جمال شقرة: علاقة مصر بالقدس وفلسطين وثيقة جدا (فيديو)
تاريخ النشر: 16th, November 2023 GMT
أكدت الدكتور جمال شقرة، أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر، أن علاقة مصر بالقدس وفلسطين وثيقة جدا، والقضية الفلسطينية في بؤرة الاهتمام المصري.
محافظ المنوفية يشهد اصطفاف المعدات الجديدة لدعم منظومة المخلفات الصلبة محافظة الجيزة تدشن مجلس اقتصادى واجتماعى لدعم الاستثمار ومتابعة خطط العمل محاولات تصفية القضية الفلسطينيةوقال شقرة، خلال حواره ببرنامج "صباح الخير يا مصر"، المذاع على القناة الأولى، اليوم الخميس، إن الوثائق المصرية والبريطانية وغيرها تشير إلى تسميم الآبار في الثلاثينيات لإبادة الشعب الفلسطيني ثم بعد ذلك قامت بعمليات ذبح قرى بالكامل قبل إعلان قيام هذا الكيان.
ولفت أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر، إلى أن محاولة استقطاع سيناء من مصر محاولات قديمة، والدولة المصرية ترفض هذا السيناريو، لأن هذا يعني تصفية القضية الفلسطينية.
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: الدكتور جمال شقرة مصر الوثائق المصرية الشعب الفلسطيني
إقرأ أيضاً:
ألبرتو مانجويل وفلسطين
مميزات كثيرة يتصف بها ألبرتو مانجويل؛ القارئ الأعظم في زماننا، والذي كان ضيفا على سلطنة عُمان في الأسبوع المنصرم، لكن أهمها بالنسبة لي موقفه المشرِّف من القضية الفلسطينية، ودعمه لها وللكتّاب الفلسطينيين، وانتقاده في أكثر من مناسبة سياسات إسرائيل العنصرية، إلى الدرجة التي يقف فيها المرء مندهشًا حين يكتشف أن من يفعل كل هذا هو نجل أول سفير أرجنتيني في إسرائيل!
في سنة النكبة (1948) وُلِدَ ألبرتو مانجويل في بوينس آيرس. وكان الكثير من النازيين الفارّين من ألمانيا قد استقروا في الأرجنتين التي كانت تبيعهم جوازات سفر تتيح لهم العيش في مأمن من الملاحقات، ومع تزايد عددهم أغضب هذا المجتمع اليهودي هناك. ولأن الرئيس الأرجنتيني آنئذ خوان بيرون كان سياسيًّا محنّكًا؛ فقد قرر امتصاص هذا الغضب بتسمية سفير أرجنتيني في «الدولة» الوليدة التي أُسِّستْ لليهود ذلك العام. تزامنت هذه الرغبة من الرئيس مع زيارة أحد المقربين له برفقة صديقه اليهودي الذي أُعجِب به بيرون فخاطبه قائلًا: «أنت يهودي، فلماذا لا تصبح سفيرنا في إسرائيل؟» وهكذا جرى تعيين بابلو مانجويل سفيرًا لإسرائيل وبُعِثَ إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة ليبقى فيها وعائلته – بمن فيهم ابنه الرضيع ألبرتو - حتى عام 1956.
وإذا كانت السنوات الستّ الأولى من عمر الإنسان هي التي تشكّل شخصيته كما يقول علماء النفس، وإذا كان أمرًا طبيعيًّا ومتوقعًا من طفل ينتمي لعائلة يهودية قضى طفولته في إسرائيل أن يتشرّب ثقافتها ويظلّ وفيًّا لسياساتها، فإن عكس هذا ما حصل لألبرتو. بل إنه سيردد بعد ذلك أنه لا يشعر بأي انتماء لها. في كتاب «حياة متخيلة» طرحتْ عليه محاوِرتُه الصحفية السويسرية سيجلندة جايزل هذا السؤال: عشتَ في أماكنَ كثيرة هل لديك ما يسمونه في اللغة الألمانية «Heimat» (موطن)؟ فكان جوابه: «فكرت مرات كثيرة في مسألة الموطن هذه. من المؤكد أن إسرائيل لا تشكل موطنًا بالنسبة إليَّ؛ فقد عشت هناك في غرفة مع مربيتي. كان يمكن لبوينس آيرس والأرجنتين أن يشكّلا موطنًا لي، لكن العلاقة بيننا كانت إشكالية، فبسبب تربيتي الألمانية وتجربتي اللاحقة في كندا، وجدتُ صعوبة في العيش في مجتمع لا يعرف شيئًا عن المسؤولية الاجتماعية». تجدر الإشارة هنا إلى أن «تربيته الألمانية» كانت في الأراضي الفلسطينية المحتلة. فقد عرف وهو طفل في إسرائيل الجغرافيا والتاريخ والرياضيات عن طريق مربيته الألمانية إيلين، وحفظ على يديها الأعمال الأدبية العظيمة عن ظهر قلب، كل ذلك كان مقترنًا بعزلة حمتْه من الاختلاط بقرنائه من الأطفال الإسرائيليين، لقد عاش هناك في الكتب، وحين غادر «إسرائيل» وهو في الثامنة من عمره لم يكن للثقافة الإسرائيلية أي تأثير في تكوينه، الأمر الذي صنع لديه مسافة من الحياد ساعدته لاحقًا على تبني رؤية موضوعية للقضية الفلسطينية.
في الأول من نوفمبر 2023؛ ولم تكن أحداث «طوفان الأقصى» قد أكملت شهرها الثاني بعد، نشر ألبرتو مانجويل مقالًا في صحيفة «إل باييس» الإسبانية بعنوان «هوميروس في غزة» مفتَتِحًا إياه بما حدث في الخامس عشر من أكتوبر من ذلك العام (بعد ثمانية أيام فقط من الطوفان) حين قَتَل أمريكيٌّ متأثر بدعايات اليمين المتطرف عمّا حدث في السابع من أكتوبر طفلًا مسلمًا في شيكاغو وأصاب والدته بجروح خطيرة، في اليوم نفسه الذي وجه فيه أنطونيو غوتيريش؛ الأمين العام للأمم المتحدة، نداءين إنسانيين؛ إلى حركة حماس بإطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين، وإلى إسرائيل بالسماح بوصول المساعدات الإنسانية بسرعة ودون عوائق للمدنيين في غزة. وردًّا على نداء غوتيريش يستحضر مانجويل «إلياذة» هوميروس؛ موضحًا أن الحرب تغذيها الكراهية والانتقام، وأن الخلاص المعنوي ربما يكون في الأدب.
خلال السنة الأولى من «طوفان الأقصى» جمعت المترجمة الفلسطينية ريم غنايم عددًا من النصوص التي كتبها أدباء فلسطينيون من غزة ونشرتْها في «كتاب الوصايا: شهادات مبدعات ومبدعين من غزة في مواجهة الموت»، وطلبتْ من ألبرتو مانجويل أن يكتب لها مقدمة. ولم يتردد المثقف الكبير في إجابة طلبها، وعنون مقدمته بــ«بيان ضد الموت» مذكرًا إيانا بأن بعض هؤلاء الشهود رحلوا عن العالم بعد تدوين شهاداتهم في هذا الكتاب، مثل الشاعر سليم نفّار الذي استشهد وأفراد عائلته في قصف إسرائيلي بعد وقت قصير من كتابته شهادته. كتب مانجويل في مقدمته أن اللغة قد تبدو أحيانًا عاجزة عن وصف حجم المعاناة، إلا أن إصرار المبدعين الفلسطينيين على التعبير يُحوِّل كلماتهم إلى أدوات لمواجهة الموت والتشبث بالحياة. ومن هنا يُدرك مانجويل أهمية شاعر كبير كمحمود درويش. يقول في حوار مع منصة رمّان الثقافية: «دائمًا ما يذكرون أدونيس وتقدّمه لجائزة نوبل، حسنًا، يتحجّم أدونيس أمام درويش. درويش شاعرٌ هائل، هو شاعرٌ ملحميّ، بذكاء وإدراك عميق، فهو ليس بوقًا للبروباجندا بأيّ معنى للكلمة. هو يقف جنبًا إلى جنب مع دايدو»، ويستشهد بقصيدته السردية «سيناريو جاهز» التي يجد فيها الشاعر نفسَه وعدوَّه عالقَيْن في حفرة مع ثعبان، وعليهما لينجُوَا أن يتشبثا بالحوار.
كان مانجويل يعتبر أفضل تعريف للمكتبة أنها «مكانُ الأدلة»، وهو تعريف اقتبسه من صديق له في مكتبة بودليان في أوكسفورد. ومن هنا كان يرى أهمية أن يكون لفلسطين مكتبة وطنية تحفظ وثائقها وخرائطها ونصوص أبنائها، وحين أصبح مديرًا للمكتبة الوطنية الأرجنتينية (في الفترة من 2016 إلى 2018) حاول أن يقدم من موقعه ذاك دعمًا للمكتبة الوطنيّة الفلسطينيّة، وتحدث إلى نظرائه مديري المكتبات الوطنية في فرنسا وإسبانيا وكولومبيا وبريطانيا، وقد وافقت هذه المكتبات جميعها على رعاية المكتبة الوطنيّة الفلسطينيّة ومساعدتها، ليس فقط من ناحية إمدادها بالكتب، ولكن أيضًا بجعلها مكتبة افتراضيّة كبيرة. لكن المشروع لم يَرَ النور للأسف الشديد، لأنه لم يلقَ الاهتمام الكافي من الفلسطينيين أنفسهم.
وهكذا نرى انحياز ألبرتو مانجويل لفلسطين وقضيتها العادلة، وهو انحيازٌ يمثّل دعمًا كبيرًا لهذه القضية من مثقف كونيّ مثله، ويُثبت لنا من جديد أن الثقافة هي التزامٌ بقيم الخير والحق والعدل والجمال، قبل أي شيء آخر.
سليمان المعمري كاتب وروائي عماني