شبكة اخبار العراق:
2025-02-06@23:45:54 GMT

العالم يسقط بين أيدي التافهين

تاريخ النشر: 16th, November 2023 GMT

العالم يسقط بين أيدي التافهين

آخر تحديث: 16 نونبر 2023 - 12:47 معفاف مطر

إذا كنت تعتقد أن من يتحكم اليوم في العلوم والثقافة والتجارة .. الخ هم الأكثر كفاءة فأعلم أن مؤلف كتاب (نظام التفاهة) الفيلسوف الكندي آلان دونو لا يتفق معك، لأنه يعتقد أن العالم سقط بين أيدي التافهين. قد يتبادر الى ذهن القارئ أن المؤلف يتحدث عن مجموعة من التافهين الذين يحتلون مكانة مهمة ولهم القدرة على التأثير، لكن وبعد قراءة الكتاب سيتبين له أن الكتاب لا يتحدث عنهم ويعتبرهم مجرد نتيجة حتمية وطبيعية لنظام كامل، وقد يتفاجئ أنه يتحدث عن علماء ورؤساء شركات وخبراء أي شخصيات ليست تافهة أبداً.

من يقرأ الكتاب أيضاً سيكتشف أن المؤلف لم يقصد كلمة ( تفاهة ) حرفياً أبداً وإنما المترجمة لم تكن دقيقة بما فيه الكفاية فآلان دونو كان قد كتب هذا الكتاب بالفرنسية والمترجمة استعانت بالنسخة الأصلية الفرنسية اضافة الى النسخة المترجمة الى الانجليزية، والكلمة التي وضعها آلان هي Mediocracy وهذه الكلمة لاتعني التفاهة وانما الشيء المتوسط المتواضع، أي الشخص الذي لا يمتلك كفاءة عالية ولكن في الوقت نفسه ليس سيئاً، والمؤلف أكد على هذا المعنى، ففي الصفحة 90 يقول : إن Mediocrity هو الاسم الذي يشير الى ما هو متوسط تماماً مثل ما تشير كلمة Superiority  الى ما هو أعلى و Inferiority  الى ما هو أدني، وبالتالي فالمؤلف حين كتب في العنوان Mediocracy فهو يحدد المتوسط بين الأعلى والأدنى، ويستشهد بمبدأ بيتر في صفحة 75 للتدليل على قصده بمتوسطي الكفاءة وليس التافهين الذين هم في المرتبة الدنيا، ويقول أن مبدأ بيتر يتيح للموظف متوسط الكفاءة وبحسب نظام العمل أن يترقى تدريجياً حتى يصل الى رأس الهرم ويشغل مناصب عليا في السلطة ويزيح من هم أعلى كفاءة منه وأكثر استحقاقاً. ومن هنا نفهم أن المؤلف لا يتحدث عن التافهين بل أصحاب الكفاءة العادية وكيف يساعدهم النظام على الوصول الى أعلى المراتب وحرمان من هم أفضل منهم، ويبقى السؤال لماذا اختارت المترجمة هذه المفردة؟ قد يكون السبب تسويقي فإذا كان كذلك فقد نجحت من دون أدنى شك. في الصفحة الأولى يهاجم المؤلف الجامعات لأنها في النهاية تعطي شهاداتها لكل من يتجاوز الاختبارات النهائية. يضرب آلان مثالاً على أساتذة الجامعة، يفترض وجود أستاذ لا يحقق المهام المطلوبة منه وكل تلامذته متأخرين في مستواهم التعليمي، فبالتأكيد هذا الاستاذ سيتعرض للفصل وهذا أمر مفهوم ومفروغ منه، وعلى الجانب الأخر وربما في الجامعة ذاتها يوجد أستاذ يتمرد على البروتوكول الذي تضعه المؤسسة التعليمية لجميع الاساتذة، ويحقق نسب نجاح عالية، ويؤهل طلابه الى أعلى المستويات، هذا الأستاذ سيتعرض أيضاً للفصل لأنه تمرد ولم يلتزم بتعلميات الجامعة وهو بذلك أربك العملية التعليمية من وجهة نظر المؤسسة، على سبيل المثال ماذا لو استطاع الأستاذ عالي الكفاءة بتعليم طلابه منهج مرحلتين في سنة واحدة واجتاز الطلاب كل الاختارات وبتفوق، هنا ستجد المؤسسة التعليمية نفسها بموقف حرج، فعليها أن تضع منهج تعويضي للسنة القادمة، وبالتالي ستجد نفسها أمام قيمتين، الأولى أستاذ عالي الكفاءة وطلاب متفوقين اجتازوا منهجين في سنة واحدة، والثانية نظام تم الاخلال به وعليها وضع منهج تعويضي لا يستطيع كل الأساتذة الالتزام به، بطبيعة الحال ستنتصر الجامعة لنظامها وتمنع هذا الأستاذ من ممارسة التدريس بطريقة ذات جودة عالية وسيكون من وجهة نظرها أن الأستاذ متوسط الكفاءة الذي يلتزم بالمنهج ويحافظ على تفاوت في درجات الطلاب أفضل من الأستاذ عالي الكفاءة، وعليه سيتم ترقيته بصورة أسرع وسيصل الى رأس الهرم يوماً قبل الأستاذ عالي الكفاءة الذي سيظل بيعداً عن السلطة أو أنه سيجد نفسه مرغماً على الانضمام الى فئة الأساتذة متوسطي الكفاءة ويساير النظام، فالمقياس هنا الحفاظ على النظام وليس الكفاءة وهذا هو الـ Mediocracy  ويرى المؤلف أن النظام الرأس مالي هو من يقف وراء هذه الأنظمة، كالمستشفيات التي تكافئ أطبائها الذين يكتبون أدوية لا يحتاجها المريض لصالح أرباح المستشفى وشركات الأدوية، أو محصلي الضرائب الذي يسعون وراء البسطاء لاستحصال الضرائب لتحقيق المزيد من الدخل وترك مؤسسات ضخمة وشركات مخيفة لأي سبب من الأسباب. ويركز آلان على الجامعات ويرجع لينتقدها بقوله أن الجامعات وبسبب التخصصات الدقيقة جداً وتركيزها على دقائق كل تخصص على حدة هي بذلك تخرج خبراء وليس مثقفين وذلك تلبية لاحتياجات سوق العمل وهذا على حساب التفكير النقدي، فالمثقف وإن تخصص بمجال معين إلا أن لديه الأدوات التي تؤهله لربط مجاله بمجالات أخرى. يرى آلان أن حصر الطلبة في مسارات تعليمية معينة بعيداً عن المسارات الأخرى سيجعله سلعة بيد الشركات التي تمول الابحاث والجامعات نفسها، ومع تطور الذكاء الاصطناعي قد يجعل الكثير من الطلبة يواجهون مستقبلاً مجهولاً، لأنه مقيد بمجال واحد إذا حل الذكاء الاصطناعي محله سيجد نفسه عاطلاً عن العمل. على سبيل المثال شركة كوكاكولا تمول أبحاثاً تثبت أن الكوكاكولا لا تسبب السمنة أو بعض شركات الأدوية تمول أبحاثاً  للتخفيف من الأعراض الجانبية لأدويتها..الخ فالنظام الرأس المالي هو الذي يرجح المال على القيم العليا. الكتاب اكتسب شهرة عالمية، لكني أرى أنه لا يستحق كل هذه الشهرة، فمن ثلاث مائة وثلاثين صفحة لا توجد إلا مائة أو أقل هي المهمة، لغة الكاتب غير واضحة، المقدمة طويلة ومملة ولايحتاجها القارئ وتقع في ستة وستين صفحة. هناك كتب تحمل نفس الأفكار وتعد أهم من كتاب آلان دونو أبرزها كتاب عقيدة الصدمة للمؤلفة الكندية أيضاً ناعومي كلاين، فلغتها كانت أفضل من آلان وركزت على تأثير المال على السياسة والكتاب لا يتطلب من القارئ معرفة كبيرة بالاقتصاد والسياسة فهي تبسط المعلومات بشكل جميل ومشوق حتى أن آلان نفسه امتدحها في كتابه.

المصدر: شبكة اخبار العراق

كلمات دلالية: عالی الکفاءة یتحدث عن

إقرأ أيضاً:

والي الخرطوم يقف على التخريب والنهب لمستشفى أحمد قاسم

وقف والي الخرطوم الأستاذ أحمد عثمان حمزة على حجم الدمار الذي لحق بمستشفى أحمد قاسم بمدينة الخرطوم بحري التى تم تحريرها من مليشيا آل دقلو الإرهابية.وعبر الوالى عن أسفه لما تعرضت له المستشفى من تدمير ممنهج طال أحدث الأجهزة والمعدات الطبية التي تم استجلابها من الخارج بهدف تقديم خدمات علاجية متطورة للمواطنين.ورافق الوالي خلال الجولة الأمين العام لحكومة الولاية الأستاذ الهادي عبدالسيد والمدير التنفيذي لمحلية بحري الأستاذ عبدالرحمن أحمد عبدالرحمن حيث شاهدوا حجم الخراب الذي طال المستشفى باعتبارها من المرافق الصحية المهمة والتي تعد من أكبر المستشفيات المتخصصة في علاج أمراض الكلى والقلب والأطفال في السودانووجه الوالى بالبدء فوراً فى عمليات النظافة وإزالة آثار الدمار والاجسام المتفجرة حتى تتمكن الجهات المختصة من استعادة الخدمات العلاجية التى توقفت لما يقارب العامين وقال ان مستشفى أحمد قاسم كان يقدم خدمة علاجية وفق المعايير العالمية لتقليل التكاليف الباهظة التي يتكبدها المواطنون إلا أن المليشيا المتمردة اختارت تدمير هذه المرافق حيث لجأت إلى إطلاق الرصاص الحي على الأجهزة الطبية و ماكينات غسيل الكلى وعنابر العناية المكثفة وغرف العمليات في محاولة لتعطيل المستشفى بالكامل.ووصف الوالي هذا الاعتداء بأنه عمل وحشي يتجاوز كل الأعراف والقوانين وأبان أن ما حدث لم يشهده العالم حتى في أكثر الحروب دموية حول العالم مشيراً إلى أن هذه الممارسات تكشف الوجه الحقيقي للمليشيا، التي تسعى لتحقيق أحلام آل دقلو في حكم البلاد بقوة السلاح حتى لو كان الثمن هو معاناة المواطن وتدمير مقدرات الدولة.وفي سياق آخر تفقد الوالي ومرافقوه عدداً من الأسر التي صمدت في وجه الحصار الذي فرضته المليشيا على مناطق واسعة من محلية بحري وأكد أن حكومته تسعى فى كل الاتجاهات لتقديم المساعدات الإنسانية العاجلة لمواطنين إلى جانب العمل على توفير الخدمات الأساسية و العلاجية ومساعدتها في تجاوز المحنة التي مرت بها.سونا إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • الحشد الشعبي العراقي يسقط هيئة تابعة لتنظيم داعش
  • مهرجان أخبار النجوم الدولي يكرم المؤلف محمد سيد بشير عن مسلسل "محارب"
  • لص يسقط من الطابق الخامس أثناء محاولته الهرب
  • والي الخرطوم يقف على التخريب والنهب لمستشفى أحمد قاسم
  • أزمات متلاحقة داخل الوكالة الأمريكية للتنمية.. هل تنتهي على أيدي ترامب؟
  • كيف نجح الطالب (حماس) وأخفق الأستاذ (الحركات الإسلامية)؟
  • دار الكتب تنظم ندوة لمناقشة كتاب «العنوان في ضبط المواليد ووفيات أهل الزمان»
  • وزير قطاع الأعمال يلتقي وفد شركة سيمنس لبحث التعاون في تحسين الكفاءة التشغيلية والصناعية
  • خلال ساعات.. الجيش الأوكراني يسقط 37 مسيرة روسية
  • المعارضة الإسرائيلية: وقف إطلاق النار لن يسقط حكومة نتانياهو