مجلة عبرية تحرض على ضرب مصر.. هل تغير الخطاب الإسرائيلي مع القاهرة؟
تاريخ النشر: 16th, November 2023 GMT
أثار تحريض مجلة "يسرائيل ديفنس" العسكرية الإسرائيلية، لجيش الاحتلال على الهجوم على لبنان وإيران، وكذلك توجيه ضربة استباقية لمصر، الجدل والتساؤلات حول مدى تغير الخطاب الإسرائيلي مع القاهرة، خاصة أن المجلة الصادرة عن وزارة الحرب لدى الكيان اتهمت مصر بتسليح حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، وانتهاك اتفاق السلام مع "تل أبيب".
ومنذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، بدأ الكيان الصهيوني بشن حرب دموية على قطاع غزة استهدفت تهجير نحو 2.3 مليون فلسطيني من أراضيهم إلى مصر، وقامت بعمليات قصف دموي وغزو بري أدت إلى استشهاد أكثر من 11 ألفا وإصابة أكثر من 27 ألف فلسطيني، في ظل صمت عربي وإدانة دولية لحركة حماس، العدو الأول للكيان المحتل.
"هجوم على مصر والسيسي"
لكن، التحليل الذي كتبه الطيار المقاتل السابق وقائد "السرب 101"، المقدم لدى الاحتلال يورام بيليد، الاثنين الماضي، بمجلة "يسرائيل ديفنس"، جاء تحت عنوان "على إسرائيل أن تهاجم لبنان وتهدد حقول النفط الإيرانية، وإذا لزم الأمر، فإن إسرائيل مطالبة بتهديد مصر، وإذا لزم الأمر، الهجوم على جميع الجبهات".
وقال الكاتب: "نشأت حولنا جيوش من (القتلة) بتشجيع ومساعدة إيرانيين، ولكن ليس هذا فقط، بل إن مصر ولبنان وسوريا تدعمهم وتزودهم بالبنية التحتية والأسلحة"، في إشارة إلى دعم المقاومة الفلسطينية ضد الاحتلال الإسرائيلي.
وزعم أنه يجري إعداد الحركات المسلحة المناهضة لـ"إسرائيل" بكميات هائلة من الأسلحة، مدعيا أن "مصر تغض الطرف عن ذلك"، فيما انتقد في المقابل، توقيف وسجن مصر لسائح إسرائيلي دخل سيناء وفي حقيبة ظهره رصاص.
بل ذهب الخبير العسكري الإسرائيلي إلى اتهام مصر بانتهاك اتفاق السلام مع الكيان "كامب ديفيد 1978"، قائلا إنها "تنتهكه بشكل صارخ دون أي رد إسرائيلي خوفا من الإضرار بالاتفاق".
وادعى أن المصريين خالفوا الاتفاقية التي مر على توقيعها برعاية أمريكية 45 عاما، وقاموا ببناء ثلاثة مطارات عسكرية في سيناء، وأقاموا معسكرات عسكرية دائمة، وأوجدوا قوة قوامها 100 دبابة في رفح، وأنشأوا ستة معابر أسفل قناة السويس إلى سيناء، وبنوا ثلاث محطات رادار.
لكنه رغم وصفه لرئيس النظام المصري عبدالفتاح السيسي بـ"الصديق"، إلا أن تحليل المجلة الصادرة عن جيش الاحتلال الإسرائيلي اتهمه بالعمل ضد الكيان الإسرائيلي، قائلا إن "السيسي (صديقنا) يعمل ضدنا بإصرار".
ويرى المحلل الإسرائيلي أن حرب غزة الجارية كشفت الإخفاقات الاستراتيجية، التي تراكمت منذ الاتفاق مع مصر، مطالبا الجيش الإسرائيلي بعدم الثقة الزائدة، مشيرا إلى إخفاق القبة الحديدية في وقف "طوفان الأقصى" في 7 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، ومطالبا بتطوير القوات الجوية الإسرائيلية لتكون قادرة على مواجهة التحديات.
وأشار إلى ضرورة "الهجوم" و"المباغتة"، مبينا أنهم في حروب 1948 و1956 و1967 و1973، حاربوا جيوشا نظامية وتفوقوا عليها وكانت "الاستراتيجية هي الهجوم أولا، ونقل الحرب إلى أراضي العدو".
وقال: إننا نعتمد على مصر التي حرصت على تسليح ’حماس’، وتنتهك بشكل علني أي اتفاق مع ’إسرائيل’ دون خوف"، مؤكدا أنه يجب "تحذير مصر من أي انتهاكات وتسليح لـ’حماس’، وخلق ورقة تهديد ضدها، واستخدام القوة إذا لم يتحقق ذلك".
"ليس الاتهام الأول"
تحليل المجلة العسكرية يأتي بالتزامن مع اتهامات وجهها الموقع العبري المحسوب على تيار اليمين الإسرائيلي المتشدد "بحدري حريديم"، لمصر، الاثنين الماضي، زاعما قيام القاهرة بتسليح حركة المقاومة الفلسطينية "حماس"، والسماح بدخول أسلحة مضادة للدبابات عبر الأنفاق، وبالشاحنات القادمة من مصر إلى غزة.
الموقع العبري، قال إنه "قبل سنوات، واجهت القوات الإسرائيلية الحجارة والزجاجات الحارقة التي ألقاها الفلسطينيون، أما هذه الأيام فيواجه الجيش الإسرائيلي أسلحة مثل الصواريخ الموجهة بالليزر والأسلحة المضادة للدبابات في غزة".
"نكران إسرائيلي"
المثير هنا في الاتهامات الإسرائيلية لمصر، أنها تأتي بعد نحو 10 سنوات من العمل الجاد الذي قامت به حكومات السيسي، وقادة الجيش المصري في حماية أمن الاحتلال.
وفي تشرين الثاني/ نوفمبر 2014، قال السيسي، لقناة "فرانس24" الفرنسية، إنه لن يسمح بأن يتم تهديد أمن "إسرائيل" من خلال سيناء، أو أن تكون سيناء قاعدة لتهديد الجيران، معلنا عن اتخاذه إجراءات أمنية مشددة لتنفيذ قوله.
وهو الأمر الذي أكد عليه السيسي، مرارا كان أشهرها خلال كلمته بالأمم المتحدة في نيويورك في أيلول/ سبتمبر 2017، حين دعا للمفاوضات بين الفلسطينيين ودولة الاحتلال "من أجل ضمان أمن المواطن الإسرائيلي".
وفي كانون الثاني/ يناير 2019، قدم السيسي "اعترافا نادرا" وفق وصف وكالة "رويترز"، بوجود تعاون أمني وثيق مع حكومة الاحتلال في شبه جزيرة سيناء، وذلك خلال مقابلة مع شبكة (سي.بي.إس) الإخبارية الأمريكية، حيث أكد حينها أن تعاونه هو "الأوثق والأعمق مع ’إسرائيل’ ".
وعلى الأرض، قام الجيش المصري بتعليمات من السيسي، بهدم الأنفاق بين مصر وقطاع غزة، بتفجيرها تارة وإغراقها بمياه البحر المتوسط تارة أخرى، فيما أقام منطقة عازلة على الحدود المصرية مع غزة، قبل تهجير سكان المنطقة بالكامل، ما اعتبره مراقبون تجفيفا لمنابع "حماس"، وزيادة في حصار قطاع غزة، الذي يمثل صداعا في رأس كيان الاحتلال.
"التنصل من كامب ديفيد"
وفي قراءته لتحليل المجلة التابعة لجيش الاحتلال، والموقع المتشدد، وما قد يحمله من دلالات على تغيير لغة الخطاب الإسرائيلي مع مصر، قال الأكاديمي والمؤرخ المصري الدكتور عاصم الدسوقي، إن "مواقف ’إسرائيل’ وتصرفاتها ضد مصر ناشئة من محاولة مصر التنصل من شروط اتفاقية كامب ديفيد".
الدسوقي، في حديثه لـ"عربي21"، أكد على ضرورة قراءة هذه الاتفاقية التي وصفها بـ"المعيبة"، مؤكدا أنها "كانت مصيدة لمصر"، موضحا أنها "تمنع الجيش المصري من وضع أسلحة ثقيلة على الحدود".
ولفت إلى أن "كامب ديفيد، تشترط أيضا، استخدام المطارات المصرية في سيناء استخداما تجاريا لجميع الدول، وليس استخداما عسكريا"، مبينا أنها كذلك "تمنع مصر من القيام برد فعل لتصرفات ’إسرائيل’ مع أى دولة عربية".
"خطير وكاشف"
وحتى كتابة هذا التقرير، لم يصدر رد فعل رسمي مصري ينفي عن القاهرة الاتهامات الإسرائيلية بتسليح من دعتهم المجلة بـ"القتلة"، وعن اتهامها الجيش المصري بخرق اتفاقية السلام مع دولة الاحتلال، وكذلك تهديد مصر بالهجوم عليها.
لكنّ، إعلاميين موالين للنظام المصري بينهم أحمد موسى ومصطفى بكري، تناولوا مقاطع من تقرير المجلة الإسرائيلية، والموقع العبري، واعتبروا أن حديثهما يمثل تهديدا لمصر، مشيرين إلى أن رفض مصر عمليات تهجير الفلسطينيين إليها هو سبب ذلك الموقف.
بكري، السياسي والبرلماني أيضا، وصف تحليل "يسرائيل ديفنس" بأنه "خطير"، واعتبر أنه "يحرض ضد مصر"، ناقلا فقرات من التقرير وخاصة قول المجلة إن "’إسرائيل’ مطالبة بتهديد مصر، إذا لزم الأمر، وعلى ’تل أبيب’ الهجوم على جميع الجبهات".
وعلق بكري بالقول إنه "يكشف نوايا العدو الإسرائيلي ضد مصر"، مشيرا إلى "نوايا ’إسرائيل’ تجاه مخطط التهجير إلي سيناء"، ومؤكدا أن "مصر ليست لقمة سائغة"، وموجها رسالته لجيش الاحتلال الإسرائيلي بقوله: "سندفنكم في رمال سيناء إن فكرتم المساس بذرة تراب من أرض مصر المقدسة".
التقرير الذي نشرته اليوم مجلة ( إسرائيل ديفنس ) الصادرة عن وزارة الدفاع الإسرائيليه هو تقرير خطير ، ويحرض ضد مصر . التقرير تضمن إتهامات ضد مصر نصها الحرفي كالآتي :-
- قالت : إسرائيل مطالبه بتهديد مصر ، إذا لزم الأمر ، وعلي تل أبيب الهجوم علي جميع الجبهات
- قالت : إن الشرق الأوسط… — مصطفى بكري (@BakryMP) November 14, 2023
وعرض بكري، لبعض اتهامات موقع "بحدري حرديم"، وزعمه بأن معظم ترسانة الأسلحة التي تمتلكها حماس جاءت من مصر، وتم تهريبها عبر الأنفاق من سيناء، وعبر الشاحنات التي تتحرك بين مصر وغزة.
وتساءل بكري: "ماذا وراء هذه الإدعاءات؟ وماذا تعني هذه الاتهامات؟"، مؤكدا أنها "استمرار لسياسة الاستفزاز، وكيل للاتهامات التي لا تخفى أهدافها عن أحد"، مؤكدا أن "مواقف مصر واضحة ومعروفة للقاصي والداني، وسياسة جر الشكل لن تجدي معنا".
موقع إسرائيلي متشدد ( بحدري حرديم) يدعي أن معظم ترسانة الأسلحه التي تمتلكها ( حماس ) جاءت من مصر ، وتم تهريبها عبر الأنفاق من سيناء ، وعبر الشاحنات التي تتحرك بين مصر وغزه . ماذا وراء هذه الإدعاءات ، وماذا تعني هذه الإتهامات. . إنها إستمرار لسياسة الإستفزاز وكيل الإتهامات التي… — مصطفى بكري (@BakryMP) November 13, 2023
"ابتزاز وتلميع"
من جانبه، يعتقد الخبير في الشؤون السياسية والاستراتيجية الدكتور ممدوح المنير، في حديثه لـ"عربي21"، أن "تقرير مجلة وزارة الدفاع الإسرائيلية المحرض على السيسي، لا يتجاوز محتوى مضمونه نقطتين".
وقال إن "الأولى: محاولة تلميع للسيسي"، موضحا أنهم "يدركون أن الشعوب العربية والإسلامية غاضبة وساخطة على السيسي، نظرا لإغلاقه معبر رفح، وتجويع مليوني فلسطيني".
"فضلا عن قتلهم بعدم استقبال الجرحى، ومنع الوقود، وإدخال الغذاء، حتى وصل به التدني إلى رفض استقبال أطفال حضانة مستشفى الشفاء، التي اقتحمتها قوات الاحتلال".
وأضاف: "وعليه فهم يدركون أن مهاجمة مجلة إسرائيلية، له، نقطة يمكن أن يستغلها لصالحه، فأعطوها له، وهذه سياسة صهيونية قديمة ومعروفة".
النقطة الثانية، بحسب رؤية المنير، أن "هناك رأيا معتبرا داخل دوائر صنع القرار الإسرائيلي، تقول إن السيسي فشل في منع تهريب السلاح لغزة، وبالتالي فإنه يتم الضغط عليه حاليا لابتزازه لأقصى درجة، وجعله ينفذ حرفيا ما يُطلب منه".
وأشار الباحث المصري إلى أنه يجب "ألا ننسى أن السيسي، ولخنق المقاومة ومنع تهريب السلاح أزال مدينة رفح المصرية من الخارطة، وبنى الجدار العازل، وقام بعمل قناة مائية لغمر الأنفاق.. وقلم أظافر قبائل سيناء، وترك للكيان الصهيوني حرية الحركة داخل سيناء، وقد رصدت تقارير إعلامية عديدة أخبارا عن تواجد مسيرات صهيونية تدخل وتخرج بحرية من وإلى الأراضي المصرية".
وخلص إلى القول إن "السيسي، في الحقيقة كنز الصهاينة الاستراتيجي، وسيتم الاستفادة منه حتى يصبح ورقة مهترئة لا فائدة منها، وستتحرر غزة وفلسطين بعد تحرر القاهرة من هذا الطاغية".
وفي نهاية حديثه أكد أنه "لم يحدث تغيير في الخطاب الإسرائيلي تجاه نظام السيسي، وإنما ابتزاز وتلميع وفقط"، ملمحا إلى أن هذا التحريض لزيادة عملية الابتزاز لمصر والحصول على مكاسب أكثر من نظامها.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية مصر فلسطيني جيش الاحتلال مصر فلسطين جيش الاحتلال سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الخطاب الإسرائیلی الجیش المصری کامب دیفید لزم الأمر مؤکدا أن ضد مصر إلى أن
إقرأ أيضاً:
سر التحرير ودهاء «القوات المسلحة».. سيناء من الاحتلال إلى التنمية في عصر الرئيس السيسي
في تاريخ الأمم والشعوب صفحات بطولات وانتصارات عديدة لا تمحى من ذاكرة الشعوب، حيث تظل محفورة في الوجدان تتناقلها الأجيال جيلا بعد جيل، ومن بين هذه الانتصارات يظل يوم 25 أبريل أبرز وأهم هذه الصفحات وهي ذكرى تحرير سيناء كأحد أعظم الانتصارات المصرية الخالدة عبر الأزمان والعصور.
وتهل علينا الذكرى الـ 43 على انتصارات حرب سيناء المجيدة، والتي تمكنت فيها قوات الجيش المصري من استرداد أرض سيناء الطاهرة، حيث تظل حرب 1973 واحدة من أعظم الملاحم العسكرية إبهاراً في التاريخ بكل المقاييس، بعودة أرض سيناء بعد انسحاب آخر جندي إسرائيلي منها عام 1982، التي تعد نقطة فارقة في مسيرة مصر، بنجاح الجيش المصري في عبور قناة السويس واستعادة الأراضي المصرية المحتلة كاملة، ليحققوا انتصارًا عسكريًا بـ تدمير خط بارليف، وإلحاق خسائر فادحة للجيش الإسرائيلي.
بدأت قصة تحرير سيناء بتعرض أرض سيناء للاحتلال الإسرائيلي عام 1967 لكن لم يستسلم الشعب المصري لهذا الاحتلال، بل ظل يناضل بكل إصرار لاستعادة أرضه، وفي السادس من أكتوبر عام 1973، خاضت مصر حرب أكتوبر المجيدة، وتمكنت خلالها من عبور قناة السويس وتحقيق انتصار عسكري هو الأعظم عبر التاريخ، وًتحرير سيناء، ليفتح بعد ذلك الطريق لمفاوضات السلام التي أسفرت عن توقيع معاهدة كامب ديفيد عام 1978، وتضمنت تلك المعاهدة انسحاب ما تبقى من الجنود الإسرائيلين في سيناء على مراحل، حتى تم تحرير كامل أراضي سيناء في الخامس والعشرين من أبريل عام 1982، عندما غادر آخر جندي إسرائيلي غلى بلاده عبر قناة السويس حاملا على جبهته الخسارة والعار الذي ألحقه به بطولة الجندي المصري الباسل.
لم تكتمل فرحة استعادة أرض سيناء بسبب رفض الجيش الإسرائيلي الانسحاب من طابا التي تبلغ مساحتها 1020 مترًا بحجة أنها لا تقع ضمن الأراضي المصرية.
في مارس 1982، أعلن الرئيس المصري انور السادات في اللجنة المصرية الإسرائيلية، أن هناك خلافا جذريا حول بعض النقاط الحدودية خاصة العلامة 91، ونظرًا لأن الجانبان اتفقا على حل النزاع بموجب قواعد القانون الدولي وبنود اتفاقية السلام، نجحت مصر في اللجوء للتحكيم الدولي بالرغم من مماطلات إسرائيل وأصدرت هيئة التحكيم الدولية حكمها في 27 سبتمبر 1988 بأحقية مصر في طابا، بعد إثبات 10 علامات حدودية لصالح مصر من مجموع 14 علامة.
جاء قرار التحكيم الدولي بنصرة مصر، تتويجا للانتصار العسكري الذي انطلقت منه المعركة السياسية وارتكزت عليه المعركة القانونية والقضائية بعد أن أرادت إسرائيل الاحتفاظ بطابا ورأس النقب، نظرًا لأهميتهما السياسية والسياحية والاقتصادية والعسكرية، إلا أنها فوجئت بتصميم مصر على أنها لا تقبل إلا بتحرير كامل أراضيها.
وامتد عمل هيئة الدفاع المصرية بعد صدور الحكم ومراوغات إسرائيل في تنفيذ الحكم إلى عقد اجتماعات أخرى لتنفيذ حكم التحكيم وتسليم طابا بمنشآتها إلى مصر حتى وصلت إلى المرحلة الأخيرة بتسليم طابا في 15 مارس 1989 ورفع العلم المصري عليها في 19 مارس من نفس العام.
وبذلك، تحقق النصر العظيم بعد رفع الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، علم مصر على طابا في 19 مارس 1989، لتظل تلك اللحظة واحدة من أعظم الانتصارات في تاريخ الأمة المصرية، بـ تحرير آخر بقعة من الأرض المصرية المباركة بعد معاهدة كامب ديفيد والتحكيم الدولي.
مرت عملية تحرير أراضي سيناء من الاحتلال الإسرائيلي بعدة مراحل بدأت عام 1973 ثم انتهت بعد مرور عدة سنوات:
في المرحلة الأولى تم تحرير مساحة تبلغ 8.000 كيلومتر مربع من أراضي سيناء، وشملت استعادة حقول البترول الغنية إضافة إلى منطقة المضائق الاستراتيجية.
وخلال المرحلة الثانية من مراحل تحرير سيناء تم تحرير 32.000 كيلومتر مربع، وبذلك أصبحت سيناء محررة خلال هذه المرحلة.
انتهت المرحلة الثالثة من مراحل تحرير سيناء يوم 25 أبريل عام 1982 بعد انسحاب الاحتلال الإسرائيلي من جميع أراضي سيناء، باستثناء طابا.
بينما في المرحلة الرابعة، تمت استعادة طابا بالكامل عام 1989، مما يعني أن جميع أراضي سيناء خضعت للسيطرة المصرية وقتها.
وفي هذا الصدد، يعد من أبرز قادة الحرب في أكتوبر، هو المشير محمد عبد الغني الجمسي في تاريخ مصر، وُصف بـ «الجنرال النحيف المخيف» من قبل رئيسة وزراء إسرائيل جولدا مائير، نظرًا لدهائه العسكري وصلابته في المفاوضات، تولى رئاسة هيئة عمليات القوات المسلحة خلال حرب أكتوبر 1973، ولعب خلالها دورًا هامًا في تحقيق النصر وتحرير سيناء.
وكان له رد حاسم ضد الموقف الإسرائيلي في الانسحاب الكامل من سيناء، وخرجت اقتراحات إسرائيلية بالاحتفاظ بمطارات على الحدود داخل سيناء في رفح والعريش والاحتفاظ بمستوطنة «ياميت» في رفح واقتراحات بإنشاء محطات إنذار مبكر في رفح لمتابعة النشاط العسكري المصري، وجاء رده للوفد الإسرائيلي: «لو بقي الإسرائيليون في رفح فإن ذلك سيكون الشرارة التي تشعل نار الحرب القادمة، لا يوجد مصري واحد يوافق على التخلي عن سنتيمتر واحد من الأراضي المصرية، وليكن واضحاً أننا لا نستطيع الاستجابة لاقتراحاتكم بشأن تغيير الحدود».
كان أيضًا أحد القادة العسكريين البارزين في مفاوضات السلام بعد الحرب، وتولى رئاسة الوفد المصري في محادثات الكيلو 101 ومفاوضات أسوان، ورفض كل محاولات التنازل عن أراضٍ مصرية في سيناء. رحل في 7 يونيو 2003 عن عمر يناهز 82 عامًا، بعد أن ترك بصماته الواضحة في تاريخ الجيش المصري وحرب أكتوبر، حيث أصبح رمزًا للتخطيط العسكري الحكيم والشجاعة في معركة استعادة الأرض.
وجاءت ذكرى تحرير سيناء حاملة معها مسيرة هامة خاضتها الدولة المصرية بكل قوة وهى مسيرة البناء والتنمية والتعمير لشبه جزيرة سيناء، وتُولي الدولة المصرية بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي اهتماماً بالغاً بتنمية سيناء، حيث أطلقت خطة قومية شاملة تهدف إلى تحقيق التنمية الشاملة والمستدامة في جميع المجالات.
وتشمل هذه الخطة العديد من المشروعات الضخمة في مجالات البنية التحتية منها إنشاء شبكات جديدة من الطرق والسكك الحديدية والموانئ والكهرباء، واستصلاح الأراضي وإنشاء مناطق صناعية جديدة وتشجيع الاستثمار، وأيضًا تطوير البنية التحتية السياحية، وبناء مدن جديدة وتوفير وحدات سكنية ملائمة، وتعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة، وتحسين جودة الخدمات في مختلف القطاعات، وتطوير مشروعات الطاقة المتجددة.
اقرأ أيضاًفي ذكرى تحرير سيناء.. السيدة انتصار السيسي تؤكد: شعبنا لا يعرف المستحيل
الرئيس السيسي يهنئ الشعب المصري بذكرى تحرير سيناء
«الجبهة الوطنية» تهنئ الرئيس والقوات المسلحة والشعب المصري بذكرى تحرير سيناء