محمد الغريب يكتب: قطاع غزة وسيناريو الـ 34 يومًا في لبنان
تاريخ النشر: 16th, November 2023 GMT
«حربًا مفتوحة على إسرائيل كما اختارت هي»، كلمات ربما تناسيناها عمدًا أو سهوًا في خضم رغبتنا في إنهاء وجود عدوٍ لقيطٍ فرض على ديارنا، فمع بدء توطينه كان حرمان أمة من وحدتها، وشعوب من أواصر الدم والترابط بينها، ليكون مآلهم التحزب والتفرق والتشرذم خلفًا للحقبة الاستعمارية التي لم يتحرروا منها يومًا ما.
وبالعودة للوراء قليلًا لاستقراء سيناريوهات المشهد في قطاع غزة، نجد أنه في العام 2006 كان لشهر يوليو – تموز- كما يحبذ اللبنانيين وأقرانهم ممن يعتمدون مسميات الأشهر السريانية تقويمًا يخالف ما عليه أبناء القارات السبع، وقعه في نفوس المسلمين على اتساع رقعتهم، إذ كانوا على موعد مع حرب الشهر و3 أيام في سبيل طرد الصهاينة وتحرير الأراضي اللبنانية المحتلة.
حرب ربما توهم البعض من كلمات حسن نصر الله السابقة أن تكون نهاية للعدو الصهيوني مع صخب تصريحات قادة الأذرع الإيرانية بلبنان في معركة تفاوتت تسميتها ما بين الخصمين فـ «الوعد الصادق» كانت مسمى حزب الله الدارج، فيما عرفها الكيان المحتل بـ «الثواب العادل»، إلا أن نهايتها كانت دراماتيكية للغاية فلا هازم ولا مهزوم، وخلافًا للمتعارف عليه فإن الأحداث والنتائج والتوقف كان مريبا وخارجا عن المألوف والشائع والمتبع عسكريا من انتصار أو عقد معاهدة، فكما كانت عادت إلا أنها لم تجعل للبنانيين حصاد غير النزوح والتشرد لأكثر من نصف مليون مواطن وتم إجلاء ألفين من الرعايا الأجانب.
وما أشبه الليلة بالبارحة، فقد كان لاستفاقتنا نهار السابع من أكتوبر الماضي على طوفان ربما لم يتجاوز باب قطاع غزة إلا أنه حمل بشارة بالنصر من موقع يبعد عن حدود الأقصى بنحو 78 كيلو مترًا، ووسط استبشار، أمل، وتفاؤل كان لوقع المفاجأة أثره في النفوس.
ووسط ذهول المشهد الذي لم يكن لعاقل أن يتصوره، أضحى مرور الوقت متنفسًا تدلف من خلاله حالة من عدم الطمأنينة والقلق على مصير شعب نشأنا على مظلوميته ومعاناته وسط عالم من الصم والبكم والعميان.
شعب نزح ولا زال ينزح تاركًا وطنه، يلفظه بعض جيرانه تارة ويخشى آخرون عليه أن يكون نزوحه هو بمثابة إقرار وهزيمة؛ لكنهم لا يرون في إبادته ما يقض مضعجهم، ووسط هؤلاء جميعا تظل القضية الفلسطينية هي الأكثر تعقيدا منذ تفجرها على يد آرثر جيمس بلفور إبان العام 1917، فكيف استسلم المعاصرون لهذا الوعد أمامه دون تحريك ساكن؟! وكيف آلت الأمور لأن يصبح الواقع مريرا، يرجو فيه صاحب الأرض من مغتصبها أن يعطيه من فتاتها أو يبل ريقه ويزكي أنفه برائحة ترابها ليقنع بحياته وانتمائه لها؟!
لست ممن يلقون لومًا على من يجد في ظهور الناطق باسم الجناح العسكري لحماس أبو عبيدة شفاءً لصدره من مرارة سنوات الاحتلال، قدرما أجد أننا أمام شخصية «حبش» التي جسدها الفنان أحمد مكي، في فيلم «سيما علي بابا» لتؤكد أنه مع تحايله قد يكون سبب في استفاقة أمة نرى ديارها أوهن من بيت العنكبوت، ليصدق فيهم قول الحبيب المصطفى: «يوشك أن تداعى عليكم الأمم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها، فقال قائل: ومن قلة نحن يومئذ؟ قال: بل أنتم يومئذ كثير، ولكنكم غثاء كغثاء السيل، ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم، وليقذفن الله في قلوبكم الوهن، فقال قائل: يا رسول الله، وما الوهن؟ قال: حب الدنيا وكراهية الموت».
ومع تضارب الساحة بمعطياتها، بقي لنا أن نتساءل: ماذا وضعت حماس في مخيلتها قبل أحداث السابع من أكتوبر؟، هل حققت نسبة ما من تحركها ضمن أهدافها المعلنة وغير المعلنة؟، ماذا بعد الاجتياح البري لغزة وإن لم ينته بعد ولم تكتف عناصر المحتل بما تقوم به من مجازر فاقت خسائرها البشرية خسائر حرب السيشان؟
أدرك أهمية الحراك الشعبي لتحرير الأرض في وطن لا يملك جند نظامي، بل إن أقصى طموحة وجود رئيس وحكومة وطنية يمثلان قوة وعزة دون مهادنة أو استنطاع، وإذ نرى النزوح الجماعي- وإن كان داخليا-، تظل المرارة قائمة، أبعد آلاف الشهداء الذين ارتقوا إلى جنات ربهم تترك الديار وتعلق الأقدار؟! هل يكتب لغزة سيناريو 2006 كسابقتها في لبنان؟
سيناريو أرجو من الله ألا يكتب علينا رؤيته وأن يسخر لهذه الأرض من يعمل على استعادة مجدها وأن يخلص النية ليكون صلاح دين ودنيا ويكتب به عز لأمة لطالما ارتكنت إلى سِلمٍ زائف.
المصدر: صدى البلد
إقرأ أيضاً:
قصة صحابي اهتز لوفاته عرش الرحمن.. بكى عليه النبي حتى ابتلت لحيته
الصحابة رضي الله عنهم هم من أعظم الشخصيات في تاريخ الإسلام، فقد كانوا الأعمدة التي قامت عليها دعائم الدين بعد وفاة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، واختارهم الله ليكونوا مع النبي في أوقات السلم والحرب، وكانوا الرفقاء الذين حملوا الرسالة بعد وفاته، وشهدوا الغزوات الكبرى، مثل بدر وأحد والخندق، وأظهروا شجاعةً وإيمانًا لا يتزعزع، ولم يكونوا فقط جنودًا في المعارك، بل كانوا قدوة في العلم والدعوة، ويزخر التاريخ الإسلامي بمئات المواقف التي توضح مكانة الصحابة، لكن واحدًا منهم فقط هو من اهتز عرش الرحمن لموته؛ فمن هو؟
صحابي اهتز عرش الرحمن فرحا به وبقدوم روحهالصحابي الذي اهتز لوفاته عرش الرحمن هو سعد بن معاذ رضي الله عنه، فجاء في صحيح البخاري حيث ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «اهتز عرش الرحمن لموت سعد بن معاذ»؛ وكان ذلك بعد أن استشهد سعد في غزوة الخندق بسبب إصابته في معركة الأحزاب، وفقًا لما نشرته دار الإفتاء المصرية.
وعندما توفي سعد بن معاذ، اهتز عرش الرحمن تعبيرًا عن عظمة مكانته عند الله، وجاء ذلك في الحديث الشريف ليُبين مكانة هذا الصحابي الجليل في الإسلام، إذ كان سعد بن معاذ كان من أبرز القادة في معركة الخندق وواحدًا من أنصار النبي الأوفياء، وهو الذي أسلم في وقت مبكر وشهد العديد من الغزوات المهمة.
أسلم سعد بن معاذ رضي الله عنه في السنة 5 من بعثة النبي صلى الله عليه وسلم، أي بعد الهجرة بثلاث سنوات تقريبًا، وكان إسلامه في السنة التي شهد فيها بيعة العقبة الثانية، إذ أسلم مع مجموعة من قومه من الأوس وكانوا من الأنصار الذين دعموا النبي صلى الله عليه وسلم في مكة، وقد أسلم سعد بعد أن استمع إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وهو يقرأ القرآن، وكان إسلامه من أبرز الأحداث في تاريخ الدعوة، إذ كان أحد القادة البارزين في غزوة بدر وغزوة الخندق.
شهد غزوات بدر وأحد والخندق، وعندما استشار النبي صلى الله عليه وسلم الصحابة يوم بدر، قال سعد بن معاذ رضي الله عنه: «قد آمنا بك وصدقناك، وشهدنا أن ما جئت به حق، وأعطيناك على ذلك عهودنا ومواثيقنا على السمع والطاعة، فامض يا رسول الله لما أردت، فنحن معك، فو الذي بعثك بالحق لو استعرضت بنا هذا البحر لخضناه معك، ما تخلف منا واحد، وما نكره أن نلقى عدونا غدا، إنا لصبر عند الحرب، صدق عند اللقاء، ولعل الله يريك منا ما تقر به عينك، فسر بنا على بركة الله»، فسار بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم.
بكاء الرسول صلى الله عليه وسلم على سعد بن معاذرمي سعد بن معاذ رضي الله عنه بسهم يوم الخندق، عاش بعدها شهرا ثم انتفض جرحه فتوفي بذلك، ودفنه النبي صلى الله عليه وسلم وبكى عليه حتى جعلت دموعه تحادر على لحيته، فرضي الله عنه.