«حربًا مفتوحة على إسرائيل كما اختارت هي»، كلمات ربما تناسيناها عمدًا أو سهوًا في خضم رغبتنا في إنهاء وجود عدوٍ لقيطٍ فرض على ديارنا، فمع بدء توطينه كان حرمان أمة من وحدتها، وشعوب من أواصر الدم والترابط بينها، ليكون مآلهم التحزب والتفرق والتشرذم خلفًا للحقبة الاستعمارية التي لم يتحرروا منها يومًا ما.

وبالعودة للوراء قليلًا لاستقراء سيناريوهات المشهد في قطاع غزة، نجد أنه في العام 2006 كان لشهر يوليو – تموز- كما يحبذ اللبنانيين وأقرانهم ممن يعتمدون مسميات الأشهر السريانية تقويمًا يخالف ما عليه أبناء القارات السبع، وقعه في نفوس المسلمين على اتساع رقعتهم، إذ كانوا على موعد مع حرب الشهر و3 أيام في سبيل طرد الصهاينة وتحرير الأراضي اللبنانية المحتلة.

حرب ربما توهم البعض من كلمات حسن نصر الله السابقة أن تكون نهاية للعدو الصهيوني مع صخب تصريحات قادة الأذرع الإيرانية بلبنان في معركة تفاوتت تسميتها ما بين الخصمين فـ «الوعد الصادق» كانت مسمى حزب الله الدارج، فيما عرفها الكيان المحتل بـ «الثواب العادل»، إلا أن نهايتها كانت دراماتيكية للغاية فلا هازم ولا مهزوم، وخلافًا للمتعارف عليه فإن الأحداث والنتائج والتوقف كان مريبا وخارجا عن المألوف والشائع والمتبع عسكريا من انتصار أو عقد معاهدة، فكما كانت عادت إلا أنها لم تجعل للبنانيين حصاد غير النزوح والتشرد لأكثر من نصف مليون مواطن وتم إجلاء ألفين من الرعايا الأجانب.

وما أشبه الليلة بالبارحة، فقد كان لاستفاقتنا نهار السابع من أكتوبر الماضي على طوفان ربما لم يتجاوز باب قطاع غزة إلا أنه حمل بشارة بالنصر من موقع يبعد عن حدود الأقصى بنحو 78 كيلو مترًا، ووسط استبشار، أمل، وتفاؤل كان لوقع المفاجأة أثره في النفوس.

ووسط ذهول المشهد الذي لم يكن لعاقل أن يتصوره، أضحى مرور الوقت متنفسًا تدلف من خلاله حالة من عدم الطمأنينة والقلق على مصير شعب نشأنا على مظلوميته ومعاناته وسط عالم من الصم والبكم والعميان.

شعب نزح ولا زال ينزح تاركًا وطنه، يلفظه بعض جيرانه تارة ويخشى آخرون عليه أن يكون نزوحه هو بمثابة إقرار وهزيمة؛ لكنهم لا يرون في إبادته ما يقض مضعجهم، ووسط هؤلاء جميعا تظل القضية الفلسطينية هي الأكثر تعقيدا منذ تفجرها على يد آرثر جيمس بلفور إبان العام 1917، فكيف استسلم المعاصرون لهذا الوعد أمامه دون تحريك ساكن؟! وكيف آلت الأمور لأن يصبح الواقع مريرا، يرجو فيه صاحب الأرض من مغتصبها أن يعطيه من فتاتها أو يبل ريقه ويزكي أنفه برائحة ترابها ليقنع بحياته وانتمائه لها؟!

لست ممن يلقون لومًا على من يجد في ظهور الناطق باسم الجناح العسكري لحماس أبو عبيدة شفاءً لصدره من مرارة سنوات الاحتلال، قدرما أجد أننا أمام شخصية «حبش» التي جسدها الفنان أحمد مكي، في فيلم «سيما علي بابا» لتؤكد أنه مع تحايله قد يكون سبب في استفاقة أمة نرى ديارها أوهن من بيت العنكبوت، ليصدق فيهم قول الحبيب المصطفى: «يوشك أن تداعى عليكم الأمم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها، فقال قائل: ومن قلة نحن يومئذ؟ قال: بل أنتم يومئذ كثير، ولكنكم غثاء كغثاء السيل، ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم، وليقذفن الله في قلوبكم الوهن، فقال قائل: يا رسول الله، وما الوهن؟ قال: حب الدنيا وكراهية الموت».

ومع تضارب الساحة بمعطياتها، بقي لنا أن نتساءل: ماذا وضعت حماس في مخيلتها قبل أحداث السابع من أكتوبر؟، هل حققت نسبة ما من تحركها ضمن أهدافها المعلنة وغير المعلنة؟، ماذا بعد الاجتياح البري لغزة وإن لم ينته بعد ولم تكتف عناصر المحتل بما تقوم به من مجازر فاقت خسائرها البشرية خسائر حرب السيشان؟

أدرك أهمية الحراك الشعبي لتحرير الأرض في وطن لا يملك جند نظامي، بل إن أقصى طموحة وجود رئيس وحكومة وطنية يمثلان قوة وعزة دون مهادنة أو استنطاع، وإذ نرى النزوح الجماعي- وإن كان داخليا-، تظل المرارة قائمة، أبعد آلاف الشهداء الذين ارتقوا إلى جنات ربهم تترك الديار وتعلق الأقدار؟! هل يكتب لغزة سيناريو 2006 كسابقتها في لبنان؟

سيناريو أرجو من الله ألا يكتب علينا رؤيته وأن يسخر لهذه الأرض من يعمل على استعادة مجدها وأن يخلص النية ليكون صلاح دين ودنيا ويكتب به عز لأمة لطالما ارتكنت إلى سِلمٍ زائف.

المصدر: صدى البلد

إقرأ أيضاً:

مركز الأزهر: المُعلم المُخلص يدعو ويستغفر له أهل الأرض والسماء

أكد مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية أن المعلمين المخلصين ينالون مكانة عظيمة في الإسلام، حيث يستغفر لهم أهل السماء والأرض، حتى النمل في جحورها والحيتان في البحر، مستشهدًا بحديث النبي ﷺ: «إِنَّ اللهَ وَمَلَائِكَتَهُ وَأَهْلَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرَضِينَ حَتَّى النَّمْلَةَ فِي جُحْرِهَا وَحَتَّى الْحُوتَ لَيُصَلُّونَ عَلَى مُعَلِّمِ النَّاسِ الْخَيْرَ» [أخرجه الترمذي].

مكانة المعلم في الإسلام

يحتل المعلمون مكانة رفيعة في الشريعة الإسلامية، فهم ورثة الأنبياء في تعليم الناس الخير، وإرشادهم إلى طريق الهداية. وتكريم المعلم واحترامه واجب ديني وأخلاقي، إذ جعله الله سببًا في نشر العلم والمعرفة، مما يعود بالنفع على الأفراد والمجتمعات.

دعاء الملائكة وسكان الأرض للمعلم

أوضح المركز أن حديث النبي ﷺ يدل على عظمة أثر التعليم، حيث يشمل فضل المعلم استغفار الملائكة وجميع المخلوقات له، مما يعكس مدى تأثيره الإيجابي في الحياة الدنيا والآخرة.

واجب الطلاب تجاه معلميهم

حث مركز الأزهر للفتوى على ضرورة توقير المعلمين ومعرفة قدرهم، فهم الذين يضيئون دروب العلم والمعرفة، ويساهمون في بناء الأجيال. ويعد احترامهم والالتزام بتوجيهاتهم من أسمى صور البر والتقدير التي دعا إليها الإسلام.

وفي ختام حديثه، دعا المركز الطلاب إلى التمسك بأدب التعلم، والتقدير الصادق لكل معلم يسهم في نشر العلم وإفادة الناس.

أهمية التعليم في نصوص الشريعةيتجلى اهتمام الإسلام بالعلم في العديد من النصوص الشرعية التي تحث على التعلم، ونجد ذلك واضحًا في القرآن الكريم، حيث يقول الله تعالى:

(يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات) (المجادلة: 11).

(فبشّر عبادِ الذين يستمعون القول فيتّبعون أحسنه) (الزمر: 17-18).

(قال له موسى هل أتّبعك على أن تعلّمن مما علّمت رشدا...) (الكهف: 67).


كما حفلت السنة النبوية وأقوال أهل البيت عليهم السلام بالكثير من الأحاديث التي توضح فضل العلم وأهميته، ومنها:

قال رسول الله ﷺ: "اطلبوا العلم فإنه السبب بينكم وبين الله عز وجل".

قال الإمام الصادق عليه السلام: "لو علم الناس ما في طلب العلم لطلبوه ولو بسفك المهج وخوض اللجج".

من وصايا لقمان لابنه: "يا بني اجعل في أيامك ولياليك وساعاتك نصيبًا لك في طلب العلم، فإنك لن تجد له تضييعًا مثل تركه".


ثانيًا: آداب طالب العلم

1. توقير واحترام المعلم

قال أمير المؤمنين عليه السلام: "إن من حق العالم عليك أن تسلّم على القوم عامة، وتخصّه دونهم بالتحية، وأن تجلس أمامه، ولا تشير عنده بيدك، ولا تغمز بعينك، ولا تقول: قال فلان خلافًا لقوله".


2. حسن الاستماع للعلم

قال الإمام الباقر عليه السلام: "إذا جلست إلى عالم، فكن على أن تسمع أحرص منك على أن تقول، وتعلّم حسن الاستماع كما تتعلّم حسن القول، ولا تقطع على أحد حديثه".

3. التفرغ للعلم والاجتهاد في تحصيله

قال رسول الله ﷺ في وصف العاقل الكامل: "لا يسأم من طلب العلم طول عمره".


4. الصبر على التعلم

العلم يحتاج إلى الصبر والمثابرة، فهو ليس شيئًا يُكتسب بسرعة، بل يتطلب جهدًا مستمرًا. وقد أكدت النصوص على أهمية الصبر في طلب العلم، ومنها قول أمير المؤمنين عليه السلام:

التعليم في الإسلام ليس مجرد وسيلة لاكتساب المعرفة، بل هو طريق للارتقاء الروحي والفكري، ووسيلة لتحقيق رضا الله. ولهذا، ينبغي على طالب العلم أن يتحلى بالتواضع، والاحترام، وحسن الاستماع، والاجتهاد، والصبر، حتى ينال بركة العلم ويحقق الفائدة المرجوة منه.

مقالات مشابهة

  • مركز الأزهر: المُعلم المُخلص يدعو ويستغفر له أهل الأرض والسماء
  • وزير الخارجية السوداني: بلادنا ستعود لما كانت عليه وأفضل بمساندة مصر
  • صورتان تهزّان القلوب من الجنوب.. مشاهد مُبكية!
  • محمد صلاح يكتب التاريخ بتسجيل 300 هدف في أوروبا ويتخطى لامبارد
  • القاهرة: الاجتماع العربي السداسي يرفض تهجير الفلسطينيين من أرضهم بأي صورة
  • بعد إلتهام أسد لحارسه بالفيوم.. ما السبب وراء السلوك الغريب لملك الغابة؟
  • إبراهيم الصديق يكتب: أيها الأسد: شكراً لك
  • خالد الجندي: الصلاة كانت موجودة قبل الإسراء والمعراج «فيديو»
  •  الداعية خالد الجندي: الصلاة كانت موجودة قبل الإسراء والمعراج «فيديو»
  • الشيخ خالد الجندي: الصلاة كانت موجودة قبل الإسراء والمعراج