؛ بغرض الابتزاز، أو في أوضاع جرمية؛ بغرض الانتقام أو إلحاق الضرر بآخرين، وهذا أمر وارد جدًا في الفضاء الإلكتروني المفتوح، الذي يستخدمه الصالح والطالح والمجرم والسوي والعارف والجاهل، وهو ما يعد جريمة إلكترونية واضحة المعالم؛ تجرمها الأنظمة والأخلاق الإنسانية والتعاليم الدينية والأعراف والتقاليد، ما يوجب ضرورة التوعية بها، وإيضاح الأنظمة والعقوبات التي تحرمها وتجرمها، ولا بد أن يعي كل من يستخدم تقنيات الذكاء الاصطناعي، أن من ينتج مثل هذه المقاطع والصور فقط، أو يخزنها فقط، وليس أن ينشرها فقط، سيقع تحت طائلة القانون والنظام، وأن نظام مكافحة جرائم المعلوماتية يؤكد على أنه يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على خمس سنوات، وبغرامة لا تزيد على ثلاثة ملايين ريال، أو بإحدى هاتين العقوبتين كلُّ شخص يرتكب أيًّا من الجرائم المعلوماتية الآتية: “إنتاج ما من شأنه المساس بالنظام العام، أو القيم الدينية، أو الآداب العامة، أو حرمة الحياة الخاصة، أو إعداده، أو إرساله، أو تخزينه عن طريق الشبكة المعلوماتية، أو أحد أجهزة الحاسب الآلي”.
الأمر خطير وليس مزحة.
Dr.m@u-steps.com