جاء إقرار مجلس الأمن الدولي، الأربعاء، لمشروع قرار يطالب بـ"هُدن إنسانية" في غزة ليمثل أول تحرك حقيقي إيجابي من نوعه حيال الأزمة المتصاعدة في القطاع، منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، والتي باتت أزمة الشرق الأوسط الأبرز، بل والعالم، بعد الحصيلة المروعة للضحايا والآثار التدميرية للعدوان الإسرائيلي على القطاع الذي يعد من بين الأماكن الأكثر اكتظاظا بالسكان في العالم.

لكن التحرك الإيجابي لا يملك بالضرورة بذور الفاعلية، حيث يتوقف الأمر – بحسب متابعين – على طريقة تعاطي أطراف الأزمة مع القرار، وأيضا وجود رغبة وإرادة لدى القوى الكبرى لممارسة ضغوط من أجل تنفيذ مشروع القرار.

ودعا القرار الذي قدمته مالطا -التي ترأس حاليا مجموعة عمل المجلس حول الأطفال والصراعات المسلحة- إلى "فتح ممرات إنسانية في جميع أنحاء قطاع غزة لعدد كاف من الأيام لتمكين الوكالات الإنسانية الأممية وشركائها من الوصول الكامل والعاجل ودون عوائق لتقديم المساعدة الإنسانية".

اقرأ أيضاً

بايدن لإسرائيل: إعادة احتلال غزة خطأ كبير.. وحل الدولتين هو السبيل الوحيد

كما يحث على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع الأسرى الذين تحتجزهم فصائل المقاومة الفلسطينية، ولا سيما الأطفال، فضلا عن ضمان الوصول الفوري للمساعدات الإنسانية.

ويطالب جميع الأطراف بالامتثال لالتزاماتها بموجب القانون الدولي، مشددا على أهمية "آليات التنسيق والإخطار الإنساني وتفادي التضارب، لحماية جميع العاملين الطبيين والإنسانيين والمركبات والمواقع الإنسانية والبنية التحتية الحيوية، بما فيها مرافق الأمم المتحدة، وتسهيل تنقل قوافل المساعدة والمرضى".

ردود الأفعال

وقد تعكس ردود الأفعال المتوفرة حتى الآن على مشروع القرار جزءا من التوقعات حوله.

وحتى كتابة هذه السطور، علقت السعودية ومصر وجامعة الدول العربية بشكل إيجابي على القرار، فيما هاجمته دولة الاحتلال الإسرائيلي وأكدت عدم نيتها احترامه، حتى يتم إطلاق سراح أسراها في قطاع غزة، حيث يقول محللون إن تل أبيب تصر على وضع الحصان أمام العربة، لا سيما أن المقاومة أكدت أنها لن تتفاوض حول الأسرى تحت النار، وأنها تحتاج إلى هدن، على الأقل، لإحصاء كافة الأسرى المتواجدين في غزة وتقديم كشوف بها لإتمام عملية التفاوض.

اقرأ أيضاً

المنظمة عجزت عن حماية أطفال غزة.. الشيخة موزا تعتذر عن دورها كسفيرة اليونسكو

السعودية

وقد رحبت السعودية، في بيان، الخميس، بقرار مجلس الأمن، وقالت وزارة الخارجية بالمملكة إنه "خطوة أولى في الاتجاه الصحيح لتحمل المجتمع الدولي مسؤولياته ووقف العمليات العسكرية ومحاسبة قوات الاحتلال الإسرائيلي على انتهاكاتها الصارخة لجميع المعايير القانونية والإنسانية".

مصر

لهجة الترحيب ذاتها خرجت من مصر، تعليقا على القرار، حيث اعتبرته خطوة أولى ومهمة نحو تحقيق هدف الوصول إلى وقف شامل لإطلاق النار.

لكن القاهرة أكدت ضرورة تنفيذ ما تضمنه القرار من مطالبة بإقامة هدن وممرات إنسانية عاجلة لفترات ممتدة لعدد كافٍ من الأيام، لضمان وصول المساعدات الإنسانية والإغاثية إلى أبناء القطاع، وضرورة التوقف عن سياسة حرمان السكان من الخدمات الأساسية، واحترام قواعد القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني فيما يتعلق بتوفير الحماية للمدنيين، لاسيما النساء والأطفال، وكذا العاملين في المجالين الطبي والإنساني.

اقرأ أيضاً

لأول مرة.. مجلس الأمن يخرج عن صمته ويقر هدن إنسانية في غزة وإسرائيل تعترض

وشددت مصر على ضرورة اضطلاع مجلس الأمن بمسئوليته في ضمان التنفيذ الفوري والدقيق لأحكام هذا القرار، حفاظاً على مصداقية مجلس الأمن وأعضائه في حفظ الأمن والاستقرار الدوليين، واحترام ميثاق الأمم المتحدة وقواعد القانون الدولي.

الإمارات

وخلال التصويت في المجلس، أعلنت مندوبة الإمارات لانا نسيبة تأييد بلادها الكامل للقرار، منتقدة "فشل مجلس الأمن الدولي في وقف الدمار والمعاناة في غزة طيلة الفترة الماضية"، على حد قولها.

خطوة صغيرة

وكان لافتا أن الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط حرص على وصف قرار مجلس الأمن الأخير بأنه "خطوة صغيرة في الاتجاه الصحيح".

واعتبر أبو الغيط أن المطلوب من مجلس الأمن هو الدعوة لوقف اطلاق نار فوري في غزة، وليس مجرد الدعوة لهدن انسانية تسمح بادخال المساعدات مع استمرار القصف الاسرائيلي للمدنيين واستهداف المستشفيات وغيرها مما تقوم به سلطة الاحتلال.

الصين

ودعا مندوب الصين بالأمم المتحدة تشانج جيون إلى تنفيذ سريع للقرار، معتبرا أن "فعالية قرارات مجلس الأمن الدولي تكمن في تنفيذها، والمفتاح يكمن في أن تُنفذ الأطراف المعنية أحكام القرار بحذافيرها".

وقال جيون إنه من الضروري أن ينشئ مجلس الأمن الدولي آلية ضرورية لاتخاذ إجراءات متابعة لمراقبة التنفيذ والإبلاغ عنه.

اقرأ أيضاً

للمرة الخامسة.. مجلس الأمن يسعى للتوصل إلى قرار بشأن حرب غزة

وذكر أنه كان ينبغي على مجلس الأمن الدولي اعتماد قرار أكثر شمولا وقوة في وقت مبكر عن ذلك بكثير.

رفض إسرائيلي صارم

وكما هو متوقع، أعلنت دولة الاحتلال الإسرائيلي رفضها تنفيذ قرار مجلس الأمن، واعتبرت أنه لا يمكن تنفيذ ذلك طالما أن هناك 239 أسيرا لدى "حماس".

وشددت وزارة الخارجية الإسرائيلية على أن "تل أبيب تتوقع من مجلس الأمن إدانة حماس بشكل لا لبس فيه ومعالجة ضرورة خلق واقع أمني مختلف في غزة".

ووصف السفير الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة جلعاد إردان في بيان قرار المجلس بأنه "منفصل عن الواقع"، مضيفا أنه "من المؤسف أن يستمر المجلس في تجاهل ورفض إدانة أو حتى ذكر المجزرة التي ارتكبتها حماس في 7 أكتوبر (تشرين الأول)".

تطور في الموقف الأمريكي

وفيما يمثل تطورا مهما في الموقف الأمريكي يعكس انزعاج واشنطن من مسار الحرب وتكلفتها وتداعياتها بالمنطقة والعالم، امتنعت واشنطن عن استخدام حق النقض "الفيتو" على القرار، وامتنعت أيضا عن التصويت.

لكن ذلك لم يمنع السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة ليندا توماس جرينفيلد من  انتقاد القرار، لأنه "لم يدن بشكل واضح هجمات حماس في 7 أكتوبر"، وهو نفس الموقف الذي اتخذته بريطانيا.

فرص تنفيذ القرار

ووفقا للمعطيات السابقة وردود الأفعال، فمن غير المنتظر أن يتم تنفيذ قرار مجلس الأمن بتنفيذ هدن إنسانية سريعة في غزة، رغم أنه من المفترض أن يكون ملزما.

اقرأ أيضاً

مساعي إماراتية في مجلس الأمن من أجل هدنة إنسانية في غزة

وكما يرى متابعون، سيظل ملف الهدن الإنسانية أو وقف إطلاق النار مرتبطا بشكل أساسي بمفاوضات الوسطاء الإقليميين والدوليين بين دولة الاحتلال و"حماس"، حول مسألة الأسرى والمتطلبات الأخرى التي قد يعتبرها كل طرف مرضية له، وإن كان الأمر الأخير لا يزال بعيد المنال، قياسا إلى إصرار تل أبيب على المضي قدما في الحرب حتى تحقيق هدف يراه أقرب حلفاؤها غير واقعي، وهو استئصال "حماس" من غزة.

وقد يلعب قرار مجلس الأمن هنا دور العامل المحفز في تلك المفاوضات، والذي يمكن أن يتعاضد مع الانزعاج الأمريكي، الذي بدأ قبل أيام على استحياء، لتشكيل نوعا من الضغط على تل أبيب للتجاوب، في ظل عدم معقولية استمرار الخسائر الإنسانية بهذا الشكل في غزة.

المصدر | الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: مجلس الأمن غزة هدن إنسانية مشروع قرار وقف إطلاق النار حماس مجلس الأمن الدولی قرار مجلس الأمن الأمم المتحدة اقرأ أیضا تل أبیب فی غزة

إقرأ أيضاً:

الرئيس السيسي يصدق على 3 قرارات جديدة تشمل زيادة حصة مصر في صندوق النقد الدولي وتعديلات مع الولايات المتحدة

صدق الرئيس عبدالفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، على ثلاثة قرارات جديدة تم نشر تفاصيلها في الجريدة الرسمية اليوم الخميس 9 يناير 2025.

تشمل هذه القرارات زيادة حصة مصر في صندوق النقد الدولي بنسبة 50%، بالإضافة إلى تعديلات على اتفاقيات تعاون بين مصر والولايات المتحدة الأمريكية.

القرارات الرئاسية

القرار رقم 247 لسنة 2024:
تضمن القرار الموافقة على زيادة حصة مصر في صندوق النقد الدولي بنسبة 50%، مع التحفظ بشرط التصديق، وهذه الزيادة تعتبر خطوة مهمة لتعزيز مكانة مصر في المؤسسات المالية الدولية وتوسيع مشاركتها في تمويل الصندوق.

القرار رقم 250 لسنة 2024:
نص القرار على الموافقة على التعديل الرابع لاتفاقية "منحة المساعدة للحوكمة الاقتصادية الشاملة" بين مصر والولايات المتحدة الأمريكية. 

يهدف التعديل إلى تعزيز التعاون بين البلدين في مجالات الحوكمة الاقتصادية وتنمية القدرات المؤسسية في مصر.

القرار رقم 319 لسنة 2024:
يشمل هذا القرار الموافقة على التعديل الثامن لاتفاقية المساعدة بين مصر والولايات المتحدة الأمريكية بشأن "مبادرة التعليم العالي المصرية الأمريكية". 

يسعي التعديل إلى دعم تطوير التعليم العالي في مصر وتعزيز التعاون الأكاديمي بين المؤسسات التعليمية في البلدين.

تفاصيل القرارات في الجريدة الرسمية

تم نشر القرارات الثلاثة في الجريدة الرسمية في عددها رقم 2، الصادر اليوم الخميس، حيث تضمنت كل منها بنودًا تتعلق بالتصديق والتحفظ على بعض التعديلات.

وتعد هذه القرارات جزءًا من سياسة الحكومة المصرية لتعزيز العلاقات الاقتصادية مع المؤسسات الدولية وتحسين التعاون مع الولايات المتحدة في مجالات الحوكمة والتعليم.

مقالات مشابهة

  • الهجوم الأعنف.. غارات مشتركة بين التحالف الدولي وإسرائيل تطال اليمن
  • البيت الأبيض: بايدن وعون يتفقان على تنفيذ وقف الأعمال العدائية بالكامل بين لبنان وإسرائيل
  • قطر ترحب بانتخاب عون رئيساً للبنان
  • وزيرة الأمن ترفض مشاركة منتخب الأرجنتين في كوبا أميركا
  • مجلس الأمن الدولي يعقد جلسة بشأن سوريا
  • الرئيس السيسي يصدق على 3 قرارات جديدة تشمل زيادة حصة مصر في صندوق النقد الدولي وتعديلات مع الولايات المتحدة
  • قرار السيسي بزيادة حصة مصر في صندوق النقد الدولي بنسبة 50%
  • رسالة خاصة من رئيس الوزراء لأطباء مصر.. والنقابة ترحب بقوة
  • الخارجية السودانية تنفي مزاعم تتعلق بالأوضاع الإنسانية
  • وزارة الخارجية تجدد إستنكارها لمحاولات استخدام ادعاءات غير دقيقة تتعلق بالأوضاع الإنسانية في السودان