التصعيد مع إسرائيل يشل الخدمات والفنادق في لبنان
تاريخ النشر: 16th, November 2023 GMT
في حانة وسط ساحة في الهواء الطلق في مدينة جبيل شمال بيروت، يفتقد ريشار العلم، الزبائن الذين كانت تكتظ بهم المنطقة، منذ بداية التوتر على الحدود مع إسرائيل، بسبب الحرب في قطاع غزة.
ويقول العلم، 19 عاماً، وهو يعدّ المشروبات لروّاد الحانة بعدما كان عدد الطاولات المحجوزة يتراوح بين 40 و50 يومياً، بات حالياً لا يتجاوز الـ 7.
تجدد القصف الإسرائيلي على البلدات الحدودية في جنوب #لبنانhttps://t.co/e2uxk6SMB1
— 24.ae (@20fourMedia) November 15, 2023وغداة اندلاع الحرب، بدأت ميليشيا حزب الله عمليات ضد أهداف عسكرية إسرائيلية، عبر الحدود اللبنانية، دعماً لحماس. وتردّ إسرائيل بقصف مناطق حدودية مستهدفة ما تصفه بتحرّكات مقاتلي الميليشيا، وبنيتها التحتية قرب الحدود.
ويثير ذلك مخاوف من توسّع الحرب إلى جبهة جديدة، ودعت دول عدة بينها الولايات المتحدة،وفرنسا،وبريطانيا، وألمانيا، رعاياها إلى مغادرة لبنان وتجنب السفر إليه.
ويوضح العلم "منذ أن بدأت الأحداث، توقفت حركة المطار ،وسحبت الدول رعاياها، فتراجعت وتيرة العمل"، في المدينة الساحلية التي تعتمد بشكل كبير في مواردها على زوارها من سكان المناطق الأخرى، و السياح.
وعلى بعد عشرات الأمتار وفي الأزقة المتعرجة في سوق المدينة القديمة، تمر الساعات ثقيلة على منى مجاهد، 60 عاماً، التي ترتشف القهوة أمام محلها لبيع التذكارات في انتظار زبائن، وتقول السيدة التي غزا الشيب شعرها وخلفها رفوف تضيق بالتذكارات والتحف: "يعتمد عملنا بأكمله على السياحة. منذ أحداث غزة لم نبع شيئاً"، وتضيف "الوضع سيء، لا عمل ولا مال. كما ترون نشرب القهوة".
لن يجازفوانعكس التصعيد اليومي في جنوب لبنان حيث قتل 88 شخصاً حتى الآن، بينهم 10 مدنيين، سلباً على الإقبال على المطاعم، والملاهي، والأسواق، وعلى نسبة إشغال الفنادق مع غياب حركة الوافدين من الخارج، من مغتربين و أجانب.
وجاء التوتر بعد صيف شهد حركة سياحية اعتمدت بالدرجة الأولى على المغتربين اللبنانيين، بعد 4 أعوام، من انهيار اقتصادي غير مسبوق، فاقمه تفشي وباء كورونا، وانفجار مرفأ بيروت في صيف 2020.
ويقول نقيب أصحاب المطاعم والملاهي في لبنان طوني الرامي: "طوينا صفحة السنوات الأربع ودخلنا زخماً جديداً، لكن للأسف جاءت هذه الحرب، وعكرت كل شيء".
وكان قطاع الخدمات في لبنان يستعد لموسم جيد نسبياً مع التخطيط لتنظيم مؤتمرات ومعارض، وإجازات أعياد نهاية العام. ويوضح الرامي "نعيش اليوم حالة قلق. لا يعرف الناس متى ستتدحرج الجبهة في الجنوب ولا يمكنها التخطيط لإجازات"، مضيفاً "حتى المغترب اللبناني سيتردد في المجيء، ولن يجازف".
وبسبب التصعيد، خفضت طيران الشرق الأوسط اللبنانية، عدد رحلاتها إلى النصف، وقالت المتحدثة الإعلامية باسمها ريما مكاوي إن "الشركة سجّلت انخفاضاً بـ 54% في عدد الوافدين جواً الى بيروت من دول الشرق الأوسط، مقارنة مع العام الماضي".
كما انخفض عدد الوافدين من أوروبا بـ 30%، ومن الخليج بـ39%، مقارنة مع الفترة ذاتها من العام الماضي.
وضع كارثيوفي الأسبوعين الأولين من الحرب على غزة، ألغيت الحجوزات في فندق كافالييه في منطقة الحمرا، في غرب بيروت. ويقول أيمن ناصر الدين، 41 عاماً الذي يدير الفندق من 4 نجوم: "انخفضت نسبة الإشغال بشكل كبير جداً"، مضيفاً "ليست لدينا حجوزات جديدة. الوضع سيكون كارثياً إذا استمر على ما هو عليه".
وبعدما كان أكثر من نصف غرف الفندق الـ 65 محجوزاً في نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري، بات عدد الحجوزات اليوم يترواح بين 5 و12 غرفة، وفق ناصر الدين الذي يوضح أن الفندق كان محجوزاً بالكامل في ديسمبر (كانون الأول) المقبل قبل التصعيد.
ويخشى القيمون على القطاع الفندقي في لبنان، أن تطول تداعيات التصعيد، حتى لو ساد الهدوء على الحدود الجنوبية، ويقول نقيب أصحاب الفنادق والمؤسسات السياحية في لبنان بيار الأشقر: "نسبة الإشغال في الفنادق تتراوح بين0 و7%، بعدما كانت نحو 45% قبل التصعيد".
ويضيف "ألغيت كافة الحجوزات لشهرين أو 3، من أفراد أو مجموعات سياحية أو مؤتمرات ومعارض"، ويشرح أنه حتى لو توقف التصعيد غداً "يجب أن ننتظر شهراً أو شهرين حتى ترفع الدول الحظر عن المجيء إلى لبنان وننطلق من جديد".
ورغم الصعوبات والتحديات، يرى الأشقر أن بإمكان القطاع الفندقي والخدمات أن يلتقط أنفاسه متى عاد الاستقرار، في بلد اعتاد على مر العقود الحروب والاضطراب السياسي، ويقول: "نحن شعب لديه إرادة، شعب ولد في الحرب، وعاش الحرب ولا يزال يقاتل"، متابعاً بتهكم "لولا لدينا خبرة طويلة الأمد في إدارة الأزمات، لكن القطاع أفلس منذ أمد".
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان سلطان النيادي مانشستر سيتي غزة وإسرائيل الحرب الأوكرانية عام الاستدامة لبنان غزة وإسرائيل فی لبنان
إقرأ أيضاً:
محلل سياسي يكشف تداعيات واقعة الهرمل في لبنان| التفاصيل الكاملة
شهدت منطقة الهرمل في لبنان حادثا جديدا يعكس حجم التحديات التي تواجهها القوى العسكرية في ضبط الحدود ومكافحة التهريب.
وفي هذا الإطار، اتخذت وحدات الجيش اللبناني إجراءات أمنية مشددة عقب حادث إطلاق نار عبر الحدود، ما أسفر عن سقوط جرحى من الجانبين اللبناني والسوري.
قال الدكتور أحمد يونس، الباحث الأكاديمي والمحلل السياسي اللبناني، إنه لا شك أن الحوادث الأمنية التي جرت في منطقة الهرمل الحدودية مع سوريا خلال الأيام الأخيرة والتي أسفرت عن وقوع جرحى من الجانبين اللبناني والسوري، لم يكن مجرد حادث عرضي، بل جاء ليضع الاتفاق السياسي والأمني الناشئ بين بيروت ودمشق أمام أول اختبار فعلي له.
وأضاف يونس- خلال تصريحات لـ "صدى البلد"، أن اللافت أن هذه المواجهة الحدودية وقعت بعد نحو عشرة أيام فقط من زيارة رئيس الوزراء اللبناني نواف سلام إلى دمشق ولقائه الرئيس السوري الجديد أحمد الشرع، في زيارة تاريخية حملت عنوان "إعادة تنظيم العلاقات الثنائية"، وأفضت إلى تفاهمات مبدئية حول ضبط المعابر الحدودية وتعزيز الأمن المشترك، في إطار مقاربة جديدة للتحديات العابرة للحدود.
وأكد يونس، وقوع الاشتباك رغم الاتفاق السياسي المسبق، يكشف بوضوح أن آفة التهريب على الحدود اللبنانية السورية أعمق وأخطر من أن تُعالج بمجرد تفاهمات سياسية، والتهريب هنا ليس مجرد نشاط فردي بل هو شبكة منظمة تتداخل فيها المصالح المحلية والاقتصادية وحتى السياسية، مما يجعل السيطرة عليها تتطلب إرادة صلبة وعملا ميدانيا طويل النفس، وقد أظهر الجيش اللبناني، برده السريع عبر تنفيذ مداهمات أمنية وتوقيف متورطين، أن هناك قرارا واضحا لدى السلطات اللبنانية بعدم السماح بتكرار الفوضى، لا سيما في ظل الضغوط السياسية والأمنية الإقليمية التي تحتم على لبنان إظهار جدية أكبر في حماية حدوده.
وأشار، إلى أن وقد تبين من الاتصالات المكثفة التي أجرتها قيادة الجيش اللبناني مع الجانب السوري والتي أفضت إلى احتواء التصعيد، تعكس وجود قناة مفتوحة وجدية للتنسيق بين الجيشين، غير أن احتواء الحادث لا يعني انتهاء المشكلة، بل يعني تأجيل الانفجار المحتمل ما لم يتم اجتثاث جذور الفوضى الحدودية.
وأوضح، أن التفاهمات السياسية، مهما كانت متينة، تبقى حبرا على ورق إذا لم تتحول إلى إجراءات عملية ومنها:
إنشاء نقاط مراقبة ثابتة ومتحركة،تفعيل عمل المخابرات في ملاحقة شبكات التهريب.التنسيق الميداني اليومي بين الوحدات الأمنية على طرفي الحدود،والأهم، معالجة الأسباب الاجتماعية والاقتصادية التي تغذي هذه الظاهرة.وتابع: "ومن الواضح أن الحادث الأخير أظهر أن التهريب تحول إلى سلطة أمر واقع في بعض المناطق الحدودية، وأن تفكيك هذه السلطة يتطلب قرارا سياسيا عابرا للحسابات الضيقة والمصالح المحلية".
وأكمل: "وبالتالي، فإن نجاح التنسيق اللبناني السوري سيتوقف على مدى استعداد الطرفين للمضي في معركة صعبة ومعقدة ضد منظومات اقتصادية وأمنية استفادت طويلاً من غياب الضبط الحدودي".
واختتم: "نستطيع أن نقدر بأن ما حدث في الهرمل ليس حادثا معزولا، بل هو جرس إنذار مبكر وهو مؤشر إلى أن مرحلة جديدة بدأت على الحدود اللبنانية السورية، عنوانها صراع الإرادات بين الدولة وشبكات التهريب، فإما أن تنجح بيروت ودمشق في ترجمة نواياهما إلى أفعال تحمي السيادة وتستعيد هيبة القانون، وإما أن تبقى الحدود مشرعة على احتمالات التصعيد والفوضى".